(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وأن استغفروا ) : معطوف على (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=26أن لا تعبدوا ) : نهي أو نفي : أي : لا يعبد إلا الله . وأمر بالاستغفار من الذنوب ، ثم بالتوبة ، وهما معنيان متباينان ، لأن الاستغفار : طلب المغفرة وهي : الستر ، والمعنى : أنه لا يبقى لها تبعة . والتوبة : الانسلاخ من المعاصي ، والندم على ما سلف منها ، والعزم على عدم العود إليها .
ومن قال : الاستغفار : توبة ، جعل قوله : ثم توبوا ، بمعنى : أخلصوا التوبة واستقيموا عليها . قال
ابن عطية : وثم مرتبة ، لأن الكافر أول ما ينيب ، فإنه في طلب مغفرة ربه ، فإذا تاب وتجرد من الكفر تم إيمانه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : ما معنى ثم في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3ثم توبوا إليه ) ؟ ( قلت ) : معناه : استغفروا من الشرك ، ثم ارجعوا إليه بالطاعة . وقرأ
الحسن وابن هرمز nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي وابن محيصن : يمتعكم بالتخفيف من أمتع ، وانتصب متاعا على أنه مصدر جاز على غير الفعل ، أو على أنه مفعول به لأنك تقول : متعت زيدا ثوبا ، والمتاع الحسن : الرضا بالميسور والصبر على المقدور ، أو : حسن العمل وقطع الأمل ، أو : النعمة الكافية مع الصحة والعافية ، أو : الحلال الذي لا طلب فيه ولا تعب ، أو : لزوم القناعة وتوفيق الطاعة أقوال . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : يطول نفعكم في الدنيا بمنافع حسنة مرضية ، وعيشة واسعة ، ونعمة متتابعة . قال
ابن عطية : وقيل هو فوائد الدنيا وزينتها ، وهذا ضعيف . لأن الكفار يشاركون في ذلك أعظم مشاركة ، وربما زادوا على المسلمين في ذلك . قال : ووصف المتاع بالحسن إنما هو لطيب عيش المؤمن برجائه في الله عز وجل ، وفي ثوابه وفرحه بالتقرب إليه بمفروضاته ، والسرور بمواعيده ، والكافر ليس في شيء من هذا ، والأجل المسمى : هو أجل الموت ، قاله :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والحسن . وقال
ابن جبير : يوم القيامة ، والضمير في فضله يحتمل أن يعود على الله تعالى ، أي : يعطي في الآخرة كل من كان له فضل في عمل الخير ، وزيادة على ما تفضل به تعالى وزاده . ويحتمل أن يعود على ( كل ) أي : جزاء ذلك الفضل الذي عمله في الدنيا لا يبخس منه شيء ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15نوف إليهم أعمالهم فيها ) أي : جزاءها . والدرجات تتفاضل في الجنة بتفاضل الطاعات ، وتقدم أمران بينهما تراخ ، ورتب عليهما جوابان بينهما تراخ ، ترتب على الاستغفار التمتيع : المتاع الحسن في الدنيا ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52يرسل السماء عليكم مدرارا ) الآية ، وترتب على التوبة : إيتاء الفضل في الآخرة ، وناسب كل جواب لما وقع جوابا له ، لأن الاستغفار من الذنب أول حال الراجع إلى الله ، فناسب أن يرتب عليه حال الدنيا .
والتوبة هي المنجية من النار ، والتي تدخل الجنة ، فناسب أن يرتب عليها حال الآخرة . والظاهر أن ( تولوا ) : مضارع حذف منه التاء ، أي : وإن تتولوا . وقيل : هو ماض للغائبين ، والتقدير : قيل لهم : إني أخاف عليكم . وقرأ
اليماني وعيسى بن عمر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وإن تولوا ) بضم التاء واللام وفتح الواو ، مضارع ولى ، والأولى : مضارع تولى . وفي كتاب اللوامح
اليماني وعيسى البصرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وإن تولوا ) بثلاث ضمات مرتبا للمفعول به ، وهو ضد التبري . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج : تولوا بضم التاء واللام . وسكون الواو ، مضارع أولى ، ووصف يوم بكبير وهو يوم القيامة لما يقع فيه من الأهوال .
