(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=100nindex.php?page=treesubj&link=28982ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=101وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب ) : الإشارة بذلك إلى ما تقدم من ذكر الأنبياء وقومهم ، وما حل بهم من العقوبات ، أي : ذلك النبأ بعض أنباء القرى .
ويحتمل أن يعنى بالقرى قرى أولئك المهلكين المتقدم ذكرهم ، وأن يعني القرى عموما ، أي : هذا النبأ المقصوص عليك هو ديدن المدن إذ كفرت ، فدخل المدن المعاصرة . والضمير في منها عائد على القرى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=100قائم وحصيد ) : عامر كزاغر وداثر ، وهذا على تأويل عموم القرى . وقال
قتادة nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج : قائم الجدران ومنهدم ، وهذا على تأويل خصوص القرى ، وأنها قرى أولئك الأمم المهلكين ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بعضها باق وبعضها عافي الأثر كالزرع القائم على ساقه والذي حصد ، انتهى .
وهذا معنى قول
قتادة ، قال
قتادة : قائم الأثر ودارسه ، جعل حصد الزرع كناية عن الفناء قال الشاعر :
والناس في قسم المنية بينهم كالزرع منه قائم وحصيد
. وقال
الضحاك : ( قائم ) : لم يخسف ، و ( حصيد ) : قد خسف . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : ( قائم ) : لم يهلك بعد ، و ( حصيد ) : قد أهلك . وقيل : قائم أي : باق نسله ، وحصيد أي : منقطع نسله . وهذا يتمشى على أن يكون التقدير : ذلك من أنباء أهل القرى . وقد قيل : هو على حذف مضاف ، أي : من أنباء أهل القرى ، ويؤيده قوله : وما ( ظلمناهم ) ، فعاد الضمير على ذلك المحذوف .
وقال
الأخفش : حصيد أي : محصود ، وجمعه حصدى وحصاد ، مثل : مرضى ومراض ، وباب فعلى جمعا لفعيل بمعنى مفعول ، أن يكون فيمن يعقل نحو : قتيل وقتلى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : ما محل هذه الجملة ؟ قلت : هي مستأنفة لا محل لها ، انتهى .
وقال
أبو البقاء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=100منها قائم ) ابتداء ، وخبر في موضع الحال من الهاء في نقصه ، و ( حصيد ) مبتدأ خبره محذوف ، أي : ومنها حصيد ، انتهى .
وما ذكره تجوز ، أي : نقصه عليك وحال القرى ذلك ، والحال أبلغ في التخويف وضرب المثل للحاضرين ، أي : نقص عليك بعض أنباء القرى وهي على هذه الحال يشاهدون فعل الله بها . وما ظلمناهم ، أي : بإهلاكنا إياهم ، بل وضعنا عليهم من العذاب ما يستحقونه ، ولكن ظلموا أنفسهم بوضع الكفر موضع الإيمان ، وارتكاب ما به أهلكوا .
والظاهر أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=101فما أغنت ) : نفي ، أي : لم ترد عنهم من بأس الله شيئا ولا أجدت ، ( يدعون ) : حكاية حال ، أي : التي كانوا يدعون ، أي : يعبدون ، أو يدعونها اللات والعزى وهبل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ولما منصوب بما أغنت ، انتهى .
وهذا بناء على أن لما ظرف ، وهو خلاف مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، لأن مذهبه أنها حرف وجوب لوجوب . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=76أمر ربك ) هو : عذابه ونقمته . (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=101وما زادوهم ) عومل معاملة العقلاء في الإسناد إلى واو الضمير الذي هو لمن يعقل ، لأنهم نزلوهم منزلة العقلاء في اعتقادهم أنها تنفع ، وعبادتهم إياهم .
والتتبيب : التخسير . قال
ابن زيد : الشر ، وقال
قتادة : الخسران والهلاك ، وقال
مجاهد : التخسير ، وقيل : التدمير . وهذه كلها أقوال متقاربة . قال
ابن عطية : وصورة زيادة الأصنام : التتبيب ، إنما هو يتصور بأن تأميلها والثقة بها والتعب في عبادتها شغلت نفوسهم عن النظر في الشرع وعاقبته ، فلحق من ذلك عقاب وخسران . وأما بأن عذابهم على
[ ص: 261 ] الكفر يزاد به عذاب على مجرد عبادة الأوثان .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102nindex.php?page=treesubj&link=28982وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=104وما نؤخره إلا لأجل معدود nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=105يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد ) أي : ومثل ذلك الأخذ - أخذ الله الأمم السابقة - أخذ ربك .
