ذكر أحاديث منثورة في الدجال حديث عن أبي بكر الصديق ،  رضي الله عنه : 
قال  الإمام أحمد    : حدثنا روح ،  حدثنا  سعيد بن أبي عروبة ،  عن أبي التياح ،  عن المغيرة بن سبيع ،  عن عمرو بن حريث ،  أن أبا بكر الصديق ،  رضي الله عنه ، أفاق من مرضة له ، فخرج إلى الناس ، فاعتذر بشيء وقال : ما أردنا إلا الخير . ثم قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدجال يخرج في أرض بالمشرق يقال لها : خراسان    . يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة   . ورواه الترمذي   وابن ماجه  من حديث روح بن عبادة  به . وقال الترمذي    : حسن غريب . 
 [ ص: 156 ] قلت : وقد رواه  عبيد الله بن موسى العبسي ،  عن الحسن بن دينار ،  عن أبي التياح ،  فلم يتفرد به روح ،  كما زعمه بعضهم ، ولا  سعيد بن أبي عروبة;  فإن يعقوب بن شيبة  قال : لم يسمعه ابن أبي عروبة  من أبي التياح ،  وإنما سمعه من ابن شوذب  عنه . 
حديث عن علي بن أبي طالب ،  رضي الله عنه : قال أحمد    : حدثنا أبو النضر ،  حدثنا الأشجعي ،  عن سفيان ،  عن جابر ،  عن عبد الله بن نجي ،  عن علي ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم . قال : ذكرنا الدجال عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم ، فاستيقظ محمرا لونه ، فقال : " غير ذلك أخوف لي عليكم   " . ذكر كلمة . تفرد به أحمد    . 
حديث عن  سعد بن أبي وقاص ،  رضي الله عنه : قال  الإمام أحمد    : حدثنا  يزيد بن هارون ،  أنبأنا محمد بن إسحاق ،  عن داود بن عامر بن سعد بن مالك ،  عن أبيه ، عن جده ، قال : قال . رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه لم يكن نبي إلا وصف الدجال لأمته ، ولأصفنه صفة لم يصفها أحد كان قبلي; إنه أعور ، وإن الله ، عز وجل ، ليس بأعور   " . تفرد به أحمد    . 
 [ ص: 157 ] حديث عن الصعب بن جثامة    : قال عبد الله بن أحمد    : حدثني أبو حميد الحمصي ،  ثنا حيوة ،  ثنا بقية ،  عن  صفوان بن عمرو ،  عن  راشد بن سعد  قال : لما فتحت إصطخر  إذا مناد ينادي : ألا إن الدجال قد خرج . قال : فلقيهم الصعب بن جثامة  فقال : لولا ما تقولون لأخبرتكم أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يخرج الدجال حتى يذهل الناس عن ذكره ، وحتى يترك الأئمة ذكره على المنابر   " . إسناده حسن ، ولم يخرجه . 
حديث عن  أبي عبيدة بن الجراح ،  رضي الله عنه : قال الترمذي    : حدثنا  عبد الله بن معاوية الجمحي ،  حدثنا حماد بن سلمة ،  عن خالد الحذاء ،  عن عبد الله بن شقيق ،  عن عبد الله بن سراقة ،  عن  أبي عبيدة بن الجراح ،  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنه لم يكن نبي بعد نوح ،  إلا قد أنذر قومه الدجال ، وأنا أنذركموه " . فوصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " لعله سيدركه بعض من رأى أو سمع كلامي " . قالوا : يا رسول الله ، كيف قلوبنا يومئذ؟ قال : " مثلها - يعني اليوم - أو خير   " . 
 [ ص: 158 ] ثم قال الترمذي    : وفي الباب عن عبد الله بن بسر ،   وعبد الله بن الحارث بن جزي ،   وعبد الله بن مغفل ،   وأبي هريرة ،  وهذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من حديث خالد الحذاء    . 
وقد رواه أحمد  عن عفان  وعبد الصمد ،  وأخرجه أبو داود  عن موسى بن إسماعيل ،  كلهم عن حماد بن سلمة  به . وروى أحمد ،  عن غندر ،  عن شعبة ،  عن خالد الحذاء  ببعضه . 
حديث عن أبي بن كعب ،  رضي الله عنه : روى أحمد  عن غندر ،  وروح ،  وسليمان بن داود ،   ووهب بن جرير ،  كلهم عن شعبة ،  عن حبيب بن الزبير ،  سمعت عبد الله بن أبي الهذيل ،  سمع عبد الرحمن بن أبزى ،  سمع عبد الله بن خباب ،  سمع أبي بن كعب  يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده الدجال ، فقال : " إحدى عينيه كأنها زجاجة خضراء ، وتعوذوا بالله من عذاب القبر   " . تفرد به أحمد    . 
حديث عن  أبي سعيد الخدري ،  رضي الله عنه : قال عبد الله ابن الإمام أحمد    : وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده ، حدثني عبد المتعال بن   [ ص: 159 ] عبد الوهاب ،  حدثنا يحيى بن سعيد الأموي ،  حدثنا مجالد ،  عن أبي الوداك ،  قال : قال لي أبو سعيد    : هل تقر الخوارج  بالدجال؟ قلت : لا . فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني خاتم ألف نبي أو أكثر ، وما بعث نبي يتبع إلا وقد حذر أمته الدجال ، وإني قد بين لي من أمره ما لم يبين لأحد ، وإنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور ، وعينه اليمنى عوراء جاحظة لا تخفى ، كأنها نخامة في حائط مجصص ، وعينه اليسرى كأنها كوكب دري ، معه من كل لسان ، ومعه صورة الجنة خضراء ، يجري فيها الماء ، وصورة النار سوداء ، تدخن   " . تفرد به أحمد    . وقد روى عبد بن حميد  في " مسنده " ، عن حماد بن سلمة ،  عن الحجاج ،  عن عطية ،  عن أبي سعيد  مرفوعا ، نحوه . 
حديث عن أنس بن مالك ،  رضي الله عنه : قال أحمد    : حدثنا بهز  وعفان ،  قالا : حدثنا حماد بن سلمة ،  حدثنا  إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ،  عن أنس بن مالك ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يجيء الدجال فيطأ الأرض إلا مكة  والمدينة ،  فيأتي المدينة ،  فيجد بكل نقب من أنقابها صفوفا من الملائكة ، فيأتي سبخة الجرف    " فيضرب رواقه ، فترجف المدينة  ثلاث رجفات ، فيخرج إليه كل منافق ومنافقة   " . 
 [ ص: 160 ] ورواه مسلم  عن أبي بكر بن أبي شيبة ،  عن يونس بن محمد المؤدب ،  عن حماد بن سلمة ،  به نحوه . 
طريق أخرى عن أنس    : قال أحمد    : حدثنا يحيى ،  عن حميد ،  عن أنس ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إن الدجال أعور العين الشمال ، عليها ظفرة غليظة ، مكتوب بين عينيه : كفر أو كافر   " . هذا حديث ثلاثي الإسناد ، وهو على شرط " الصحيحين " . 
طريق أخرى عن أنس    : قال أحمد    : حدثنا محمد بن مصعب ،  حدثنا الأوزاعي ،  عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ،  عن أنس بن مالك ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخرج الدجال من يهودية أصبهان ،  معه سبعون ألفا من اليهود ،  عليهم السيجان   " . تفرد به أحمد    . 
 [ ص: 161 ] طريق أخرى عن أنس    : قال أحمد    : حدثنا عبد الصمد ،  حدثني أبي ، حدثنا شعيب; هو ابن الحبحاب ،  عن أنس ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الدجال ممسوح العين ، بين عينيه مكتوب : كافر - ثم تهجاها - يقرؤه كل مسلم : ك ف ر   " . 
حدثنا يونس ،  حدثنا حماد    - يعني ابن سلمة    - عن حميد  وشعيب بن الحبحاب ،  عن أنس بن مالك ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " الدجال أعور ، وإن ربكم ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه : كافر . يقرؤه كل مؤمن؟ كاتب وغير كاتب   " . 
ورواه مسلم  عن زهير ،  عن عفان ،  عن عبد الوارث ،  عن شعيب  به ، بنحوه . 
طريق أخرى عن أنس    : قال أحمد    : حدثنا عمرو بن الهيثم ،  حدثنا شعبة ،  عن قتادة ،  عن أنس ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بعث نبي إلا أنذر   [ ص: 162 ] أمته الأعور الكذاب ، ألا إنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه : كافر   " . 
ورواه  البخاري  ومسلم ،  من حديث شعبة  به . 
حديث عن  سفينة    : قال  الإمام أحمد    : حدثنا أبو النضر ،  حدثنا حشرج ،  حدثني سعيد بن جمهان ،  عن  سفينة  مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ألا إنه لم يكن نبي قبلي إلا قد حذر الدجال أمته ، هو أعور عينه اليسرى ، بعينه اليمنى ظفرة غليظة ، مكتوب بين عينيه : كافر ، يخرج معه واديان; أحدهما جنة والآخر نار ، فناره جنة ، وجنته نار ، معه ملكان من الملائكة يشبهان نبيين من الأنبياء ، ولو شئت سميتهما بأسمائهما وأسماء آبائهما ، أحدهما عن يمينه ، والآخر عن شماله ، وذلك فتنة ، فيقول الدجال : ألست بربكم؟ ألست أحيي وأميت؟ فيقول له أحد الملكين : كذبت . ما يسمعه أحد من الناس إلا صاحبه ، فيقول له : صدقت . فيسمعه الناس فيظنون أنما يصدق الدجال ، وذلك فتنة ، ثم يسير حتى يأتي المدينة ،  فلا يؤذن له فيها؟ فيقول : هذه قرية ذاك الرجل . ثم يسير حتى يأتي الشام ،  فيهلكه الله عند عقبة   [ ص: 163 ] أفيق    " . تفرد به أحمد ،  وإسناده لا بأس به ، ولكن في متنه غرابة ونكارة ، فالله أعلم . 
حديث عن معاذ بن جبل ،  رضي الله عنه : قال  يعقوب بن سفيان الفسوي  في " مسنده " : حدثنا يحيى بن بكير ،  حدثنا خنيس بن عامر بن يحيى المعافري ،  عن  أبي قبيل ،  عن جنادة بن أبي أمية ،  أن قوما دخلوا على معاذ بن جبل  وهو مريض ، فقالوا له : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تنسه . فقال : أجلسوني . فأخذ بعض القوم بيده ، وجلس بعضهم خلفه ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من نبي إلا وقد حذر أمته الدجال ، وإني أحذركم أمره ، إنه أعور ، وإن ربي ، عز وجل ، ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه : كافر . يقرؤه الكاتب وغير الكاتب ، معه جنة ونار ، فناره جنة ، وجنته نار   " . قال شيخنا  الحافظ الذهبي    : تفرد به خنيس ،  وما علمت فيه جرحا ، وإسناده صالح . 
 [ ص: 164 ] حديث عن سمرة بن جندب ،  رضي الله عنه : قال  الإمام أحمد    : حدثنا أبو كامل ،  حدثنا زهير ،  عن الأسود بن قيس ،  حدثني ثعلبة بن عباد العبدي ،  من أهل البصرة ،  قال : شهدت يوما خطبة  لسمرة بن جندب ،  فذكر في خطبته حديثا في صلاة الكسوف ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب بعد صلاة الكسوف ، فقال : "وإنه والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا ، آخرهم الأعور الدجال ، ممسوح العين اليسرى ، كأنها عين أبي تحيى ،  وإنه متى يخرج - أو قال : متى ما يخرج - فإنه سوف يزعم أنه الله ، فمن آمن به وصدقه واتبعه; لم ينفعه صالح من عمله سلف ، ومن كفر به وكذبه; لم يعاقب بشيء من عمله - وقال الحسن    : بسيئ من عمله - سلف ، وإنه سوف يظهر على الأرض كلها إلا الحرم  وبيت المقدس ،  وإنه يحصر المؤمنين في بيت المقدس ،  ويزلزلون زلزالا شديدا ، ثم يهلكه الله تعالى ، حتى إن جذم الحائط ، وأصل الشجرة لينادي : يا مؤمن ، هذا يهودي - أو قال : هذا كافر - تعال فاقتله . ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورا يتفاقم شأنها في أنفسكم ،   [ ص: 165 ] وتسألون بينكم : هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرا ، وحتى تزول جبال عن مراتبها ثم شهد خطبة سمرة مرة أخرى ، فما قدم كلمة ولا أخرها عن موضعها . 
وأصل هذا الحديث في صلاة الكسوف عند أصحاب السنن الأربعة ، وصححه الترمذي ،   وابن حبان ،   والحاكم  في " مستدركه " أيضا . 
وقال شيخنا الذهبي  في كتابه " في نبأ الدجال " : سعيد ،  عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة  مرفوعا : " الدجال أعور عين الشمال ، عليها ظفرة غليظة   " . 
قلت : وليس هذا الحديث من هذا الوجه في " المسند " ، ولا في شيء من الكتب الستة ، وكان الأولى بشيخنا أن يسنده ، أو يعزوه إلى كتاب مشهور ، والله الموفق . 
حديث آخر عن سمرة    : قال أحمد    : حدثنا روح ،  حدثنا سعيد وعبد الوهاب ،  أنا سعيد ،  عن قتادة ،  عن الحسن ،  عن سمرة بن جندب ،  أن رسول الله   [ ص: 166 ] صلى الله عليه وسلم كان يقول : " إن الدجال خارج ، وهو أعور عين الشمال ، عليها ظفرة غليظة ، وإنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ، ويقول للناس : أنا ربكم . فمن قال : أنت ربي . فقد فتن ، ومن قال : ربي الله . حتى يموت ، فقد عصم من فتنته ، ولا فتنة بعده عليه ولا عذاب ، فيلبث في الأرض ما شاء الله ، ثم يجيء عيسى ابن مريم  من قبل المغرب ، مصدقا بمحمد  صلى الله عليه وسلم وعلى ملته ، فيقتل الدجال ، ثم إنما هو قيام الساعة   " . 
وقال  الطبراني    : حدثنا موسى بن هارون ،  حدثنا مروان بن جعفر السمري ،  حدثنا محمد بن إبراهيم بن خبيب بن سليمان ،  ثنا جعفر بن سعد بن سمرة ،  عن خبيب ،  عن أبيه ، عن جده سمرة ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " إن المسيح الدجال أعور عين الشمال ، عليها ظفرة غليظة ، وإنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى ، ويقول : أنا ربكم . فمن اعتصم بالله ، فقال . ربي الله . ثم أبى إلا ذلك حتى يموت ، فلا عذاب عليه ولا فتنة ، ومن قال : أنت ربي . فقد فتن ، وإنه يلبث في الأرض ما شاء الله ، ثم يجيء عيسى ابن مريم  من المشرق مصدقا بمحمد  صلى الله عليه وسلم وعلى ملته ، ثم يقتل الدجال   " . 
 [ ص: 167 ] حديث غريب . 
حديث عن جابر ،  رضي الله عنه : قال  الإمام أحمد    : حدثنا عبد الملك بن عمرو ،  حدثنا زهير ،  عن  زيد - يعني ابن أسلم    - عن  جابر بن عبد الله ،  قال : أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على فلق من أفلاق الحرة ، ونحن معه ، فقال : " نعمت الأرض المدينة  إذا خرج الدجال ، على كل نقب من أنقابها ملك ، لا يدخلها ، فإذا كان ذلك رجفت المدينة  بأهلها ثلاث رجفات ، لا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه ، وأكثر - يعني من يخرج إليه - النساء ، وذلك يوم التخليص; يوم تنفي المدينة  الخبث ، كما ينفي الكير خبث الحديد ، يكون معه سبعون ألفا من اليهود ،  على كل رجل منهم ساج وسيف محلى ، فيضرب رواقه بهذا الضرب الذي عند مجتمع السيول " . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما كانت فتنة ولا تكون حتى تقوم الساعة ، أكبر من فتنة الدجال ، وما من نبي إلا وقد حذر أمته ، ولأخبرنكم بشيء ما أخبره نبي أمته قبلي " . ثم وضع يده على عينيه ، ثم قال : " أشهد أن الله ليس بأعور   " . تفرد به أحمد ،  وإسناده جيد ، وصححه  الحاكم    . 
 [ ص: 168 ] طريق أخرى عن جابر    : قال  الحافظ أبو بكر البزار    : حدثنا عمرو بن علي ،  حدثنا يحيى بن سعيد ،  حدثنا مجالد ،  عن الشعبي ،  عن جابر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لخاتم ألف نبي أو أكثر ، وإنه ليس منهم نبي إلا وقد أنذر قومه الدجال ، وإنه قد تبين لي ما لم يتبين لأحد منهم ، وإنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور   " . تفرد به البزار ،  وإسناده حسن ، ولفظه غريب جدا . 
وروى عبد الله بن أحمد  في " السنة " ، من طريق مجالد ،  عن الشعبي ،  عن جابر;  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال فقال : " إنه أعور ، وإن ربكم ليس بأعور   " . ورواه ابن أبي شيبة ،  عن علي بن مسهر ،  عن مجالد  به ، أطول من هذا . 
طريق أخرى عن جابر : قال أحمد    : حدثنا روح ،  حدثنا  ابن جريج ،  أخبرني أبو الزبير ،  أنه سمع  جابر بن عبد الله  يقول : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " الدجال أعور ، وهو أشد الكذابين   " . 
وروى مسلم  من حديث  ابن جريج ،  عن  أبي الزبير ،  عن جابر ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين حتى ينزل   [ ص: 169 ] عيسى ابن مريم    . . . .   " وتقدمت الطريق الأخرى عن  أبي الزبير  عنه ، وعن أبي سلمة  عنه ، في الدجال . 
حديث عن ابن عباس ،  رضي الله عنهما : قال  الإمام أحمد    : حدثنا محمد بن جعفر ،  حدثنا شعبة ،  عن  سماك بن حرب ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الدجال : " أعور هجان أزهر ، كأن رأسه أصلة ، أشبه الناس بعبد العزى بن قطن ،  فإما هلك الهلك ، فإن ربكم ليس بأعور   " . قال شعبة    : فحدثت به قتادة ،  فحدثني بنحو من هذا . تفرد به أحمد  من هذا الوجه . 
وروى أحمد ،  والحارث بن أبي أسامة ،  وأبو يعلى ،  من طريق هلال ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس  في حديث الإسراء ، قال : ورأى الدجال في صورته رؤيا عين ، ليس رؤيا منام ، وعيسى  وإبراهيم ،  فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال ، فقال : " رأيته فيلمانيا أقمر هجانا ، إحدى عينيه قائمة ، كأنها   [ ص: 170 ] كوكب دري ، كأن شعره أغصان شجرة   " . وذكر تمام الحديث . 
حديث عن هشام بن عامر    : قال أحمد    : حدثنا حسين بن محمد ،  حدثنا  سليمان بن المغيرة ،  حدثنا  حميد - يعني ابن هلال    - عن هشام بن عامر الأنصاري  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما بين خلق آدم  إلى أن تقوم الساعة فتنة أكبر من فتنة الدجال   " . 
وقال أحمد    : حدثنا إسماعيل ،  حدثنا أيوب ،  عن حميد بن هلال ،  عن بعض أشياخهم ، قال : قال هشام بن عامر  لجيرانه : إنكم لتخطون إلى رجال ما كانوا بأحضر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أوعى لحديثه مني ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما بين خلق آدم  إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال   " . 
ورواه  الإمام أحمد  أيضا ، عن أحمد بن عبد الملك ،  عن حماد بن زيد ،  عن أيوب ،  عن حميد بن هلال ،  عن أبي الدهماء ،  عن هشام بن عامر ،  أنه قال : إنكم لتجاوزنني إلى رهط من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانوا أحصى ولا أحفظ لحديثه مني ، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما بين خلق آدم  إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال   " . 
 [ ص: 171 ] وقد رواه مسلم  من حديث أيوب ،  عن حميد بن هلال ،  عن رهط ، منهم أبو الدهماء  وأبو قتادة ،  عن هشام بن عامر ،  فذكر نحوه . 
وقال أحمد    : حدثنا عبد الرزاق ،  حدثنا معمر ،  عن أيوب ،  عن أبي قلابة ،  عن هشام بن عامر ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن رأس الدجال من ورائه حبك حبك ، فمن قال : أنت ربي . افتتن ، ومن قال : كذبت ، ربي الله ، عليه توكلت . فلا يضره " . أو قال : " فلا فتنة عليه   " . 
حديث عن ابن عمر ،  رضي الله عنهما : قال أحمد    : حدثنا أحمد بن عبد الملك ،  حدثنا  محمد بن سلمة  عن محمد بن إسحاق ،  عن محمد بن طلحة ،  عن سالم ،  عن ابن عمر ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ينزل الدجال في هذه السبخة ، بمر قناة ، فيكون أكثر من يخرج إليه النساء ، حتى إن الرجل ليرجع إلى حميمه ، وإلى أمه ، وابنته ، وأخته ، وعمته ، فيوثقها رباطا ، مخافة أن تخرج إليه ، ثم يسلط الله المسلمين عليه ، فيقتلونه ، ويقتلون شيعته ، حتى إن اليهودي ليختبئ تحت الشجرة أو الحجر ، فيقول الحجر أو الشجرة   [ ص: 172 ] للمسلم : هذا يهودي تحتي فاقتله   " . تفرد به أحمد  من هذا الوجه . 
طريق أخرى عن سالم    : قال أحمد    : حدثنا عبد الرزاق ،  حدثنا معمر ،  عن الزهري ،  عن سالم ،  عن ابن عمر ،  قال : قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس ، فأثنى على الله ، تعالى بما هو أهله ، فذكر الدجال فقال : " إني لأنذركموه ، وما من نبي إلا قد أنذره قومه; لقد أنذره نوح  صلى الله عليه وسلم قومه ، ولكن سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه; تعلمون أنه أعور ، وأن الله تبارك وتعالى ليس بأعور   " . وقد تقدم هذا في الصحيح مع حديث ابن صياد    . وبه عن ابن عمر    : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تقاتلكم اليهود ،  فتسلطون عليهم ، حتى يقول الحجر : يا مسلم ، هذا يهودي ورائي ، فاقتله   " . وأصله في " الصحيحين " من حديث الزهري ،  بنحوه . 
طريق أخرى : قال أحمد    : حدثنا يعقوب ،  حدثنا عاصم بن محمد ،  عن أخيه عمر بن محمد ،  عن محمد بن زيد ، يعني أبا عمر بن محمد ،  قال : قال عبد الله بن عمر    : كنا نحدث بحجة الوداع ، ولا ندري أنه الوداع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان في حجة الوداع ، خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر المسيح الدجال ، فأطنب في ذكره ، ثم قال : " ما بعث الله من نبي إلا قد أنذره أمته; لقد أنذره نوح  صلى الله عليه وسلم أمته ، والنبيون ، عليهم الصلاة والسلام ، من بعده ، ألا ما خفي عليكم   [ ص: 173 ] من شأنه فلا يخفين عليكم أن ربكم ليس بأعور ، ألا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم أن ربكم ليس بأعور   " . تفرد به أحمد  من هذا الوجه . 
طريق أخرى : قال أحمد    : حدثنا يزيد ،  أخبرنا محمد بن إسحاق ،  عن نافع ،  عن ابن عمر ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنه لم يكن نبي قبلي إلا وصفه لأمته ، ولأصفنه صفة لم يصفها من كان قبلي ، إنه أعور وإن الله ليس بأعور ، عينه اليمنى كأنها عنبة طافية   " . وهذا إسناد جيد حسن . 
وقال الترمذي    : حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني ،  حدثنا المعتمر بن سليمان ،  عن عبيد الله بن عمر ،  عن نافع ،  عن ابن عمر ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الدجال فقال : " ألا إن ربكم ليس بأعور ، ألا وإنه أعور ، عينه اليمنى كأنها عنبة طافية   " . قال الترمذي    : هذا حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن سعد ،  وحذيفة ،   وأبي هريرة ،  وأسماء ،   وجابر بن عبد الله ،  وأبي بكرة ،   وعائشة ،  وأنس ،   وابن عباس ،  والفلتان بن عاصم    . 
حديث عبد الله بن عمرو    : قال أحمد    : حدثنا عبد الرزاق ،  أخبرنا معمر ،  عن قتادة ،  عن  شهر بن حوشب ،  قال : لما جاءتنا بيعة يزيد بن   [ ص: 174 ] معاوية  قدمت الشام ،  فأخبرت بمقام يقومه نوف ،  فجئته ، إذ جاء رجل - فاشتد الناس - عليه خميصة ، وإذا هو  عبد الله بن عمرو بن العاص ،  فلما رآه نوف  أمسك عن الكلام ، فقال عبد الله    : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنها ستكون هجرة بعد هجرة ، ينحاز الناس إلى مهاجر إبراهيم ،  لا يبقى في الأرض إلا شرار أهلها ، تلفظهم أرضوهم ، تقذرهم نفس الله ، تحشرهم النار مع القردة والخنازير ، تبيت معهم إذا باتوا ، وتقيل معهم إذا قالوا ، وتأكل من تخلف   " . قال : وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " سيخرج أناس من أمتي من قبل المشرق ، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ، كلما خرج منهم قرن قطع ، كلما خرج منهم قرن قطع - حتى عدها زيادة على عشر مرات - كلما خرج منهم قرن قطع ، حتى يخرج الدجال في بقيتهم   " . ورواه أبو داود  من حديث قتادة ،  عن شهر ،  عنه . 
طريق أخرى عنه : قال  أبو القاسم الطبراني    : حدثنا جعفر بن أحمد الساماني ،  حدثنا أبو كريب ،  حدثنا فردوس الأشعري ،  عن مسعود بن سليمان ،  عن حبيب بن أبي ثابت ،  عن مجاهد ،  عن عبد الله بن عمرو ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الدجال : " ما شبه عليكم منه ، فإن الله ، سبحانه ، ليس بأعور ، يخرج   [ ص: 175 ] فيكون في الأرض أربعين صباحا ، يرد كل منهل إلا الكعبة ، وبيت المقدس والمدينة ، الشهر كالجمعة ، والجمعة كاليوم ، ومعه جنة ونار ، فناره جنة ، وجنته نار ، معه جبل من خبز ، ونهر من ماء ، يدعو برجل ، لا يسلطه الله إلا عليه ، فيقول : ما تقول في؟ فيقول : أنت عدو الله ، وأنت الدجال الكذاب . فيدعو بمنشار ، فيضعه حذو رأسه فيشقه ، ثم يحييه ، فيقول له : ما تقول في؟ فيقول : والله ما كنت أشد بصيرة مني فيك الآن ، أنت عدو الله؟ الدجال الذي أخبرنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم . فيهوي إليه بسيفه فلا يستطيعه ، فيقول : أخروه عني   " . قال شيخنا الذهبي    : هذا حديث غريب ، ومسعود  لا يعرف . وسيأتي حديث يعقوب بن عاصم  عنه ، في مكث الدجال في الأرض ، ونزول عيسى ابن مريم    . 
حديث عن  أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية    : قال  الإمام أحمد    : حدثنا عبد الرزاق ،  أخبرنا معمر ،  عن قتادة ،  عن  شهر بن حوشب ،  عن أسماء بنت يزيد الأنصارية ،  قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ، فذكر الدجال ، فقال : " إن بين يديه ثلاث سنين; سنة تمسك السماء ثلث قطرها ، والأرض ثلث نباتها ، والثانية تمسك السماء ثلثي قطرها ، والأرض ثلثي نباتها ، والثالثة تمسك السماء قطرها كله ، والأرض نباتها كله ، ولا يبقى ذات ضرس ولا ذات   [ ص: 176 ] ظلف من البهائم إلا هلكت ، وإن من أشد فتنته أن يأتي الأعرابي فيقول : أرأيت إن أحييت لك إبلك؟ ألست تعلم أني ربك؟ " قال : " فيقول : بلى . فتمثل له الشياطين نحو إبله كأحسن ما تكون ضروعها وأعظمه أسنمة " . قال : " ويأتي الرجل قد مات أخوه ، ومات أبوه ، فيقول : أرأيت إن أحييت لك أباك ، وأحييت لك أخاك ، ألست تعلم أني ربك؟ فيقول : بلى . فتمثل له الشياطين نحو أبيه ونحو أخيه " . قالت : ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة ، ثم رجع والقوم في اهتمام وغم ، مما حدثهم به ، قالت : فأخذ بلجفتي الباب وقال : " مهيم أسماء    " . قالت : قلت : يا رسول الله ، لقد خلعت أفئدتنا بذكر الدجال . قال : " فإن يخرج وأنا حي فأنا حجيجه ، وإلا فإن ربي خليفتي على كل مؤمن " . قالت أسماء    : يا رسول الله ، إنا والله لنعجن عجينتنا فما نختبزها حتى نجوع ، فكيف بالمؤمنين يومئذ؟ قال : " يجزئهم ما يجزئ أهل السماء من التسبيح ، والتقديس   " . 
وكذلك رواه أحمد  أيضا ، عن  يزيد بن هارون ،  عن جرير بن حازم ،  عن قتادة ،  عن شهر ،  عنها ، بنحوه ، وهذا إسناد لا بأس به ، وقد تفرد به أحمد ، وتقدم له شاهد في حديث أبي أمامة الطويل ،  وفي حديث عائشة  بعده شاهد له من وجه آخر أيضا ، والله أعلم . 
 [ ص: 177 ] وقال أحمد    : حدثنا هاشم ،  حدثنا عبد الحميد ،  حدثنا شهر ،  حدثتني أسماء    : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث : " فمن حضر مجلسي ، وسمع قولي ، فليبلغ الشاهد منكم الغائب ، واعلموا أن الله ، عز وجل ، صحيح ليس بأعور ، وأن الدجال أعور ، ممسوح العين ، مكتوب بين عينيه : كافر . يقرؤه كل مؤمن; كاتب وغير كاتب   " . وسيأتي عن  أسماء بنت عميس  نحوه ، والمحفوظ هذا ، والله أعلم . 
حديث عائشة ،  رضي الله عنها : قال  الإمام أحمد    : حدثنا عبد الصمد ،  حدثنا حماد ،  حدثنا علي بن زيد ،  عن الحسن ،  عن عائشة ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر جهدا يكون بين يدي الدجال ، فقالوا : أي المال خير يومئذ . قال : " غلام شديد يسقي أهله الماء ، وأما الطعام فليس " . قالوا : فما طعام المؤمنين يومئذ؟ قال : " التسبيح والتكبير ، والتحميد ، والتهليل " . قالت عائشة    : فأين العرب يومئذ؟ قال : " العرب يومئذ قليل   " . تفرد به أحمد ،  وإسناده صحيح فيه غرابة ، وتقدم في حديث أسماء ،  وأبي أمامة  شاهد له ، والله أعلم . 
طريق أخرى عنها : قال أحمد    : حدثنا سليمان بن داود ،  حدثنا حرب بن شداد ،  عن  يحيى بن أبي كثير ،  حدثني الحضرمي بن لاحق ،  أن ذكوان أبا   [ ص: 178 ] صالح  أخبره ، أن عائشة  أخبرته ، قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي ، فقال : " ما يبكيك؟ " قلت : يا رسول الله ، ذكرت الدجال ، فبكيت . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن يخرج الدجال وأنا حي كفيتكموه ، وإن يخرج الدجال بعدي فإن ربكم ، عز وجل ، ليس بأعور ، إنه يخرج في يهودية أصبهان ،  حتى يأتي المدينة ،  فينزل ناحيتها ، ولها يومئذ سبعة أبواب ، على كل نقب منها ملكان ، فيخرج إليه شرار أهلها ، حتى يأتيالشام ،  مدينة بفلسطين  بباب لد ، فينزل عيسى ابن مريم ،  عليه السلام ، فيقتله ، ثم يمكث عيسى ،  عليه السلام ، في الأرض أربعين سنة إماما عادلا ، وحكما مقسطا   " . تفرد به أحمد    . 
وقال - أحمد  أيضا : حدثنا ابن أبي عدي ،  عن داود ،  عن عامر ،  عن عائشة  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يدخل الدجال مكة  ولا المدينة    " . ورواه  النسائي  عن قتيبة ،  عن محمد بن عبد الله بن أبي عدي ،  به . والمحفوظ رواية عامر الشعبي  عن فاطمة بنت قيس ،  كما تقدم . 
وثبت في " الصحيح " من حديث  هشام بن عروة ،  عن زوجته فاطمة بنت المنذر ،  عن أسماء بنت أبي بكر ،  أنها قالت في حديث صلاة الكسوف : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يومئذ : " وإنه قد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قريبا ، أو مثل ، فتنة المسيح الدجال   " . لا أدري أي ذلك قالت أسماء؟  الحديث بطوله . 
 [ ص: 179 ] وثبت في " صحيح مسلم    " من حديث  ابن جريج ،  عن  أبي الزبير ،  عن جابر ،  عن  أم شريك ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليفرن الناس من الدجال حتى يلحقوا برءوس الجبال   " . قلت : يا رسول الله ، أين العرب يومئذ؟ قال : " هم قليل   " . 
حديث عن أم سلمة ،  رضي الله عنها : قال ابن وهب    : أخبرني مخرمة بن بكير ،  عن أبيه ، عن عروة ،  قال : قالت أم سلمة :  ذكرت المسيح الدجال ليلة ، فلم يأتني النوم ، فلما أصبحت دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته ، فقال : " لا تفعلي ، فإنه إن يخرج وأنا فيكم يكفكم الله بي ، وإن يخرج بعد أن أموت يكفكم الله بالصالحين " . ثم قام ، فقال : " ما من نبي إلا حذر أمته منه ، وإني أحذركموه ، إنه أعور ، وإن الله ليس بأعور   " . قال الذهبي    : إسناده قوي . 
حديث رافع بن خديج    : رواه  الطبراني  من رواية عطية بن عطية ،  عن عطاء بن أبي رباح ،  عن عمرو بن شعيب ،  عن  سعيد بن المسيب ،  عن رافع بن خديج ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذم القدرية ،  وأنهم زنادقة هذه الأمة ، وفي زمانهم يكون ظلم السلطان ، وحيف وأثرة ، ثم يبعث الله طاعونا ، فيفني عامتهم ، ثم يكون الخسف ، فما أقل من ينجو منهم ، المؤمن يومئذ قليل فرحه ، شديد غمه ، ثم يكون المسخ ، فيمسخ الله عامتهم قردة وخنازير ، ثم يخرج الدجال على   [ ص: 180 ] إثر ذلك قريبا . ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بكينا لبكائه ، وقلنا : ما يبكيك؟ قال : " رحمة لأولئك الأشقياء ، لأن فيهم المقتصد ، وفيهم المجتهد . . . " . الحديث . 
حديث عن عثمان بن أبي العاص ،  رضي الله عنه : قال أحمد    : حدثنا  يزيد بن هارون ،  حدثنا حماد بن سلمة ،  عن علي بن زيد ،  عن  أبي نضرة ،  قال : أتينا عثمان بن أبي العاص  في يوم جمعة; لنعرض عليه مصحفا لنا على مصحفه ، فلما حضرت الجمعة أمرنا فاغتسلنا ، ثم أتينا بطيب فتطيبنا ، ثم جئنا المسجد ، فجلسنا إلى رجل ، فحدثنا عن الدجال ، ثم جاء عثمان بن أبي العاص ،  فقمنا إليه فجلسنا ، فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يكون للمسلمين ثلاثة أمصار   ; مصر بملتقى البحرين ، ومصر بالحيرة ، ومصر بالشام ،  فيفزع الناس ثلاث فزعات ، فيخرج الدجال في أعراض الناس ، فيهزم من قبل المشرق ، فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين ، فيصير أهله ثلاث فرق; فرقة تقيم تقول : نشامه; ننظر ما هو ، وفرقة تلحق بالأعراب ،   [ ص: 181 ] وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم ، ومع الدجال سبعون ألفا عليهم السيجان ، وأكثر تبعه اليهود  والنساء ، ثم يأتي المصر الذي يليه ، فيصير أهله ثلاث فرق; فرقة تقول : نشامه ننظر ما هو ، وفرقة تلحق بالأعراب ، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم بغربي الشام ،  وينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق ، فيبعثون سرحا لهم ، فيصاب سرحهم ، فيشتد ذلك عليهم ، وتصيبهم مجاعة شديدة وجهد شديد ، حتى إن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله ، فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من السحر : يا أيها الناس ، أتاكم الغوث . ثلاثا ، فيقول بعضهم لبعض : إن هذا الصوت لصوت رجل شبعان ، وينزل عيسى ابن مريم ،  عليه السلام ، عند صلاة الفجر ، فيقول له أميرهم : يا روح الله ، تقدم صل . فيقول : هذه الأمة أمراء بعضهم على بعض ، فيتقدم أميرهم فيصلي ، فإذا قضى صلاته أخذ عيسى  عليه السلام حربته ، فيذهب نحو الدجال ، فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الرصاص ، فيضع حربته بين ثندوتيه فيقتله ، وينهزم أصحابه ، فليس يومئذ شيء يواري منهم أحدا ، حتى إن الشجرة لتقول : يا مؤمن ، هذا كافر . ويقول الحجر : يا مؤمن ، هذا كافر   " . تفرد به أحمد    . 
ولعل هذين المصرين هما البصرة  والكوفة;  بدليل ما رواه  الإمام أحمد    : حدثنا  أبو النضر هاشم بن القاسم ،  حدثنا الحشرج بن نباتة القيسي الكوفي ،   [ ص: 182 ] حدثني سعيد بن جمهان ،  حدثنا عبد الله بن أبي بكرة ،  قال : حدثنا أبي في هذا المسجد ، يعني مسجد البصرة ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لتنزلن طائفة من أمتي أرضا يقال لها : البصرة    . يكثر بها عددهم ، ويكثر بها نخلهم ، ثم يجيء بنو قنطوراء  صغار العيون ، حتى ينزلوا على جسر لهم يقال له : دجلة . فيتفرق المسلمون ثلاث فرق ، فأما فرقة فيأخذون بأذناب الإبل ، وتلحق بالبادية ، وهلكت ، وأما فرقة فتأخذ على أنفسها ، وكفرت ، فهذه وتلك سواء ، وأما فرقة فيجعلون عيالهم خلف ظهورهم ويقاتلون ، فقتلاهم شهداء ، ويفتح الله على بقيتها   " . 
ثم رواه أحمد ،  عن  يزيد بن هارون  وغيره ، عن العوام بن حوشب ،  عن سعيد بن جمهان ،  عن ابن أبي بكرة ،  عن أبيه ، فذكره . قال العوام    : بنو قنطوراء  هم الترك . ورواه أبو داود ،  عن  محمد بن يحيى بن فارس ،  عن عبد الصمد بن عبد الوارث ،  عن أبيه ، عن سعيد بن جمهان ،  عن مسلم بن أبي بكرة ،  عن أبيه ، فذكر نحوه . 
وروى أبو داود  من حديث بشير بن المهاجر ،  عن عبد الله بن بريدة ،  عن أبيه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث " يقاتلكم قوم صغار الأعين " . يعني الترك ، قال : " تسوقونهم ثلاث مرار ، حتى تلحقوهم بجزيرة العرب ،  فأما في السياقة   [ ص: 183 ] الأولى فينجو من هرب منهم ، وأما في الثانية فينجو بعض ويهلك بعض ، وأما في الثالثة فيصطلمون   " . أو كما قال . لفظ أبي داود    . 
وروى الثوري ،  عن سلمة بن كهيل ،  عن أبي الزعراء ،  عن ابن مسعود ،  قال : يفترق الناس عند خروج الدجال ثلاث فرق ، فرقة تتبعه ، وفرقة تلحق بأرض آبائها بمنابت الشيح ، وفرقة تأخذ بشط الفرات ، يقاتلهم ويقاتلونه ، حتى يجتمع المؤمنون بقرى الشام ،  ويبعثون طليعة ، فيهم فارس فرسه أشقر أو أبلق ، فيقتلون فلا يرجع منهم بشر   . 
حديث عن عبد الله بن بسر    : قال حنبل بن إسحاق    : حدثنا  دحيم ،  حدثنا عبد الله بن يحيى المعافري ، هو البرلسي    - أحد الثقات - عن معاوية بن صالح ،  حدثني أبو الوازع  أنه سمع عبد الله بن بسر  يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ليدركن الدجال من رآني   " . أو قال : " ليكونن قريبا من موتي   " . قال شيخنا الذهبي    : أبو الوازع  لا يعرف ، والحديث منكر . قلت : وقد تقدم في حديث أبي عبيدة  شاهد له . 
 [ ص: 184 ] حديث عن  سلمة بن الأكوع ،  رضي الله عنه : قال  الطبراني    : حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي ،  حدثنا زيد بن الحريش ،  حدثنا أبو همام محمد بن الزبرقان ،  حدثنا موسى بن عبيدة ،  حدثني زيد بن عبد الرحمن ،  عن  سلمة بن الأكوع ،  قال : أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل العقيق ، حتى إذا كنا مع الثنية ، قال : " إني لأنظر إلى مواقع عدو الله المسيح ، إنه يقبل حتى ينزل من كذا ، حتى يخرج إليه الغوغاء ، ما من نقب من أنقاب المدينة  إلا عليه ملك أو ملكان يحرسانه ، معه صورتان; صورة الجنة ، وصورة النار خضراء ، ومعه شياطين يتشبهون بالأموات ، يقول للحي : تعرفني؟ أنا أخوك ، أنا أبوك ، أنا ذو قرابة منك ، ألست قد مت؟ هذا ربنا فاتبعه . فيقضي الله ما شاء منه ، ويبعث الله له رجلا من المسلمين ، فيسكته ويبكته ، ويقول : هذا الكذاب يا أيها الناس ، لا يغرنكم ، فإنه كذاب ويقول باطلا ، وليس ربكم بأعور . فيقول : هل أنت متبعي؟ فيأتي ، فيشقه شقتين ، ويفصل ذلك ، ويقول : أعيده لكم؟ فيبعثه الله أشد ما كان تكذيبا له ، وأشد شتما ، فيقول : أيها الناس ، إنما رأيتم بلاء ابتليتم به ، وفتنة افتتنتم بها ، إن كان صادقا فليعدني مرة أخرى ، ألا هو كذاب . فيأمر به إلى هذه النار ، وهى صورة الجنة ، ثم يخرج قبل الشام    " . 
 [ ص: 185 ] موسى بن عبيدة الربذي  ضعيف ، وهذا السياق فيه غرابة ، والله أعلم . 
حديث محجن بن الأدرع ،  رضي الله عنه : قال أحمد    : حدثنا يونس ،  حدثنا  حماد ، يعني ابن سلمة ،  عن سعيد الجريري ،  عن عبد الله بن شقيق ،  عن محجن بن الأدرع ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس ، فقال : " يوم الخلاص ، وما يوم الخلاص؟! " ثلاثا . فقيل له : وما يوم الخلاص . قال : " يجيء الدجال ، فيصعد أحدا ، فينظر إلى المدينة ،  فيقول لأصحابه : هل ترون هذا القصر الأبيض ، هذا مسجد أحمد    . ثم يأتي المدينة ،  فيجد بكل نقب من أنقابها ملكا مصلتا ، فيأتي سبخة الجرف ،  فيضرب رواقه ، ثم ترجف المدينة  ثلاث رجفات ، فلا يبقى منافق ولا منافقة ، ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه ، فذلك يوم الخلاص   " . تفرد به أحمد    . 
ثم رواه أحمد عن غندر ،  عن شعبة ،  عن أبي بشر ،  عن عبد الله بن شقيق ،  عن رجاء بن أبي رجاء ،  عن محجن بن الأدرع ،  قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ، فصعد على أحد ، فأشرف على المدينة ،  فقال : " ويل أمها قرية! يدعها أهلها خير ما تكون - أو كأخير ما تكون   - فيأتيها الدجال ، فيجد على كل باب من أبوابها ملكا مصلتا بجناحه ، فلا يدخلها " . قال : ثم نزل وهو آخذ بيدي ، فدخل المسجد ، فإذا رجل يصلي ، فقال لي : " من هذا؟ " فأثنيت عليه خيرا ، فقال : " اسكت ، لا تسمعه فتهلكه " . قال : ثم أتى حجرة امرأة من نسائه ، فنفض يده من يدي ، وقال : " إن خير دينكم أيسره ، إن خير دينكم   [ ص: 186 ] أيسره " . 
حديث آخر : قال معمر  في " جامعه " ، عن الزهري ،  أخبرني عمرو بن أبي سفيان الثقفي ،  أخبرني رجل من الأنصار ، عن بعض أصحاب محمد  صلى الله عليه وسلم ، قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ، فقال : " يأتي سباخ المدينة ،  وهو محرم عليه أن يدخلها ، فتنتفض بأهلها نفضة أو نفضتين ، وهي الزلزلة ، فيخرج إليه منها كل منافق ومنافقة ، ثم يولي الدجال قبل الشام ،  حتى يأتي بعض جبال الشام ،  وبقية المسلمين يومئذ معتصمون بذروة جبل ، فيحاصرهم نازلا بأصله ، حتى إذا طال عليهم البلاء ، قال رجل : حتى متى أنتم هكذا ، وعدو الله نازل بأصل جبلكم؟ هل أنتم إلا بين إحدى الحسنيين; بين أن يستشهدكم أو يظهركم الله عليه . فتتبايعون على الموت بيعة يعلم الله أنها الصدق من أنفسهم ، ثم تأخذهم ظلمة لا يبصر امرؤ كفه ، فينزل ابن مريم ،  فيحسر عن أبصارهم ، وبين أظهرهم رجل عليه لأمة ، فيقولون : من أنت؟ فيقول : أنا عبد الله ورسوله ، وروحه ، وكلمته ، عيسى ،  اختاروا إحدى ثلاث ، بين أن يبعث الله على الدجال وجنوده عذابا من السماء ، أو يخسف بهم الأرض ، أو يسلط عليهم سلاحكم ، ويكف سلاحهم عنكم . فيقولون : هذه يا رسول الله ، أشفى لصدورنا . فيومئذ يرى اليهودي العظيم الطويل ، الأكول الشروب ، لا تقل يده سيفه; من الرعدة ، فينزلون إليهم ، فيسلطون عليهم ، ويذوب الدجال   [ ص: 187 ] حتى يدركه عيسى ابن مريم ،  فيقتله   " قال شيخنا  الحافظ الذهبي    : هذا حديث قوي الإسناد . 
حديث نهيك بن صريم    : قال  الحافظ أبو بكر البزار    : حدثنا أبو موسى الزمن ،  حدثنا إبراهيم بن سليمان ،  حدثنا محمد بن أبان ،  عن يزيد بن يزيد بن جابر ،  عن بشر بن عبيد الله ،  عن أبي إدريس ،  عن نهيك بن صريم السكوني ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لتقاتلن المشركين ، حتى تقاتل بقيتكم الدجال على نهر الأردن ،  أنتم شرقيه ، وهو غربيه " . قال : وما أدري أين الأردن  يومئذ من الأرض؟ وكذا رواه سعيد بن سالم ،  وعبد الحميد بن صالح    . حديث  أبي هريرة  رضي الله عنه : قال أحمد    : حدثنا قتيبة ،  حدثنا يعقوب ،  عن سهيل ،  عن أبيه ، عن  أبي هريرة ،  رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ،  فيقتلهم المسلمون ، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر ، فيقول الحجر أو الشجر : يا مسلم ، يا عبد الله ، هذا اليهودي من خلفي ، فتعال فاقتله ، إلا الغرقد; فإنه من شجر اليهود    " . 
 [ ص: 188 ] وقد روى مسلم  عن قتيبة ،  بهذا الإسناد : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك   " . الحديث ، وقد تقدم الحديث بطرقه وألفاظه ، والظاهر ، والله أعلم ، أن المراد بهؤلاء الترك أنصار الدجال ، كما تقدم في حديث أبي بكر الصديق  الذي رواه أحمد   والترمذي   وابن ماجه    . 
طريق أخرى عن  أبى هريرة    : قال أحمد    : حدثنا حسين بن محمد ،  حدثنا جرير ،  عن محمد بن إسحاق ،  عن  محمد بن إبراهيم التيمي ،  عن أبي سلمة ،  عن  أبي هريرة ،  قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لينزلن الدجال بخوز  وكرمان  في سبعين ألفا كأن وجوههم المجان المطرقة   " . إسناده جيد قوي حسن . 
طريق أخرى عن  أبي هريرة    : قال حنبل بن إسحاق    : حدثنا سريج بن النعمان ،  حدثنا فليح ،  عن الحارث بن فضيل ،  عن زياد بن سعد ،  عن  أبي هريرة ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس ، وذكر الدجال ، فقال : " إنه لم يكن نبي إلا حذره أمته ، وسأصفه لكم ما لم يصفه نبي قبلي; إنه أعور مكتوب بين عينيه : كافر . يقرؤه كل مؤمن يكتب أو لا يكتب   " . هذا إسناد جيد لم يخرجوه . 
 [ ص: 189 ] طريق أخرى عن  أبي هريرة    : قال أحمد    : حدثنا سريج ،  حدثنا فليح ،  عن عمر بن العلاء الثقفي ،  عن أبيه ، عن  أبي هريرة ،  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " المدينة  ومكة  محفوفتان بالملائكة ، على كل نقب منهما ملك لا يدخلهما الدجال ولا الطاعون   " . هذا غريب جدا ، وذكر مكة  في هذا ليس بمحفوظ ، أو ذكر الطاعون ، والله أعلم ، والعلاء الثقفي  هذا إن كان ابن زيدل ،  فهو كذاب . 
طريق أخرى عنه : قال  البخاري  ومسلم    : حدثنا زهير ،  حدثنا جرير ،  عن عمارة ،  عن أبي زرعة ،  عن  أبي هريرة ،  قال : مازلت أحب بني تميم  منذ ثلاث ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " هم أشد أمتي على الدجال   " . قال : وجاءت صدقاتهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هذه صدقات قومي " . قال : وكانت سبية منهم عند عائشة ،  فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعتقيها; فإنها من ولد إسماعيل    " . 
حديث عمران بن حصين ،  رضي الله عنه : قال أبو داود    : حدثنا موسى بن إسماعيل ،  حدثنا جرير ،  حدثنا حميد بن هلال ،  عن أبي الدهماء ،  قال : سمعت عمران بن حصين  يحدث ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سمع   [ ص: 190 ] بالدجال فلينأ عنه ، فوالله إن الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه ، مما يبعث به من الشبهات " أو لما يبعث به من الشبهات   " . هكذا قال . تفرد به أبو داود    . وقال أحمد    : حدثنا يحيى بن سعيد ،  حدثنا  هشام بن حسان ،  حدثنا حميد بن هلال ،  عن أبي الدهماء ،  عن عمران بن حصين ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " من سمع بالدجال فلينأ عنه ، فإن الرجل يأتيه يحسب أنه مؤمن ، فما يزال به - لما معه من الشبه - حتى يتبعه   " . وكذلك رواه عن  يزيد بن هارون ،  عن  هشام بن حسان    . وهذا إسناد جيد ، وأبو الدهماء - واسمه قرفة بن بهيس العدوي    - ثقة . 
وقال سفيان بن عيينة ،  عن علي بن زيد ،  عن الحسن ،  عن عمران بن الحصين ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد أكل الطعام ، ومشى في الأسواق " . يعني الدجال   . 
حديث عبادة بن الصامت  رضي الله عنه : قال أبو داود    : حدثنا حيوة بن شريح ،  حدثنا بقية ،  حدثنا بحير ،  عن خالد ،  عن  عمرو بن الأسود ،  عن   [ ص: 191 ] جنادة بن أبي أمية ،  عن عبادة بن الصامت ،  أنه حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إني قد حدثتكم عن الدجال ، حتى خشيت ألا تعقلوا ، إن المسيح الدجال رجل قصير ، أفحج ، جعد ، أعور ، مطموس العين ليس بناتئة ، ولا حجراء ، فإن لبس عليكم ، فاعلموا أن ربكم ليس بأعور   " . ورواه أحمد  عن حيوة بن شريح  ويزيد بن عبد ربه ،   والنسائي  عن إسحاق بن إبراهيم ،  كلهم عن بقية بن الوليد ،  به . 
حديث عن  أسماء بنت عميس    : رواه  الطبراني  من طريق أنس بن عياض ،  عن عبيد الله بن عمر ،  حدثني بعض أصحابنا عن  أسماء بنت عميس ،  أنها شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحاجة ، فقال : " كيف بكم إذا ابتليتم بعبد قد سخرت له أنهار الأرض وثمارها ، فمن اتبعه أطعمه وأكفره ، ومن عصاه حرمه ومنعه؟   " فقلت : يا رسول الله ، إن الجارية لتخلفن على التنور ساعة تخبزها ، فأكاد أفتتن بها في صلاتي ، فكيف بنا إذا كان ذلك؟ فقال : " إن الله   [ ص: 192 ] ليعصم المؤمنين بما يعصم به الملائكة من التسبيح ، مكتوب بين عينيه : كافر ، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب   " . 
حديث المغيرة بن شعبة    : قال مسلم    : حدثنا شهاب بن عباد العبدي ،  حدثنا إبراهيم بن حميد الرؤاسي ،  عن إسماعيل بن أبي خالد ،  عن  قيس بن أبي حازم ،  عن المغيرة بن شعبة ،  قال : ما سأل أحد النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر مما سألت . قال : " وما ينصبك منه؟ إنه لا يضرك " . قال : قلت : يا رسول الله ، إنهم يقولون : إن معه الطعام والأنهار . قال : " هو أهون على الله من ذلك   " . 
حدثنا  سريج بن يونس ،  حدثنا هشيم ،  عن إسماعيل ،  عن قيس ،  عن المغيرة بن شعبة  قال : ما سأل أحد النبي صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكثر مما سألته . قال : " وما سؤالك؟ " . قال : قلت : إنهم يقولون : معه جبال من خبز ولحم ، ونهر من ماء . قال " هو أهون على الله من ذلك   " . 
ورواه مسلم  أيضا في الاستئذان ، من طرق كثيرة ، عن إسماعيل بن أبي خالد    . وأخرجه  البخاري ،  عن مسدد ،  عن  يحيى القطان ،  عن إسماعيل ،  به . 
 [ ص: 193 ] وقد تقدم في حديث حذيفة  وغيره أن ماءه نار ، وناره ماء بارد ، وإنما ذلك في رأي العين . 
وقد تمسك بهذا الحديث طائفة من العلماء ،  كابن حزم   والطحاوي  وغيرهما في أن الدجال ممخرق مموه ، لا حقيقة لما يبدي للناس من الأمور التي تشاهد في زمانه ، بل كلها خيالات عند هؤلاء . وقال الشيخ أبو علي الجبائي  شيخ المعتزلة    : لا يجوز أن يكون لذلك حقيقة; لئلا يشتبه خارق الساحر بخارق النبي . وقد أجابه القاضي عياض  وغيره بأن الدجال إنما يدعي الإلهية ، وذلك مناف لبشريته ، فلا يمتنع إجراء الخارق على يديه ، والحالة هذه . 
وقد أنكرت طوائف كثيرة من الخوارج  والجهمية  وبعض المعتزلة  خروج الدجال بالكلية ، وردوا الأحاديث الواردة فيه ، فلم يصنعوا شيئا ، وخرجوا بذلك عن حيز العلماء; لردهم ما تواترت به الأخبار الصحيحة من غير وجه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم ذلك . وإنما أوردنا بعض ما ورد في هذا الباب ، وفيه كفاية ومقنع ، وبالله المستعان . 
والذي يظهر من الأحاديث المتقدمة أن الدجال يمتحن الله به عباده بما يخلقه معه من الخوارق المشاهدة في زمانه ، كما تقدم أن من استجاب له يأمر السماء   [ ص: 194 ] فتمطرهم ، والأرض فتنبت لهم زرعا تأكل منه أنعامهم ، وأنفسهم وترجع إليهم مواشيهم سمانا لبنا ، ومن لا يستجيب له ويرد عليه أمره تصيبهم السنة والجدب والقحط والغلة وموت الأنعام ونقص الأموال والأنفس والثمرات ، وأنه يتبعه كنوز الأرض كيعاسيب النحل ، وأنه يقتل ذلك الشاب ثم يحييه ، وهذا كله ليس بمخرقة ، بل له حقيقة امتحن الله بها عباده في ذلك الزمان ، فيضل به كثيرا ، ويهدي به كثيرا ، يكفر المرتابون ، ويزداد الذين آمنوا إيمانا . 
وقد حمل القاضي عياض  وغيره على هذا المعنى معنى الحديث : " هو أهون على الله من ذلك   " . أي هو أقل من أن يكون معه ما يضل به عباده المؤمنين ، وما ذاك إلا لأنه ناقص ، ظاهر النقص والفجور والظلم ، وإن كان معه ما معه من الخوارق; فبين عينيه مكتوب : كافر . كتابة ظاهرة ، وقد حقق ذلك الشارع في خبره بقوله : " ك ف ر " . فدل ذلك على أنه كتابة حسية ، لا معنوية ، كما يقوله بعض الناس ، وعينه الواحدة عوراء شنيعة المنظر ناتئة ، وهو معنى قوله : " كأنها عنبة طافية " . أي على وجه الماء ، ومن روى ذلك : " طافئة " . فمعناه : لا ضوء فيها . وفي الحديث الآخر : " كأنها نخامة على حائط مجصص " . أي بشعة الشكل . 
وقد ورد في بعض الأحاديث أن عينه اليمنى عوراء ، وجاء في بعضها : اليسرى   . فإما أن تكون إحدى الروايتين غير محفوظة ، أو أن العور   [ ص: 195 ] حاصل في كل من العينين ، ويكون معنى العور النقص والعيب ، ويقوي هذا الجواب ما رواه  الطبراني ،  حدثنا محمد بن محمد التمار   وأبو خليفة ،  قالا : حدثنا أبو الوليد ،  حدثنا زائدة ،  حدثنا سماك ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس ،  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الدجال جعد هجان أقمر ، كأن رأسه غصن شجرة ، مطموس عينه اليسرى ، والأخرى كأنها عنبة طافية   " . الحديث . وكذلك رواه  سفيان الثوري ،  عن سماك  بنحوه . لكن قد جاء في الحديث المتقدم : " وعينه الأخرى كأنها كوكب دري " . 
وعلى هذا فتكون الرواية الواحدة غلطا ، ويحتمل أن يكون المراد أن العين الواحدة عوراء في نفسها ، والأخرى عوراء باعتبار انفرادها . والله ، سبحانه وتعالى ، أعلم بالصواب . 
وقد سأل سائل سؤالا ، فقال : ما الحكمة في أن الدجال مع كثرة شره وفجوره ، وانتشار أمره ، ودعواه الربوبية ، وهو في ذاك ظاهر الكذب والافتراء ، وقد حذر منه جميع الأنبياء ، كيف لم يذكر في القرآن ، ويبصر منه ، ويصرح باسمه ، وينوه بكذبه وعناده؟   . 
والجواب من وجوه; أحدها أنه قد أشير إلى ذكره في قوله تعالى : يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا   [ ص: 196 ] الآية [ الأنعام : 158 ] . 
فال أبو عيسى الترمذي  عند تفسيرها : حدثنا عبد بن حميد ،  حدثنا يعلى بن عبيد ،  عن فضيل بن غزوان ،  عن أبي حازم ،  عن  أبي هريرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا الدجال ، والدابة ، وطلوع الشمس من المغرب   - أو من مغربها   " . ثم قال : هذا حديث حسن صحيح . 
الثاني : أن عيسى ابن مريم  ينزل من السماء الدنيا ، فيقتل الدجال ، كما تقدم ، وكما سيأتي ، وقد ذكر في القرآن نزوله في قوله تعالى : بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا    [ النساء : 158 ، 159 ] . 
وقد قررنا في " التفسير " أن الضمير في قوله تعالى : قبل موته    . عائد على عيسى ،  أي سينزل إلى الأرض ، ويؤمن به أهل الكتاب  الذين اختلفوا فيه اختلافا متباينا ، فمن مدعي الإلهية كالنصارى ،  ومن قائل فيه قولا عظيما ، وهو أنه ولد زنية ، وهم اليهود ،  ومن قائل أنه قتل وصلب ومات . إلى غير ذلك ، فإذا نزل قبل يوم القيامة تحقق كل من الفريقين كذب نفسه فيما يدعيه فيه من الافتراء ، وسنقرر هذا قريبا . وعلى هذا فيكون ذكر نزول المسيح عيسى ابن مريم  إشارة إلى ذكر المسيح الدجال مسيح الضلالة ، وهو ضد مسيح الهدى ، ومن   [ ص: 197 ] عادة العرب أنها تكتفي بذكر أحد الضدين عن ذكر الآخر ، كما هو مقرر في موضعه . 
الثالث : أنه لم يذكر بصريح اسمه في القرآن احتقارا له ، حيث إنه يدعي الإلهية وهو بشر ، وهو مع بشريته ناقص الخلق ينافي حاله جلال الرب وعظمته وكبرياءه وتنزيهه عن النقص ، فكان أمره عند الرب أحقر من أن يذكر ، وأصغر ، وأدحر من أن يجلى عن أمر دعواه ويحذر ، ولكن انتصر الرسل لجناب الرب ، عز وجل ، فجلوا لأممهم عن أمره ، وحذروهم ما معه من الفتن المضلة ، والخوارق المنقضية المضمحلة ، فاكتفى بإخبار الأنبياء ، وتواتر ذلك عن سيد ولد آدم  إمام الأتقياء عن أن يذكر أمره الحقير بالنسبة إلى جلال الله ، في القرآن العظيم ، ووكل بيان أمره إلى كل نبي كريم . 
فإن قلت : فقد ذكر فرعون في القرآن ، وقد ادعى ما ادعاه من الإلهية والكذب والبهتان; حيث قال : أنا ربكم الأعلى    [ النازعات : 24 ] . وقال : يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري    [ القصص : 38 ] . فالجواب أن أمر فرعون قد انقضى ، وتبين كذبه لكل مؤمن وعاقل ، وأمر الدجال سيأتي ، وهو كائن فيما يستقبل فتنة واختبارا للعباد ، فترك ذكره في القرآن احتقارا له ، وامتحانا به ، إذ أمره وكذبه أظهر من أن ينبه عليه ، ويحذر منه ، وقد يترك ذكر الشيء لوضوحه ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته قد عزم على أن يكتب كتابا بخلافة أبي بكر الصديق ،  رضي الله عنه ، من بعده ، ثم ترك ذلك ، وقال : " يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر " . فترك نصه عليه لوضوح جلالته ، وعظيم   [ ص: 198 ] قدره عند الصحابة ، وعلم ، عليه الصلاة والسلام ، أنهم لا يعدلون به أحدا بعده ، وكذلك وقع الأمر ، ولهذا يذكر هذا الحديث في دلائل النبوة ، كما تقدم ذكرنا له غير مرة في مواضع من هذا الكتاب . 
وهذا المقام الذي نحن فيه من هذا القبيل ، وهو أن الشيء قد يكون ظهوره كافيا عن التنصيص عليه ، وأن الأمر أظهر وأوضح وأجلى من أن يحتاج معه إلى زيادة إيضاح على ما في القلوب مستقر ، فالدجال واضح الذم ظاهر النقص بالنسبة إلى المقام الذي يدعيه من الربوبية ، فترك الله ذكره والنص عليه; لما يعلم تعالى من عباده المؤمنين أن مثل الدجال لا يخفى ضلاله عليهم ولا يهيضهم ، ولا يزيدهم إلا إيمانا وتسليما لله ولرسوله ، وتصديقا للحق ، وردا للباطل . 
ولهذا يقول ذلك المؤمن الذي يسلط عليه الدجال فيقتله ، ثم يحييه : والله ما ازددت فيك إلا بصيرة ، أنت الأعور الكذاب الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولا يلزم من هذا أنه سمع خبر الدجال من رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاها . 
وقد أخذ بظاهره إبراهيم بن محمد بن سفيان  الفقيه الراوي للصحيح عن مسلم ،  فحكى عن بعضهم أنه الخضر ،  عليه السلام ، وحكاه القاضي عياض  عن معمر  في " جامعه " . 
 [ ص: 199 ] وقد قال أحمد  في " مسنده " ، وأبو داود  في " سننه " ،  والتزمذي  في " جامعه " ، بإسنادهم إلى أبي عبيدة  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لعله سيدركه من رآني ، وسمع كلامي " . وهذا مما قد يتقوى به بعض من يقول بهذا ، ولكن في إسناده غرابة ، ولعل هذا كان قبل أن يبين له صلى الله عليه وسلم من أمر الدجال ما بين في ثاني الحال . والله تعالى أعلم . 
وقد ذكرنا في قصة الخضر  كلام الناس في حياته ، ودللنا على وفاته بأدلة أسلفناها هنالك ، فمن أراد الوقوف عليها فليتأملها في قصص الأنبياء من كتابنا هذا . والله أعلم بالصواب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					