وقيل : هو يوم
بدر وغيره من الأيام التي يرموا فيها بالخذلان والقتل والسبي والنهب ،
[ ص: 202 ] وأبعد من ذهب إلى أن ( كبير ) صفة لعذاب ، وخفض على الجوار . وباقي الآية تضمنت تهديدا عظيما وصرحت بالبعث ، وذكر أن قدرته عامة لجميع ما يشاء ، ومن ذلك : البعث ، فهو لا يعجزه ما شاء من عذابهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا ) : مَعْطُوفٌ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=26أَنْ لَا تَعْبُدُوا ) : نَهْيٌ أَوْ نَفْيٌ : أَيْ : لَا يُعْبَدُ إِلَّا اللَّهُ . وَأَمْرٌ بِالِاسْتِغْفَارِ مِنَ الذُّنُوبِ ، ثُمَّ بِالتَّوْبَةِ ، وَهُمَا مَعْنَيَانِ مُتَبَايِنَانِ ، لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ : طَلَبُ الْمَغْفِرَةَ وَهِيَ : السَّتْرُ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ لَا يَبْقَى لَهَا تَبِعَةٌ . وَالتَّوْبَةُ : الِانْسِلَاخُ مِنَ الْمَعَاصِي ، وَالنَّدَمُ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهَا ، وَالْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إِلَيْهَا .
وَمَنْ قَالَ : الِاسْتِغْفَارُ : تَوْبَةٌ ، جَعَلَ قَوْلَهُ : ثُمَّ تُوبُوا ، بِمَعْنَى : أَخْلِصُوا التَّوْبَةَ وَاسْتَقِيمُوا عَلَيْهَا . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَثُمَّ مُرَتِّبَةٌ ، لِأَنَّ الْكَافِرَ أَوَّلُ مَا يُنِيبُ ، فَإِنَّهُ فِي طَلَبِ مَغْفِرَةِ رَبِّهِ ، فَإِذَا تَابَ وَتَجَرَّدَ مِنَ الْكُفْرِ تَمَّ إِيمَانُهُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : مَا مَعْنَى ثُمَّ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ ) ؟ ( قُلْتُ ) : مَعْنَاهُ : اسْتَغْفِرُوا مِنَ الشِّرْكِ ، ثُمَّ ارْجِعُوا إِلَيْهِ بِالطَّاعَةِ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَابْنُ هُرْمُزَ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ : يُمْتِعْكُمْ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ أَمْتَعَ ، وَانْتَصَبَ مَتَاعًا عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ جَازَ عَلَى غَيْرِ الْفِعْلِ ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِأَنَّكَ تَقُولُ : مَتَّعْتُ زَيْدًا ثَوْبًا ، وَالْمَتَاعُ الْحَسَنُ : الرِّضَا بِالْمَيْسُورِ وَالصَّبْرُ عَلَى الْمَقْدُورِ ، أَوْ : حُسْنُ الْعَمَلِ وَقَطْعُ الْأَمَلِ ، أَوِ : النِّعْمَةُ الْكَافِيَةُ مَعَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ ، أَوِ : الْحَلَالُ الَّذِي لَا طَلَبَ فِيهِ وَلَا تَعَبَ ، أَوْ : لُزُومُ الْقَنَاعَةِ وَتَوْفِيقُ الطَّاعَةِ أَقْوَالٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : يَطُولُ نَفْعُكُمْ فِي الدُّنْيَا بِمَنَافِعَ حَسَنَةٍ مُرْضِيَةٍ ، وَعِيشَةٍ وَاسِعَةٍ ، وَنِعْمَةٍ مُتَتَابِعَةٍ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقِيلَ هُوَ فَوَائِدُ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ، وَهَذَا ضَعِيفٌ . لِأَنَّ الْكُفَّارَ يُشَارِكُونَ فِي ذَلِكَ أَعْظَمَ مُشَارَكَةٍ ، وَرُبَّمَا زَادُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ . قَالَ : وَوَصْفُ الْمَتَاعِ بِالْحُسْنِ إِنَّمَا هُوَ لِطِيبِ عَيْشِ الْمُؤْمِنِ بِرَجَائِهِ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَفِي ثَوَابِهِ وَفَرَحِهِ بِالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِمَفْرُوضَاتِهِ ، وَالسُّرُورِ بِمَوَاعِيدِهِ ، وَالْكَافِرُ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا ، وَالْأَجَلُ الْمُسَمَّى : هُوَ أَجَلُ الْمَوْتِ ، قَالَهُ :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ . وَقَالَ
