وأما إماؤه عليه الصلاة والسلام
فمنهن أمة الله بنت رزينة . الصحيح أن الصحبة لأمها رزينة كما سيأتي ، ولكن وقع في رواية ابن أبي عاصم حدثنا عقبة بن مكرم ، ثنا محمد بن موسى ، حدثتنا عليلة بنت الكميت العتكية قالت حدثتني أمي ، عن أمة الله خادم النبي صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبى صفية يوم قريظة والنضير ، فأعتقها وأمهرها رزينة أم أمة الله . وهذا حديث غريب جدا .
ومنهن أميمة . قال : وهي مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، روى حديثها ابن الأثير أهل الشام . روى عنها جبير بن نفير . أنها كانت توضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتاه رجل يوما فقال له : أوصني . فقال : " لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت أو حرقت بالنار ، ولا تدع صلاة متعمدا ، فمن تركها فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله ، ولا تشربن مسكرا ; فإنه رأس كل خطيئة ، ولا تعصين والديك [ ص: 284 ] وإن أمراك أن تختلي من أهلك ودنياك "
ومنهن ، بركة أم أيمن وأم . وهي أسامة بن زيد بن حارثة بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصين بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان الحبشية ، غلب عليها كنيتها أم أيمن ، وهو ابنها من زوجها الأول عبيد بن زيد الحبشي ، ثم تزوجها بعده فولدت له زيد بن حارثة ، أسامة بن زيد ، وتعرف بأم الظباء ، وقد هاجرت الهجرتين رضي الله عنها ، وهي حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أمه آمنة بنت وهب . وقد كانت ممن ورثها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيه ، قاله الواقدي . وقال غيره : بل ورثها من أمه . وقيل : بل كانت لأخت خديجة فوهبتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وآمنت قديما وهاجرت ، وتأخرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وتقدم ما ذكرناه من زيارة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، إياها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنها بكت ، فقالا لها : أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : بلى ، ولكن أبكي لأن الوحي قد انقطع من السماء . فجعلا يبكيان معها .
وقال في " التاريخ " : وقال البخاري عبد الله بن يوسف ، عن ابن وهب ، عن عن يونس بن يزيد ، الزهري قال : كانت أم أيمن تحضن النبي صلى الله عليه وسلم حتى كبر ، فأعتقها ، ثم زوجها وتوفيت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر ، [ ص: 285 ] وقيل : إنها بقيت بعد قتل زيد بن حارثة ، عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه . وقد رواه مسلم ، عن أبي الطاهر ، وحرملة ، كلاهما عن ابن وهب ، عن يونس ، عن الزهري قال : كانت . فذكره . أم أيمن الحبشية
وقال محمد بن سعد عن الواقدي : توفيت أم أيمن في أول خلافة عثمان بن عفان ، رضي الله عنه .
قال الواقدي : وأنبأنا يحيى بن سعيد بن دينار ، عن شيخ من بني سعد بن بكر قال : " يا أمه " . وكان إذا نظر إليها قال : " هذه بقية أهل بيتي " لأم أيمن . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
وقال أبو بكر بن أبي خيثمة : أخبرني سليمان بن أبي شيخ قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " أم أيمن أمي بعد أمي " .
وقال الواقدي عن أصحابه المدنيين قالوا : نظرت أم أيمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يشرب ، فقالت : اسقني . فقالت عائشة : يا أم أيمن ، أتقولين هذا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ! فقالت : ما خدمته أطول . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدقت " . فجاء بالماء فسقاها .
