فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون   تفريع على ما تقدم من الإنكار على المشركين وإبطال دعاويهم ، وضرب الأمثال لهم بنظرائهم من الأمم ففرع عليه أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بإبطال ما نسبه المشركون إلى الله من الولد . 
فضمير الغيبة من قوله " فاستفتهم " عائد على غير مذكور يعلم من المقام ، مثل نظيره السابق في قوله فاستفتهم أهم أشد خلقا أمن خلقنا    . والمراد : التهكم عليهم بصورة الاستفتاء ، إذ يقولون : ولد الله ، على أنهم قسموا قسمة ضيزى حيث جعلوا لله البنات ، وهم يرغبون في الأبناء الذكور ويكرهون الإناث ، فجعلوا لله ما يكرهون . 
وقد جاءوا في مقالهم هذا بثلاثة أنواع من الكفر : 
أحدها : أنهم أثبتوا التجسيم لله لأن الولادة من أحوال الأجسام . 
الثاني : إيثار أنفسهم بالأفضل وجعلهم لله الأقل . قال تعالى : وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم    . 
الثالث : أنهم جعلوا للملائكة المقربين وصف الأنوثة وهم يتعيرون بأبي الإناث ، ولذلك كرر الله تعالى هذه الأنواع من كفرهم في كتابه غير مرة . 
 [ ص: 181 ] فجملة ألربك البنات  بيان لجملة " فاستفتهم " . 
وضمير " لربك " مخاطب به النبيء صلى الله عليه وسلم وهو حكاية للاستفتاء بالمعنى لأنه إذا استفتاهم يقول : ألربكم البنات ، وكذلك ضمير " ولهم " محكي بالمعنى لأنه إنما يقول لهم : ولكم البنون . وهذا التصرف يقع في حكاية القول ونحوه مما فيه معنى القول مثل الاستفتاء . 
				
						
						
