(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=28982أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون ) :
[ ص: 208 ] الظاهر أن أم منقطعة تتقدر : ببل والهمزة ، أي : أيقولون افتراه . وقال
ابن القشيري : أم استفهام توسط الكلام على معنى : أيكتفون بما أوحيت إليك من القرآن ، أم يقولون إنه ليس من عند الله ؟ فإن قالوا : إنه ليس من عند الله فليأتوا بمثله ، انتهى . فجعل أم متصلة ، والظاهر الانقطاع كما قلنا ، والضمير في ( افتراه ) عائد على قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=12ما يوحى إليك ) ، وهو : القرآن . ومناسبة هذه الآية لما قبلها أنها لا تتعلق أطماعهم بأن يترك بعض ما يوحى إليه إلا لدعواهم : أنه ليس من عند الله ، وأنه هو الذي افتراه ، وإنما تحداهم أولا بعشر سور مفتريات قبل تحديهم بسورة ، إذ كانت هذه السورة مكية ، والبقرة مدنية ، وسورة يونس أيضا مكية ، ومقتضى التحدي بعشر أن يكون قبل طلب المعارضة بسورة ، فلما نسبوه إلى الافتراء طلب منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات إرخاء لعنانهم ، وكأنه يقول : هبوا إني اختلقته ولم يوح إلي فأتوا أنتم بكلام مثله مختلق من عند أنفسكم ، فأنتم عرب فصحاء مثلي ، لا تعجزون عن مثل ما أقدر عليه من الكلام ، وإنما عين بقوله : ( مثله ) في حسن النظم والبيان ، وإن كان مفترى ، وشأن من يريد تعجيز شخص أن يطالبه أولا : بأن يفعل أمثالا مما فعل هو ، ثم إذا تبين عجزه قال له : افعل مثلا واحدا ، ومثل : يوصف به المفرد والمثنى والمجموع كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=47أنؤمن لبشرين مثلنا ) وتجوز المطابقة في التثنية والجمع كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=38ثم لا يكونوا أمثالكم ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=22وحور عين nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=23كأمثال اللؤلؤ المكنون ) وإذا أفرد وهو تابع لمثنى أو مجموع فهو بتقدير المثنى والمجموع ، أي : مثلين وأمثال .
والمعنى هنا : بعشر سور أمثاله ذهابا إلى مماثلة كل سورة منها له . وقال
ابن عطية : وقع التحدي في هذه الآية بعشر لأنه قيدها بالافتراء ، فوسع عليهم في القدر لتقوم الحجة غاية القيام ، إذ قد عجزهم في غير هذه الآية بسورة مثله دون تقييد ، فهي مماثلة تامة في غيوب القرآن ونظمه ووعده ووعيده ، وعجزوا في هذه الآية بأن قيل لهم : عارضوا القدر منه بعشر أمثاله في التقدير ، والغرض واحد ، واجعلوه مفترى لا يبقى لكم إلا نظمه ، فهذه غاية التوسعة .
وليس المعنى : عارضوا عشر سور بعشر ، لأن هذه إنما كانت تجيء معارضة سورة بسورة مفتراة ، ولا يبالي عن تقديم نزول هذه على هذه ، ويؤيد هذا النظر أن التكليف في آية البقرة إنما هو بسبب الريب ، ولا يزيل الريب إلا العلم بأنهم لا يقدرون على المماثلة التامة . وفي هذه الآية إنما التكليف بسبب قولهم افتراه وكلفوا نحو ما قالوا : ولا يطرد هذا في آية
يونس .
وقال بعض الناس : هذه مقدمة في النزول على تلك ، ولا يصح أن تكون السورة الواحدة إلا مفتراة ، وآية سورة يونس في تكليف سورة مرتبة على قولهم : افتراه ، وكذلك آية البقرة إنما رمتهم بأن القرآن مفترى .
وقائل هذا القول لم يلحظ الفرق بين التكليفين في كمال المماثلة مرة ، ووقوفها على النظم مرة ، انتهى .