[ ص: 286 ] وقال المفضل بن غسان : حدثنا ثنا أبي قال : سمعت وهب بن جرير عثمان بن القاسم قال : لما أم أيمن أمست بالمنصرف دون الروحاء وهي صائمة ، فأصابها عطش شديد حتى جهدها . قال ، فدلي عليها دلو من السماء برشاء أبيض فيه ماء . قالت : فشربت فما أصابني عطش بعد ، وقد تعرضت للعطش بالصوم وفي الهواجر ، فما عطشت بعد . هاجرت
وقال الحافظ أبو يعلى : ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، ثنا سلم بن قتيبة ، عن الحسين بن حريث ، عن يعلى بن عطاء ، عن الوليد بن عبد الرحمن ، عن أم أيمن قالت : أم أيمن ، صبي ما في الفخارة " فقمت ليلة وأنا عطشى فغلطت فشربت ما فيها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أم أيمن ، صبي ما في الفخارة " فقالت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قمت وأنا عطشى ، فشربت ما فيها . فقال : " إنك لن تشتكي بطنك بعد يومك هذا أبدا " . كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فخارة يبول فيها ، فكان إذا أصبح يقول : " يا
قال في " الغابة " : وروى ابن الأثير عن حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، حكيمة بنت أميمة ، عن أمها أميمة بنت رقيقة قالت : بركة فشربته ، [ ص: 287 ] فطلبه فلم يجده ، فقيل : شربته بركة . فقال : " لقد احتظرت من النار بحظار " قال الحافظ كان للنبي صلى الله عليه وسلم قدح من عيدان يبول فيه ، يضعه تحت السرير ، فجاءت امرأة اسمها أبو الحسن بن الأثير : وقيل إن التي شربت بوله عليه الصلاة والسلام ، إنما هي التي قدمت مع بركة الحبشية أم حبيبة من الحبشة . وفرق بينهما . فالله أعلم .
قلت : فأما بريرة فإنها كانت لآل أبي أحمد بن جحش ، فكاتبوها فاشترتها عائشة رضي الله عنها منهم فأعتقتها فثبت ولاؤها لها ، كما ورد الحديث بذلك في " الصحيحين " ، ولم يذكرها . ابن عساكر
ومنهن خضرة . ذكرها ابن منده فقال : روى معاوية بن هشام ، عن سفيان ، عن عن أبيه قال : جعفر بن محمد ، خضرة . كان للنبي صلى الله عليه وسلم خادم يقال لها :
وقال محمد بن سعد عن الواقدي ، ثنا فائد مولى عبيد الله ، عن عبيد الله بن علي بن أبي رافع ، عن جدته سلمى قالت : كان خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وخضرة ورضوى وميمونة بنت سعد ، أعتقهن رسول الله [ ص: 288 ] صلى الله عليه وسلم كلهن ، رضي الله عنهن .
ومنهن ، خليسة مولاة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما . قال في " الغابة " : روت حديثها ابن الأثير ، عليلة بنت الكميت ، عن جدتها ، عن خليسة مولاة حفصة ، في قصة حفصة مع وعائشة ومزحهما معها بأن سودة بنت زمعة ، الدجال قد خرج ، فاختبأت في بيت كانوا يوقدون فيه ، واستضحكتا ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ما شأنكما ؟ " . فأخبرتاه بما كان من أمر سودة ، فذهب إليها ، فقالت : يا رسول الله ، أخرج الدجال ؟ فقال : " لا " . وكان قد خرج فخرجت ، وجعلت تنفض عنها بيض العنكبوت . وذكر ابن الأثير ، خليسة مولاة سلمان الفارسي وقال : لها ذكر في إسلام سلمان ، رضي الله عنهما ، وإعتاقها إياه ، وتعويضه عليه الصلاة والسلام لها بأن غرس لها ثلاثمائة فسيلة . ذكرتها تمييزا .
ومنهن خولة خادم النبي صلى الله عليه وسلم . كذا قال وقد روى حديثها الحافظ ابن الأثير ، أبو نعيم من طريق حفص بن سعيد القرشي ، عن أمه ، عن أمها خولة ، وكانت خادم النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر حديثا في تأخر الوحي بسبب جرو كلب مات تحت سريره عليه الصلاة والسلام ولم يشعروا به ، فلما أخرجه جاء الوحي ، فنزل قوله تعالى : والضحى والليل إذا سجى وهذا غريب ، [ ص: 289 ] والمشهور في سبب نزولها غير ذلك . والله أعلم .
ومنهن رزينة . قال : والصحيح أنها كانت ابن عساكر . وكانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم . لصفية بنت حيي
قلت : وقد تقدم في ترجمة ابنتها أمة الله أنه عليه الصلاة والسلام أمهر أمها صفية بنت حيي رزينة ، فعلى هذا يكون أصلها له عليه الصلاة والسلام .
وقال الحافظ أبو يعلى : ثنا أبو سعيد الجشمي ، حدثتنا عليلة بنت الكميت قالت : سمعت أمي أمينة قالت : حدثتني أمة الله بنت رزينة ، عن أمها رزينة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبى صفية يوم قريظة والنضير حين فتح الله عليه ، فجاء بها يقودها سبية ، فلما رأت النساء قالت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله . فأرسلها وكان ذراعها في يده ، فأعتقها ، ثم خطبها وتزوجها ، وأمهرها رزينة . هكذا وقع في هذا السياق ، وهو أجود مما سبق من رواية ابن أبي عاصم ، ولكن الحق أنه عليه الصلاة والسلام اصطفى صفية من غنائم خيبر وأنه أعتقها وجعل عتقها صداقها . وما وقع في هذه الرواية يوم قريظة والنضير تخبيط ; فإنهما يومان ، بينهما سنتان . والله أعلم .
وقال الحافظ في " الدلائل " : أخبرنا أبو بكر البيهقي ابن عبدان أنبأنا [ ص: 290 ] أحمد بن عبيد الصفار ، ثنا علي بن الحسن السكري ، ثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، حدثتنا عليلة بنت الكميت العتكية ، عن أمها أمينة قالت : لأمة الله بنت رزينة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أمة الله ، أسمعت أمك تذكر أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر صوم عاشوراء ؟ قالت : نعم ، كان يعظمه ويدعو برضعائه ورضعاء ابنته فاطمة ، فيتفل في أفواههم ، ويقول لأمهاتهم : " لا ترضعيهم إلى الليل " له شاهد في الصحيح قلت
ومنهن رضوى . قال : روى ابن الأثير عن سعيد بن بشير ، قتادة عن رضوى بنت كعب ، أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحائض تختضب ، فقال : " ما بذلك بأس " رواه أبو موسى المديني .
ومنهن ريحانة بنت شمعون القرظية . وقيل : النضرية . وقد تقدم ذكرها بعد أزواجه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن .
ومنهن زرينة . بتقديم الزاي . والصحيح رزينة كما تقدم .
ومنهن سائبة مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . روت عنه حديثا في اللقطة ، وعنها طارق بن عبد الرحمن ، روى حديثها أبو موسى المديني . هكذا ذكر في " الغابة " . ابن الأثير
[ ص: 291 ] ومنهن سديسة الأنصارية . وقيل : مولاة روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : حفصة بنت عمر ، عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه قال إن الشيطان لم يلق : رواه ابن الأثير عبد الرحمن بن الفضل بن الموفق ، عن أبيه ، عن إسرائيل ، عن الأوزاعي ، عن سالم عن سديسة ، ورواه إسحاق بن يسار ، عن الفضل ، فقال : عن سديسة ، عن حفصة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . فذكره . رواه أبو نعيم وابن منده .
ومنهن سلامة حاضنة إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم . روت عنه حديثا في فضل الحمل والطلق والرضاع والسهر ، فيه غرابة ونكارة من جهة إسناده ومتنه ، رواه أبو نعيم ، وابن منده من حديث هشام بن عمار بن نصير خطيب دمشق عن أبيه عن عمرو بن سعيد الخولاني ، عن أنس عنها . ذكرها ابن الأثير .
ومنهن سلمى . وهي أم رافع امرأة أبي رافع ، كما رواه الواقدي عنها ، أنها قالت : كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وخضرة ورضوى وميمونة بنت سعد ، فأعتقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كلنا .
قال الإمام أحمد : حدثنا أبو عامر ، وأبو سعيد مولى بني هاشم ، ثنا عبد [ ص: 292 ] الرحمن بن أبي الموالي ، عن فائد مولى ابن أبي رافع ، عن علي بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن جدته سلمى خادم النبي صلى الله عليه وسلم قالت : ما سمعت أحدا قط يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا في رأسه إلا قال : " احتجم " . ولا وجعا في رجليه إلا قال : " اخضبهما بالحناء " وهكذا رواه أبو داود من حديث ابن أبي الموالي ، والترمذي من حديث وابن ماجه كلاهما عن زيد بن الحباب ، فائد ، عن مولاه عبيد الله بن علي بن أبي رافع ، عن جدته سلمى به . وقال الترمذي : غريب إنما نعرفه من حديث فائد . وقد روت عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يطول ذكرها واستقصاؤها . قال مصعب الزبيري وقد شهدت سلمى وقعة خيبر .
قلت : وقد ورد أنها كانت تطبخ للنبي صلى الله عليه وسلم الحريرة فتعجبه . وقد تأخرت إلى بعد موته عليه الصلاة والسلام ، وشهدت وفاة فاطمة رضي الله عنها ، وقد كانت أولا عمته عليه الصلاة والسلام ، ثم [ ص: 293 ] صارت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت قابلة أولاد لصفية بنت عبد المطلب فاطمة ، وهي التي قبلت إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد شهدت غسل فاطمة رضي الله عنها ، وغسلتها مع زوجها علي بن أبي طالب امرأة وأسماء بنت عميس الصديق .
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا أبو النضر ، ثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبيد الله بن علي بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن سلمى قالت : اشتكت فاطمة عليها السلام ، شكواها الذي قبضت فيه ، فكنت أمرضها ، فأصبحت يوما كأمثل ما رأيتها في شكواها تلك . قالت : وخرج علي لبعض حاجته ، فقالت : يا أمه ، اسكبي لي غسلا . فسكبت لها غسلا ، فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ، ثم قالت : يا أمه ، أعطني ثيابي الجدد . فأعطيتها فلبستها ، ثم قالت : يا أمه ، قدمي لي فراشي وسط البيت . ففعلت ، واضطجعت ، فاستقبلت القبلة وجعلت يدها تحت خدها ، ثم قالت : يا أمه ، إني مقبوضة الآن ، وقد تطهرت فلا يكشفني أحد . فقبضت مكانها . قالت ، فجاء علي فأخبرته . وهو غريب جدا .
ومنهن سيرين - ويقال : شيرين - أخت مارية القبطية ، خالة إبراهيم عليه السلام . وقد قدمنا أن المقوقس صاحب إسكندرية ، واسمه [ ص: 294 ] جريج بن مينا ، أهداهما مع غلام اسمه مأبور ، وبغلة يقال لها : الدلدل . فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فولدت له ابنه لحسان بن ثابت ، عبد الرحمن بن حسان .
ومنهن عنقودة أم صبيح الحبشية جارية عائشة . كان اسمها عنبة ، فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم عنقودة . رواه أبو نعيم . ويقال : اسمها غفيرة .
فروة ظئر النبي صلى الله عليه وسلم - يعني مرضعه - قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا أويت إلى فراشك فاقرئي " قل يا أيها الكافرون " فإنها براءة من الشرك " ذكرها أبو أحمد العسكري . قاله في " الغابة " . ابن الأثير
فأما فضة النوبية . فقد ذكر في " الغابة " أنها كانت مولاة ابن الأثير لفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أورد بإسناد مظلم ، عن محبوب بن حميد البصري ، عن القاسم بن بهرام ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى : ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا [ الإنسان : 8 ] . ثم [ ص: 295 ] ذكر ما مضمونه ، أن الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعادهما عامة العرب ، فقالوا لعلي : لو نذرت ؟ فقال علي : إن برئا مما بهما صمت لله ثلاثة أيام . وقالت : فاطمة كذلك ، وقالت فضة كذلك . فألبسهما الله العافية فصاموا . وذهب علي ، فاستقرض من شمعون الخيبري ثلاثة آصع من شعير ، فهيئوا منه تلك الليلة صاعا ، فلما وضعوه بين أيديهم للعشاء ، وقف على الباب سائل فقال : أطعموا المسكين ، أطعمكم الله على موائد الجنة . فأمرهم علي فأعطوه ذلك الطعام وطووا ، فلما كانت الليلة الثانية صنعوا لهم الصاع الآخر ، فلما وضعوه بين أيديهم وقف سائل فقال : أطعموا اليتيم . فأعطوه ذلك وطووا . فلما كانت الليلة الثالثة قال : أطعموا الأسير . فأعطوه وطووا ثلاثة أيام وثلاث ليال . فأنزل الله في حقهم هل أتى على الإنسان [ الإنسان : 1 ] إلى قوله : لا نريد منكم جزاء ولا شكورا [ الإنسان : 9 ] وهذا الحديث منكر ، ومن الأئمة من يجعله موضوعا ، ويسند ذلك إلى ركة ألفاظه ، وأن هذه السورة مكية ، والحسن والحسين إنما ولدا بالمدينة . والله أعلم .
ليلى مولاة عائشة . قالت : يا رسول الله ، إنك تخرج من الخلاء فأدخل في أثرك فلم أر شيئا ، إلا أني أجد ريح المسك . فقال : " إنا معشر الأنبياء تنبت أجسادنا على أرواح أهل الجنة ، فما خرج منا من نتن ابتلعته الأرض " [ ص: 296 ] رواه أبو نعيم من حديث أبي عبد الله المدني - وهو أحد المجاهيل - عنها .
، مارية القبطية أم إبراهيم عليه السلام . تقدم ذكرها مع أمهات المؤمنين . وقد فرق بينها وبين ابن الأثير مارية أم الرباب ، قال وهي جارية للنبي صلى الله عليه وسلم أيضا . حديثها عند أهل البصرة رواه عبد الله بن حبيب ، عن أم سليمان ، عن أمها ، مارية قالت : تطأطأت للنبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد حائطا ليلة فر من المشركين . ثم قال : عن جدتها ومارية خادم النبي صلى الله عليه وسلم . روى أبو بكر بن عياش ، عن المثنى بن صالح ، عن جدته مارية - وكانت خادم النبي صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : . قال ما مسست بيدي شيئا قط ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو عمر بن عبد البر في " الاستيعاب " : لا أدري أهي التي قبلها أم لا ؟
ومنهن ميمونة بنت سعد . قال الإمام أحمد : حدثنا علي بن بحر ، ثنا عيسى ، هو ابن يونس ، ثنا ثور ، هو ابن يزيد ، عن زياد بن أبي سودة ، عن أخيه ، أن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت : يا رسول الله ، أفتنا في بيت المقدس . قال : " أرض المنشر والمحشر ، ائتوه فصلوا فيه ، فإن صلاة فيه كألف صلاة فيما سواه " قالت : أرأيت من لم يطق أن يتحمل إليه أو يأتيه ؟ قال : [ ص: 297 ] " فليهد إليه زيتا يسرج فيه ، فإنه من أهدى له كان كمن صلى فيه " وهكذا رواه ابن ماجه ، عن إسماعيل بن عبد الله الرقي ، عن عيسى بن يونس ، عن ثور ، عن زياد ، عن أخيه عثمان بن أبي سودة ، عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم . وقد رواه أبو داود ، عن النفيلي ، عن مسكين بن بكير ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن زياد ، عن ميمونة ، لم يذكر أخاه . فالله أعلم .
وقال أحمد : حدثنا حسين وأبو نعيم ، قالا : ثنا إسرائيل ، عن زيد بن جبير ، عن أبي يزيد الضبي ، عن ميمونة بنت سعد مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ولد الزنا ، قال : " لا خير فيه ، نعلان أجاهد بهما في سبيل الله ، أحب إلي من أن أعتق ولد الزنا " وهكذا رواه عن النسائي عباس الدوري ، من حديث وابن ماجه أبي بكر بن أبي شيبة ، كلاهما عن به . وقال الحافظ أبي نعيم الفضل بن دكين أبو يعلى الموصلي : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا المحاربي ، ثنا موسى بن عبيدة ، عن أيوب بن خالد ، عن ميمونة - وكانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم - قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الرافلة في الزينة ، [ ص: 298 ] في غير أهلها كالظلمة يوم القيامة لا نور لها " ورواه الترمذي من حديث موسى بن عبيدة . وقال : لا نعرفه إلا من حديثه ، وهو يضعف في الحديث ، وقد رواه بعضهم عنه فلم يرفعه .
ومنهن أو بنت عنبسة . ميمونة بنت أبي عنبسة قاله أبو عمر وابن منده . قال أبو نعيم : وهو تصحيف ، والصواب ميمونة بنت أبي عسيب ، كذلك روى حديثها المنتجع بن مصعب أبو عبد الله العبدي ، عن ربيعة بنت يزيد ، وكانت تنزل في بني قريع ، عن منبه ، عن ميمونة بنت أبي عسيب - وقيل : بنت أبي عنبسة - مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ، عائشة ، أغيثيني بدعوة من رسول الله صلى الله عليه وسلم تسكنيني بها ، وتطمنيني بها . وأنه قال لها : " ضعي يدك اليمنى على فؤادك فامسحيه ، وقولي : بسم الله ، اللهم داوني بدوائك ، واشفني بشفائك ، وأغنني بفضلك عمن سواك " قالت ربيعة : فدعوت به فوجدته جيدا . أن امرأة من جرش أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا
[ ص: 299 ] ومنهن أم ضميرة زوج أبي ضميرة . قد تقدم الكلام عليهم رضي الله عنهم .
ومنهن ، أم عياش رضي الله عنها . بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ابنته تخدمها حين زوجها بعثمان بن عفان رضي الله عنهما . قال أبو القاسم البغوي حدثنا هدبة ، ثنا عبد الواحد بن صفوان ، حدثني أبي صفوان ، عن أبيه ، عن جدته أم عياش - وكانت خادم النبي صلى الله عليه وسلم - بعث بها مع ابنته إلى عثمان رضي الله عنهم ، قالت : كنت أمغث لعثمان التمر غدوة فيشربه عشية ، وأنبذه عشية فيشربه غدوة ، فسألني ذات يوم ، فقال : " تخلطين فيه شيئا ؟ " فقلت : أجل . قال : " فلا تعودي " .
فهؤلاء إماؤه رضي الله عنهن .
وقد قال الإمام أحمد : حدثنا ثنا وكيع ، القاسم بن الفضل ، حدثني ثمامة بن حزن قال : عائشة عن النبيذ ، فقالت : هذه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلها . لجارية حبشية ، فقالت : كنت أنبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء عشاء فأوكيه ، فإذا أصبح شرب منه . ورواه سألت مسلم من حديث والنسائي القاسم بن الفضل به . هكذا ذكره أصحاب الأطراف في مسند عائشة ، [ ص: 300 ] والأليق ذكره في مسند جارية حبشية كانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي إما أن تكون واحدة ممن قدمنا ذكرهن ، أو زائدة عليهن . والله تعالى أعلم .