كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود   وعاد وفرعون وإخوان لوط  وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد  
استئناف ابتدائي ناشئ عن قوله : بل كذبوا بالحق لما جاءهم فعقب بأنهم ليسوا ببدع في الضلال فقد كذبت قبلهم أمم . وذكر منهم أشهرهم في العالم وأشهرهم بين العرب ، فقوم نوح  أول قوم كذبوا رسولهم ، وفرعون  كذب موسى ،  وقوم لوط  كذبوه وهؤلاء معروفون عند أهل الكتاب ، وأما أصحاب الرس  وعاد  وثمود  وأصحاب الأيكة  وقوم تبع  فهم من العرب . 
وذكروا هنا عقب قوم نوح  للجامع الخيالي بين القومين وهو جامع التضاد لأن عذابهم كان ضد عذاب قوم نوح  إذ كان عذابهم بالخسف وعذاب قوم نوح  بالغرق ، ثم ذكر ثمود لشبه عذابهم بعذاب أصحاب الرس  إذ كان عذابهم برجفة الأرض وصواعق السماء ، ولأن أصحاب الرس  من بقايا ثمود ،  ثم ذكرت عاد لأن عذابها كان بحادث في الجو وهو الريح ، ثم ذكر فرعون  وقومه لأنهم كذبوا أشهر الرسل قبل الإسلام ، وأصحاب الأيكة  هم قوم شعيب  وهم من خلطاء بني إسرائيل . 
وعبر عن قوم لوط  بـ " إخوان لوط " ولم يكونوا من قبيله ، فالمراد بـ " إخوان " أنهم ملازمون . وهم أهل سدوم  وعمورة   وقراهما وكان لوط  ساكنا في سدوم  ولم يكن من أهل نسبهم لأن أهل سدوم  كنعانيون ولوطا  عبراني . وقد تقدم قوله تعالى : إذ قال لهم أخوهم لوط  في سورة الشعراء . وذكر قوم تبع  وهم أهل اليمن   ولم يكن العرب يعدونهم عربا . 
 [ ص: 296 ] وهذه الأمم أصابها عذاب شديد في الدنيا عقابا على تكذيبهم الرسل . والمقصود تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والتعريض بالتهديد لقومه المكذبين أن يحل بهم ما حل بأولئك . 
والرس : يطلق اسما للبئر غير المطوية ويطلق مصدرا للدفن والدس . واختلف المفسرون في المراد به هنا . 
وأصحاب الرس  قوم عرفوا بالإضافة إلى الرس ، فيحتمل أن إضافتهم إلى الرس من إضافة الشيء إلى موطنه مثل " أصحاب الأيكة " ، و " أصحاب الحجر " و " أصحاب القرية " . 
ويجوز أن تكون إضافة إلى حدث حل بهم مثل " أصحاب الأخدود " . وفي تعيين أصحاب الرس  أقوال ثمانية أو تسعة وبعضها متداخل . 
وتقدم الكلام عليهم في سورة الفرقان . والأظهر أن إضافة " أصحاب " إلى الرس من إضافة اسم إلى حدث حدث فيه فقد قيل : إن أصحاب الرس  عوقبوا بخسف في الأرض فوقعوا في مثل البئر . وقيل : هو بئر ألقى أصحابه فيه حنظلة بن صفوان  رسول رسول الله إليهم حيا فهو إذن علم بالغلبة وقيل هو ( فلج ) من أرض اليمامة    . 
وتقدم الكلام على أصحاب الرس في سورة الفرقان عند قوله تعالى : وعادا وثمود وأصحاب الرس    . 
وأصحاب الأيكة هم من قوم شعيب  وتقدم في سورة الشعراء . 
وقوم تبع  هم حمير  من عرب اليمن  وتقدم ذكرهم في سورة الدخان . 
وجملة " كل كذب الرسل " مؤكدة لجملة " كذبت قبلهم قوم نوح    " إلى آخرها ، فلذلك فصلت ولم تعطف ، وليبني عليه قوله : " فحق وعيد    " فيكون تهديدا بأن يحق عليهم الوعيد كما حق على أولئك مرتبا بالفاء على تكذيبهم الرسل فيكون في ذلك تشريف للنبيء صلى الله عليه وسلم وللرسل السابقين . 
 [ ص: 297 ] وتنوين ( كل ) تنوين عوض عن المضاف إليه ، أي كل أولئك . 
و " حق " صدق وتحقق . 
والوعيد : الإنذار بالعقوبة واقتضى الإخبار عنه بـ " حق " أن الله توعدهم به فلم يعبئوا وكذبوا وقوعه فحق وصدق . 
وحذفت ياء المتكلم التي أضيف إليها " وعيد " للرعي على الفاصلة وهو كثير . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					