[ ص: 26 ] ذكر الخبر الوارد في ظهور نار من أرض الحجاز  أضاءت لها أعناق الإبل ببصرى   من أرض الشام ،  وذلك في سنة أربع وخمسين وستمائة 
قال  البخاري    : حدثنا أبو اليمان ،  حدثنا شعيب ،  عن الزهري ،  قال : قال  سعيد بن المسيب ،  أخبرني  أبو هريرة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز  تضيء أعناق الإبل ببصرى    " . 
ورواه مسلم  من حديث الليث ،  عن عقيل ،  عن ابن شهاب ،  به . 
وقد رواه أبو نعيم الأصبهاني ،  ومن خطه نقلت من طريق  أبي عاصم النبيل ،  عن عبد الحميد بن جعفر ،  عن عيسى بن علي الأنصاري ،  عن رافع بن بشر السلمي ،  عن أبيه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تخرج نار تضيء أعناق الإبل ببصرى ،  تسير سير بطيئة الإبل ، تسير النهار وتقيم الليل ، تغدو وتروح ، فيقال : أيها الناس ، قد غدت النار فاغدوا . أو : قالت النار أيها الناس فقيلوا . غدت النار أيها الناس فروحوا . من أدركته أكلته   " . هكذا رواه أبو نعيم ،  وهو   [ ص: 27 ] في " مسند أحمد    " من رواية رافع بن بشر السلمي ،  عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون هذه الزيادة إلى : " تضيء أعناق الإبل ببصرى    " . وهو الصواب; فإن هذه النار التي ذكر أبو نعيم  هي النار التي تسوق الناس إلى أرض المحشر ، كما سيأتي بيان ذلك قريبا . 
وقال  الإمام أحمد    : ثنا  وهب بن جرير ،  ثنا أبي ، سمعت الأعمش  يحدث عن عمرو بن مرة ،  عن عبد الله بن الحارث ،  عن حبيب بن حماز ،  عن أبي ذر  قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلنا ذا الحليفة  فتعجلت رجال منا إلى المدينة ،  وبات رسول الله ، فلما أصبح سأل عنهم ، فقيل : تعجلوا إلى المدينة    . فقال : " تعجلوا إلى المدينة  والنساء ، أما إنهم سيدعونها أحسن ما كانت " . ثم قال : " ليت شعري ، متى تخرج نار من اليمن  من جبل الوراق  تضيء لها أعناق الإبل بروكا ببصرى  كضوء النهار   " . وهذا الإسناد لا بأس به ، وكأنه مما اشتبه على بعض الرواة ، فإن النار التي تخرج من قعر عدن  من اليمن ،  هي التي تسوق الناس الموجودين في آخر الزمان إلى المحشر ، وأما النار التي تضيء لها أعناق الإبل ، فتلك تخرج من أرض المدينة النبوية ،  كما تقدم بيان ذلك . 
وقد ذكر الشيخ شهاب الدين أبو شامة    - وكان شيخ المحدثين في زمانه ،   [ ص: 28 ] وأستاذ المؤرخين في أوانه - أن في سنة أربع وخمسين وستمائة في يوم الجمعة خامس جمادى الآخرة منها ظهرت نار بأرض الحجاز في أرض المدينة النبوية ،  في بعض تلك الأودية ، طول أربعة فراسخ وعرض أربعة أميال ، تسيل الصخر ، حتى يبقى مثل الآنك ، ثم يصير مثل الفحم الأسود ، وأن الناس كانوا يسيرون على ضوئها بالليل إلى تيماء ،  وأنها استمرت شهرا ، وقد ضبط ذلك أهل المدينة ،   وعملوا فيها أشعارا ، وقد ذكرناها فيما تقدم . 
وأخبرني قاضي القضاة صدر الدين علي بن أبي القاسم الحنفي ،  قاضيهم بدمشق ، عن والده الشيخ صفي الدين  مدرس الحنفية ببصرى ،  أنه أخبره غير واحد من الأعراب صبيحة تلك الليلة ، ممن كان بحاضرة بلد بصرى ،  أنهم شاهدوا أعناق الإبل في ضوء هذه النار التي ظهرت من أرض الحجاز ،  وقد تقدم بسط ذلك سنة أربع وخمسين وستمائة بما فيه كفاية عن إعادته هنا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					