[ ص: 270 ]
ثم دخلت سنة أربع وخمسين
وفيها شتى محمد بن مالك بأرض الروم ، الصائفة معن بن يزيد السلمي . وفيها وغزا معاوية سعيد بن العاص عن إمرة المدينة ، ورد إليها عزل وكتب إليه أن يهدم دار مروان بن الحكم سعيد بن العاص ، ويصطفي أمواله التي بأرض الحجاز ، فجاء مروان إلى دار سعيد ليهدمها فقال سعيد : ما كنت لتفعل ذلك . فقال : إن أمير المؤمنين كتب إلي بذلك ، ولو كتب إليك في داري لفعلته . فقام سعيد ، فأخرج إليه كتاب معاوية إليه حين ولاه المدينة أن يهدم دار مروان ويصطفي أمواله ، وذكر أنه لم يزل يجاحف دونه حتى صرف ذلك عنه ، فلما رأى مروان الكتب إلى سعيد بذلك ، ثناه ذلك عن دار سعيد ، وعن أخذ ماله ، ولم يزل يدافع عنه حتى تركه معاوية في داره وأقر عليه أمواله .
وفيها معاوية سمرة بن جندب عن البصرة وكان زياد قد استخلفه عليها ، فأقره عزل معاوية ستة أشهر ، ثم عزله وولى عليها عبد الله بن عمرو بن غيلان .
وروى ابن جرير وغيره ، عن سمرة أنه قال : لو أطعت الله كما أطعت معاوية لما عذبني أبدا . وهذا لا يصح عنه . وأقر معاوية عبد الله بن خالد بن أسيد [ ص: 271 ] على نيابة الكوفة ، وكان زياد قد استخلفه عليها . وقدم في هذه السنة عبيد الله بن زياد على معاوية ، فأكرمه وسأله عن نواب أبيه على البلاد ، فأخبره عنهم ، ثم ولاه إمرة خراسان وهو ابن خمس وعشرين سنة ، فسار إلى مقاطعته ، وتجهز من فوره غاديا إليها ، فقطع النهر إلى جبال بخارى ، ففتح راميثن ونصف بيكند - وهما من معاملة بخارى - ولقي الترك هناك ، فقاتلهم قتالا شديدا ، وهزمهم هزيمة فظيعة ، بحيث إن المسلمين أعجلوا امرأة الملك أن تلبس خفيها ، فلبست واحدة وتركت الأخرى ، فأخذها المسلمون فقوموا جوربها بمائتي ألف درهم ، وغنموا مع ذلك غنائم كثيرة ، وأقام عبيد الله بن زياد بخراسان سنتين .
وفي هذه نائب مروان بن الحكم المدينة . وكان على السنة حج بالناس الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد ، وقيل : بل كان عليها الضحاك بن قيس . وكان على البصرة عبد الله بن عمرو بن غيلان .