ابن عدي   : حدثنا عبد المؤمن بن أحمد الجرجاني  ، سمعت عمار بن رجاء  ، سمعت  أحمد بن حنبل  ، يقول طلب إسناد العلو من السنة .  [ ص: 312 ] 
الخلال   : حدثنا المروذي   : قلت لأبي عبد الله   : قال لي رجل : من هنا إلى بلاد الترك  يدعون لك ، فكيف تؤدي شكر ما أنعم الله عليك ، وما بث لك في الناس ؟ فقال : أسأل الله أن لا يجعلنا مرائين . 
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران  ، ويوسف بن أحمد  ، قالا : أخبرنا موسى بن عبد القادر  ، أخبرنا سعيد بن البناء  ، أخبرنا علي بن البسري  ، أخبرنا أبو طاهر المخلص  ، حدثنا عبد الله البغوي  ، قال : سمعت  أحمد بن حنبل  في سنة ثمان وعشرين ومائتين في أولها ، وقد حدث حديث معاوية  عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : إنه لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة فأعدوا للبلاء صبرا ، فجعل يقول : اللهم رضنا ، اللهم رضنا  . 
أخبرنا المسلم بن علان  وغيره كتابة أن أبا اليمن الكندي  أخبرهم ، أخبرنا عبد الرحمن بن محمد  ، أخبرنا أبو بكر الخطيب  ، حدثنا محمد بن الفرج البزاز  ، حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن ماسي  ، حدثنا جعفر بن شعيب الشاشي  ، حدثني محمد بن يوسف الشاشي  ، حدثني إبراهيم بن أمية  ، سمعت طاهر بن خلف  ، سمعت المهتدي بالله محمد بن الواثق  يقول :  [ ص: 313 ] كان أبي إذا أراد أن يقتل أحدا ، أحضرنا ، فأتي بشيخ مخضوب مقيد ، فقال أبي : ائذنوا لأبي عبد الله  وأصحابه ، يعني : ابن أبي دواد  ، قال : فأدخل الشيخ ، فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقال : لا سلم الله عليك . فقال : يا أمير المؤمنين ، بئس ما أدبك مؤدبك ، قال الله تعالى : وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها  فقال ابن أبي دواد   : الرجل متكلم . 
قال له : كلمه ، فقال : يا شيخ ، ما تقول في القرآن ؟ قال : لم ينصفني ، ولي السؤال . قال : سل ، قال : ما تقول في القرآن ؟ قال : مخلوق . قال الشيخ : هذا شيء علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر  ، وعمر  ، والخلفاء الراشدون ، أم شيء لم يعلموه ؟ قال : شيء لم يعلموه . فقال : سبحان الله ! شيء لم يعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - علمته أنت ؟ فخجل . فقال : أقلني ، قال : المسألة بحالها . قال : نعم علموه ، فقال : علموه ، ولم يدعوا الناس إليه ، قال : نعم . قال : أفلا وسعك ما وسعهم ؟ قال : فقام أبي ، فدخل مجلسا ، واستلقى ، وهو يقول : شيء لم يعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر  وعمر  وعثمان  وعلي  ولا الخلفاء الراشدون ، علمته أنت ! سبحان الله ! شيء علموه ، ولم يدعوا الناس إليه ، أفلا وسعك ما وسعهم ؟ ! ثم أمر برفع قيوده ، وأن يعطى أربعمائة دينار ، ويؤذن له في الرجوع ، وسقط من عينه ابن أبي دواد  ولم يمتحن بعدها أحدا . 
هذه قصة مليحة ، وإن كان في طريقها من يجهل ولها شاهد . 
وبإسنادنا إلى الخطيب   : أخبرنا ابن رزقويه  ، أخبرنا أحمد بن سندي الحداد  ، أخبرنا أحمد بن الممتنع  ، أخبرنا صالح بن علي الهاشمي  ، قال : حضرت  المهتدي بالله  ، وجلس لينظر في أمور المظلومين ، فنظرت في  [ ص: 314 ] القصص تقرأ عليه من أولها إلى آخرها ، فيأمر بالتوقيع فيها ، وتحرر ، وتدفع إلى صاحبها ، فيسرني ذلك ، فجعلت أنظر إليه ففطن ، ونظر إلي ، فغضضت عنه ، حتى كان ذلك مني ومنه مرارا . فقال : يا صالح  ، قلت : لبيك يا أمير المؤمنين ، ووثبت . فقال : في نفسك شيء تريد أن تقوله ؟ ! قلت : نعم . فقال : عد إلى موضعك . فلما قام ، خلا بي ، وقال : يا صالح  ، تقول لي ما دار في نفسك أو أقول أنا ؟ قلت : يا أمير المؤمنين ، ما تأمر ؟ . 
