قالوا ما أخلفنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها     . 
وقعت جملة قالوا غير معطوفة لأنها جرت في المحاورة جوابا عن كلام موسى    - عليه السلام - . وضمير ( قالوا ) عائد إلى ( القوم )   [ ص: 284 ] وإنما القائل بعضهم ، تصدوا مجيبين عن القوم كلهم وهم كبراء القوم وأهل الصلاح منهم . وقوله بملكنا قرأه نافع ،  وعاصم ،  وأبو جعفر  بفتح الميم . وقرأه ابن كثير ،  وابن عامر ،  وأبو عمرو ،  ويعقوب  بكسر الميم . وقرأه حمزة ،   والكسائي ،  وخلف - بضم الميم - . وهي وجوه ثلاثة في هذه الكلمة ، ومعناها : بإرادتنا واختيارنا ، أي لإخلاف موعدك ، أي ما تجرأنا ولكن غرهم السامري  وغلبهم دهماء القوم . وهذا إقرار من المجيبين بما فعله دهماؤهم . 
والاستدراك راجع إلى ما أفاده نفي أن يكون إخلافهم العهد عن قصد للضلال . والجملة الواقعة بعده وقعت بإيجاز عن حصول المقصود من التنصل من تبعة نكث العهد . ومحل الاستدراك هو قوله ( فقالوا هذا إلهكم وإله موسى     ) وما قبله تمهيد له ، فعطفت الجمل قبله بحرف الفاء واعتذروا بأنهم غلبوا على رأيهم بتضليل السامري    . فأدمجت في هذا الاعتذار الإشارة إلى قضية صوغ العجل الذي عبدوه واغتروا بما موه لهم من أنه إلههم المنشود من كثرة ما سمعوا من رسولهم أن الله معهم أو أمامهم ، ومما جاش في خواطرهم من الطمع في رؤيته تعالى . 
وقرأ نافع ،  وابن كثير ،  وابن عامر ،  وحفص  عن عاصم ،  ورويس  عن يعقوب    ( حملنا ) - بضم الحاء وتشديد الميم مكسورة - . أي حملنا من حملنا ، أو حملنا أنفسنا . 
وقرأ أبو بكر  عن عاصم ،  وحمزة ،  وأبو عمرو ،   والكسائي ،  وروح  عن يعقوب    - بفتح الحاء وفتح الميم مخففة - . 
 [ ص: 285 ] والأوزار : الأثقال . والزينة : الحلي والمصوغ . وقد كان بنو إسرائيل  حين أزمعوا الخروج قد احتالوا على القبط فاستعار كل واحد من جاره القبطي حليا فضة وذهبا وأثاثا ، كما في الإصحاح 12 من سفر الخروج . والمعنى : أنهم خشوا تلاشي تلك الزينة فارتأوا أن يصوغوها قطعة واحدة أو قطعتين ليتأتى لهم حفظها في موضع مأمون . 
والقذف : الإلقاء . وأريد به هنا الإلقاء في نار السامري  للصوغ ، كما يومئ إليه الإصحاح 32 من سفر الخروج . فهذا حكاية جوابهم لموسى    - عليه السلام - مجملا مختصرا شأن المعتذر بعذر واه أن يكون خجلان من عذره فيختصر الكلام . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					