والظاهر أن قوله : ( مثله ) ، لا يراد به المثلية في كون المعارض عشر سور ، بل مثله يدل على : مماثلة في مقدار ما من القرآن .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن السور التي وقع بها طلب المعارضة لها هي معينة : البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال ، والتوبة ، ويونس ، وهود .
فقوله : ( مثله ) ، أي : مثل هذه عشر السور ، وهذه السور أكثرها مدني ، فكيف تصح الحوالة بـ
مكة على ما لم ينزل بعد ؟ ولعل هذا لا يصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والضمير في فإن لم يستجيبوا لكم ، عائد على من طلب منهم المعارضة ، ولكم : الضمير جمع يشمل الرسول والمؤمنين .
وجاز أن يكون خطابا للرسول - صلى الله عليه وسلم - على سبيل التعظيم ، كما جاء (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50فإن لم يستجيبوا لك ) قاله
مجاهد . وقيل : ضمير يستجيبوا عائد على المدعوين ، ولكم : خطاب للمأمورين بدعاء من استطاعوا ، قاله
الضحاك ، أي : فإن لم يستجب من تدعونه إلى المعارضة فأذعنوا حينئذ ، وعلموا أنه من عند الله ، وأنه أنزل ملتبسا بما لا يعلمه إلا الله من نظم معجز للخلق ، وإخبار بغيوب لا سبيل لهم إليه ،
[ ص: 209 ] وأعلموا عند ذلك أنه لا إله إلا هو ، وأن توحيده واجب ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فهل أنتم مسلمون ) أي : تابعون للإسلام بعد ظهور هذه الحجة القاطعة ؟ وعلى أن الخطاب للمؤمنين ، معنى ( فاعلموا ) : أي : دوموا على العلم وازدادوا يقينا وثبات قدم أنه من عند الله . ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فهل أنتم مسلمون ) : أي : مخلصوا الإسلام ، وقال
مقاتل : بعلم الله : بإذن الله .
وقال
الكلبي : بأمره . وقال
القتبي : من عند الله ، والذي يظهر أن الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فإن لم يستجيبوا ) عائد على (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=13من استطعتم ) ، وفي لكم عائد على الكفار ، لعود الضمير على أقرب مذكور ، ولكون الخطاب يكون لواحد ، ولترتب الجواب على الشرط ترتبا حقيقيا من الأمر بالعلم ، ولا يتحرر بأنه أراد به : فدوموا على العلم ، ودوموا على العلم بأنه لا إله إلا هو ، ولأن يكون قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فهل أنتم مسلمون ) : تحريضا على تحصيل الإسلام ، لا أنه يراد به : الإخلاص .
ولما طولبوا بالمعارضة وأمروا بأن يدعوا من يساعدهم على تمكن المعارضة ، ولا استجاب أصنامهم ولا آلهتهم لهم ، أمروا بأن يعلموا أنه من عند الله وليس مفترى فتمكن معارضته ، وأنه تعالى هو المختص بالألوهية لا يشركه في شيء منها آلهتهم وأصنامهم ، فلا يمكن أن يجيبوا لظهور عجزهم ، وأنها لا تنفع ولا تضر في شيء من المطالب .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : ( إنما نزل ) بفتح النون والزاي وتشديدها ، واحتمل أن تكون ما مصدرية ، أي : إن التنزيل ، واحتمل أن تكون بمعنى : الذي ، أي : إن الذي نزله ، وحذف الضمير المنصوب لوجود جواز الحذف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=28982أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) :
[ ص: 208 ] الظَّاهِرُ أَنَّ أَمْ مُنْقَطِعَةٌ تَتَقَدَّرُ : بِبَلْ وَالْهَمْزَةِ ، أَيْ : أَيَقُولُونَ افْتَرَاهُ . وَقَالَ
ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ : أَمِ اسْتِفْهَامٌ تَوَسَّطَ الْكَلَامَ عَلَى مَعْنَى : أَيَكْتَفُونَ بِمَا أَوْحَيْتُ إِلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ ، أَمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ؟ فَإِنْ قَالُوا : إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَلْيَأْتُوا بِمِثْلِهِ ، انْتَهَى . فَجَعَلَ أَمْ مُتَّصِلَةً ، وَالظَّاهِرُ الِانْقِطَاعُ كَمَا قُلْنَا ، وَالضَّمِيرُ فِي ( افْتَرَاهُ ) عَائِدٌ عَلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=12مَا يُوحَى إِلَيْكَ ) ، وَهُوَ : الْقُرْآنُ . وَمُنَاسَبَةُ هَذِهِ الْآيَةِ لِمَا قَبْلَهَا أَنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ أَطْمَاعُهُمْ بِأَنْ يَتْرُكَ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْهِ إِلَّا لِدَعْوَاهُمْ : أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي افْتَرَاهُ ، وَإِنَّمَا تَحَدَّاهُمْ أَوَّلًا بِعَشْرِ سُوَرٍ مُفْتَرَيَاتٍ قَبْلَ تَحَدِّيهِمْ بِسُورَةٍ ، إِذْ كَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةً ، وَالْبَقَرَةُ مَدَنِيَّةً ، وَسُورَةُ يُونُسَ أَيْضًا مَكِّيَّةً ، وَمُقْتَضَى التَّحَدِّي بِعَشْرٍ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ طَلَبِ الْمُعَارَضَةِ بِسُورَةٍ ، فَلَمَّا نَسَبُوهُ إِلَى الِافْتِرَاءِ طَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرِيَاتٍ إِرْخَاءً لِعِنَانِهِمْ ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ : هَبُوا إِنِّي اخْتَلَقْتُهُ وَلَمْ يُوحَ إِلَيَّ فَأْتُوا أَنْتُمْ بِكَلَامٍ مِثْلِهِ مُخْتَلَقٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ، فَأَنْتُمْ عَرَبٌ فُصَحَاءُ مِثْلِي ، لَا تَعْجِزُونَ عَنْ مِثْلِ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الْكَلَامِ ، وَإِنَّمَا عُيِّنَ بِقَوْلِهِ : ( مِثْلِهِ ) فِي حُسْنِ النَّظْمِ وَالْبَيَانِ ، وَإِنْ كَانَ مُفْتَرًى ، وَشَأْنُ مَنْ يُرِيدُ تَعْجِيزَ شَخْصٍ أَنْ يُطَالِبَهُ أَوَّلًا : بِأَنْ يَفْعَلَ أَمْثَالًا مِمَّا فَعَلَ هُوَ ، ثُمَّ إِذَا تَبَيَّنَ عَجْزُهُ قَالَ لَهُ : افْعَلْ مِثْلًا وَاحِدًا ، وَمِثْلُ : يُوصَفُ بِهِ الْمُفْرَدُ وَالْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=47أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا ) وَتَجُوزُ الْمُطَابَقَةُ فِي التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=38ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=22وَحُورٌ عِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=23كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ ) وَإِذَا أُفْرِدَ وَهُوَ تَابِعٌ لِمُثَنًّى أَوْ مَجْمُوعٍ فَهُوَ بِتَقْدِيرِ الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ ، أَيْ : مِثْلَيْنِ وَأَمْثَالٍ .
وَالْمَعْنَى هُنَا : بِعَشْرِ سُوَرٍ أَمْثَالِهِ ذَهَابًا إِلَى مُمَاثَلَةِ كُلِّ سُورَةٍ مِنْهَا لَهُ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَعَ التَّحَدِّي فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِعَشْرٍ لِأَنَّهُ قَيَّدَهَا بِالِافْتِرَاءِ ، فَوَسَّعَ عَلَيْهِمْ فِي الْقَدْرِ لِتَقُومَ الْحُجَّةُ غَايَةَ الْقِيَامِ ، إِذْ قَدْ عَجَّزَهُمْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْآيَةِ بِسُورَةٍ مِثْلِهِ دُونَ تَقْيِيدٍ ، فَهِيَ مُمَاثَلَةٌ تَامَّةٌ فِي غُيُوبِ الْقُرْآنِ وَنَظْمِهِ وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ ، وَعُجِّزُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِأَنْ قِيلَ لَهُمْ : عَارِضُوا الْقَدْرَ مِنْهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهِ فِي التَّقْدِيرِ ، وَالْغَرَضُ وَاحِدٌ ، وَاجْعَلُوهُ مُفْتَرًى لَا يَبْقَى لَكُمْ إِلَّا نَظْمُهُ ، فَهَذِهِ غَايَةُ التَّوْسِعَةِ .