قال : أقول : إنه دار في نفسك أنك استحسنت ما رأيت منا ، فقلت : أي خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول : القرآن مخلوق - فورد علي أمر عظيم - ثم قلت : يا نفس ، هل تموتين قبل أجلك ؟ فقلت : ما دار في نفسي إلا ما قلت . فأطرق مليا ، ثم قال : ويحك ! اسمع ، فوالله لتسمعن الحق ، فسري عني ، فقلت : يا سيدي ، ومن أولى بقول الحق منك ، وأنت خليفة رب العالمين . قال : ما زلت أقول : إن القرآن مخلوق صدرا من أيام الواثق  ، قلت : كان صغيرا أيام الواثق   . والحكاية فمنكرة ، ثم قال : حتى أقدم أحمد بن أبي دواد  علينا شيخا من أذنه ، فأدخل على الواثق  مقيدا ، فرأيته استحيا منه ، ورق له ، وقربه ، فسلم ودعا ، فقال : يا شيخ ، ناظر ابن أبي دواد   . 
فقال : يا أمير المؤمنين ، نصبوا ابن أبي دواد  ، ويضعف عن المناظرة . فغضب الواثق  ، وقال : أيضعف عن مناظرتك أنت ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، هون عليك ، فائذن لي في مناظرته ; فإن رأيت أن تحفظ علي وعليه . قال : أفعل . فقال الشيخ : يا أحمد  ، أخبرني عن مقالتك هذه هي مقالة واجبة ، داخلة في عقد الدين ، فلا يكون الدين كاملا حتى تقال فيه ؟ قال : نعم . قال : فأخبرني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بعث ، هل ستر شيئا مما أمره الله به من أمر دينهم ؟ قال : لا ، قال : فدعا الأمة إلى مقالتك هذه ؟ فسكت ، فالتفت الشيخ إلى الواثق  ، وقال : يا أمير المؤمنين ، واحدة . قال :  [ ص: 315 ] نعم . فقال الشيخ : فأخبرني عن الله حين قال : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي  هل كان الصادق في إكمال دينه ، أو أنت الصادق في نقصانه حتى يقال بمقالتك هذه ؟ فسكت . 
فقال : أجب ، فلم يجب . فقال : يا أمير المؤمنين ، اثنتان . ثم قال : يا أحمد  ، أخبرني عن مقالتك ، أعلمها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم لا ؟ قال : علمها . قال : فدعا الناس إليها ؟ فسكت . فقال : يا أمير المؤمنين ، ثلاث . 
ثم قال : يا أحمد  ، فاتسع لرسول الله أن يعلمها وأمسك عنها كما زعمت ، ولم يطالب أمته بها ؟ قال : نعم . قال : واتسع ذلك لأبي بكر  وعمر  ؟ قال : نعم . فأعرض الشيخ ، وقال : يا أمير المؤمنين ، قد قدمت أنه يضعف عن المناظرة . إن لم يتسع لنا الإمساك عنها ، فلا وسع الله على من لم يتسع له ما اتسع لهم . 
فقال الواثق   : نعم ، اقطعوا قيد الشيخ . فلما قطع ، ضرب بيده إلى القيد ليأخذه ، فجاذبه الحداد عليه . فقال الواثق   : لم أخذته ؟ قال : لأني نويت أن أوصي أن يجعل في كفني حتى أخاصم به هذا الظالم غدا . وبكى ، فبكى الواثق  وبكينا . ثم سأله الواثق  أن يجعله في حل ، فقال : لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم إكراما لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكونك من أهله . فقال له : أقم قبلنا فننتفع بك ، وتنتفع بنا ، قال : إن ردك إياي إلى موضعي أنفع لك ، أصير إلى أهلي وولدي ، فأكف دعاءهم عليك ، فقد خلفتهم على ذلك ، قال : فتقبل منا صلة ؟ قال : لا تحل لي ، أنا عنها غني . 
قال المهتدي   : فرجعت عن هذه المقالة ، وأظن أن أبي رجع عنها منذ ذلك الوقت .  [ ص: 316 ] قال أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ   : هذا الأذني هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن إسحاق الأذرمي   . 
قال إبراهيم نفطويه   : حدثني حامد بن العباس  ، عن رجل ، عن المهتدي   : أن الواثق  مات ، وقد تاب عن القول بخلق القرآن . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					