والقرى عام في القرى الظالمة ، والظلم يشمل ظلم الكفر وغيره . وقد يمهل الله تعالى بعض الكفرة . وأما الظلمة في الغالب فمعاجلون ، وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374563إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وكذلك أخذ ربك إذا ) . وقرأ
أبو رجاء والجحدري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وكذلك أخذ ربك إذا أخذ ) : على أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102أخذ ربك ) فعل وفاعل ، وإذ ظرف لما مضى ، وهو إخبار عما جرت به عادة الله في إهلاك من تقدم من الأمم .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ ) . قال
ابن عطية : وهي قراءة متمكنة المعنى ، ولكن قراءة الجماعة تعطي الوعيد واستمراره في الزمان ، وهو الباب في وضع المستقبل موضع الماضي ، والقرى : مفعول بـ ( أخذ ) على الإعمال إذ تنازعه المصدر وهو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102أخذ ربك ) و ( أخذ ) فأعمل الثاني ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وهي ظالمة ) : جملة حالية ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102إن أخذه أليم ) : موجع صعب على المأخوذ . والأخذ هنا : أخذ الإهلاك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103إن في ذلك ) أي : فيما قص الله من أخبار الأمم الماضية وإهلاكهم ، ( لآية ) : لعلامة لمن خاف عذاب الآخرة ، أي : إنهم إذا عذبوا في الدنيا لأجل تكذيبهم الأنبياء وإشراكهم بالله وهي دار العمل ، فلأن يعذبوا على ذلك في الآخرة التي هي دار الجزاء أولى ، وذلك أن الأنبياء أخبروا باستئصال من كذبهم وأشركوا بالله ، ووقع ما أخبروا به وفق إخبارهم ، فدل على أن ما أخبروا به من البعث والجزاء صدق لا شك فيه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103لآية لمن خاف ) : لعبرة له ، لأنه ينظر إلى ما أحل الله بالمجرمين في الدنيا ، وما هو إلا أنموذج مما أعد لهم في الآخرة ، فإذا رأى عظمته وشدته اعتبر به من عظيم العذاب الموعود فيكون له عظة وعبرة ولطفا في زيادة التقوى والخشية من الله ، ونحوه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=26إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) : ( ذلك ) : إشارة إلى يوم القيامة الدال عليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103عذاب الآخرة ) ، والناس مفعول لم يسم فاعله ، رافعه مجموع ، وأجاز
ابن عطية أن يكون الناس مبتدأ ، ومجموع خبرا مقدما ، وهو بعيد لإفراد الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103مجموع ) ، وقياسه على إعرابه : مجموعون ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103مجموع له الناس ) : عبارة عن الحشر ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103مشهود ) : عام يشهده الأولون والآخرون من الإنس والجن والملائكة والحيوان في قول الجمهور .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : أي فائدة في أن أوثر اسم المفعول على فعله ؟ ( قلت ) : لما في اسم المفعول من دلالته على ثبات معنى الجمع لليوم ، وأنه لا بد أن يكون ميعادا مضروبا لجمع الناس له ، وأنه هو الموصوف بذلك صفة لازمة ، وهو أثبت أيضا لإسناد الجمع إلى الناس وأنهم لا ينفكون منه ، وفيه من تمكن الوصف وثباته ما ليس في الفعل . ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103مشهود ) : مشهود فيه ، فاتسع في الجار والمجرور ، ووصل الفعل إلى الضمير إجراء له مجرى المفعول به على السعة لقوله :
ويوما شهدناه سليما وعامرا
والمعنى : يشهد فيه الخلائق الموقف لا يغيب عنه أحد ، ومنه قولهم : لفلان مجلس مشهود ، وطعام محضور . وإنما لم يجعل اليوم مشهودا في نفسه كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر ) لأن الغرض وصف ذلك اليوم بالهول والعظم وغيره من بين الأيام ، وكونه مشهودا في نفسه لا يميزه ، إذ هو موافق لسائر الأيام في كونها مشهودة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=104وما نؤخره ) أي : ذلك اليوم . وقيل : يعود على الجزاء ، قاله
الحوفي . (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=104إلا لأجل معدود ) أي : لقضاء سابق قد نفذ فيه بأجل محدود لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : ( وما يؤخره ) بالياء ، وقرأ النحويان
ونافع : يأتي بإثبات الياء وصلا وحذفها وقفا ،
وابن كثير : بإثباتها وصلا ووقفا ، وهي ثابتة في مصحف
أبي .
وقرأ باقي السبعة بحذفها وصلا ووقفا ، وسقطت في مصحف الإمام
عثمان .
[ ص: 262 ] وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : يأتون ، وكذا في مصحف
عبد الله ، وإثباتها وصلا ووقفا هو الوجه ، ووجه حذفها في الوقف : التشبيه بالفواصل وقفا ، ووصلا : التخفيف كما قالوا : لا أدر ولا أبال .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن الاجتزاء بالكسرة عن الياء كثير في لغة
هذيل . وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري :
كفاك كف ما تليق درهما جودا وأخرى تعط بالسيف الدما
والظاهر أن الفاعل بيأتي ضمير يعود على ما عاد عليه الضمير في نؤخره وهو قوله : ( ذلك يوم ) ، والناصب له (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=105لا تكلم ) ، والمعنى : لا تكلم نفس يوم يأتي ذلك اليوم إلا بإذن الله ، وذلك من عظم المهابة والهول في ذلك اليوم . وهو نظير : (
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=38لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن ) هو ناصب كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=38يوم يقوم الروح والملائكة صفا ) والمراد بإتيان اليوم : إتيان أهواله وشدائده ، إذ اليوم لا يكون وقتا لإتيان اليوم .
وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن يكون فاعل يأتي ضميرا عائدا على الله قال : كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=210هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله ) أو يأتي ربك ، وجاء ربك ، ويعضده قراءة وما يؤخره بالياء ، وقوله : ( بإذنه ) وأجاز أيضا أن ينتصب يوم يأتي باذكر أو بالانتهاء المحذوف في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=104إلا لأجل معدود ) ، أي : ينتهي الأجل يوم يأتي . وأجاز
الحوفي أن يكون لا تكلم حالا من ضمير اليوم المتقدم في مشهود ، أو نعتا لأنه نكرة ، والتقدير : لا تكلم نفس فيه يوم يأتي إلا بإذنه .
وقال
ابن عطية : لا تكلم نفس ، يصح أن يكون جملة في موضع الحال من الضمير الذي في يأتي ، وهو العائد على قوله ( ذلك يوم ) ويكون على هذا عائد محذوف تقديره : لا تكلم نفس فيه إلا بإذنه . ويصح أن يكون قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=105لا تكلم نفس ) ، صفة لقوله : ( يوم يأتي ) ، أو يوم يأتي يراد به : الحين والوقت لا النهار بعينه . وما ورد في القرآن من ذكر كلام أهل الموقف في التلازم والتساؤل والتجادل ، فإما أن يكون بإذن الله ، وإما أن يكون هذه مختصة هنا في تكلم شفاعة أو إقامة حجة ، انتهى .
وكلامه في إعراب لا تكلم كأنه منقول من كلام
الحوفي . وقيل : يوم القيامة : يوم طويل له مواقف ، ففي بعضها يجادلون عن أنفسهم ، وفي بعضها يكفون عن الكلام فلا يؤذن لهم ، وفي بعضها يؤذن لهم فيتكلمون ، وفي بعضها يختم على أفواههم وتكلم أيديهم وتشهد أرجلهم ، والضمير في منهم عائد على الناس في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103مجموع له الناس ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الضمير لأهل الموقف ، ولم يذكروا إلا أن ذلك معلوم ، ولأن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=105لا تكلم نفس ) يدل عليه ، وقد مر ذكر الناس في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103مجموع له الناس ) . وقال
ابن عطية فمنهم عائد على الجميع الذي تضمنه قوله : ( نفس ) ، إذ هو اسم جنس يراد به الجميع ، انتهى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الشقي من كتبت عليه الشقاوة ، والسعيد : الذي كتبت له السعادة . وقيل : معذب ومنعم ، وقيل : محروم ومرزوق ، وقيل : الضمير في منهم عائد على أمة
محمد صلى الله عليه وسلم ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=100nindex.php?page=treesubj&link=28982ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=101وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ ) : الْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَقَوْمِهِمْ ، وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعُقُوبَاتِ ، أَيْ : ذَلِكَ النَّبَأُ بَعْضُ أَنْبَاءِ الْقُرَى .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعْنَى بِالْقُرَى قُرَى أُولَئِكَ الْمُهْلَكِينَ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُمْ ، وَأَنْ يَعْنِيَ الْقُرَى عُمُومًا ، أَيْ : هَذَا النَّبَأُ الْمَقْصُوصُ عَلَيْكَ هُوَ دَيْدَنُ الْمُدُنِ إِذْ كَفَرَتْ ، فَدَخَلَ الْمُدُنُ الْمُعَاصِرَةُ . وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهَا عَائِدٌ عَلَى الْقُرَى .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=100قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ) : عَامِرٌ كَزَاغِرٍ وَدَاثِرٍ ، وَهَذَا عَلَى تَأْوِيلِ عُمُومِ الْقُرَى . وَقَالَ
قَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ : قَائِمُ الْجُدْرَانِ وَمُنْهَدِمٌ ، وَهَذَا عَلَى تَأْوِيلِ خُصُوصِ الْقُرَى ، وَأَنَّهَا قُرَى أُولَئِكَ الْأُمَمِ الْمُهْلَكِينَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بَعْضُهَا بَاقٍ وَبَعْضُهَا عَافِي الْأَثَرِ كَالزَّرْعِ الْقَائِمِ عَلَى سَاقِهِ وَالَّذِي حُصِدَ ، انْتَهَى .
وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ
قَتَادَةَ ، قَالَ
قَتَادَةُ : قَائِمُ الْأَثَرِ وَدَارِسُهُ ، جَعَلَ حَصْدَ الزَّرْعِ كِنَايَةً عَنِ الْفَنَاءِ قَالَ الشَّاعِرُ :
وَالنَّاسُ فِي قَسْمِ الْمَنِيَّةِ بَيْنَهُمْ كَالزَّرْعِ مِنْهُ قَائِمٌ وَحَصِيدُ
. وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : ( قَائِمٌ ) : لَمْ يُخْسَفْ ، وَ ( حَصِيدٌ ) : قَدْ خُسِفَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ : ( قَائِمٌ ) : لَمْ يَهْلَكْ بَعْدُ ، وَ ( حَصِيدٌ ) : قَدْ أُهْلِكَ . وَقِيلَ : قَائِمٌ أَيْ : بَاقٍ نَسْلُهُ ، وَحَصِيدٌ أَيْ : مُنْقَطِعٌ نَسْلُهُ . وَهَذَا يَتَمَشَّى عَلَى أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ : ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ أَهْلِ الْقُرَى . وَقَدْ قِيلَ : هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ : مِنْ أَنْبَاءِ أَهْلِ الْقُرَى ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ : وَمَا ( ظَلَمْنَاهُمْ ) ، فَعَادَ الضَّمِيرُ عَلَى ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ .
وَقَالَ
الْأَخْفَشُ : حَصِيدٌ أَيْ : مَحْصُودٌ ، وَجَمْعُهُ حَصْدَى وَحِصَادٌ ، مِثْلَ : مَرْضَى وَمِرَاضٌ ، وَبَابُ فَعْلَى جَمْعًا لِفَعِيلٍ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ ، أَنْ يَكُونَ فِيمَنْ يَعْقِلُ نَحْوَ : قَتِيلٍ وَقَتْلَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : مَا مَحَلُّ هَذِهِ الْجُمْلَةِ ؟ قُلْتُ : هِيَ مُسْتَأْنَفَةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا ، انْتَهَى .
وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=100مِنْهَا قَائِمٌ ) ابْتِدَاءٌ ، وَخَبَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْهَاءِ فِي نَقُصُّهُ ، وَ ( حَصِيدٌ ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ : وَمِنْهَا حَصِيدٌ ، انْتَهَى .
وَمَا ذَكَرَهُ تَجَوُّزٌ ، أَيْ : نَقُصُّهُ عَلَيْكَ وَحَالُ الْقُرَى ذَلِكَ ، وَالْحَالُ أَبْلَغُ فِي التَّخْوِيفِ وَضَرْبِ الْمَثَلِ لِلْحَاضِرِينَ ، أَيْ : نَقُصُّ عَلَيْكَ بَعْضَ أَنْبَاءِ الْقُرَى وَهِيَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ يُشَاهِدُونَ فِعْلَ اللَّهِ بِهَا . وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ ، أَيْ : بِإِهْلَاكِنَا إِيَّاهُمْ ، بَلْ وَضَعْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَذَابِ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ ، وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِوَضْعِ الْكُفْرِ مَوْضِعَ الْإِيمَانِ ، وَارْتِكَابِ مَا بِهِ أُهْلِكُوا .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=101فَمَا أَغْنَتْ ) : نَفْيٌ ، أَيْ : لَمْ تَرُدَّ عَنْهُمْ مِنْ بَأْسِ اللَّهِ شَيْئًا وَلَا أَجْدَتْ ، ( يَدْعُونَ ) : حِكَايَةُ حَالٍ ، أَيِ : الَّتِي كَانُوا يَدْعُونَ ، أَيْ : يَعْبُدُونَ ، أَوْ يَدْعُونَهَا اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَهُبَلَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَلَمَّا مَنْصُوبٌ بِمَا أَغْنَتْ ، انْتَهَى .
وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ لَمَّا ظَرْفٌ ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّهَا حَرْفُ وُجُوبٍ لِوُجُوبٍ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=76أَمْرُ رَبِّكَ ) هُوَ : عَذَابُهُ وَنِقْمَتُهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=101وَمَا زَادُوهُمْ ) عُومِلَ مُعَامَلَةَ الْعُقَلَاءِ فِي الْإِسْنَادِ إِلَى وَاوِ الضَّمِيرِ الَّذِي هُوَ لِمَنْ يَعْقِلُ ، لِأَنَّهُمْ نَزَّلُوهُمْ مَنْزِلَةَ الْعُقَلَاءِ فِي اعْتِقَادِهِمْ أَنَّهَا تَنْفَعُ ، وَعِبَادَتِهِمْ إِيَّاهُمْ .
وَالتَّتْبِيبُ : التَّخْسِيرُ . قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : الشَّرُّ ، وَقَالَ
قَتَادَةُ : الْخُسْرَانُ وَالْهَلَاكُ ، وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : التَّخْسِيرُ ، وَقِيلَ : التَّدْمِيرُ . وَهَذِهِ كُلُّهَا أَقْوَالٌ مُتَقَارِبَةٌ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَصُورَةُ زِيَادَةِ الْأَصْنَامِ : التَّتْبِيبُ ، إِنَّمَا هُوَ يُتَصَوَّرُ بِأَنَّ تَأْمِيلَهَا وَالثِّقَةَ بِهَا وَالتَّعَبَ فِي عِبَادَتِهَا شَغَلَتْ نُفُوسَهُمْ عَنِ النَّظَرِ فِي الشَّرْعِ وَعَاقِبَتِهِ ، فَلَحِقَ مِنْ ذَلِكَ عِقَابٌ وَخُسْرَانٌ . وَأَمَّا بِأَنَّ عَذَابَهُمْ عَلَى
[ ص: 261 ] الْكُفْرِ يُزَادُ بِهِ عَذَابٌ عَلَى مُجَرَّدِ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102nindex.php?page=treesubj&link=28982وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=104وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=105يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ) أَيْ : وَمِثْلُ ذَلِكَ الْأَخْذِ - أَخْذِ اللَّهِ الْأُمَمَ السَّابِقَةَ - أَخْذُ رَبِّكَ .
وَالْقُرَى عَامٌّ فِي الْقُرَى الظَّالِمَةِ ، وَالظُّلْمُ يَشْمَلُ ظُلْمَ الْكُفْرِ وَغَيْرَهُ . وَقَدْ يُمْهِلُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ الْكَفَرَةِ . وَأَمَّا الظَّلَمَةُ فِي الْغَالِبِ فَمُعَاجَلُونَ ، وَفِي الْحَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374563إِنَّ اللَّهَ يُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ثُمَّ قَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا ) . وَقَرَأَ
أَبُو رَجَاءٍ وَالْجَحْدَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ) : عَلَى أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102أَخْذُ رَبِّكَ ) فِعْلٌ وَفَاعِلٌ ، وَإِذْ ظَرْفٌ لِمَا مَضَى ، وَهُوَ إِخْبَارٌ عَمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ اللَّهِ فِي إِهْلَاكِ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْأُمَمِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ : ( وَكَذَلِكَ أَخَذَ رَبُّكَ إِذَا أَخَذَ ) . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهِيَ قِرَاءَةٌ مُتَمَكِّنَةُ الْمَعْنَى ، وَلَكِنَّ قِرَاءَةَ الْجَمَاعَةِ تُعْطِي الْوَعِيدَ وَاسْتِمْرَارَهُ فِي الزَّمَانِ ، وَهُوَ الْبَابُ فِي وَضْعِ الْمُسْتَقْبَلِ مَوْضِعَ الْمَاضِي ، وَالْقُرَى : مَفْعُولٌ بِـ ( أَخَذَ ) عَلَى الْإِعْمَالِ إِذْ تَنَازَعَهُ الْمَصْدَرُ وَهُوَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102أَخْذُ رَبِّكَ ) وَ ( أَخَذَ ) فَأُعْمِلَ الثَّانِي ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وَهِيَ ظَالِمَةٌ ) : جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ ) : مُوجِعٌ صَعْبٌ عَلَى الْمَأْخُوذِ . وَالْأَخْذُ هُنَا : أَخْذُ الْإِهْلَاكِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103إِنَّ فِي ذَلِكَ ) أَيْ : فِيمَا قَصَّ اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَإِهْلَاكِهِمْ ، ( لَآيَةً ) : لَعَلَامَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ، أَيْ : إِنَّهُمْ إِذَا عُذِّبُوا فِي الدُّنْيَا لِأَجْلِ تَكْذِيبِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ وَإِشْرَاكِهِمْ بِاللَّهِ وَهِيَ دَارُ الْعَمَلِ ، فَلَأَنْ يُعَذَّبُوا عَلَى ذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ الَّتِي هِيَ دَارُ الْجَزَاءِ أَوْلَى ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَخْبَرُوا بِاسْتِئْصَالِ مَنْ كَذَّبَهُمْ وَأَشْرَكُوا بِاللَّهِ ، وَوَقَعَ مَا أَخْبَرُوا بِهِ وَفْقَ إِخْبَارِهِمْ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا أَخْبَرُوا بِهِ مِنَ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ صِدْقٌ لَا شَكَّ فِيهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103لَآيَةً لِمَنْ خَافَ ) : لَعِبْرَةً لَهُ ، لِأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَى مَا أَحَلَّ اللَّهُ بِالْمُجْرِمِينَ فِي الدُّنْيَا ، وَمَا هُوَ إِلَّا أُنْمُوذَجٌ مِمَّا أَعَدَّ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ ، فَإِذَا رَأَى عَظَمَتَهُ وَشِدَّتَهُ اعْتَبَرَ بِهِ مِنْ عَظِيمِ الْعَذَابِ الْمَوْعُودِ فَيَكُونُ لَهُ عِظَةً وَعِبْرَةً وَلُطْفًا فِي زِيَادَةِ التَّقْوَى وَالْخَشْيَةِ مِنَ اللَّهِ ، وَنَحْوُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=26إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى ) : ( ذَلِكَ ) : إِشَارَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الدَّالِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103عَذَابَ الْآخِرَةِ ) ، وَالنَّاسُ مَفْعُولٌ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، رَافِعُهُ مَجْمُوعٌ ، وَأَجَازَ
ابْنُ عَطِيَّةَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ مُبْتَدَأً ، وَمَجْمُوعٌ خَبَرًا مُقَدَّمًا ، وَهُوَ بَعِيدٌ لِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103مَجْمُوعٌ ) ، وَقِيَاسُهُ عَلَى إِعْرَابِهِ : مَجْمُوعُونَ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ ) : عِبَارَةٌ عَنِ الْحَشْرِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103مَشْهُودٌ ) : عَامٌّ يَشْهَدُهُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْحَيَوَانِ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : أَيُّ فَائِدَةٍ فِي أَنْ أُوثِرَ اسْمُ الْمَفْعُولِ عَلَى فِعْلِهِ ؟ ( قُلْتُ ) : لِمَا فِي اسْمِ الْمَفْعُولِ مِنْ دِلَالَتِهِ عَلَى ثَبَاتِ مَعْنَى الْجَمْعِ لِلْيَوْمِ ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِيعَادًا مَضْرُوبًا لِجَمْعِ النَّاسِ لَهُ ، وَأَنَّهُ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِذَلِكَ صِفَةً لَازِمَةً ، وَهُوَ أَثْبَتُ أَيْضًا لِإِسْنَادِ الْجَمْعِ إِلَى النَّاسِ وَأَنَّهُمْ لَا يَنْفَكُّونَ مِنْهُ ، وَفِيهِ مِنْ تَمَكُّنِ الْوَصْفِ وَثَبَاتِهِ مَا لَيْسَ فِي الْفِعْلِ . وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103مَشْهُودٌ ) : مَشْهُودٌ فِيهِ ، فَاتُّسِعَ فِي الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ ، وَوُصِلَ الْفِعْلُ إِلَى الضَّمِيرِ إِجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الْمَفْعُولِ بِهِ عَلَى السَّعَةِ لِقَوْلِهِ :
وَيَوْمًا شَهِدْنَاهُ سُلَيْمًا وَعَامِرًا
وَالْمَعْنَى : يَشْهَدُ فِيهِ الْخَلَائِقُ الْمَوْقِفَ لَا يَغِيبُ عَنْهُ أَحَدٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : لِفُلَانٍ مَجْلِسٌ مَشْهُودٌ ، وَطَعَامٌ مَحْضُورٌ . وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلِ الْيَوْمُ مَشْهُودًا فِي نَفْسِهِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ ) لِأَنَّ الْغَرَضَ وَصْفُ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِالْهَوْلِ وَالْعِظَمِ وَغَيْرِهِ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ ، وَكَوْنُهُ مَشْهُودًا فِي نَفْسِهِ لَا يُمَيِّزُهُ ، إِذْ هُوَ مُوَافِقٌ لِسَائِرِ الْأَيَّامِ فِي كَوْنِهَا مَشْهُودَةً .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=104وَمَا نُؤَخِّرُهُ ) أَيْ : ذَلِكَ الْيَوْمَ . وَقِيلَ : يَعُودُ عَلَى الْجَزَاءِ ، قَالَهُ
الْحَوْفِيُّ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=104إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ) أَيْ : لِقَضَاءٍ سَابِقٍ قَدْ نَفَذَ فِيهِ بِأَجَلٍ مَحْدُودٍ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : ( وَمَا يُؤَخِّرُهُ ) بِالْيَاءِ ، وَقَرَأَ النَّحْوِيَّانِ
وَنَافِعٌ : يَأْتِي بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ وَصْلًا وَحَذْفِهَا وَقْفًا ،
وَابْنُ كَثِيرٍ : بِإِثْبَاتِهَا وَصْلًا وَوَقْفًا ، وَهِيَ ثَابِتَةٌ فِي مُصْحَفِ
أُبَيٍّ .
وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ بِحَذْفِهَا وَصْلًا وَوَقْفًا ، وَسَقَطَتْ فِي مُصْحَفِ الْإِمَامِ
عُثْمَانَ .
[ ص: 262 ] وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : يَأْتُونَ ، وَكَذَا فِي مُصْحَفِ
عَبْدِ اللَّهِ ، وَإِثْبَاتُهَا وَصْلًا وَوَقْفًا هُوَ الْوَجْهُ ، وَوَجْهُ حَذْفِهَا فِي الْوَقْفِ : التَّشْبِيهُ بِالْفَوَاصِلِ وَقْفًا ، وَوَصْلًا : التَّخْفِيفُ كَمَا قَالُوا : لَا أَدْرِ وَلَا أُبَالِ .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنَّ الِاجْتِزَاءَ بِالْكَسْرَةِ عَنِ الْيَاءِ كَثِيرٌ فِي لُغَةِ
هُذَيْلٍ . وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ :
كَفَّاكَ كَفٌّ مَا تُلِيقُ دِرْهَمًا جُودًا وَأُخْرَى تُعْطِ بِالسَّيْفِ الدَّمَا
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَاعِلَ بِيَأْتِي ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى مَا عَادَ عَلَيْهِ الضَّمِيرُ فِي نُؤَخِّرُهُ وَهُوَ قَوْلُهُ : ( ذَلِكَ يَوْمٌ ) ، وَالنَّاصِبُ لَهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=105لَا تَكَلَّمُ ) ، وَالْمَعْنَى : لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ يَوْمَ يَأْتِي ذَلِكَ الْيَوْمُ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَذَلِكَ مِنْ عِظَمِ الْمَهَابَةِ وَالْهَوْلِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ . وَهُوَ نَظِيرُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=38لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ ) هُوَ نَاصِبٌ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=38يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ) وَالْمُرَادُ بِإِتْيَانِ الْيَوْمِ : إِتْيَانُ أَهْوَالِهِ وَشَدَائِدِهِ ، إِذِ الْيَوْمُ لَا يَكُونُ وَقْتًا لِإِتْيَانِ الْيَوْمِ .
وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ يَأْتِي ضَمِيرًا عَائِدًا عَلَى اللَّهِ قَالَ : كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=210هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ ) أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ ، وَجَاءَ رَبُّكَ ، وَيُعَضِّدُهُ قِرَاءَةُ وَمَا يُؤَخِّرُهُ بِالْيَاءِ ، وَقَوْلُهُ : ( بِإِذْنِهِ ) وَأَجَازَ أَيْضًا أَنْ يَنْتَصِبَ يَوْمَ يَأْتِي بِاذْكُرْ أَوْ بِالِانْتِهَاءِ الْمَحْذُوفِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=104إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ ) ، أَيْ : يَنْتَهِي الْأَجَلُ يَوْمَ يَأْتِي . وَأَجَازَ
الْحَوْفِيُّ أَنْ يَكُونَ لَا تَكَلَّمُ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْيَوْمِ الْمُتَقَدِّمِ فِي مَشْهُودٍ ، أَوْ نَعْتًا لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ ، وَالتَّقْدِيرُ : لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ فِيهِ يَوْمَ يَأْتِي إِلَّا بِإِذْنِهِ .
وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ ، يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الَّذِي فِي يَأْتِي ، وَهُوَ الْعَائِدُ عَلَى قَوْلِهِ ( ذَلِكَ يَوْمٌ ) وَيَكُونُ عَلَى هَذَا عَائِدُ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ فِيهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ . وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=105لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ ) ، صِفَةً لِقَوْلِهِ : ( يَوْمَ يَأْتِي ) ، أَوْ يَوْمَ يَأْتِي يُرَادُ بِهِ : الْحِينُ وَالْوَقْتُ لَا النَّهَارُ بِعَيْنِهِ . وَمَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ ذِكْرِ كَلَامِ أَهْلِ الْمَوْقِفِ فِي التَّلَازُمِ وَالتَّسَاؤُلِ وَالتَّجَادُلِ ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ اللَّهِ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هَذِهِ مُخْتَصَّةً هُنَا فِي تَكَلُّمِ شَفَاعَةٍ أَوْ إِقَامَةِ حُجَّةٍ ، انْتَهَى .
وَكَلَامُهُ فِي إِعْرَابِ لَا تَكَلَّمُ كَأَنَّهُ مَنْقُولٌ مِنْ كَلَامِ
الْحَوْفِيِّ . وَقِيلَ : يَوْمُ الْقِيَامَةِ : يَوْمٌ طَوِيلٌ لَهُ مَوَاقِفُ ، فَفِي بَعْضِهَا يُجَادِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَفِي بَعْضِهَا يَكُفُّونَ عَنِ الْكَلَامِ فَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ ، وَفِي بَعْضِهَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَتَكَلَّمُونَ ، وَفِي بَعْضِهَا يُخْتَمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتَكَلَّمُ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ ، وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُمْ عَائِدٌ عَلَى النَّاسِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ ) . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الضَّمِيرُ لِأَهْلِ الْمَوْقِفِ ، وَلَمْ يُذْكَرُوا إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=105لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ ) يَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَقَدْ مَرَّ ذِكْرُ النَّاسِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=103مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ ) . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ فَمِنْهُمْ عَائِدٌ عَلَى الْجَمِيعِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ : ( نَفْسٌ ) ، إِذْ هُوَ اسْمُ جِنْسٍ يُرَادُ بِهِ الْجَمِيعُ ، انْتَهَى .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الشَّقِيُّ مَنْ كُتِبَتْ عَلَيْهِ الشَّقَاوَةُ ، وَالسَّعِيدُ : الَّذِي كُتِبَتْ لَهُ السَّعَادَةُ . وَقِيلَ : مُعَذَّبٌ وَمُنَعَّمٌ ، وَقِيلَ : مَحْرُومٌ وَمَرْزُوقٌ ، وَقِيلَ : الضَّمِيرُ فِي مِنْهُمْ عَائِدٌ عَلَى أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ .