[ ص: 694 ] باب تسبيح الحصى في كفه عليه الصلاة والسلام  
قال الحافظ  أبو بكر البيهقي    : أنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان  أنا أحمد بن عبيد الصفار ،  ثنا الكديمي ،  ثنا قريش بن أنس ،  ثنا صالح بن أبي الأخضر ،  عن الزهري ،  عن رجل يقال له : سويد بن يزيد السلمي    . قال : سمعت أبا ذر  يقول : لا أذكر عثمان  إلا بخير بعد شيء رأيته ؛ كنت رجلا أتتبع خلوات رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته يوما جالسا وحده ، فاغتنمت خلوته فجئت حتى جلست إليه ، فجاء أبو بكر  فسلم عليه ، ثم جلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم جاء عمر  فسلم وجلس عن يمين أبي بكر ،  ثم جاء عثمان  فسلم ، وجلس عن يمين عمر ،  وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع حصيات . أو قال : تسع حصيات . فأخذهن في كفه فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ، ثم وضعهن ، فخرسن ، ثم أخذهن فوضعهن في يد أبي بكر  فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ، ثم وضعهن فخرسن ، ثم تناولهن فوضعهن في يد عمر  فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ، ثم وضعهن فخرسن ، ثم تناولهن فوضعهن في يد عثمان  فسبحن حتى سمعت لهن حنينا كحنين النحل ، ثم وضعهن فخرسن ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هذه خلافة النبوة   " . قال  البيهقي    :   [ ص: 695 ] وكذلك رواه  محمد بن بشار ،  عن قريش بن أنس ،  عن صالح بن أبي الأخضر ،  وصالح  لم يكن حافظا ، والمحفوظ رواية شعيب بن أبي حمزة ،  عن الزهري ،  قال : ذكر الوليد بن سويد ،  أن رجلا من بني سليم  كبير السن كان ممن أدرك أبا ذر  بالربذة ، ذكر له هذا الحديث عن أبي ذر  هكذا . 
قال  البيهقي    : وقد قال محمد بن يحيى الذهلي  في " الزهريات " التي جمع فيها أحاديث الزهري    : حدثنا أبو اليمان ،  ثنا شعيب ،  عن الزهري  قال : ذكر الوليد بن سويد  أن رجلا من بني سليم  كبير السن كان ممن أدرك أبا ذر  بالربذة ،  ذكر أنه بينما هو قاعد يوما في ذلك المجلس ، وأبو ذر  في المجلس إذ ذكر عثمان بن عفان  يقول السلمي : فأنا أظن أن في نفس أبي ذر  على عثمان  معتبة ؛ لإنزاله إياه بالربذة . فلما ذكر له عثمان  عرض له أهل العلم بذلك ، وهو يظن أن في نفسه عليه معتبة ، فلما ذكره قال : لا تقل في عثمان  إلا خيرا ، فإني أشهد لقد رأيت منه منظرا ، وشهدت منه مشهدا لا أنساه حتى أموت ؛ كنت رجلا ألتمس خلوات النبي صلى الله عليه وسلم : لأسمع منه أو لآخذ عنه ، فهجرت يوما من الأيام ، فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من بيته فسألت عنه الخادم ، فأخبرني أنه في بيت ، فأتيته وهو جالس ليس عنده أحد من الناس ، وكأني حينئذ أرى أنه في وحي ، فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال : " ما جاء بك " فقلت : جاء بي الله ورسوله . فأمرني   [ ص: 696 ] أن أجلس ، فجلست إلى جنبه ، لا أسأله عن شيء ولا يذكره لي ، فمكثت غير كثير ، فجاء أبو بكر  يمشي مسرعا فسلم عليه ، فرد السلام ، ثم قال : " ما جاء بك ؟ " قال : جاء بي الله ورسوله . فأشار بيده أن اجلس ، فجلس إلى ربوة مقابل النبي صلى الله عليه وسلم ، بينه وبينها الطريق ، حتى إذا استوى أبو بكر  جالسا ، فأشار بيده فجلس إلى جنبي عن يميني ، ثم جاء عمر  ففعل مثل ذلك ، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ، وجلس إلى جنب أبي بكر  على تلك الربوة ، ثم جاء عثمان  فسلم فرد السلام ، وقال : " ما جاء بك ؟ " قال : جاء بي الله ورسوله . فأشار إليه بيده فقعد إلى الربوة ، ثم أشار بيده فقعد إلى جنب عمر ،  فتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة لم أفقه أولها غير أنه قال : " قليل ما يبقين " . ثم قبض على حصيات سبع أو تسع أو قريب من ذلك ، فسبحن في يده حتى سمع لهن حنين كحنين النحل ، في كف النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم ناولهن أبا بكر  وجاوزني فسبحن في كف أبي بكر  كما سبحن في كف النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أخذهن منه فوضعهن في الأرض فخرسن فصرن حصا ، ثم ناولهن عمر  فسبحن في كفه كما سبحن في كف أبي بكر ،  ثم أخذهن فوضعهن في الأرض فخرسن ، ثم ناولهن عثمان  فسبحن في كفه نحو ما سبحن في كف أبي بكر  وعمر ،  ثم أخذهن فوضعهن في الأرض فخرسن   . قال الحافظ  ابن عساكر    : رواه صالح بن أبي الأخضر ،  عن الزهري ،  فقال : عن رجل يقال له : سويد بن يزيد السلمي    . وقول شعيب  أصح . 
 [ ص: 697 ] وقال أبو نعيم  في كتاب " دلائل النبوة " : وقد روى  داود بن أبي هند ،  عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي ،  عن  جبير بن نفير ،  عن أبي ذر  مثله . ورواه  شهر بن حوشب   وسعيد بن المسيب ،  عن أبي سعيد    . قال : وفيه عن  أبي هريرة    . 
وقد تقدم ما رواه  البخاري  عن ابن مسعود ،  رضي الله عنه ، أنه قال : ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل . 
حديث آخر في ذلك : روى الحافظ  البيهقي  من حديث عبد الله بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص  قال : حدثني أبو أمي مالك بن حمزة بن أبي أسيد الساعدي ،  عن أبيه ، عن جده  أبي أسيد الساعدي  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  للعباس بن عبد المطلب    : " يا أبا الفضل ،  لا ترم منزلك غدا أنت وبنوك حتى آتيكم ؛ فإن لي فيكم حاجة " . فانتظروه حتى جاء بعد ما أضحى ، فدخل عليهم فقال : " السلام عليكم " . قالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته . قال : " كيف أصبحتم ؟ " قالوا : أصبحنا بخير نحمد الله ، فكيف أصبحت بأبينا وأمنا أنت يا رسول الله ؟ قال : " أصبحت بخير أحمد الله " . فقال لهم : " تقاربوا ، تقاربوا يزحف بعضكم إلى بعض " . حتى إذا أمكنوه اشتمل عليهم بملاءته ، وقال : " يا رب ، هذا عمي وصنو أبي ، وهؤلاء أهل بيتي   [ ص: 698 ] فاسترهم من النار كستري إياهم بملاءتي هذه " . قال : فأمنت أسكفة الباب وحوائط البيت فقالت : آمين آمين آمين . وقد رواه أبو عبد الله بن ماجه  في " سننه " مختصرا ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروي ،  عن عبد الله بن عثمان بن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص الوقاصي الزهري ،  روى عنه جماعة . وقد قال ابن معين    : لا أعرفه . وقال أبو حاتم    : يروي أحاديث مشبهة . 
حديث آخر : قال الإمام أحمد    : ثنا يحيى بن أبي بكير ،  ثنا  إبراهيم بن طهمان ،  حدثني  سماك بن حرب ،  عن  جابر بن سمرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لأعرف حجرا بمكة  كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن ورواه مسلم  عن أبي بكر بن أبي شيبة ،  عن يحيى بن أبي بكير  به . ورواه  أبو داود الطيالسي ،  عن سليمان بن معاذ ،  عن سماك  به . 
حديث آخر : قال الترمذي    : ثنا  عباد بن يعقوب الكوفي ،  ثنا الوليد بن أبي ثور ،  عن  السدي ،  عن عباد بن أبي يزيد ،  عن علي بن أبي طالب  قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ،  فخرجنا في بعض نواحيها ، فما استقبله جبل ولا شجر إلا   [ ص: 699 ] قال : السلام عليك يا رسول الله   . ثم قال : وهذا حديث حسن غريب ، وقد رواه غير واحد عن الوليد بن أبي ثور ،  وقالوا : عن عباد بن أبي يزيد    . منهم فروة بن أبي المغراء    . 
ورواه الحافظ أبو نعيم  من حديث زياد بن خيثمة ،  عن  السدي ،  عن أبي عمارة الخيواني ،  عن علي  قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل لا يمر على حجر ولا شجر إلا سلم عليه   . 
وقدمنا في المبعث أنه عليه الصلاة والسلام ، لما رجع وقد أوحي إليه ، جعل لا يمر بحجر ولا شجر ولا مدر ولا شيء إلا قال له : السلام عليك يا رسول الله وذكرنا في وقعة بدر ووقعة حنين رميه عليه الصلاة والسلام ، بتلك القبضة من التراب ، وأمره أصحابه أن يتبعوها بالحملة الصادقة ، فيكون النصر والظفر والتأييد عقب ذلك سريعا ، أما في وقعة بدر فقد قال الله تعالى في سياقها في سورة الأنفال : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى  الآية [ الأنفال : 17 ] . وأما في غزوة حنين فقد ذكرناه في الأحاديث بأسانيده وألفاظه بما أغنى عن إعادته هاهنا ولله الحمد والمنة . 
حديث آخر : وذكرنا في غزوة الفتح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل المسجد الحرام ، فوجد الأصنام حول الكعبة ، فجعل يطعنها بشيء في يده ، ويقول : " جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ، قل جاء الحق وما يبدئ الباطل   [ ص: 700 ] وما يعيد " وفي رواية : أنه جعل لا يشير إلى صنم منها إلا خر لقفاه . وفي رواية : إلا سقط . 
وقال  البيهقي    : أنا أبو عبد الله الحافظ  وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ،  قالا : ثنا  أبو العباس محمد بن يعقوب ،  ثنا بحر بن نصر  وأحمد بن عيسى اللخمي ،  قالا : ثنا بشر بن بكر ،  أنا الأوزاعي ،  عن ابن شهاب ،  أنه قال : أخبرني  القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ،  عن عائشة  قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مستترة بقرام فيه صورة فهتكه ، ثم قال : " إن أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله " قال الأوزاعي    : وقالت عائشة    : أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بترس فيه تمثال عقاب ، فوضع عليه يده ، فأذهبه الله ، عز وجل . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					