ابْنُ جُبَيْرٍ : يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، وَالضَّمِيرُ فِي فَضْلِهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، أَيْ : يُعْطِي فِي الْآخِرَةِ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ ، وَزِيَادَةً عَلَى مَا تَفَضَّلَ بِهِ تَعَالَى وَزَادَهُ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ عَلَى ( كُلَّ ) أَيْ : جَزَاءُ ذَلِكَ الْفَضْلِ الَّذِي عَمَلَهُ فِي الدُّنْيَا لَا يُبْخَسُ مِنْهُ شَيْءٌ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا ) أَيْ : جَزَاءَهَا . وَالدَّرَجَاتُ تَتَفَاضَلُ فِي الْجَنَّةِ بِتَفَاضُلِ الطَّاعَاتِ ، وَتَقَدَّمَ أَمْرَانِ بَيْنَهُمَا تَرَاخٍ ، وَرُتِّبَ عَلَيْهِمَا جَوَابَانِ بَيْنَهُمَا تَرَاخٍ ، تَرَتَّبَ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ التَّمْتِيعُ : الْمَتَاعُ الْحَسَنُ فِي الدُّنْيَا ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=10فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ) الْآيَةَ ، وَتَرَتَّبَ عَلَى التَّوْبَةِ : إِيتَاءُ الْفَضْلِ فِي الْآخِرَةِ ، وَنَاسَبَ كُلَّ جَوَابٍ لِمَا وَقَعَ جَوَابًا لَهُ ، لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ مِنَ الذَّنْبِ أَوَّلُ حَالِ الرَّاجِعِ إِلَى اللَّهِ ، فَنَاسَبَ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَيْهِ حَالُ الدُّنْيَا .
وَالتَّوْبَةُ هِيَ الْمُنْجِيَةُ مِنَ النَّارِ ، وَالَّتِي تُدْخِلُ الْجَنَّةَ ، فَنَاسَبَ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَيْهَا حَالُ الْآخِرَةِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ ( تَوَلَّوْا ) : مُضَارِعٌ حُذِفَ مِنْهُ التَّاءُ ، أَيْ : وَإِنْ تَتَوَلَّوْا . وَقِيلَ : هُوَ مَاضٍ لِلْغَائِبِينَ ، وَالتَّقْدِيرُ : قِيلَ لَهُمْ : إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ . وَقَرَأَ
الْيَمَانِيُّ وَعِيسَى بْنُ عُمَرَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَإِنْ تَوَلَّوْا ) بِضَمِّ التَّاءِ وَاللَّامِ وَفَتْحِ الْوَاوِ ، مُضَارِعُ وَلَّى ، وَالْأُولَى : مُضَارِعُ تَوَلَّى . وَفِي كِتَابِ اللَّوَامِحِ
الْيَمَانِيُّ وَعِيسَى الْبَصْرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=3وَإِنْ تَوَلَّوْا ) بِثَلَاثِ ضَمَّاتٍ مُرَتَّبًا لِلْمَفْعُولِ بِهِ ، وَهُوَ ضِدُّ التَّبَرِّي . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجُ : تُولُوا بِضَمِّ التَّاءِ وَاللَّامِ . وَسُكُونِ الْوَاوِ ، مُضَارِعُ أَوْلَى ، وَوُصِفَ يَوْمٌ بِكَبِيرٍ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لِمَا يَقَعُ فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ .
وَقِيلَ : هُوَ يَوْمُ
بَدْرٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَيَّامِ الَّتِي يُرْمُوا فِيهَا بِالْخِذْلَانِ وَالْقَتْلِ وَالسَّبْيِ وَالنَّهْبِ ،
[ ص: 202 ] وَأَبْعَدَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ ( كَبِيرٍ ) صِفَةٌ لِعَذَابٍ ، وَخُفِضَ عَلَى الْجِوَارِ . وَبَاقِي الْآيَةِ تَضَمَّنَتْ تَهْدِيدًا عَظِيمًا وَصَرَّحَتْ بِالْبَعْثِ ، وَذَكَرَ أَنَّ قُدْرَتَهُ عَامَّةٌ لِجَمِيعِ مَا يَشَاءُ ، وَمِنْ ذَلِكَ : الْبَعْثُ ، فَهُوَ لَا يُعْجِزُهُ مَا شَاءَ مِنْ عَذَابِهِمْ .