الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ) : النهي عن الصلاة على المنافقين إذا ماتوا - عقوبة ثانية وخزي متأبد عليهم . وكان فيما روي يصلي على المنافقين إذا ماتوا ، ويقوم على قبورهم بسبب ما يظهرونه من الإسلام ، فإنهم كانوا يتلفظون بكلمتي الشهادة ، ويصلون ، ويصومون ، فبنى الأمر على ما ظهر من أقوالهم وأفعالهم ، ووكل سرائرهم إلى الله ، ولم يزل على ذلك حتى وقعت واقعة عبد الله بن أبي . وطول الزمخشري وغيره في قصته ، فتظافرت الروايات أنه صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية بعد ذلك . وروى أنس أنه لما تقدم ليصلي عليه جاءه جبريل فجذبه بثوبه وتلا عليه : ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ) ، فانصرف ولم يصل . وذكروا محاورة عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاء ليصلي عليه . و ( مات ) صفة لـ ( أحد ) ، فقدم الوصف بالمجرور ثم بالجملة ، وهو ماض بمعنى المستقبل ؛ لأن الموت غير موجود لا محالة . نهاه الله عن الصلاة عليه ، والقيام على قبره وهو الوقوف عند قبره حتى يفرغ من دفنه . وقيل : المعنى : ولا تتولوا دفنه وقبره ، فالقبر مصدر . كان صلى الله عليه وسلم إذا دفن الميت وقف على قبره ودعا له ، فنهي عن ذلك في حق المنافقين ، فلم يصل بعد على منافق ، ولا قام على قبره . ( إنهم كفروا ) تعليل للمنع من الصلاة والقيام بما يقتضي الامتناع من ذلك ، وهو الكفر والموافاة عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية