(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122nindex.php?page=treesubj&link=28980وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) : لما سمعوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=120ما كان لأهل المدينة ) الآية ; أهمهم ذلك ، فنفروا إلى
المدينة إلى الرسول ، فنزلت . وقيل : قال المنافقون حين نزلت (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=120ما كان لأهل المدينة ) الآية : هكذا أهل البوادي ، فنزلت . وقيل : لما دعا الرسول على مضر بالسنين أصابتهم مجاعة ، فنفروا إلى
المدينة للمعاش وكادوا يفسدونها ، وكان أكثرهم غير صحيح الإيمان ، وإنما أقدمه الجوع ، فنزلت الآية ، فقال : وما كان من ضعفة الإيمان لينفروا مثل هذا النفير ، أي : ليس هؤلاء بمؤمنين . وعلى هذه الأقوال لا يكون النفير إلى الغزو ، والضمير الذي في (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122ليتفقهوا ) عائد على الطائفة النافرة ، وهذا هو الظاهر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الآية في البعوث والسرايا . والآية المتقدمة ثابتة الحكم مع خروج الرسول في الغزو ، وهذه ثابتة الحكم إذا لم يخرج ، أي : يجب إذا لم يخرج ألا ينفر الناس كافة ، فيبقى هو مفردا . وإنما ينبغي
[ ص: 114 ] أن
nindex.php?page=treesubj&link=18467_8132ينفر طائفة وتبقى طائفة لتتفقه هذه الطائفة في الدين ، وتنذر النافرين إذا رجعوا إليهم . وقالت فرقة : هذه الآية ناسخة لكل ما ورد من إلزام الناس كافة النفير والقتال ، فعلى هذا وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يكون الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122ليتفقهوا ) عائدا على الطائفة المقيمة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ويكون معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122ولينذروا قومهم ) ، أي : الطائفة النافرة إلى الغزو يعلمونهم بما تجدد من أحكام الشريعة وتكاليفها ، وكان ثم جملة محذوفة دل عليها تقسيمها ، أي : فهلا نفر من كل فرقة منهم طائفة وقعدت أخرى ليتفقهوا . وقيل : على أن يكون النفير إلى الغزو يصح أن يكون الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122ليتفقهوا ) عائدا على النافرين ، ويكون تفقههم في الغزو بما يرون من نصرة الله لدينه ، وإظهاره الفئة القليلة من المؤمنين على الكثيرة من الكافرين ، وذلك دليل على صحة الإسلام ، وإخبار الرسول بظهور هذا الدين . والذي يظهر أن هذه الآية إنما جاءت للحض على طلب العلم والتفقه في دين الله ، وأنه لا يمكن أن يرحل المؤمنون كلهم في ذلك فتعرى بلادهم منهم ويستولي عليها وعلى ذراريهم أعداؤهم ، فهلا رحل طائفة منهم للتفقه في الدين ولإنذار قومهم ، فذكر العلة للنفير وهي التفقه أولا ، ثم الإعلام لقومهم بما علموه من أمر الشريعة ، أي : فهلا نفر من كل جماعة كثيرة جماعة قليلة منهم فكفوهم النفير ، وقام كل بمصلحة هذه بحفظ بلادهم ، وقتال أعدائهم ، وهذه لتعلم العلم وإفادتها المقيمين إذا رجعوا إليهم .
ومناسبة هذه الآية لما قبلها أن كلا النفيرين هو في سبيل الله ، وإحياء دينه : هذا بالعلم ، وهذا بالقتال . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122ليتفقهوا في الدين ) ليتكلفوا الفقاهة فيه ، ويتجشموا المشاق في أخذها وتحصيلها ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122ولينذروا قومهم ) وليجعلوا غرضهم ومرمى همتهم في التفقه إنذار قومهم وإرشادهم والنصيحة لهم لعلهم يحذرون إرادة أن يحذروا الله تعالى ، فيعملوا عملا صالحا . ووجه آخر : وهو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث بعثا بعد غزوة
تبوك وبعد ما نزل في المتخلفين من الآيات الشدائد استبق المؤمنون عن آخرهم إلى النفير ، وانقطعوا جميعا عن الوحي والتفقه في الدين ، فأمروا بأن ينفر من كل فرقة منهم طائفة إلى الجهاد ، وتبقى أعقابهم يتفقهون حتى لا ينقطعوا عن التفقه الذي هو الجهاد الأكبر ؛ لأن الجهاد بالحجة أعظم أمرا من الجهاد بالسيف . وقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122ليتفقهوا ) الضمير فيه للفرق الباقية بعد الطوائف النافرة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122ولينذروا قومهم ) ولينذر الفرق الباقية قومهم النافرين إذا رجعوا إليهم ما حصلوا في أيام غيبتهم من العلوم ، وعلى الأول الضمير للطائفة النافرة إلى
المدينة للتفقه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122nindex.php?page=treesubj&link=28980وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) : لَمَّا سَمِعُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=120مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ) الْآيَةَ ; أَهَمَّهُمْ ذَلِكَ ، فَنَفَرُوا إِلَى
الْمَدِينَةِ إِلَى الرَّسُولِ ، فَنَزَلَتْ . وَقِيلَ : قَالَ الْمُنَافِقُونَ حِينَ نَزَلَتْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=120مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ) الْآيَةَ : هَكَذَا أَهْلُ الْبَوَادِي ، فَنَزَلَتْ . وَقِيلَ : لَمَّا دَعَا الرَّسُولُ عَلَى مُضَرَ بِالسِّنِينَ أَصَابَتْهُمْ مَجَاعَةٌ ، فَنَفَرُوا إِلَى
الْمَدِينَةِ لِلْمَعَاشِ وَكَادُوا يُفْسِدُونَهَا ، وَكَانَ أَكْثَرُهُمْ غَيْرَ صَحِيحِ الْإِيمَانِ ، وَإِنَّمَا أَقْدَمَهُ الْجُوعُ ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ ، فَقَالَ : وَمَا كَانَ مِنْ ضَعَفَةِ الْإِيمَانِ لِيَنْفِرُوا مِثْلَ هَذَا النَّفِيرِ ، أَيْ : لَيْسَ هَؤُلَاءِ بِمُؤْمِنِينَ . وَعَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ لَا يَكُونُ النَّفِيرُ إِلَى الْغَزْوِ ، وَالضَّمِيرُ الَّذِي فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122لِيَتَفَقَّهُوا ) عَائِدٌ عَلَى الطَّائِفَةِ النَّافِرَةِ ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الْآيَةُ فِي الْبُعُوثِ وَالسَّرَايَا . وَالْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ ثَابِتَةُ الْحُكْمِ مَعَ خُرُوجِ الرَّسُولِ فِي الْغَزْوِ ، وَهَذِهِ ثَابِتَةُ الْحُكْمِ إِذَا لَمْ يَخْرُجْ ، أَيْ : يَجِبُ إِذَا لَمْ يَخْرُجْ أَلَّا يَنْفِرَ النَّاسُ كَافَّةً ، فَيَبْقَى هُوَ مُفْرَدًا . وَإِنَّمَا يَنْبَغِي
[ ص: 114 ] أَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=18467_8132يَنْفِرَ طَائِفَةٌ وَتَبْقَى طَائِفَةٌ لِتَتَفَقَّهَ هَذِهِ الطَّائِفَةُ فِي الدِّينِ ، وَتُنْذِرَ النَّافِرِينَ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : هَذِهِ الْآيَةُ نَاسِخَةٌ لِكُلِّ مَا وَرَدَ مِنْ إِلْزَامِ النَّاسِ كَافَّةً النَّفِيرَ وَالْقِتَالَ ، فَعَلَى هَذَا وَعَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ يَكُونُ الضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122لِيَتَفَقَّهُوا ) عَائِدًا عَلَى الطَّائِفَةِ الْمُقِيمَةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَكُونُ مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ ) ، أَيْ : الطَّائِفَةَ النَّافِرَةَ إِلَى الْغَزْوِ يُعْلِمُونَهُمْ بِمَا تَجَدَّدَ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ وَتَكَالِيفِهَا ، وَكَانَ ثَمَّ جُمْلَةٌ مَحْذُوفَةٌ دَلَّ عَلَيْهَا تَقْسِيمُهَا ، أَيْ : فَهَلَّا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ وَقَعَدَتْ أُخْرَى لِيَتَفَقَّهُوا . وَقِيلَ : عَلَى أَنْ يَكُونَ النَّفِيرُ إِلَى الْغَزْوِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122لِيَتَفَقَّهُوا ) عَائِدًا عَلَى النَّافِرِينَ ، وَيَكُونَ تَفَقُّهُهُمْ فِي الْغَزْوِ بِمَا يَرَوْنَ مِنْ نُصْرَةِ اللَّهِ لِدِينِهِ ، وَإِظْهَارِهِ الْفِئَةَ الْقَلِيلَةَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْكَثِيرَةِ مِنَ الْكَافِرِينَ ، وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَإِخْبَارِ الرَّسُولِ بِظُهُورِ هَذَا الدِّينِ . وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا جَاءَتْ لِلْحَضِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ وَالتَّفَقُّهِ فِي دِينِ اللَّهِ ، وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْحَلَ الْمُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ فِي ذَلِكَ فَتَعْرَى بِلَادُهُمْ مِنْهُمْ وَيَسْتَوْلِي عَلَيْهَا وَعَلَى ذَرَارِيِّهِمْ أَعْدَاؤُهُمْ ، فَهَلَّا رَحَلَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ لِلتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ وَلِإِنْذَارِ قَوْمِهِمْ ، فَذَكَرَ الْعِلَّةَ لِلنَّفِيرِ وَهِيَ التَّفَقُّهُ أَوَّلًا ، ثُمَّ الْإِعْلَامُ لِقَوْمِهِمْ بِمَا عَلِمُوهُ مِنْ أَمْرِ الشَّرِيعَةِ ، أَيْ : فَهَلَّا نَفَرَ مِنْ كُلِّ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ جَمَاعَةٌ قَلِيلَةٌ مِنْهُمْ فَكَفَوْهُمُ النَّفِيرَ ، وَقَامَ كُلٌّ بِمَصْلَحَةٍ هَذِهِ بِحِفْظِ بِلَادِهِمْ ، وَقِتَالِ أَعْدَائِهِمْ ، وَهَذِهِ لِتَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَإِفَادَتِهَا الْمُقِيمِينَ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ .
وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّ كِلِا النَّفِيرَيْنِ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَإِحْيَاءِ دِينِهِ : هَذَا بِالْعِلْمِ ، وَهَذَا بِالْقِتَالِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ) لِيَتَكَلَّفُوا الْفَقَاهَةَ فِيهِ ، وَيَتَجَشَّمُوا الْمَشَاقَّ فِي أَخْذِهَا وَتَحْصِيلِهَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ ) وَلِيَجْعَلُوا غَرَضَهُمْ وَمَرْمَى هِمَّتِهِمْ فِي التَّفَقُّهِ إِنْذَارَ قَوْمِهِمْ وَإِرْشَادَهُمْ وَالنَّصِيحَةَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ إِرَادَةَ أَنْ يَحْذَرُوا اللَّهَ تَعَالَى ، فَيَعْمَلُوا عَمَلًا صَالِحًا . وَوَجْهٌ آخَرُ : وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا بَعَثَ بَعْثًا بَعْدَ غَزْوَةِ
تَبُوكَ وَبَعْدَ مَا نَزَلَ فِي الْمُتَخَلِّفِينَ مِنَ الْآيَاتِ الشَّدَائِدِ اسْتَبَقَ الْمُؤْمِنُونَ عَنْ آخِرِهِمْ إِلَى النَّفِيرِ ، وَانْقَطَعُوا جَمِيعًا عَنِ الْوَحْيِ وَالتَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ ، فَأُمِرُوا بِأَنْ يَنْفِرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ إِلَى الْجِهَادِ ، وَتَبْقَى أَعْقَابُهُمْ يَتَفَقَّهُونَ حَتَّى لَا يَنْقَطِعُوا عَنِ التَّفَقُّهِ الَّذِي هُوَ الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ ؛ لِأَنَّ الْجِهَادَ بِالْحُجَّةِ أَعْظَمُ أَمْرًا مِنَ الْجِهَادِ بِالسَّيْفِ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122لِيَتَفَقَّهُوا ) الضَّمِيرُ فِيهِ لِلْفِرَقِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ الطَّوَائِفِ النَّافِرَةِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=122وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ ) وَلِيُنْذِرَ الْفِرَقُ الْبَاقِيَةُ قَوْمَهُمُ النَّافِرِينَ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ مَا حَصَّلُوا فِي أَيَّامِ غَيْبَتِهِمْ مِنَ الْعُلُومِ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ الضَّمِيرُ لِلطَّائِفَةِ النَّافِرَةِ إِلَى
الْمَدِينَةِ لِلتَّفَقُّهِ .