[ ص: 562 ] قصة غورث بن الحارث  
قال ابن إسحاق  في هذه الغزوة : حدثني  عمرو بن عبيد  ، عن الحسن  ، عن  جابر بن عبد الله  أن رجلا من بني محارب  يقال له : غورث    . قال لقومه من غطفان  ومحارب    : ألا أقتل لكم محمدا ؟  قالوا : بلى ، وكيف تقتله ؟ قال : أفتك به . قال : فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس ، وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره ، فقال : يا محمد  ، أنظر إلى سيفك هذا ؟ قال : نعم . فأخذه فاستله ثم جعل يهزه ويهم ، فيكبته الله . ثم قال : يا محمد  ، أما تخافني ؟ قال : لا ، وما أخاف منك ؟ قال : أما تخافني وفي يدي السيف ؟ قال : لا ، يمنعني الله منك . ثم عمد إلى سيف النبي صلى الله عليه وسلم ، فرده عليه ، فأنزل الله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون    [ المائدة : 11 ] 
قال ابن إسحاق :  وحدثني يزيد بن رومان  أنها إنما نزلت في عمرو بن   [ ص: 563 ] جحاش أخي بني النضير  وما هم به . هكذا ذكر ابن إسحاق  قصة غورث  هذا ، عن عمرو بن عبيد القدري  رأس الفرقة الضالة ، وهو وإن كان لا يتهم بتعمد الكذب في الحديث ، إلا أنه ممن لا ينبغي أن يروى عنه ؛ لبدعته ودعائه إليها ، وهذا الحديث ثابت في " الصحيحين " من غير هذا الوجه ، ولله الحمد . 
فقد أورد  الحافظ البيهقي  هاهنا طرقا لهذا الحديث من عدة أماكن ، وهي ثابتة في " الصحيحين " من حديث الزهري  ، عن سنان بن أبي سنان  ، وأبي سلمة  ، عن جابر  أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة نجد  ، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أدركته القائلة في واد كثير العضاه ، فتفرق الناس يستظلون بالشجر ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت ظل شجرة ، فعلق بها سيفه ، قال جابر    : فنمنا نومة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا ، فأجبناه ، وإذا عنده أعرابي جالس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم ، فاستيقظت وهو في يده صلتا ، فقال : من يمنعك مني ؟ قلت : الله ، فقال : من يمنعك مني ؟ قلت : الله ، فشام السيف وجلس ولم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فعل ذلك .   [ ص: 564 ] 
وقد رواه مسلم  أيضا عن أبي بكر بن أبي شيبة  ، عن عفان  ، عن أبان  ، عن  يحيى بن أبي كثير  ، عن أبي سلمة  ، عن جابر  قال : أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع  وكنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءه رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بشجرة ، فأخذ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترطه ، وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : تخافني ؟ قال : لا ، قال : فمن يمنعك مني ؟ قال : الله يمنعني منك . قال : فتهدده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأغمد السيف وعلقه . قال : ونودي بالصلاة ، فصلى بطائفة ركعتين ، ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين . قال : فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان . وقد علقه  البخاري  بصيغة الجزم ، عن أبان  به . 
قال  البخاري    : وقال مسدد  ، عن أبي عوانة  ، عن أبي بشر    : إن اسم الرجل غورث بن الحارث    . 
وأسند  البيهقي  من طريق أبي عوانة  ، عن أبي بشر  ، عن سليمان بن قيس  ، عن جابر  قال : قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب  خصفة بنخل ، فرأوا من المسلمين غرة ، فجاء رجل منهم يقال له : غورث بن الحارث    .   [ ص: 565 ] حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف ، وقال : من يمنعك مني ؟ قال : الله . فسقط السيف من يده ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف وقال : من يمنعك مني ؟ فقال : كن خير آخذ . قال : تشهد أن لا إله إلا الله ؟ قال : لا ، ولكن أعاهدك على أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك . فخلى سبيله ، فأتى أصحابه ، فقال : جئتكم من عند خير الناس . ثم ذكر صلاة الخوف ، وأنه صلى أربع ركعات ، بكل طائفة ركعتين . وقد أورد  البيهقي  هنا طرق صلاة الخوف بذات الرقاع  عن صالح بن خوات بن جبير  ، عن سهل بن أبي حثمة  وحديث الزهري  ، عن سالم  عن أبيه في صلاة الخوف بنجد  وموضع ذلك كتاب " الأحكام " . والله تعالى أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					