وَلَيْسَ الْمَعْنَى : عَارِضُوا عَشْرَ سُوَرٍ بِعَشْرٍ ، لِأَنَّ هَذِهِ إِنَّمَا كَانَتْ تَجِيءُ مُعَارَضَةَ سُورَةٍ بِسُورَةٍ مُفْتَرَاةٍ ، وَلَا يُبَالِي عَنْ تَقْدِيمِ نُزُولِ هَذِهِ عَلَى هَذِهِ ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا النَّظَرَ أَنَّ التَّكْلِيفَ فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ إِنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ الرَّيْبِ ، وَلَا يُزِيلُ الرَّيْبَ إِلَّا الْعِلْمُ بِأَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ التَّامَّةِ . وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّمَا التَّكْلِيفُ بِسَبَبِ قَوْلِهِمُ افْتَرَاهُ وَكُلِّفُوا نَحْوَ مَا قَالُوا : وَلَا يَطَّرِدُ هَذَا فِي آيَةِ
يُونُسَ .
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ : هَذِهِ مُقَدَّمَةٌ فِي النُّزُولِ عَلَى تِلْكَ ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ السُّورَةُ الْوَاحِدَةُ إِلَّا مُفْتَرَاةً ، وَآيَةُ سُورَةِ يُونُسَ فِي تَكْلِيفِ سُورَةٍ مُرَتَّبَةٍ عَلَى قَوْلِهِمُ : افْتَرَاهُ ، وَكَذَلِكَ آيَةُ الْبَقَرَةِ إِنَّمَا رَمَتْهُمْ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مُفْتَرًى .
وَقَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ لَمْ يَلْحَظِ الْفَرْقَ بَيْنَ التَّكْلِيفَيْنِ فِي كَمَالِ الْمُمَاثَلَةِ مَرَّةً ، وَوُقُوفِهَا عَلَى النَّظْمِ مَرَّةً ، انْتَهَى .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : ( مِثْلِهِ ) ، لَا يُرَادُ بِهِ الْمِثْلِيَّةُ فِي كَوْنِ الْمُعَارِضِ عَشْرَ سُورٍ ، بَلْ مِثْلِهِ يَدُلُّ عَلَى : مُمَاثَلَةٍ فِي مِقْدَارٍ مَا مِنَ الْقُرْآنِ .
وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ السُّوَرَ الَّتِي وَقَعَ بِهَا طَلَبُ الْمُعَارَضَةِ لَهَا هِيَ مُعَيَّنَةٌ : الْبَقَرَةُ ، وَآلُ عِمْرَانَ ، وَالنِّسَاءُ ، وَالْمَائِدَةُ ، وَالْأَنْعَامُ ، وَالْأَعْرَافُ ، وَالْأَنْفَالُ ، وَالتَّوْبَةُ ، وَيُونُسُ ، وَهُودٌ .
فَقَوْلُهُ : ( مِثْلِهِ ) ، أَيْ : مِثْلُ هَذِهِ عَشْرُ السُّوَرِ ، وَهَذِهِ السُّوَرُ أَكْثَرُهَا مَدَنِيٌّ ، فَكَيْفَ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِـ
مَكَّةَ عَلَى مَا لَمْ يَنْزِلْ بَعْدُ ؟ وَلَعَلَّ هَذَا لَا يَصِحُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . وَالضَّمِيرُ فِي فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ، عَائِدٌ عَلَى مَنْ طَلَبَ مِنْهُمُ الْمُعَارَضَةَ ، وَلَكُمْ : الضَّمِيرُ جَمْعٌ يَشْمَلُ الرَّسُولَ وَالْمُؤْمِنِينَ .
