(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71nindex.php?page=treesubj&link=28980والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) : لما ذكر المنافقين والمنافقات وما هم عليه من الأوصاف القبيحة والأعمال الفاسدة ; ذكر المؤمنين والمؤمنات ، وقال في أولئك : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67بعضهم من بعض ) ، وفي هؤلاء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71بعضهم أولياء بعض ) . قال
ابن عطية : إذ لا ولاية بين المنافقين ولا شفاعة لهم ، ولا يدعو بعضهم لبعض ، فكان المراد هنا الولاية في الله خاصة . وقال أبو عبد الله الرازي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67بعضهم من بعض ) يدل على أن نفاق الأتباع وكفرهم حصل بسبب التقليد لأولئك الأكابر ، وسبب مقتضى الطبيعة والعادة . أما الموافقة الحاصلة بين المؤمنين فإنما حصلت ، لا بسبب الميل والعادة ، بل بسبب المشاركة في الاستدلال والتوفيق والهداية ، والولاية ضد العداوة . ولما وصف المؤمنين بكون بعضهم أولياء بعض ذكر بعده ما يجري كالتفسير والشرح له ، وهي الخمسة التي يميز بها المؤمن على المنافق : فالمنافق يأمر بالمنكر ، وينهى عن المعروف ، ولا يقوم إلى الصلاة إلا وهو كسلان ، ويبخل بالزكاة ، ويتخلف بنفسه عن الجهاد ، وإذا أمره الله تثبط وثبط غيره . والمؤمن بضد ذلك كله من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والجهاد . وهو المراد في هذه الآية بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71ويطيعون الله ورسوله ) . انتهى ، وفيه بعض تلخيص . وقال
أبو العالية : كل ما ذكره الله في القرآن من الأمر بالمعروف فهو دعاء من الشرك إلى الإسلام ، وما ذكر من النهي عن المنكر فهو النهي عن عبادة الأصنام والشياطين .
[ ص: 71 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71ويقيمون الصلاة ) هي الصلوات الخمس . قال
ابن عطية : وبحسب هذا تكون الزكاة المفروضة ، والمدح عندي بالنوافل أبلغ ، إذ من يقيم النوافل أجدى بإقامة الفروض ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71ويطيعون الله ورسوله ) جامع للمندوبات . انتهى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71سيرحمهم الله ) . قال
ابن عطية : السين مدخلة في الوعد مهلة ، لتكون النفوس تتنعم برجائه وفضله تعالى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : السين مفيدة وجوب الرحمة لا محالة ، فهي تؤكد الوعد كما تؤكد الوعيد في قولك : سأنتقم منك يوما ، يعني : أنك لا تفوتني وإن تبطأ ذلك . ونحوه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96سيجعل لهم الرحمن ودا ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=5ولسوف يعطيك ربك ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152سوف يؤتيهم أجورهم ) . انتهى . وفيه دفينة خفية من الاعتزال بقوله : السين مفيدة وجوب الرحمة لا محالة ، يشير إلى أنه يجب على الله تعالى إثابة الطائع ، كما تجب عقوبة العاصي . وليس مدلول السين توكيد ما دخلت عليه ، إنما تدل على تخليص المضارع للاستقبال فقط . ولما كانت الرحمة هنا عبارة عما يترتب على تلك الأعمال الصالحة من الثواب والعقاب في الآخرة ; أتى بالسين التي تدل على استقبال الفعل ( إن الله عزيز ) غالب على كل شيء ، قادر عليه ، ( حكيم ) واضع كلا موضعه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72nindex.php?page=treesubj&link=28980وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) : لما أعقب المنافقين بذكر ما وعدهم به من نار جهنم ; أعقب المؤمنين بذكر ما وعدهم به من نعيم الجنان ، ولما كان قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71سيرحمهم الله ) وعدا إجماليا فصله هنا تنبيها على أن تلك الرحمة هي هذه الأشياء . (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72ومساكن طيبة ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هي دور المقربين . وقيل : دور في جنات عدن مختلفة في الصفات باختلاف حال الحالين بها . وقيل : قصور زبرجد ودر وياقوت يفوح طيبها من مسيرة خمسمائة عام في أماكن إقامتهم . وفي الحديث
