(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=75nindex.php?page=treesubj&link=28980ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=76فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=77فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=78ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب ) : قال
الضحاك : هم
نبتل بن الحارث ،
وجد بن قيس ،
ومعتب بن قشير ،
وثعلبة بن حاطب ، وفيهم نزلت الآية . وقال
الحسن ومجاهد : في
معتب وثعلبة ، خرجا على ملأ فقالا ذلك . وقال
ابن السائب في رجل من
بني عمرو بن عوف كان له مال
بالشام فأبطأ عنه ، فجهد لذلك جهدا شديدا ، فحلف بالله (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=75لئن آتانا من فضله ) ، أي : من ذلك المال ، لأصدقن منه ولأصلن ، فآتاه فلم يفعل . والأكثر على أنها نزلت في
ثعلبة ، وذكروا له حديثا طويلا ، وقد لخصت منه : أنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن يرزقه مالا فقيل له : قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه ، فألح عليه ، فدعا الله ، فاتخذ غنما كثرت حتى ضاقت عنها
المدينة ، فنزل واديا وما زالت تنمو ، واشتغل بها حتى ترك الصلوات ، وبعث إليه الرسول صلى الله عليه وسلم المصدق ، فقال : ما هذه إلا جزية ، ما هذه إلا أخت الجزية ، فنزلت هذه الآية . فأخبره قريب له بها ، فجاء بصدقته إلى الرسول فلم يقبلها ، فلما قبض الرسول أتى
أبا بكر فلم يقبلها ، ثم
عمر فلم يقبلها ، ثم
عثمان فلم يقبلها ، وهلك في أيام
عثمان .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : " لنصدقن ولنكونن " بالنون الخفيفة فيهما ، والظاهر والمستفيض من أسباب النزول أنهم نطقوا بذلك ولفظوا به . وقال
معبد بن ثابت وفرقة : لم يتلفظوا به ، وإنما هو شيء نووه في أنفسهم ولم يتكلموا به ، ألم تسمع إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=78ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم ) من الصالحين ، أي من أهل الصلاح في أموالهم بصلة الرحم والإنفاق في الخير والحج وأعمال البر . وقيل : من المؤمنين في طلب الآخرة . ( بخلوا به ) ، أي : بإخراج حقه منه ، وكل بخل أعقب بوعيد فهو عبارة عن منع الحق الواجب . والظاهر أن الضمير في ( فأعقبهم ) هو عائد على الله ، عاقبهم على الذنب بما هو أشد منه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : خذلهم حين نافقوا ، وتمكن من قلوبهم نفاقهم فلا ينفك عنها إلى أن يموتوا بسبب إخلافهم ما وعدوا الله من التصدق والصلاح وكونهم كاذبين ، ومنه : خلف الموعد ثلث النفاق . انتهى . وقوله : " خذلهم " هو لفظ
المعتزلة . وقال
الحسن وقتادة : الضمير في ( فأعقبهم ) للبخل ، أي : فأورثهم البخل نفاقا متمكنا في قلوبهم . وقال
أبو مسلم : ( فأعقبهم ) أي البخل والتولي والإعراض . قال
ابن عطية : يحتمل أن يكون نفاق كفر ، ويكون تقرير
ثعلبة بعد هذا النص والإبقاء عليه لمكان إظهاره الإسلام وتعلقه بما فيه احتمال . ويحتمل أن يكون نفاق معصية وقلة استقامة ، فيكون تقريره صحيحا ، ويكون ترك قبول الزكاة منه عقابا له ونكالا . وهذا نحو ما روي أن عاملا كتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز أن فلانا يمنع الزكاة ، فكتب إليه أن دعه واجعل عقوبته أن لا يؤدي الزكاة مع المسلمين ، يريد لما يلحقه من المقت في ذلك . والظاهر عود الضمير في : ( يلقونه ) ، على الله تعالى . وقيل : يلقون الجزاء . فقيل : جزاء بخلهم . وقيل : جزاء أفعالهم .
وقرأ
أبو رجاء : ( يكذبون ) بالتشديد . ولفظة ( فأعقبهم نفاقا ) لا تدل ولا تشعر بأنه كان مسلما ، ثم لما بخل ولم يف
[ ص: 75 ] بالعهد صار منافقا ، كما قال أبو عبد الله الرازي ; لأن المعقب نفاق متصل إلى وقت الموافاة ، فهو نفاق مقيد بغاية ، ولا يدل المقيد على انتفاء المطلق قبله . وإذا كان الضمير عائدا على الله فلا يكون اللقاء متضمنا رؤية الله ; لإجماع العلماء على أن الكفار لا يرون الله ، فالاستدلال باللقاء على الرؤية من قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44تحيتهم يوم يلقونه سلام ) ليس بظاهر ، ولقوله
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374511من حلف على يمين كاذبة ليقتطع حق امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان وأجمعوا على أن المراد هنا : لقي ما عند الله من العقاب . ( ألم يعلموا ) هذا استفهام تضمن التوبيخ والتقريع .
وقرأ
علي وأبو عبد الرحمن والحسن : " تعلموا " بالتاء ، وهو خطاب للمؤمنين على سبيل التقرير . وأنه تعالى فاضح المنافقين ، ومعلم المؤمنين أحوالهم التي يكتمونها شيئا فشيئا سرهم ونجواهم . هذا التقسيم عبارة عن إحاطة علم الله بهم . والظاهر أن الآية في جميع المنافقين من عاهد وأخلف وغيرهم ، وخصتها فرقة بمن عاهد وأخلف . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ما أسروه من النفاق والعزم على إخلاف ما وعدوه ، وما يتناجون به فيما بينهم من المطاعن في الدين ، وتسمية الصدقة جزية ، وتدبير منعها . وقيل : أشار بسرهم إلى ما يخفونه من النفاق ، وبنجواهم إلى ما يفيضون به بينهم من تنقيص الرسول ، وتعييب المؤمنين . وقيل : سرهم ما يسار به بعضهم بعضا ، ونجواهم ما تحدثوا به جهرا بينهم ، وهذه أقوال متقاربة متفقة في المعنى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=75nindex.php?page=treesubj&link=28980وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=76فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=77فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=78أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ) : قَالَ
الضَّحَّاكُ : هُمْ
نَبْتَلُ بْنُ الْحَارِثِ ،
وَجَدُّ بْنُ قَيْسٍ ،
وَمُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ ،
وَثَعْلَبَةُ بْنُ حَاطِبٍ ، وَفِيهِمْ نَزَلَتِ الْآيَةُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ : فِي
مُعَتِّبٍ وَثَعْلَبَةَ ، خَرَجَا عَلَى مَلَأٍ فَقَالَا ذَلِكَ . وَقَالَ
ابْنُ السَّائِبِ فِي رَجُلٍ مِنْ
بَنِي عَمْرٍو بْنِ عَوْفٍ كَانَ لَهُ مَالٌ
بِالشَّامِ فَأَبْطَأَ عَنْهُ ، فَجَهِدَ لِذَلِكَ جَهْدًا شَدِيدًا ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=75لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ ) ، أَيْ : مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ ، لَأَصَّدَّقَنَّ مِنْهُ وَلَأَصِلَنَّ ، فَآتَاهُ فَلَمْ يَفْعَلْ . وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
ثَعْلَبَةَ ، وَذَكَرُوا لَهُ حَدِيثًا طَوِيلًا ، وَقَدْ لَخَّصْتُ مِنْهُ : أَنَّهُ سَأَلَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَهُ مَالًا فَقِيلَ لَهُ : قَلِيلٌ تُؤَدِّي شُكْرَهُ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ لَا تُطِيقُهُ ، فَأَلَحَّ عَلَيْهِ ، فَدَعَا اللَّهَ ، فَاتَّخَذَ غَنَمًا كَثُرَتْ حَتَّى ضَاقَتْ عَنْهَا
الْمَدِينَةُ ، فَنَزَلَ وَادِيًا وَمَا زَالَتْ تَنْمُو ، وَاشْتَغَلَ بِهَا حَتَّى تَرَكَ الصَّلَوَاتِ ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُصَدِّقَ ، فَقَالَ : مَا هَذِهِ إِلَّا جِزْيَةٌ ، مَا هَذِهِ إِلَّا أُخْتُ الْجِزْيَةِ ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ . فَأَخْبَرَهُ قَرِيبٌ لَهُ بِهَا ، فَجَاءَ بِصَدَقَتِهِ إِلَى الرَّسُولِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا ، فَلَمَّا قُبِضَ الرَّسُولُ أَتَى
أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ يَقْبَلْهَا ، ثُمَّ
عُمَرَ فَلَمْ يَقْبَلْهَا ، ثُمَّ
عُثْمَانَ فَلَمْ يَقْبَلْهَا ، وَهَلَكَ فِي أَيَّامِ
عُثْمَانَ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : " لَنَصَّدَّقَنْ وَلَنَكُونَنْ " بِالنُّونِ الْخَفِيفَةِ فِيهِمَا ، وَالظَّاهِرُ وَالْمُسْتَفِيضُ مِنْ أَسْبَابِ النُّزُولِ أَنَّهُمْ نَطَقُوا بِذَلِكَ وَلَفَظُوا بِهِ . وَقَالَ
مَعْبَدُ بْنُ ثَابِتٍ وَفِرْقَةٌ : لَمْ يَتَلَفَّظُوا بِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ نَوَوْهُ فِي أَنْفُسِهِمْ وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ ، أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=78أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ ) مِنَ الصَّالِحِينَ ، أَيْ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ فِي أَمْوَالِهِمْ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَالْإِنْفَاقِ فِي الْخَيْرِ وَالْحَجِّ وَأَعْمَالِ الْبِرِّ . وَقِيلَ : مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي طَلَبِ الْآخِرَةِ . ( بَخِلُوا بِهِ ) ، أَيْ : بِإِخْرَاجِ حَقِّهِ مِنْهُ ، وَكُلُّ بُخْلٍ أُعْقِبَ بِوَعِيدٍ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ مَنْعِ الْحَقِّ الْوَاجِبِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي ( فَأَعْقَبَهُمْ ) هُوَ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ ، عَاقَبَهُمْ عَلَى الذَّنْبِ بِمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : خَذَلَهُمْ حِينَ نَافَقُوا ، وَتَمَكَّنَ مِنْ قُلُوبِهِمْ نِفَاقُهُمْ فَلَا يَنْفَكُّ عَنْهَا إِلَى أَنْ يَمُوتُوا بِسَبَبِ إِخْلَافِهِمْ مَا وَعَدُوا اللَّهَ مِنَ التَّصَدُّقِ وَالصَّلَاحِ وَكَوْنِهِمْ كَاذِبِينَ ، وَمِنْهُ : خُلْفُ الْمَوْعِدِ ثُلُثُ النِّفَاقِ . انْتَهَى . وَقَوْلُهُ : " خَذَلَهُمْ " هُوَ لَفْظُ
الْمُعْتَزِلَةِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ : الضَّمِيرُ فِي ( فَأَعْقَبَهُمْ ) لِلْبُخْلِ ، أَيْ : فَأَوْرَثَهُمُ الْبُخْلَ نِفَاقًا مُتَمَكِّنًا فِي قُلُوبِهِمْ . وَقَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : ( فَأَعْقَبَهُمْ ) أَيِ الْبُخْلُ وَالتَّوَلِّي وَالْإِعْرَاضُ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نِفَاقَ كُفْرٍ ، وَيَكُونَ تَقْرِيرُ
ثَعْلَبَةَ بَعْدَ هَذَا النَّصِّ وَالْإِبْقَاءِ عَلَيْهِ لِمَكَانِ إِظْهَارِهِ الْإِسْلَامَ وَتَعَلُّقِهِ بِمَا فِيهِ احْتِمَالٌ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نِفَاقَ مَعْصِيَةٍ وَقِلَّةِ اسْتِقَامَةٍ ، فَيَكُونَ تَقْرِيرُهُ صَحِيحًا ، وَيَكُونُ تَرْكُ قَبُولِ الزَّكَاةِ مِنْهُ عِقَابًا لَهُ وَنَكَالًا . وَهَذَا نَحْوُ مَا رُوِيَ أَنَّ عَامِلًا كَتَبَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ فُلَانًا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَنْ دَعْهُ وَاجْعَلْ عُقُوبَتَهُ أَنْ لَا يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، يُرِيدُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْمَقْتِ فِي ذَلِكَ . وَالظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي : ( يَلْقَوْنَهُ ) ، عَلَى اللَّهِ تَعَالَى . وَقِيلَ : يَلْقَوْنَ الْجَزَاءَ . فَقِيلَ : جَزَاءَ بُخْلِهِمْ . وَقِيلَ : جَزَاءَ أَفْعَالِهِمْ .
وَقَرَأَ
أَبُو رَجَاءٍ : ( يُكَذِّبُونَ ) بِالتَّشْدِيدِ . وَلَفْظَةُ ( فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا ) لَا تَدُلُّ وَلَا تُشْعِرُ بِأَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا ، ثُمَّ لَمَّا بَخِلَ وَلَمْ يَفِ
[ ص: 75 ] بِالْعَهْدِ صَارَ مُنَافِقًا ، كَمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ ; لِأَنَّ الْمُعَقَّبَ نِفَاقٌ مُتَّصِلٌ إِلَى وَقْتِ الْمُوَافَاةِ ، فَهُوَ نِفَاقٌ مُقَيَّدٌ بِغَايَةٍ ، وَلَا يَدُلُّ الْمُقَيَّدُ عَلَى انْتِفَاءِ الْمُطْلَقِ قَبْلَهُ . وَإِذَا كَانَ الضَّمِيرُ عَائِدًا عَلَى اللَّهِ فَلَا يَكُونُ اللِّقَاءُ مُتَضَمِّنًا رُؤْيَةَ اللَّهِ ; لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ لَا يَرَوْنَ اللَّهَ ، فَالِاسْتِدْلَالُ بِاللِّقَاءِ عَلَى الرُّؤْيَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=44تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ) لَيْسَ بِظَاهِرٍ ، وَلِقَوْلِهِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374511مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ كَاذِبَةٍ لِيَقْتَطِعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا : لَقِيَ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعِقَابِ . ( أَلَمْ يَعْلَمُوا ) هَذَا اسْتِفْهَامٌ تَضَمَّنَ التَّوْبِيخَ وَالتَّقْرِيعَ .
وَقَرَأَ
عَلِيٌّ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْحَسَنُ : " تَعْلَمُوا " بِالتَّاءِ ، وَهُوَ خِطَابٌ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيرِ . وَأَنَّهُ تَعَالَى فَاضِحُ الْمُنَافِقِينَ ، وَمُعْلِمُ الْمُؤْمِنِينَ أَحْوَالَهُمُ الَّتِي يَكْتُمُونَهَا شَيْئًا فَشَيْئًا سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ . هَذَا التَّقْسِيمُ عِبَارَةٌ عَنْ إِحَاطَةِ عِلْمِ اللَّهِ بِهِمْ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْآيَةَ فِي جَمِيعِ الْمُنَافِقِينَ مَنْ عَاهَدَ وَأَخْلَفَ وَغَيْرِهِمْ ، وَخَصَّتْهَا فِرْقَةٌ بِمَنْ عَاهَدَ وَأَخْلَفَ . فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : مَا أَسَرُّوهُ مِنَ النِّفَاقِ وَالْعَزْمِ عَلَى إِخْلَافِ مَا وَعَدُوهُ ، وَمَا يَتَنَاجَوْنَ بِهِ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْمَطَاعِنِ فِي الدِّينِ ، وَتَسْمِيَةِ الصَّدَقَةِ جِزْيَةً ، وَتَدْبِيرِ مَنْعِهَا . وَقِيلَ : أَشَارَ بِسِرِّهِمْ إِلَى مَا يُخْفُونَهُ مِنَ النِّفَاقِ ، وَبِنَجْوَاهُمْ إِلَى مَا يُفِيضُونَ بِهِ بَيْنَهُمْ مِنْ تَنْقِيصِ الرَّسُولِ ، وَتَعْيِيبِ الْمُؤْمِنِينَ . وَقِيلَ : سِرُّهُمْ مَا يُسَارُّ بِهِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَنَجْوَاهُمْ مَا تَحَدَّثُوا بِهِ جَهْرًا بَيْنَهُمْ ، وَهَذِهِ أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةٌ مُتَّفِقَةٌ فِي الْمَعْنَى .