وَجَازَ أَنْ يَكُونَ خِطَابًا لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ ، كَمَا جَاءَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=50فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ ) قَالَهُ
مُجَاهِدٌ . وَقِيلَ : ضَمِيرُ يَسْتَجِيبُوا عَائِدٌ عَلَى الْمَدْعُوِّينَ ، وَلَكُمْ : خِطَابٌ لِلْمَأْمُورِينَ بِدُعَاءِ مَنِ اسْتَطَاعُوا ، قَالَهُ
الضَّحَّاكُ ، أَيْ : فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِبْ مَنْ تَدْعُونَهُ إِلَى الْمُعَارَضَةِ فَأَذْعَنُوا حِينَئِذٍ ، وَعَلِمُوا أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَأَنَّهُ أُنْزِلَ مُلْتَبِسًا بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ مِنْ نَظْمٍ مُعْجِزٍ لِلْخَلْقِ ، وَإِخْبَارٍ بِغُيُوبٍ لَا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَيْهِ ،
[ ص: 209 ] وَأَعْلَمُوا عِنْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، وَأَنَّ تَوْحِيدَهُ وَاجِبٌ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) أَيْ : تَابِعُونَ لِلْإِسْلَامِ بَعْدَ ظُهُورِ هَذِهِ الْحُجَّةِ الْقَاطِعَةِ ؟ وَعَلَى أَنَّ الْخِطَابَ لِلْمُؤْمِنِينَ ، مَعْنًى ( فَاعْلَمُوا ) : أَيْ : دُومُوا عَلَى الْعِلْمِ وَازْدَادُوا يَقِينًا وَثَبَاتَ قَدَمٍ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) : أَيْ : مُخْلِصُوا الْإِسْلَامِ ، وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : بِعِلْمِ اللَّهِ : بِإِذْنِ اللَّهِ .
وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : بِأَمْرِهِ . وَقَالَ
الْقُتَبِيُّ : مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا ) عَائِدٌ عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=13مَنِ اسْتَطَعْتُمْ ) ، وَفِي لَكُمْ عَائِدٌ عَلَى الْكُفَّارِ ، لِعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ ، وَلِكَوْنِ الْخِطَابِ يَكُونُ لِوَاحِدٍ ، وَلِتَرَتُّبِ الْجَوَابِ عَلَى الشَّرْطِ تَرَتُّبًا حَقِيقِيًا مِنَ الْأَمْرِ بِالْعِلْمِ ، وَلَا يَتَحَرَّرُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ : فَدُومُوا عَلَى الْعِلْمِ ، وَدُومُوا عَلَى الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، وَلِأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=14فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) : تَحْرِيضًا عَلَى تَحْصِيلِ الْإِسْلَامِ ، لَا أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ : الْإِخْلَاصُ .
وَلَمَّا طُولِبُوا بِالْمُعَارَضَةِ وَأُمِرُوا بِأَنْ يَدْعُوا مَنْ يُسَاعِدُهُمْ عَلَى تَمَكُّنِ الْمُعَارَضَةِ ، وَلَا اسْتَجَابَ أَصْنَامُهُمْ وَلَا آلِهَتُهُمْ لَهُمْ ، أُمِرُوا بِأَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَلَيْسَ مُفْتَرًى فَتُمْكِنُ مُعَارَضَتُهُ ، وَأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُخْتَصُّ بِالْأُلُوهِيَّةِ لَا يَشْرَكُهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا آلِهَتُهُمْ وَأَصْنَامُهُمْ ، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجِيبُوا لِظُهُورِ عَجْزِهِمْ ، وَأَنَّهَا لَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَطَالِبِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : ( إِنَّمَا نَزَّلَ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالزَّايِ وَتَشْدِيدِهَا ، وَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ مَا مَصْدَرِيَّةً ، أَيْ : إِنَّ التَّنْزِيلَ ، وَاحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى : الَّذِي ، أَيْ : إِنَّ الَّذِي نَزَّلَهُ ، وَحُذِفَ الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ لِوُجُودِ جَوَازِ الْحَذْفِ .