(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=44وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=45ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=46قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألني ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=47قال رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=48قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=50وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=51يا قوم لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=53قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=54إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=55من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظروني nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=57فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود )
[ ص: 224 ] رسا الشيء يرسو : ثبت واستقر . قال :
فصبرت نفسا عند ذلك حرة ترسو إذا نفس الجبان تطلع
البلع : معروف ، والفعل منه بلع بكسر اللام وبفتحها لغتان حكاهما
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء ، يبلع بلعا ، والبالوعة : الموضع الذي يشرب الماء .
الإقلاع : الإمساك ، يقال : أقلع المطر وأقلعت الحمى ، أي : أمسكت عن المحموم . وقيل : أقلع عن الشيء : تركه ، وهو قريب من الإمساك . غاض الماء : نقص في نفسه ، وغضته : نقصته ، جاء لازما ومتعديا . الجودي : علم لجبل
بالموصل ، ومن قال
بالجزيرة أو
بآمد فلأنهما قريبان من
الموصل . وقيل الجودي : اسم لكل جبل ، ومنه قول
زيد بن عمرو بن نفيل :
سبحانه ثم سبحانا نعوذ له وقبلنا سبح الجودي والجمد
اعتراه بكذا : أصابه به ، وقيل : افتعل من عراه يعروه . الناصية : منبت الشعر في مقدم الرأس ، ويسمى الشعر النابت هناك ناصية باسم منبته . ونصوت الرجل انصوه نصوا : مددت ناصيته . الجبار : المتكبر . العنيد : الطاغي الذي لا يقبل الحق ولا يصغي إليه ، من عند يعند حاد عن الحق إلى جانب ، قيل : ومنه عندي كذا ، أي : في جانبي . وقال
أبو عبيدة : العنيد والعنود والمعاند والعاند : المعارض بالخلاف ، ومنه قيل للعرق الذي ينفجر بالدم : عاند .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41nindex.php?page=treesubj&link=28982وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يابني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ) : الضمير في وقال عائد على
نوح ، أي : وقال
نوح حين أمر بالحمل في السفينة لمن آمن معه ومن أمر بحمله : اركبوا فيها . وقيل : الضمير عائد على الله ، والتقدير : وقال الله لـ
نوح ومن معه ، ويبعد ذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41إن ربي لغفور رحيم ) . قيل : وغلب من يعقل في قوله : اركبوا ، وإن كانوا قليلا بالنسبة لما لا يعقل ممن حمل فيها ، والظاهر أنه خطاب لمن يعقل خاصة ، لأنه لا يليق بما لا يعقل .
وعدي اركبوا بفي لتضمينه معنى صيروا فيها ، أو معنى ادخلوا فيها . وقيل : التقدير اركبوا الماء فيها . وقيل : في زائدة للتوكيد ، أي : اركبوها . والباء في باسم الله في موضع الحال ، أو
[ ص: 225 ] متبركين باسم الله . مجراها ومرساها : منصوبان إما على أنهما ظرفا زمان أو مكان ، لأنهما يجيئان لذلك . أو ظرفا زمان على جهة الحذف ، كما حذف من جئتك مقدم الحاج ، أي : وقت قدوم الحاج ، فيكون مجراها ومرساها مصدران في الأصل حذف منهما المضاف ، وانتصبا بما في باسم الله من معنى الفعل . ويجوز أن يكون ( باسم الله ) حالا من ضمير فيها ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41مجراها ومرساها ) مصدران مرفوعان على الفاعلية ، أي : اركبوا فيها ملتبسا باسم الله إجراؤها وإرساؤها ، أي : ببركة اسم الله .
أو يكون مجراها ومرساها مرفوعين على الابتداء ، وباسم الله الخبر ، والجملة حال من الضمير في فيها . وعلى هذه التوجيهات الثلاثة فالكلام جملة واحدة ، والحال مقدرة . ولا يجوز مع رفع مجراها ومرساها على الفاعلية أو الابتداء أن يكون حالا من ضمير اركبوا ، لأنه لا عائد عليه فيما وقع حالا . ويجوز أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41بسم الله مجراها ومرساها ) جملة ثانية من مبتدأ وخبر ، لا تعلق لها بالجملة الأولى من حيث الإعراب ، أمرهم أولا بالركوب ، ثم أخبر أن مجراها ومرساها بذكر الله أو بأمره وقدرته ، فالجملتان كلامان محكيان . يقال : كما أن الجملة الثانية محكية أيضا بـ ( قال ) .
وقال
الضحاك : إذا أراد جري السفينة قال : باسم الله مجراها فتجري ، وإذا أراد وقوفها قال : باسم الله مرساها فتقف .
وقرأ
مجاهد والحسن وأبو رجاء nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وشيبة والجمهور من السبعة : الحرميان والعربيان
وأبو بكر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41مجراها ) بضم الميم . وقرأ الأخوان
وحفص : بفتحها ، وكلهم ضم ميم مرساها . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=16748وعيسى الثقفي nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41مجراها ومرساها ) بفتح الميمين ، ظرفي زمان أو مكان ، أو مصدرين على التقارير السابقة .
وقرأ
الضحاك والنخعي وابن وثاب وأبو رجاء ومجاهد وابن جندب والكلبي والجحدري : مجريها ومرسيها ، اسمي فاعل من أجرى وأرسى على البدل من اسم الله ، فهما في موضع خبر ، ولا يكونان صفتين لكونهما نكرتين .
وقال
ابن عطية : وهما على هذه القراءة صفتان عائدتان على ذكره في قولهم باسم الله ، انتهى .
ولا يكونان صفتين إلا على تقدير أن يكونا معرفتين . وقد ذهب
الخليل إلى أن ما كانت إضافته غير محضة قد يصح أن تجعل محضة فتعرف ، إلا ما كان من الصفة المشبهة فلا تتمحض إضافتها فلا تعرف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41إن ربي لغفور ) : ستور عليكم ذنوبكم بتوبتكم وإيمانكم ، ( رحيم ) : لكم إذا نجاكم من الغرق . وروي في الحديث :
أن نوحا ركب في السفينة أول يوم من رجب ، وصام الشهر أجمع وعن
عكرمة : لعشر خلون من رجب . (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42وهي تجري بهم ) : إخبار من الله تعالى بما جرى للسفينة ، وبهم : حال ، أي : ملتبسة بهم ، والمعنى : تجري وهم فيها ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42في موج كالجبال ) ، أي : في موج الطوفان ، شبه كل موجة منه بجبل في تراكمها وارتفاعها . روي أن السماء أمطرت جميعها حتى لم يكن في الهواء جانب إلا أمطر ، وتفجرت الأرض كلها بالنبع ، وهذا معنى التقاء الماء .
وروي أن الماء علا على الجبال وأعالي الأرض أربعين ذراعا ، وقيل : خمسة عشر . وكون السفينة تجري في موج دليل على أنه كان في الماء موج ، وأنه لم يطبق الماء ما بين السماء والأرض ، وأن السفينة لم تكن تجري في جوف الماء ، والماء أعلاها وأسفلها ، فكانت تسبح في الماء كما تسبح السمكة ، كما أشار إليه
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري وغيرهما .
وقد استبعد
ابن عطية هذا قال : وأين كان الموج كالجبال على هذا ؟ ثم كيف استقامت حياة من في السفينة ؟ وأجاب
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بأن الجريان في الموج كان قبل التطبيق ، وقبل أن يعم الماء الجبال . ألا ترى إلى قول ابنه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43nindex.php?page=treesubj&link=28982سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42ونادى نوح ابنه ) : الواو لا ترتب . وهذا النداء كان قبل جري السفينة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42وهي تجري بهم في موج ) ، وفي إضافته إليه هنا ، وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=45إن ابني من أهلي ) وندائه ، دليل على أنه ابنه لصلبه ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وعكرمة والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير وميمون بن [ ص: 226 ] مهران والجمهور ، واسمه
كنعان . وقيل : يام ، وقيل : كان ابن قريب له ودعاه بالبنوة حنانا منه وتلطفا .
وقرأ الجمهور : بكسر تنوين
نوح ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع بن الجراح : بضمه ، أتبع حركته حركة الإعراب في الحاء . قال
أبو حاتم : هي لغة سوء لا تعرف .
وقرأ الجمهور : بوصل هاء الكناية بواو ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إنه بسكون الهاء ، قال
ابن عطية وأبو الفضل الرازي : وهذا على لغة
الأزد الشراة ، يسكنون هاء الكناية من المذكر ، ومنه قول الشاعر :
ومطواي مشتاقان له أرقان
وذكر غيره أنها لغة
لبني كلاب وعقيل ، ومن النحويين من يخص هذا السكون بالضرورة وينشدون :
وأشرب الماء ما بي نحوه عطش إلا لأن عيونه سيل واديها
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ابناه بألف ، وهاء السكت . قال
أبو الفتح : ذلك على النداء . وذهبت فرقة إلى أنه على الندبة والرثاء . وقرأ
علي وعروة وعلي بن الحسين وابنه
أبو جعفر وابنه
جعفر : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42ابنه ) بفتح الهاء من غير ألف ، أي : ابنها مضافا لضمير امرأته ، فاكتفى بالفتحة عن الألف . قال
ابن عطية : وهي لغة ، ومنه قول الشاعر :
إما تقود بها شاة فتأكلها أو أن تبيعه في بعض الأراكيب
وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي على هذا :
فلست بمدرك ما فات مني بلهف ولا بليت ولا لواني
انتهى .
يريد : تلهفا ، وخطأ
النحاس أبا حاتم في حذف هذه الألف ، قال
ابن عطية : وليس كما قال ، انتهى .
وهذا أعني مثل تلهف بحذف الألف عند أصحابنا ضرورة ، ولذلك لا يجيزون : يا غلام بحذف الألف ، والاجتزاء بالفتحة عنها كما اجتزءوا بالكسرة في يا غلام عن الياء ، وأجاز ذلك
الأخفش . وقرأ أيضا
علي وعروة : ابنها بفتح الهاء وألف ، أي : ابن امرأته . وكونه ليس ابنه لصلبه ، وإنما كان ابن امرأته قول
علي والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=16531وعبيد بن عمير . وكان
الحسن يحلف أنه ليس ابنه لصلبه ، قال
قتادة : فقلت له : إن الله حكى عنه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=45إن ابني من أهلي ) ، وأنت تقول : لم يكن ابنه ،
وأهل الكتاب لا يختلفون في أنه كان ابنه فقال : ومن يأخذ دينه من
أهل الكتاب ؟ واستدل بقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=45من أهلي ) ولم يقل مني ، فعلى هذا يكون ربيبا .
وكان
عكرمة والضحاك يحلفان على أنه ابنه ، ولا يتوهم أنه كان لغير رشدة ، لأن ذلك غضاضة عصمت منه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وروي ذلك عن
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج ، ولعله لا يصح عنهما . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط ، والذي يدل عليه ظاهر الآية أنه ابنه ، وأما قراءة من قرأ : ابنه أو ابنها فشاذة ، ويمكن أن نسب إلى أمه وأضيف إليها ، ولم يضف إلى أبيه لأنه كان كافرا مثلها ، يلحظ فيه هذا المعنى ولم يضف إليه استبعادا له ، ورعيا أن لا يضاف إليه كافر ، وإنما ناداه ظنا منه أنه مؤمن ، ولولا ذلك ما أحب نجاته . أو ظنا منه أنه يؤمن إن كان كافرا لما شاهد من الأهوال العظيمة ، وأنه يقبل الإيمان . ويكون قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42اركب معنا ) كالدلالة على أنه طلب منه الإيمان ، وتأكد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42ولا تكن مع الكافرين ) ، أي : اركب مع المؤمنين ، إذ لا يركب معهم إلا مؤمن لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=40ومن آمن ) .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42في معزل ) ، أي : في مكان عزل فيه نفسه عن أبيه وعن مركب المؤمنين . وقيل : في معزل عن دين أبيه .
ونداؤه بالتصغير خطاب تحنن ورأفة ، والمعنى : اركب معنا في السفينة فتنجو ولا تكن مع الكافرين فتهلك . وقرأ
عاصم : ( يا بني ) بفتح الباء ، ووجه على أنه اجتزأ بالفتحة عن الألف ، وأصله : يا بنيا كقولك : يا غلاما ، كما اجتزأ باقي السبعة بالكسرة عن الياء في قراءتهم يا بني بكسر الياء ، أو أن الألف انحذفت لالتقائها مع راء اركب . وظن ابن
نوح أن ذلك المطر والتفجير على العادة ، فلذلك قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ) ، أي : من
[ ص: 227 ] وصول الماء إلي فلا أغرق ، وهذا يدل على عادته في الكفر ، وعدم وثوقه بأبيه فيما أخبر به .
قيل : والجبل الذي عناه طور زيتا فلم يمنعه ، والظاهر إبقاء ( عاصم ) على حقيقته وأنه نفى كل عاصم من أمر الله في ذلك الوقت ، وأن من رحم يقع فيه ( من ) على المعصوم . والضمير الفاعل يعود على الله تعالى ، وضمير الموصول محذوف ، ويكون الاستثناء منقطعا ، أي : لكن من رحمه الله معصوم ، وجوزوا أن يكون من الله تعالى ، أي لا عاصم إلا الراحم ، وأن يكون عاصم بمعنى ذي عصمة ، كما قالوا لابن ، أي : ذو لبن ، وذو عصمة : مطلق على عاصم وعلى معصوم ، والمراد به هنا : المعصوم . أو فاعل بمعنى : مفعول ، فيكون عاصم بمعنى : معصوم ، كماء دافق بمعنى : مدفوق . وقال الشاعر :
بطيء القيام رخيم الكلام أمسى فؤادي به فاتنا
أي : مفتونا . و ( من ) للمعصوم ، أي : لا ذا عصمة ، أو لا معصوم إلا المرحوم . وعلى هذين التجويزين يكون استثناء متصلا ، وجعله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري متصلا بطريق أخرى : وهو حذف مضاف وقدره : لا يعصمك اليوم معتصم قط من جبل ونحوه سوى معتصم واحد ، وهو مكان من رحمهم الله ونجاهم ، يعني في السفينة ، انتهى .
والظاهر أن خبر (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43لا عاصم ) محذوف ، لأنه إذا علم كهذا الموضع التزم حذفه
بنو تميم ، وكثر حذفه عند
أهل الحجاز ، لأنه لما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43سآوي إلى جبل يعصمني من الماء ) قال له
نوح : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43لا عاصم ) ، أي : لا عاصم موجود .
ويكون اليوم منصوبا على إضمار فعل يدل عليه عاصم ، أي : لا عاصم يعصم اليوم من أمر الله ، ومن أمر : متعلق بذلك الفعل المحذوف ، ولا يجوز أن يكون اليوم منصوبا بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43لا عاصم ) ، ولا أن يكون من أمر الله متعلقا به ، لأن اسم لا إذ ذاك كان يكون مطولا ، وإذا كان مطولا لزم تنوينه وإعرابه ، ولا يبنى وهو مبني ، فبطل ذلك .
وأجاز
الحوفي وابن عطية أن يكون اليوم خبرا لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43لا عاصم ) . قال
الحوفي : ويجوز أن يكون ( اليوم ) خبرا ويتعلق بمعنى الاستقرار ، وتكون ( من ) متعلقة بما تعلق به ( اليوم ) . وقال
ابن عطية : و ( اليوم ) ظرف وهو متعلق بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43من أمر الله ) ، أو بالخبر الذي تقديره : كائن اليوم ، انتهى .
ورد ذلك
أبو البقاء فقال : فأما خبر لا فلا يجوز أن يكون اليوم ، لأن ظرف الزمان لا يكون خبرا عن الجنة ، بل الخبر من أمر الله ، واليوم معمول من أمر الله . وقال
الحوفي : ويجوز أن يكون ( اليوم ) نعتا لعاصم ( ومن ) الخبر ، انتهى .
ويرد بما رد به
أبو البقاء من أن ظرف الزمان لا يكون نعتا للجثث ، كما لا يكون خبرا . وقرئ : إلا من رحم بضم الراء مبنيا للمفعول ، وهذا يدل على أن المراد بمن في قراءة الجمهور الذين فتحوا الراء هو المرحوم لا الراحم ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43وحال بينهما ) أي : بين
نوح وابنه . قيل : كانا يتراجعان الكلام ، فما استتمت المراجعة حتى جاءت موجة عظيمة ، وكان راكبا على فرس قد بطر وأعجب بنفسه فالتقمته وفرسه ، وحيل بينه وبين
نوح فغرق . وقال
الفراء : بينهما ، أي : بين ابن
نوح والجبل الذي ظن أنه يعصمه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=44وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=45وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=46قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=47قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=48قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=49تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=50وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=51يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=52وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=53قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=54إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=55مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِي nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=56إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=57فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ )
[ ص: 224 ] رَسَا الشَّيْءُ يَرْسُو : ثَبَتَ وَاسْتَقَرَّ . قَالَ :
فَصَبَرْتُ نَفْسًا عِنْدَ ذَلِكَ حُرَّةً تَرْسُو إِذَا نَفْسُ الْجَبَانِ تَطَلَّعُ
الْبَلْعُ : مَعْرُوفٌ ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ بَلَعَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَبِفَتْحِهَا لُغَتَانِ حَكَاهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ ، يَبْلَعُ بَلْعًا ، وَالْبَالُوعَةُ : الْمَوْضِعُ الَّذِي يَشْرَبُ الْمَاءَ .
الْإِقْلَاعُ : الْإِمْسَاكُ ، يُقَالُ : أَقْلَعَ الْمَطَرُ وَأَقْلَعَتِ الْحُمَّى ، أَيْ : أَمْسَكَتْ عَنِ الْمَحْمُومِ . وَقِيلَ : أَقْلَعَ عَنِ الشَّيْءِ : تَرَكَهُ ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْإِمْسَاكِ . غَاضَ الْمَاءُ : نَقَصَ فِي نَفْسِهِ ، وَغِضْتُهُ : نَقَصْتُهُ ، جَاءَ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا . الْجُودِيُّ : عَلَمٌ لِجَبَلٍ
بِالْمَوْصِلِ ، وَمَنْ قَالَ
بِالْجَزِيرَةِ أَوْ
بِآمِدَ فَلِأَنَّهُمَا قَرِيبَانِ مِنَ
الْمَوْصِلِ . وَقِيلَ الْجُودِيُّ : اسْمٌ لِكُلِّ جَبَلٍ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ :
سُبْحَانَهُ ثُمَّ سُبْحَانًا نَعُوذُ لَهُ وَقَبْلَنَا سَبَّحَ الْجُودِيُّ وَالْجُمُدُ
اعْتَرَاهُ بِكَذَا : أَصَابَهُ بِهِ ، وَقِيلَ : افْتَعَلَ مِنْ عَرَاهُ يَعْرُوهُ . النَّاصِيَةُ : مَنْبَتُ الشَّعْرِ فِي مُقَدَّمِ الرَّأْسِ ، وَيُسَمَّى الشَّعْرُ النَّابِتُ هُنَاكَ نَاصِيَةً بَاسِمِ مَنْبَتِهِ . وَنَصَوْتُ الرَّجُلَ انْصُوهُ نَصْوًا : مَدَدْتُ نَاصِيَتَهُ . الْجَبَّارُ : الْمُتَكَبِّرُ . الْعَنِيدُ : الطَّاغِي الَّذِي لَا يَقْبَلُ الْحَقَّ وَلَا يُصْغِي إِلَيْهِ ، مِنْ عَنَدَ يَعْنُدُ حَادَ عَنِ الْحَقِّ إِلَى جَانِبٍ ، قِيلَ : وَمِنْهُ عِنْدِي كَذَا ، أَيْ : فِي جَانِبِي . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : الْعَنِيدُ وَالْعَنُودُ وَالْمُعَانِدُ وَالْعَانِدُ : الْمَعَارِضُ بِالْخِلَافِ ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْعِرْقِ الَّذِي يَنْفَجِرُ بِالدَّمِ : عَانِدٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41nindex.php?page=treesubj&link=28982وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ) : الضَّمِيرُ فِي وَقَالَ عَائِدٌ عَلَى
نُوحٍ ، أَيْ : وَقَالَ
نُوحٌ حِينَ أُمِرَ بِالْحَمْلِ فِي السَّفِينَةِ لِمَنْ آمَنَ مَعَهُ وَمَنْ أُمِرَ بِحَمْلِهِ : ارْكَبُوا فِيهَا . وَقِيلَ : الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَقَالَ اللَّهُ لِـ
نُوحٍ وَمَنْ مَعَهُ ، وَيُبْعِدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) . قِيلَ : وَغَلَبَ مَنْ يَعْقِلُ فِي قَوْلِهِ : ارْكَبُوا ، وَإِنْ كَانُوا قَلِيلًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَا يَعْقِلُ مِمَّنْ حُمِلَ فِيهَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خِطَابٌ لِمَنْ يَعْقِلُ خَاصَّةً ، لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِمَا لَا يَعْقِلُ .
وَعُدِّيَ ارْكَبُوا بِفِي لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى صَيِّرُوا فِيهَا ، أَوْ مَعْنَى ادْخُلُوا فِيهَا . وَقِيلَ : التَّقْدِيرُ ارْكَبُوا الْمَاءَ فِيهَا . وَقِيلَ : فِي زَائِدَةٌ لِلتَّوْكِيدِ ، أَيِ : ارْكَبُوهَا . وَالْبَاءُ فِي بَاسِمِ اللَّهِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، أَوْ
[ ص: 225 ] مُتَبَرِّكِينَ بِاسْمِ اللَّهِ . مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا : مَنْصُوبَانِ إِمَّا عَلَى أَنَّهُمَا ظَرْفَا زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ ، لِأَنَّهُمَا يَجِيئَانِ لِذَلِكَ . أَوْ ظَرْفَا زَمَانٍ عَلَى جِهَةِ الْحَذْفِ ، كَمَا حُذِفَ مِنْ جِئْتُكَ مَقْدَمَ الْحَاجِّ ، أَيْ : وَقْتَ قُدُومِ الْحَاجِّ ، فَيَكُونُ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا مَصْدَرَانِ فِي الْأَصْلِ حُذِفَ مِنْهُمَا الْمُضَافُ ، وَانْتَصَبَا بِمَا فِي بَاسِمِ اللَّهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( بِاسْمِ اللَّهِ ) حَالًا مِنْ ضَمِيرِ فِيهَا ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ) مَصْدَرَانِ مَرْفُوعَانِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ ، أَيِ : ارْكَبُوا فِيهَا مُلْتَبِسًا بَاسِمِ اللَّهِ إِجْرَاؤُهَا وَإِرْسَاؤُهَا ، أَيْ : بِبَرَكَةِ اسْمِ اللَّهِ .
أَوْ يَكُونُ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا مَرْفُوعَيْنِ عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَبِاسْمِ اللَّهِ الْخَبَرُ ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي فِيهَا . وَعَلَى هَذِهِ التَّوْجِيهَاتِ الثَّلَاثَةِ فَالْكَلَامُ جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَالْحَالُ مُقَدَّرَةٌ . وَلَا يَجُوزُ مَعَ رَفْعِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ أَوْ الِابْتِدَاءِ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ ارْكَبُوا ، لِأَنَّهُ لَا عَائِدَ عَلَيْهِ فِيمَا وَقَعَ حَالًا . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ) جُمْلَةً ثَانِيَةً مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ ، لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْجُمْلَةِ الْأَوْلَى مِنْ حَيْثُ الْإِعْرَابِ ، أَمَرَهُمْ أَوَّلًا بِالرُّكُوبِ ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا بِذِكْرِ اللَّهِ أَوْ بِأَمْرِهِ وَقُدْرَتِهِ ، فَالْجُمْلَتَانِ كَلَامَانِ مَحْكِيَّانِ . يُقَالُ : كَمَا أَنَّ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ مَحْكِيَّةٌ أَيْضًا بِـ ( قَالَ ) .
وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : إِذَا أَرَادَ جَرْيَ السَّفِينَةِ قَالَ : بِاسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا فَتَجْرِي ، وَإِذَا أَرَادَ وُقُوفَهَا قَالَ : بِاسْمِ اللَّهِ مُرْسَاهَا فَتَقِفُ .
وَقَرَأَ
مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَأَبُو رَجَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ وَشَيْبَةُ وَالْجُمْهُورُ مِنَ السَّبْعَةِ : الْحَرَمِيَّانِ وَالْعَرَبِيَّانِ
وَأَبُو بَكْرٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41مَجْرَاهَا ) بِضَمِّ الْمِيمِ . وَقَرَأَ الْأَخَوَانِ
وَحَفْصٌ : بِفَتْحِهَا ، وَكُلُّهُمْ ضَمَّ مِيمَ مُرْسَاهَا . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=16748وَعِيسَى الثَّقَفِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا ) بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ ، ظَرْفَيْ زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ ، أَوْ مَصْدَرَيْنِ عَلَى التَّقَارِيرِ السَّابِقَةِ .
وَقَرَأَ
الضَّحَّاكُ وَالنَّخَعِيُّ وَابْنُ وَثَّابٍ وَأَبُو رَجَاءٍ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ جُنْدَبٍ وَالْكَلْبِيُّ وَالْجَحْدَرِيُّ : مُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا ، اسْمَيْ فَاعِلٍ مِنْ أَجْرَى وَأَرْسَى عَلَى الْبَدَلِ مِنِ اسْمِ اللَّهِ ، فَهُمَا فِي مَوْضِعِ خَبَرٍ ، وَلَا يَكُونَانِ صِفَتَيْنِ لِكَوْنِهِمَا نَكِرَتَيْنِ .
وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهُمَا عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ صِفَتَانِ عَائِدَتَانِ عَلَى ذِكْرِهِ فِي قَوْلِهِمْ بِاسْمِ اللَّهِ ، انْتَهَى .
وَلَا يَكُونَانِ صِفَتَيْنِ إِلَّا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَا مَعْرِفَتَيْنِ . وَقَدْ ذَهَبَ
الْخَلِيلُ إِلَى أَنَّ مَا كَانَتْ إِضَافَتُهُ غَيْرَ مَحْضَةٍ قَدْ يَصِحُّ أَنْ تُجْعَلَ مَحْضَةً فَتُعَرَّفَ ، إِلَّا مَا كَانَ مِنَ الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ فَلَا تَتَمَحَّضُ إِضَافَتُهَا فَلَا تُعَرَّفُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=41إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ ) : سَتُورٌ عَلَيْكُمْ ذُنُوبَكُمْ بِتَوْبَتِكُمْ وَإِيمَانِكُمْ ، ( رَحِيمٌ ) : لَكُمْ إِذَا نَجَّاكُمْ مِنَ الْغَرَقِ . وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ :
أَنَّ نُوحًا رَكِبَ فِي السَّفِينَةِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَجَبٍ ، وَصَامَ الشَّهْرَ أَجْمَعَ وَعَنْ
عِكْرِمَةَ : لِعَشْرٍ خَلَوْنَ مِنْ رَجَبٍ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ ) : إِخْبَارٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا جَرَى لِلسَّفِينَةِ ، وَبِهِمْ : حَالٌ ، أَيْ : مُلْتَبِسَةٌ بِهِمْ ، وَالْمَعْنَى : تَجْرِي وَهُمْ فِيهَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ ) ، أَيْ : فِي مَوْجِ الطُّوفَانِ ، شَبَّهَ كُلَّ مَوْجَةٍ مِنْهُ بِجَبَلٍ فِي تَرَاكُمِهَا وَارْتِفَاعِهَا . رُوِيَ أَنَّ السَّمَاءَ أَمْطَرَتْ جَمِيعَهَا حَتَّى لَمْ يَكُنْ فِي الْهَوَاءِ جَانِبٌ إِلَّا أَمْطَرَ ، وَتَفَجَّرَتِ الْأَرْضُ كُلُّهَا بِالنَّبْعِ ، وَهَذَا مَعْنَى الْتِقَاءِ الْمَاءِ .
وَرُوِيَ أَنَّ الْمَاءَ عَلَا عَلَى الْجِبَالِ وَأَعَالِي الْأَرْضِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا ، وَقِيلَ : خَمْسَةَ عَشَرَ . وَكَوْنُ السَّفِينَةِ تَجْرِي فِي مَوْجٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَاءِ مَوْجٌ ، وَأَنَّهُ لَمْ يُطْبِقِ الْمَاءُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، وَأَنَّ السَّفِينَةَ لَمْ تَكُنْ تَجْرِي فِي جَوْفِ الْمَاءِ ، وَالْمَاءُ أَعْلَاهَا وَأَسْفَلَهَا ، فَكَانَتْ تَسْبَحُ فِي الْمَاءِ كَمَا تَسْبَحُ السَّمَكَةُ ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا .
وَقَدِ اسْتَبْعَدَ
ابْنُ عَطِيَّةَ هَذَا قَالَ : وَأَيْنَ كَانَ الْمَوْجُ كَالْجِبَالِ عَلَى هَذَا ؟ ثُمَّ كَيْفَ اسْتَقَامَتْ حَيَاةُ مَنْ فِي السَّفِينَةِ ؟ وَأَجَابَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بِأَنَّ الْجَرَيَانَ فِي الْمَوْجِ كَانَ قَبْلَ التَّطْبِيقِ ، وَقَبْلَ أَنْ يَعُمَّ الْمَاءُ الْجِبَالَ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ ابْنِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43nindex.php?page=treesubj&link=28982سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ ) : الْوَاوُ لَا تُرَتِّبُ . وَهَذَا النِّدَاءُ كَانَ قَبْلَ جَرْيِ السَّفِينَةِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ ) ، وَفِي إِضَافَتِهِ إِلَيْهِ هُنَا ، وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=45إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ) وَنِدَائِهِ ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ ابْنُهُ لِصُلْبِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالضَّحَّاكِ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنِ جُبَيْرٍ وَمَيْمُونِ بْنِ [ ص: 226 ] مِهْرَانَ وَالْجُمْهُورِ ، وَاسْمُهُ
كَنْعَانُ . وَقِيلَ : يَامُ ، وَقِيلَ : كَانَ ابْنَ قَرِيبٍ لَهُ وَدَعَاهُ بِالْبُنُوَّةِ حَنَانًا مِنْهُ وَتَلَطُّفًا .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : بِكَسْرِ تَنْوِينِ
نُوحٍ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ : بِضَمِّهِ ، أَتْبَعَ حَرَكَتَهُ حَرَكَةَ الْإِعْرَابِ فِي الْحَاءِ . قَالَ
أَبُو حَاتِمٍ : هِيَ لُغَةُ سُوءٍ لَا تُعْرَفُ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : بِوَصْلِ هَاءِ الْكِنَايَةِ بِوَاوٍ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّهْ بِسُكُونِ الْهَاءِ ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ وَأَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ : وَهَذَا عَلَى لُغَةِ
الْأَزْدِ الشُّرَاةِ ، يُسَكِّنُونَ هَاءَ الْكِنَايَةِ مِنَ الْمُذَكَّرِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
وَمِطْوَايَ مُشْتَاقَانِ لَهُ أَرِقَانِ
وَذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهَا لُغَةٌ
لِبَنِي كِلَابٍ وَعَقِيلٍ ، وَمِنَ النَّحْوِيِّينَ مَنْ يَخُصُّ هَذَا السُّكُونَ بِالضَّرُورَةِ وَيُنْشِدُونَ :
وَأَشْرَبُ الْمَاءَ مَا بِي نَحْوَهُ عَطَشٌ إِلَّا لِأَنَّ عُيُونَهُ سَيْلُ وَادِيهَا
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : ابْنَاهُ بِأَلِفٍ ، وَهَاءِ السَّكْتِ . قَالَ
أَبُو الْفَتْحِ : ذَلِكَ عَلَى النِّدَاءِ . وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ إِلَى أَنَّهُ عَلَى النُّدْبَةِ وَالرِّثَاءِ . وَقَرَأَ
عَلِيٌّ وَعُرْوَةُ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَابْنُهُ
أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُهُ
جَعْفَرٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42ابْنَهُ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ ، أَيِ : ابْنَهَا مُضَافًا لِضَمِيرِ امْرَأَتِهِ ، فَاكْتَفَى بِالْفَتْحَةِ عَنِ الْأَلِفِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهِيَ لُغَةٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
إِمَّا تَقُودُ بِهَا شَاةً فَتَأْكُلُهَا أَوْ أَنْ تَبِيعَهُ فِي بَعْضِ الْأَرَاكِيبِ
وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ عَلَى هَذَا :
فَلَسْتَ بِمُدْرِكٍ مَا فَاتَ مِنِّي بِلَهْفَ وَلَا بِلَيْتَ وَلَا لَوَانِّي
انْتَهَى .
يُرِيدُ : تَلَهُّفًا ، وَخَطَّأَ
النَّحَّاسُ أَبَا حَاتِمٍ فِي حَذْفِ هَذِهِ الْأَلِفِ ، قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَلَيْسَ كَمَا قَالَ ، انْتَهَى .
وَهَذَا أَعْنِي مِثْلَ تَلَهَّفَ بِحَذْفِ الْأَلِفِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا ضَرُورَةً ، وَلِذَلِكَ لَا يُجِيزُونَ : يَا غُلَامُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ ، وَالِاجْتِزَاءُ بِالْفَتْحَةِ عَنْهَا كَمَا اجْتَزَءُوا بِالْكَسْرَةِ فِي يَا غُلَامِ عَنِ الْيَاءِ ، وَأَجَازَ ذَلِكَ
الْأَخْفَشُ . وَقَرَأَ أَيْضًا
عَلِيٌّ وَعُرْوَةُ : ابْنَهَا بِفَتْحِ الْهَاءِ وَأَلِفٍ ، أَيِ : ابْنَ امْرَأَتِهِ . وَكَوْنُهُ لَيْسَ ابْنَهُ لِصُلْبِهِ ، وَإِنَّمَا كَانَ ابْنَ امْرَأَتِهِ قَوْلَ
عَلِيٍّ وَالْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=16972وَابْنِ سِيرِينَ nindex.php?page=showalam&ids=16531وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ . وَكَانَ
الْحَسَنُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنَهُ لِصُلْبِهِ ، قَالَ
قَتَادَةُ : فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ اللَّهَ حَكَى عَنْهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=45إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي ) ، وَأَنْتَ تَقُولُ : لَمْ يَكُنِ ابْنَهُ ،
وَأَهْلُ الْكِتَابِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ كَانَ ابْنَهُ فَقَالَ : وَمَنْ يَأْخُذُ دِينَهُ مِنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ ؟ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=45مِنْ أَهْلِي ) وَلَمْ يَقُلْ مِنِّي ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ رَبِيبًا .
وَكَانَ
عِكْرِمَةُ وَالضَّحَّاكُ يَحْلِفَانِ عَلَى أَنَّهُ ابْنُهُ ، وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَانَ لِغَيْرِ رِشْدَةٍ ، لِأَنَّ ذَلِكَ غَضَاضَةٌ عُصِمَتْ مِنْهُ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ
الْحَسَنِ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنِ جُرَيْجٍ ، وَلَعَلَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْهُمَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ ، وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّهُ ابْنُهُ ، وَأَمَّا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ : ابْنَهُ أَوِ ابْنَهَا فَشَاذَّةٌ ، وَيُمْكِنُ أَنْ نُسِبَ إِلَى أُمِّهِ وَأُضِيفَ إِلَيْهَا ، وَلَمْ يُضَفْ إِلَى أَبِيهِ لِأَنَّهُ كَانَ كَافِرًا مِثْلَهَا ، يُلْحَظُ فِيهِ هَذَا الْمَعْنَى وَلَمْ يُضَفْ إِلَيْهِ اسْتِبْعَادًا لَهُ ، وَرَعْيًا أَنْ لَا يُضَافُ إِلَيْهِ كَافِرٌ ، وَإِنَّمَا نَادَاهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا أَحَبَّ نَجَاتَهُ . أَوْ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يُؤْمِنُ إِنْ كَانَ كَافِرًا لِمَا شَاهَدَ مِنَ الْأَهْوَالِ الْعَظِيمَةِ ، وَأَنَّهُ يَقْبَلُ الْإِيمَانَ . وَيَكُونُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42ارْكَبْ مَعَنَا ) كَالدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ طَلَبَ مِنْهُ الْإِيمَانَ ، وَتَأَكَّدَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ) ، أَيِ : ارْكَبْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِذْ لَا يَرْكَبُ مَعَهُمْ إِلَّا مُؤْمِنٌ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=40وَمَنْ آمَنَ ) .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=42فِي مَعْزِلٍ ) ، أَيْ : فِي مَكَانٍ عَزَلَ فِيهِ نَفْسَهُ عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ مَرْكَبِ الْمُؤْمِنِينَ . وَقِيلَ : فِي مَعْزِلٍ عَنْ دِينِ أَبِيهِ .
وَنِدَاؤُهُ بِالتَّصْغِيرِ خِطَابُ تَحَنُّنٍ وَرَأْفَةٍ ، وَالْمَعْنَى : ارْكَبْ مَعَنَا فِي السَّفِينَةِ فَتَنْجُوَ وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ فَتَهْلَكَ . وَقَرَأَ
عَاصِمٌ : ( يَا بَنِيَ ) بِفَتْحِ الْبَاءِ ، وَوُجِّهَ عَلَى أَنَّهُ اجْتَزَأَ بِالْفَتْحَةِ عَنِ الْأَلْفِ ، وَأَصْلُهُ : يَا بُنَيًّا كَقَوْلِكَ : يَا غُلَامًا ، كَمَا اجْتَزَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ بِالْكَسْرَةِ عَنِ الْيَاءِ فِي قِرَاءَتِهِمْ يَا بَنِي بِكَسْرِ الْيَاءِ ، أَوْ أَنَّ الْأَلِفَ انْحَذَفَتْ لِالْتِقَائِهَا مَعَ رَاءِ ارْكَبْ . وَظَنَّ ابْنُ
نُوحٍ أَنَّ ذَلِكَ الْمَطَرَ وَالتَّفْجِيرَ عَلَى الْعَادَةِ ، فَلِذَلِكَ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ) ، أَيْ : مِنْ
[ ص: 227 ] وُصُولِ الْمَاءِ إِلَيَّ فَلَا أَغْرَقُ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى عَادَتِهِ فِي الْكُفْرِ ، وَعَدَمِ وُثُوقِهِ بِأَبِيهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ .
قِيلَ : وَالْجَبَلُ الَّذِي عَنَاهُ طُورُ زَيْتَا فَلَمْ يَمْنَعْهُ ، وَالظَّاهِرُ إِبْقَاءُ ( عَاصِمَ ) عَلَى حَقِيقَتِهِ وَأَنَّهُ نَفَى كُلَّ عَاصِمٍ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَأَنَّ مَنْ رَحِمَ يَقَعُ فِيهِ ( مَنْ ) عَلَى الْمَعْصُومِ . وَالضَّمِيرُ الْفَاعِلُ يَعُودُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَضَمِيرُ الْمَوْصُولِ مَحْذُوفٌ ، وَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا ، أَيْ : لَكِنْ مَنْ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْصُومٌ ، وَجَوَّزُوا أَنْ يَكُونَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، أَيْ لَا عَاصِمَ إِلَّا الرَّاحِمُ ، وَأَنْ يَكُونَ عَاصِمَ بِمَعْنَى ذِي عِصْمَةٍ ، كَمَا قَالُوا لَابِنٌ ، أَيْ : ذُو لَبَنٍ ، وَذُو عِصْمَةٍ : مُطْلَقٌ عَلَى عَاصِمٍ وَعَلَى مَعْصُومٍ ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا : الْمَعْصُومُ . أَوْ فَاعِلٌ بِمَعْنَى : مَفْعُولٍ ، فَيَكُونُ عَاصِمٌ بِمَعْنَى : مَعْصُومٍ ، كَمَاءٍ دَافِقٍ بِمَعْنَى : مَدْفُوقٍ . وَقَالَ الشَّاعِرُ :
بَطِيءُ الْقِيَامِ رَخِيمُ الْكَلَامِ أَمْسَى فُؤَادِي بِهِ فَاتِنًا
أَيْ : مَفْتُونًا . وَ ( مَنْ ) لِلْمَعْصُومِ ، أَيْ : لَا ذَا عِصْمَةٍ ، أَوْ لَا مَعْصُومَ إِلَّا الْمَرْحُومُ . وَعَلَى هَذَيْنِ التَّجْوِيزَيْنِ يَكُونُ اسْتِثْنَاءً مُتَّصِلًا ، وَجَعَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ مُتَّصِلًا بِطَرِيقٍ أُخْرَى : وَهُوَ حَذْفُ مُضَافٍ وَقَدَّرَهُ : لَا يَعْصِمُكَ الْيَوْمَ مُعْتَصَمٌ قَطُّ مِنْ جَبَلٍ وَنَحْوِهِ سِوَى مُعْتَصَمٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ مَكَانُ مَنْ رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَنَجَّاهُمْ ، يَعْنِي فِي السَّفِينَةِ ، انْتَهَى .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ خَبَرَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43لَا عَاصِمَ ) مَحْذُوفٌ ، لِأَنَّهُ إِذَا عُلِمَ كَهَذَا الْمَوْضِعِ الْتَزَمَ حَذْفَهُ
بَنُو تَمِيمٍ ، وَكَثُرَ حَذْفُهُ عِنْدَ
أَهْلِ الْحِجَازِ ، لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ) قَالَ لَهُ
نُوحٌ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43لَا عَاصِمَ ) ، أَيْ : لَا عَاصِمَ مَوْجُودٌ .
وَيَكُونُ الْيَوْمَ مَنْصُوبًا عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ عَاصِمَ ، أَيْ : لَا عَاصِمَ يَعْصِمُ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، وَمِنْ أَمْرِ : مُتَعَلِّقٌ بِذَلِكَ الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَ مَنْصُوبًا بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43لَا عَاصِمَ ) ، وَلَا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مُتَعَلِّقًا بِهِ ، لِأَنَّ اسْمَ لَا إِذْ ذَاكَ كَانَ يَكُونُ مُطَوَّلًا ، وَإِذَا كَانَ مُطَوَّلًا لَزِمَ تَنْوِينُهُ وَإِعْرَابُهُ ، وَلَا يُبْنَى وَهُوَ مَبْنِيٌّ ، فَبَطَلَ ذَلِكَ .
وَأَجَازَ
الْحَوْفِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَ خَبَرًا لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43لَا عَاصِمَ ) . قَالَ
الْحَوْفِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( الْيَوْمَ ) خَبَرًا وَيَتَعَلَّقَ بِمَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ ، وَتَكُونَ ( مِنْ ) مُتَعَلِّقَةً بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ ( الْيَوْمَ ) . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَ ( الْيَوْمَ ) ظَرْفٌ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) ، أَوْ بِالْخَبَرِ الَّذِي تَقْدِيرُهُ : كَائِنٌ الْيَوْمَ ، انْتَهَى .
وَرَدَّ ذَلِكَ
أَبُو الْبَقَاءِ فَقَالَ : فَأَمَّا خَبَرُ لَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَ ، لِأَنَّ ظَرْفَ الزَّمَانِ لَا يَكُونُ خَبَرًا عَنِ الْجَنَّةِ ، بَلِ الْخَبَرُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ، وَالْيَوْمُ مَعْمُولٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ . وَقَالَ
الْحَوْفِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( الْيَوْمَ ) نَعْتًا لِعَاصِمَ ( وَمِنْ ) الْخَبَرَ ، انْتَهَى .
وَيُرَدُّ بِمَا رَدَّ بِهِ
أَبُو الْبَقَاءِ مِنْ أَنَّ ظَرْفَ الزَّمَانِ لَا يَكُونُ نَعْتًا لِلْجُثَثِ ، كَمَا لَا يَكُونُ خَبَرًا . وَقُرِئَ : إِلَّا مَنْ رُحِمَ بِضَمِّ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَنْ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ فَتَحُوا الرَّاءَ هُوَ الْمَرْحُومُ لَا الرَّاحِمُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43وَحَالَ بَيْنَهُمَا ) أَيْ : بَيْنَ
نُوحٍ وَابْنِهِ . قِيلَ : كَانَا يَتَرَاجَعَانِ الْكَلَامَ ، فَمَا اسْتَتَمَّتِ الْمُرَاجَعَةُ حَتَّى جَاءَتْ مَوْجَةٌ عَظِيمَةٌ ، وَكَانَ رَاكِبًا عَلَى فَرَسٍ قَدْ بَطِرَ وَأُعْجِبَ بِنَفْسِهِ فَالْتَقَمَتْهُ وَفَرَسَهُ ، وَحِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ
نُوحٍ فَغَرِقَ . وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : بَيْنَهُمَا ، أَيْ : بَيْنَ ابْنِ
نُوحٍ وَالْجَبَلِ الَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ يَعْصِمُهُ .