صفة خاتم النبوة الذي بين كتفيه صلوات الله وسلامه عليه  
قال  البخاري    : ثنا محمد بن عبيد الله ،  ثنا حاتم ،  عن الجعيد  قال : سمعت السائب بن يزيد  يقول : ذهبت بي خالتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن ابن أختي وقع ، فمسح رأسي ، ودعا لي بالبركة ، وتوضأ   [ ص: 432 ] فشربت من وضوئه ، ثم قمت خلف ظهره ، فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة    . وهكذا رواه مسلم ،  عن قتيبة   ومحمد بن عباد ،  كلاهما عن حاتم بن إسماعيل  به . 
ثم قال  البخاري    : قال ابن عبيد الله    : الحجلة من حجل الفرس الذي بين عينيه . وقال إبراهيم بن حمزة    : مثل زر الحجلة . قال أبو عبد الله    : الرز ، الراء قبل الزاي . 
وقال مسلم    : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ،  ثنا عبيد الله ،  عن إسرائيل ،  عن سماك ،  أنه سمع  جابر بن سمرة  يقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شمط مقدم رأسه ولحيته ، وكان إذا ادهن لم يتبين ، وإذا شعث رأسه تبين ، وكان كثير شعر اللحية . فقال رجل : وجهه مثل السيف ؟ قال : لا ، بل كان مثل الشمس   [ ص: 433 ] والقمر ، وكان مستديرا ، ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة  يشبه جسده   . 
حدثنا  محمد بن المثنى ،  ثنا محمد بن جعفر ،  ثنا شعبة ،  عن سماك  سمعت  جابر بن سمرة  قال : رأيت خاتما في ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه بيضة حمام   . 
وحدثنا ابن نمير ،  ثنا  عبيد الله بن موسى ،  ثنا حسن بن صالح ،  عن سماك ،  بهذا الإسناد مثله . 
وقال الإمام أحمد    : ثنا عبد الرزاق ،  أنا معمر ،  عن عاصم بن سليمان ،  عن  عبد الله بن سرجس  قال : ترون هذا الشيخ ؟ يعني نفسه ، كلمت نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وأكلت معه ، ورأيت العلامة التي بين كتفيه ، وهي في طرف نغض كتفه اليسرى ، كأنه جمع - يعني الكف المجتمع ، وقال بيده فقبضها - عليه خيلان كهيئة الثآليل   . 
وقال أحمد    : حدثنا  هاشم بن القاسم   وأسود بن عامر ،  قالا : ثنا شريك ،   [ ص: 434 ] عن عاصم ،  عن  عبد الله بن سرجس  قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسلمت عليه ، وأكلت من طعامه ، وشربت من شرابه ، ورأيت خاتم النبوة . قال هاشم    : في نغض كتفه اليسرى ، كأنه جمع فيه خيلان سود ، كأنها الثآليل   . ورواه عن غندر ،  عن شعبة ،  عن عاصم ،  عن  عبد الله بن سرجس ،  فذكر الحديث ، وشك شعبة  في أنه هل هو في نغض الكتف اليمنى أو اليسرى . 
وقد رواه مسلم  من حديث حماد بن زيد   وعلي بن مسهر   وعبد الواحد بن زياد ،  ثلاثتهم عن عاصم ،  عن  عبد الله بن سرجس  قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأكلت معه خبزا ولحما . أو قال : ثريدا . فقلت : يا رسول الله ، غفر الله لك . قال : " ولك " . فقلت له : أستغفر لك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، ولكم . ثم تلا هذه الآية : واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات    [ محمد : 19 ] . قال : ثم درت خلفه فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند نغض كتفه اليسرى جمعا ، عليه خيلان كأمثال الثآليل   . 
وقال  أبو داود الطيالسي    : ثنا قرة بن خالد    : ، ثنا معاوية بن قرة ،  عن أبيه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، أرني الخاتم . فقال " أدخل يدك " . فأدخلت يدي في جربانه ، فجعلت ألمس أنظر إلى الخاتم ، فإذا هو على   [ ص: 435 ] نغض كتفه مثل البيضة ، فما منعه ذاك أن جعل يدعو لي وإن يدي لفي جربانه ورواه  النسائي ،  عن أحمد بن سعيد ،  عن  وهب بن جرير  عن قرة بن خالد  به . 
وقال الإمام أحمد    : ثنا  وكيع ،  ثنا سفيان ،  عن إياد بن لقيط السدوسي ،  عن أبي رمثة التيمي  قال : خرجت مع أبي حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأيت برأسه ردع حناء ، ورأيت على كتفه مثل التفاحة ، فقال أبي : إني طبيب ألا أبطها لك ؟ قال : " طبيبها الذي خلقها " قال : وقال لأبي : " هذا ابنك ؟ " قال : نعم . قال : " أما إنه لا يجني عليك ، ولا تجني عليه "   . 
وقال يعقوب بن سفيان    : ثنا أبو نعيم ،  ثنا عبيد الله بن إياد ،  حدثني أبي ، عن أبي ربيعة  أو رمثة  قال : انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم ، فنظر إلى مثل السلعة بين كتفيه ، فقال : يا رسول الله ، إني كأطب الرجال أفأعالجها لك ؟ قال : " لا ، طبيبها الذي خلقها " .   . 
قال  البيهقي    : وقال الثوري ،  عن إياد بن لقيط  في هذا الحديث : فإذا خلف كتفه مثل التفاحة . 
وقال  عاصم بن بهدلة  عن أبي رمثة    : فإذا في نغض كتفه مثل بعرة البعير   [ ص: 436 ] أو بيضة الحمامة . 
ثم روى  البيهقي  من حديث  سماك بن حرب ،  عن سلامة العجلي ،  عن سلمان الفارسي  قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى رداءه وقال " " يا سلمان ،  انظر إلى ما أمرت به " . قال : فرأيت الخاتم بين كتفيه مثل بيضة الحمامة   . 
وروى يعقوب بن سفيان ،  عن  الحميدي ،  عن يحيى بن سليم ،  عن ابن خثيم ،  عن سعيد بن أبي راشد ،  عن التنوخي  الذي بعثه هرقل  إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو بتبوك ،  فذكر الحديث كما قدمناه في غزوة تبوك  إلى أن قال : فحل حبوته عن ظهره ، ثم قال : ههنا امض لما أمرت به فجلت في ظهره ، فإذا أنا بخاتم في موضع غضروف الكتف مثل المحجمة الضخمة   . 
وقال يعقوب بن سفيان    : ثنا مسلم بن إبراهيم ،  ثنا عبد الله بن ميسرة ،  ثنا عتاب ،  سمعت أبا سعيد  يقول : الخاتم الذي بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم لحمة ناتئة   . 
 [ ص: 437 ] وقال الإمام أحمد    : حدثنا شريج ،  ثنا أبو ليلى عبد الله بن ميسرة الخراساني ،  عن غياث البكري  قال : كنا نجالس  أبا سعيد الخدري  بالمدينة ،  فسألته عن خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان بين كتفيه ، فقال بأصبعه السبابة هكذا : لحم ناشز بين كتفيه صلى الله عليه وسلم   . تفرد به أحمد  من هذا الوجه . حديث غريب جدا رواه  أبو حاتم محمد بن حاتم بن حبان البستي  في " صحيحه " قائلا : أخبرنا نصر بن الفتح بن سالم المربعي العابد  بسمرقند ،  ثنا  رجاء بن مرجى الحافظ ،  ثنا إسحاق بن إبراهيم  قاضي سمرقند  ثنا  ابن جريج ،  عن عطاء ،  عن ابن عمر  قال : كان خاتم النبوة في ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البندقة من لحم ، عليه مكتوب : محمد  رسول الله   . وهذا حديث سكت عليه  ابن حبان ،  وقد دخل على راويه عن  ابن جريج  الوهم ، فإن المكتوب عليه : محمد  رسول الله ، هو خاتمه الذي كان يلبسه في خنصره من الفضة ، فأما خاتم النبوة الذي بين كتفيه فلم يرد فيه شيء من الأحاديث . وبمثل هذا التفرد لا يقبل من رواية ذلك حتى يرويه الثقات ؛ إذ نقل هذا مما تتوفر الدواعي على نقل مثله فلا يقبل فيه تفرد الراوي . والله أعلم . 
 [ ص: 438 ] وقد ذكر الحافظ أبو الخطاب بن دحية المصري  في كتابه " التنوير في مولد البشير النذير " عن أبي عبد الله محمد بن علي بن الحسين بن بشر المعروف بالحكيم الترمذي ،  أنه قال : كان الخاتم الذي بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه بيضة حمامة مكتوب في باطنها : الله وحده . وفي ظاهرها : توجه حيث شئت فإنك منصور . ثم قال : وهذا غريب . واستنكره ، قال : وقيل : كان من نور . ذكره الإمام أبو زكريا يحيى بن مالك بن عائذ  في كتابه " تنقل الأنوار " وحكى أقوالا غريبة غير ذلك ، ومن أحسن ما ذكره ابن دحية ،  رحمه الله ، وغيره من العلماء قبله في الحكمة في كون الخاتم كان بين كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إشارة إلى أنه لا نبي بعدك يأتي من ورائك . قال : وقيل كان على نغض كتفه . لأنه يقال : هو الموضع الذي يدخل الشيطان منه إلى باطن الإنسان . فكان هذا عصمة له عليه الصلاة والسلام من الشيطان . 
قلت : وقد ذكرنا الأحاديث الدالة على أنه لا نبي بعده عليه الصلاة والسلام ، ولا رسول ، عند تفسير قوله تعالى : ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما    [ الأحزاب : 40 ] . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					