: " قصر في الجنة من اللؤلؤ فيه سبعون دارا من ياقوتة حمراء ، وفي كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء ، في كل بيت سبعون سريرا " وذكر في آخر هذا الحديث أشياء ، وإن صح هذا النقل عن الرسول وجب المصير إليه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72في جنات عدن ) ، أي : إقامة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب الأحبار : هي بالفارسية الكروم والأعناب . قال
ابن عطية : وأظن هذا ما اختلط بالفردوس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : عدن بطنان الجنة وشرقها ، وعنه : وسط الجنة . وقال عطاء : نهر في الجنة ، جنانه على حافيته . وقال
الضحاك وأبو عبيدة : مدينة الجنة وعظمها فيها الأنبياء والعلماء والشهداء وأئمة العدل والناس حولهم بعد ، والجنات حولها . وقال
الحسن : قصر في الجنة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل ، ومد بها صوته . وعنه : قصور من اللؤلؤ والياقوت الأحمر والزبرجد .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عدن دار الله التي لم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر ، ولا يسكنها غير ثلاثة : النبيون ، والصديقون ، والشهداء ، يقول الله تعالى : طوبى لمن دخلك " وإن صح هذا عن الرسول وجب المصير إليه . وقال
مقاتل : هي أعلى درجة في الجنة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو : قصر حوله البروج والمروج ، له خمسة آلاف باب ، على كل باب خيرة لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد . وقيل : قصته الجنة فيها نهر على حافتيه بساتين . وقيل : التسنيم ، وفيه قصور الدر والياقوت والذهب ، والأرائك ، عليها الخيرات الحسان ، سقفها عرش الرحمن ، لا ينزلها إلا الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون ، يفوح ريحها من مسيرة خمسمائة عام . وهذه أقوال عن السلف كثيرة الاختلاف والاضطراب ، وبعضها يدل على التخصيص ، وهو مخالف لظاهر الآية ، إذ وعد الله بها المؤمنين والمؤمنات . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وعدن علم لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=61جنات عدن التي وعد الرحمن عباده )
[ ص: 72 ] ويدل عليه ما روى
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء ، وساق الحديث المتقدم الذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء ، وإنما استدل بالآية على أن عدنا علم ؛ لأن المضاف إليها وصف بـ " التي " ، وهي معرفة ، فلو لم تكن ( جنات ) مضافة لمعرفة لم توصف بالمعرفة ولا يتعين ذلك ، إذ يجوز أن تكون " التي " خبر مبتدأ محذوف ، أو منصوبا بإضمار أعني أو أمدح ، أو بدلا من ( جنات ) . ويبعد أن تكون صفة لقوله : ( الجنة ) للفصل بالبدل الذي هو ( جنات ) ، والحكم أنه إذا اجتمع النعت والبدل قدم النعت ، وجيء بعده بالبدل .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ورضوان : بضمتين . قال صاحب اللوامح : وهي لغة ، ورضوان مبتدأ . وجاز الابتداء به لأنه موصوف بقوله : ( من الله ) ، وأتى به نكرة ليدل على مطلق ، أي : وشيء من رضوانه أكبر من كل ما ذكر . والعبد إذا علم برضا مولاه عنه كان أكبر في نفسه مما وراءه من النعيم ، وإنما يتهيأ له النعيم بعلمه برضاه عنه . كما أنه إذا علم بسخطه تنغصت حاله ، ولم يجد لها لذة . ومعنى هذه الجملة موافق لما روي في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374509إن الله تعالى يقول لعباده إذا استقروا في الجنة : هل رضيتم ؟ فيقولون : وكيف لا نرضى يا ربنا ؟ فيقول : إني سأعطيكم أفضل من هذا كله رضواني ، أرضى عنكم فلا أسخط عليكم أبدا وقال
الحسن : وصل إلى قلوبهم برضوان الله من اللذة والسرور ما هو ألذ عندهم وأقر لأعينهم من كل شيء أصابوه من لذة الجنة . قال
ابن عطية : ويظهر أن يكون قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72ورضوان من الله أكبر ) إشارة إلى منازل المقربين الشاربين من تسنيم ، والذين يرون كما يرى النجم الغائر في الأفق ، وجميع من في الجنة راض ، والمنازل مختلفة ، وفضل الله تعالى متسع انتهى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : رضاه تعالى هو سبب كل فوز وسعادة . انتهى . والإشارة بذلك إلى جميع ما سبق أو إلى الرضوان قولان ، والأظهر الأول .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71nindex.php?page=treesubj&link=28980وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) : لَمَّا ذَكَرَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْأَوْصَافِ الْقَبِيحَةِ وَالْأَعْمَالِ الْفَاسِدَةِ ; ذَكَرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، وَقَالَ فِي أُولَئِكَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ) ، وَفِي هَؤُلَاءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ) . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : إِذْ لَا وِلَايَةَ بَيْنَ الْمُنَافِقِينَ وَلَا شَفَاعَةَ لَهُمْ ، وَلَا يَدْعُو بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، فَكَانَ الْمُرَادُ هُنَا الْوِلَايَةَ فِي اللَّهِ خَاصَّةً . وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=67بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ نِفَاقَ الْأَتْبَاعِ وَكُفْرَهُمْ حَصَلَ بِسَبَبِ التَّقْلِيدِ لِأُولَئِكَ الْأَكَابِرِ ، وَسَبَبِ مُقْتَضَى الطَّبِيعَةِ وَالْعَادَةِ . أَمَّا الْمُوَافَقَةُ الْحَاصِلَةُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّمَا حَصَلَتْ ، لَا بِسَبَبِ الْمَيْلِ وَالْعَادَةِ ، بَلْ بِسَبَبِ الْمُشَارَكَةِ فِي الِاسْتِدْلَالِ وَالتَّوْفِيقِ وَالْهِدَايَةِ ، وَالْوِلَايَةُ ضِدُّ الْعَدَاوَةِ . وَلَمَّا وَصَفَ الْمُؤْمِنِينَ بِكَوْنِ بَعْضِهِمْ أَوْلِيَاءَ بَعْضٍ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَا يَجْرِي كَالتَّفْسِيرِ وَالشَّرْحِ لَهُ ، وَهِيَ الْخَمْسَةُ الَّتِي يُمَيَّزُ بِهَا الْمُؤْمِنُ عَلَى الْمُنَافِقِ : فَالْمُنَافِقُ يَأْمُرُ بِالْمُنْكِرِ ، وَيَنْهَى عَنِ الْمَعْرُوفِ ، وَلَا يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ إِلَّا وَهُوَ كَسْلَانُ ، وَيَبْخَلُ بِالزَّكَاةِ ، وَيَتَخَلَّفُ بِنَفْسِهِ عَنِ الْجِهَادِ ، وَإِذَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَثَبَّطَ وَثَبَّطَ غَيْرَهُ . وَالْمُؤْمِنُ بِضِدِّ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالْجِهَادِ . وَهُوَ الْمُرَادُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) . انْتَهَى ، وَفِيهِ بَعْضُ تَلْخِيصٍ . وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ : كُلُّ مَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَهُوَ دُعَاءٌ مِنَ الشِّرْكِ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَمَا ذُكِرَ مِنَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ فَهُوَ النَّهْيُ عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالشَّيَاطِينِ .
[ ص: 71 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ ) هِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَبِحَسَبِ هَذَا تَكُونُ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ ، وَالْمَدْحُ عِنْدِي بِالنَّوَافِلِ أَبْلَغُ ، إِذْ مَنْ يُقِيمُ النَّوَافِلَ أَجْدَى بِإِقَامَةِ الْفُرُوضِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) جَامِعٌ لِلْمَنْدُوبَاتِ . انْتَهَى . (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ) . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : السِّينُ مُدْخِلَةٌ فِي الْوَعْدِ مُهْلَةً ، لِتَكُونَ النُّفُوسُ تَتَنَعَّمُ بِرَجَائِهِ وَفَضْلِهِ تَعَالَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : السِّينُ مُفِيدَةٌ وُجُوبَ الرَّحْمَةِ لَا مَحَالَةَ ، فَهِيَ تُؤَكِّدُ الْوَعْدَ كَمَا تُؤَكِّدُ الْوَعِيدَ فِي قَوْلِكَ : سَأَنْتَقِمُ مِنْكَ يَوْمًا ، يَعْنِي : أَنَّكَ لَا تَفُوتُنِي وَإِنْ تَبَطَّأَ ذَلِكَ . وَنَحْوُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=96سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=5وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ ) . انْتَهَى . وَفِيهِ دَفِينَةٌ خَفِيَّةٌ مِنَ الِاعْتِزَالِ بِقَوْلِهِ : السِّينُ مُفِيدَةٌ وُجُوبَ الرَّحْمَةِ لَا مَحَالَةَ ، يُشِيرُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إِثَابَةُ الطَّائِعِ ، كَمَا تَجِبُ عُقُوبَةُ الْعَاصِي . وَلَيْسَ مَدْلُولُ السِّينِ تَوْكِيدُ مَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ ، إِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى تَخْلِيصِ الْمُضَارِعِ لِلِاسْتِقْبَالِ فَقَطْ . وَلَمَّا كَانَتِ الرَّحْمَةُ هُنَا عِبَارَةً عَمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى تِلْكَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ ; أَتَى بِالسِّينِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْفِعْلِ ( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ) غَالِبٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ، قَادِرٌ عَلَيْهِ ، ( حَكِيمٌ ) وَاضِعٌ كُلًّا مَوْضِعَهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72nindex.php?page=treesubj&link=28980وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) : لَمَّا أَعْقَبَ الْمُنَافِقِينَ بِذِكْرِ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ; أَعْقَبَ الْمُؤْمِنِينَ بِذِكْرِ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنْ نَعِيمِ الْجِنَانِ ، وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ) وَعْدًا إِجْمَالِيًّا فَصَّلَهُ هُنَا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ تِلْكَ الرَّحْمَةَ هِيَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : هِيَ دُورُ الْمُقَرَّبِينَ . وَقِيلَ : دُورٌ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ مُخْتَلِفَةٌ فِي الصِّفَاتِ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْحَالَيْنِ بِهَا . وَقِيلَ : قُصُورُ زَبَرْجَدٍ وَدُرٍّ وَيَاقُوتٍ يَفُوحُ طِيبُهَا مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ فِي أَمَاكِنِ إِقَامَتِهِمْ . وَفِي الْحَدِيثِ
: " قَصْرٌ فِي الْجَنَّةِ مِنَ اللُّؤْلُؤِ فِيهِ سَبْعُونَ دَارًا مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ ، وَفِي كُلِّ دَارٍ سَبْعُونَ بَيْتًا مِنْ زُمُرُدَةٍ خَضْرَاءَ ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ سَرِيرًا " وَذُكِرَ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَشْيَاءُ ، وَإِنْ صَحَّ هَذَا النَّقْلُ عَنِ الرَّسُولِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ) ، أَيْ : إِقَامَةٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16850كَعْبُ الْأَحْبَارِ : هِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ الْكُرُومِ وَالْأَعْنَابِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَأَظُنُّ هَذَا مَا اخْتَلَطَ بِالْفِرْدَوْسِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : عَدْنٌ بُطْنَانُ الْجَنَّةِ وَشَرْقُهَا ، وَعَنْهُ : وَسَطُ الْجَنَّةِ . وَقَالَ عَطَاءٌ : نَهْرٌ فِي الْجَنَّةِ ، جِنَانُهُ عَلَى حَافِيَتِهِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ : مَدِينَةُ الْجَنَّةِ وَعِظَمُهَا فِيهَا الْأَنْبِيَاءُ وَالْعُلَمَاءُ وَالشُّهَدَاءُ وَأَئِمَّةُ الْعَدْلِ وَالنَّاسُ حَوْلَهُمْ بَعْدُ ، وَالْجَنَّاتُ حَوْلَهَا . وَقَالَ
الْحَسَنُ : قَصْرٌ فِي الْجَنَّةِ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ أَوْ حَكَمٌ عَدْلٌ ، وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ . وَعَنْهُ : قُصُورٌ مِنَ اللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ وَالزَّبَرْجَدِ .
وَرَوَى nindex.php?page=showalam&ids=4أَبُو الدَّرْدَاءِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " عَدْنٌ دَارُ اللَّهِ الَّتِي لَمْ تَرَهَا عَيْنٌ وَلَمْ تَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، وَلَا يَسْكُنْهَا غَيْرُ ثَلَاثَةٍ : النَّبِيُّونَ ، وَالصِّدِّيقُونَ ، وَالشُّهَدَاءُ ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : طُوبَى لِمَنْ دَخَلَكِ " وَإِنْ صَحَّ هَذَا عَنِ الرَّسُولِ وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : هِيَ أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو : قَصْرٌ حَوْلَهُ الْبُرُوجُ وَالْمُرُوجُ ، لَهُ خَمْسَةُ آلَافِ بَابٍ ، عَلَى كُلِّ بَابٍ خِيرَةٌ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ . وَقِيلَ : قَصَّتُهُ الْجَنَّةُ فِيهَا نَهْرٌ عَلَى حَافَّتَيْهِ بَسَاتِينُ . وَقِيلَ : التَّسْنِيمُ ، وَفِيهِ قُصُورُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالذَّهَبِ ، وَالْأَرَائِكُ ، عَلَيْهَا الْخَيِّرَاتُ الْحِسَانُ ، سَقْفُهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، لَا يَنْزِلُهَا إِلَّا الْأَنْبِيَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ ، يَفُوحُ رِيحُهَا مِنْ مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ . وَهَذِهِ أَقْوَالٌ عَنِ السَّلَفِ كَثِيرَةُ الِاخْتِلَافِ وَالِاضْطِرَابِ ، وَبَعْضُهَا يَدُلُّ عَلَى التَّخْصِيصِ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْآيَةِ ، إِذْ وَعَدَ اللَّهُ بِهَا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَعَدْنٌ عَلَمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=61جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ )
[ ص: 72 ] وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبُو الدَّرْدَاءِ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ الْمُتَقَدِّمَ الذِّكْرِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبِي الدَّرْدَاءِ ، وَإِنَّمَا اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ عَلَى أَنَّ عَدْنًا عَلَمٌ ؛ لِأَنَّ الْمُضَافَ إِلَيْهَا وُصِفَ بِـ " الَّتِي " ، وَهِيَ مَعْرِفَةٌ ، فَلَوْ لَمْ تَكُنْ ( جَنَّاتُ ) مُضَافَةً لِمَعْرِفَةٍ لَمْ تُوصَفْ بِالْمَعْرِفَةِ وَلَا يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ ، إِذْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ " الَّتِي " خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَوْ مَنْصُوبًا بِإِضْمَارِ أَعْنِي أَوْ أَمْدَحُ ، أَوْ بَدَلًا مِنْ ( جَنَّاتُ ) . وَيَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ صِفَةً لِقَوْلِهِ : ( الْجَنَّةَ ) لِلْفَصْلِ بِالْبَدَلِ الَّذِي هُوَ ( جَنَّاتٍ ) ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ النَّعْتُ وَالْبَدَلُ قُدِّمَ النَّعْتُ ، وَجِيءَ بَعْدَهُ بِالْبَدَلِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ وَرِضْوَانٌ : بِضَمَّتَيْنِ . قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ : وَهِيَ لُغَةٌ ، وَرِضْوَانٌ مُبْتَدَأٌ . وَجَازَ الِابْتِدَاءُ بِهِ لِأَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِقَوْلِهِ : ( مِنَ اللَّهِ ) ، وَأَتَى بِهِ نَكِرَةً لِيَدُلَّ عَلَى مُطْلَقٍ ، أَيْ : وَشَيْءٌ مِنْ رِضْوَانِهِ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ . وَالْعَبْدُ إِذَا عَلِمَ بِرِضَا مَوْلَاهُ عَنْهُ كَانَ أَكْبَرَ فِي نَفْسِهِ مِمَّا وَرَاءَهُ مِنَ النَّعِيمِ ، وَإِنَّمَا يَتَهَيَّأُ لَهُ النَّعِيمُ بِعِلْمِهِ بِرِضَاهُ عَنْهُ . كَمَا أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ بِسُخْطِهِ تَنَغَّصَتْ حَالُهُ ، وَلَمْ يَجِدْ لَهَا لَذَّةً . وَمَعْنَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ مُوَافِقٌ لِمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374509إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِعِبَادِهِ إِذَا اسْتَقَرُّوا فِي الْجَنَّةِ : هَلْ رَضِيتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : وَكَيْفَ لَا نَرْضَى يَا رَبَّنَا ؟ فَيَقُولُ : إِنِّي سَأُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ رِضْوَانِي ، أَرْضَى عَنْكُمْ فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ أَبَدًا وَقَالَ
الْحَسَنُ : وَصَلَ إِلَى قُلُوبِهِمْ بِرِضْوَانِ اللَّهِ مِنَ اللَّذَّةِ وَالسُّرُورِ مَا هُوَ أَلَذُّ عِنْدَهُمْ وَأَقَرُّ لِأَعْيُنِهِمْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَصَابُوهُ مِنْ لَذَّةِ الْجَنَّةِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=72وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ) إِشَارَةٌ إِلَى مَنَازِلِ الْمُقَرَّبِينَ الشَّارِبِينَ مِنْ تَسْنِيمٍ ، وَالَّذِينَ يُرَوْنَ كَمَا يُرَى النَّجْمُ الْغَائِرُ فِي الْأُفُقِ ، وَجَمِيعُ مَنْ فِي الْجَنَّةِ رَاضٍ ، وَالْمَنَازِلُ مُخْتَلِفَةٌ ، وَفَضْلُ اللَّهِ تَعَالَى مُتَّسِعٌ انْتَهَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : رِضَاهُ تَعَالَى هُوَ سَبَبُ كُلِّ فَوْزٍ وَسَعَادَةٍ . انْتَهَى . وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى جَمِيعِ مَا سَبَقَ أَوْ إِلَى الرِّضْوَانِ قَوْلَانِ ، وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ .