القاضي ابن الزكي
محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز أبو المعالي القرشي ، محيي الدين قاضي القضاة بدمشق ، وكل منهم كان قاضيا ; أبوه وجده وأبو جده يحيى بن علي المذكور ، وهو أول من ولي الحكم بدمشق منهم ، وكان جد لأمه ، وقد ترجمه الحافظ أبي القاسم بن عساكر في التاريخ ، ولم يزد على القرشي ، قال الشيخ ابن عساكر أبو شامة : ولو كان أمويا عثمانيا كما يزعمون لذكر ذلك إذ كان فيه شرف لجده وخاليه ، ابن عساكر ، محمد وسلطان فلو كان ذلك صحيحا لما خفي على . ابن عساكر
اشتغل ابن الزكي على القاضي شرف الدين أبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون ، وناب عنه في الحكم ، وهو أول من ترك النيابة ، وهو أول من خطب بالقدس لما فتحه الملك صلاح الدين ، كما تقدم بيان ذلك في سنة ثلاث وثمانين ، ثم ولاه قضاء دمشق وأضاف إليه قضاء حلب أيضا ، وكان ناظر أوقاف الجامع ، ثم عزل قبل وفاته بشهور ، ووليها شمس الدين بن البيني ضمانا ، وقد كان القاضي محيي الدين بن الزكي ينهى الطلبة عن الاشتغال [ ص: 718 ] بالمنطق وعلم الكلام ، ويمزق كتب من كان عنده شيء من ذلك بالمدرسة التقوية ، وكان يحفظ العقيدة المسماة بالمصباح للغزالي ، ويحفظها أولاده أيضا ، وكان له درس في التفسير يذكره بالكلاسة ، تجاه تربة الملك الناصر صلاح الدين ، وكان قد وقع بينه وبين الإسماعيلية ، فأرادوا قتله ، فاتخذ له بابا من داره إلى الجامع ; ليخرج منه إلى الصلاة ، ثم خولط في عقله ، فكان يعتريه شبه الصرع إلى أن توفي في سابع شعبان من هذه السنة ، ودفن في تربة بسفح قاسيون .
الخطيب الدولعي
ضياء الدين أبو القاسم عبد الملك بن زيد بن ياسين التغلبي الدولعي ، نسبة إلى قرية بالموصل ، يقال لها : الدولعية . ولد بها في سنة ثماني عشرة وخمسمائة ، وتفقه ببغداد على مذهب وسمع الحديث ، فسمع " الترمذي " على الشافعي ، أبي الفتح الكروخي ، و " النسائي " على أبي الحسن علي بن أحمد اليزدي ، ثم قدم دمشق فولي بها الخطابة وتدريس الغزالية ، وكان زاهدا متورعا ، حسن الطريقة مهيبا في الحق .
وكانت وفاته يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الأول ، ودفن بمقبرة باب الصغير عند قبور الشهداء ، وكان يوم جنازته يوما مشهودا ، وتولى بعده الخطابة ولد أخيه سبعا وثلاثين سنة ، وقد كان محمد بن أبي الفضل بن زيد ابن الزكي ولى ولده [ ص: 719 ] الزكي الطاهر ، فصلى صلاة واحدة ، فتشفع جمال الدين بالأمير فلك الدين أخي العادل ، فولاه إياها فبقي فيها إلى أن توفي سنة خمس وثلاثين وستمائة .
الشيخ علي بن محمد بن غليس
اليمني العابد الزاهد ، كان مقيما شرقي الكلاسة ، وكانت له أحوال وكرامات ، نقلها الشيخ علم الدين السخاوي عنه ، وساقها أبو شامة عنه في " الذيل " .
الصدر أبو الثناء حماد بن هبة الله بن حماد الحراني التاجر
ولد سنة إحدى عشرة ، عام ولد وسمع الحديث نور الدين بن زنكي ، ببغداد ومصر وغيرها من البلاد ، وحدث ، وتوفي في ذي الحجة .
ومن شعره قوله :
تنقل المرء في الآفاق يكسبه محاسنا لم تكن فيه ببلدته أما ترى بيذق الشطرنج أكسبه
حسن التنقل فيها فوق رتبته
الست الجليلة المصونة بنفشا بنت عبد الله
عتيقة الإمام [ ص: 720 ] المستضيء ، كانت من أكبر حظاياه ، ثم صارت بعده من أكثر النساء صدقة وبرا وإحسانا إلى العلماء والفقراء ، لها بطريق الحجاز معروف كثير معروف ، ووقفت مدرسة على الحنابلة وأوقافا دارة ، ودفنت ببغداد عند تربة معروف الكرخي
ابن المحتسب الشاعر أبو الشكر محمود بن سليمان بن سعيد الموصلي
، يعرف بابن المحتسب تفقه ببغداد ثم سافر إلى البلاد وصحب ابن الشهرزوري وقدم معه ، فلما ولي قضاء بغداد ولاه نظر أوقاف النظامية ، وكان فاضلا يقول الشعر الرائق ، فمن ذلك :
أسلف لنا في سلافة العنب جميع ما يقتنى من الذهب
وانشب مع النفس في معاملة فيها بما عندنا من النشب
جميع ما في الهميان يحقره ال عاقل في لثم ريقها الشنب
لا سيما إن أتتك كالذهب قد قلدوها عقدا من الحبب
تحرق كف المدير إن وقف الد ور بها ساعة من اللهب
إذا بدا همنا ليسترق السم ع برفق للهو واللعب
[ ص: 721 ] تتبعه من سماء راووقها الرا ئق رجما بالأنجم الشهب
ما قط تبت يد لشاربها وحق تبت يدا أبي لهب
أمر بالكرم خلف حائطه تأخذني نشوة من الطرب
أسكر بالأمس إن عزمت على الشر ب غدا إن ذا من العجب
جنبها سكرها وصحبتها تحريم شرع لسيد العرب
تركتها جانبا ولذت إلى ظل إمام منج من النوب
الطاهر الطهر وابن خير فتى وطاهر الخلق طاهر النسب
ماذا يقول المداح في رجل خليفة الله وابن عم نبي
ومن شعره الرائق له أيضا :
أهاب وصف الخمر في إهابها يا حبذا ما كان من مهابها
حبا بها الساقي وقد أقعده سكر فزاد السكر إذ حبا بها
خطا بها وثيقة شرعية على الذي يفلس من خطابها
دعا بها في صدر كل باخل وخليا من كل من دعا بها
فتا بها قلب الحسود واشكرا كل فتى في الناس قد فتا بها
اعن بها يا أيها المغرى بها وأسلف النضار في أعنابها
ثوى بها كل السرور عندنا وإثمها أكبر من ثوابها