(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28983نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4إذ قال يوسف لأبيه ياأبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5قال يابني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا إن الشيطان للإنسان عدو مبين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق إن ربك عليم حكيم )
[ ص: 278 ] ( القصص ) : مصدر قص ، واسم مفعول إما لتسميته بالمصدر ، وإما لكون الفعل يكون للمفعول ، كالقبض والنقص ، والقصص هنا يحتمل الأوجه الثلاثة ، فإن كان المصدر فالمراد بكونه أحسن أنه اقتص على أبدع طريقة ، وأحسن أسلوب ، ألا ترى أن هذا الحديث مقتص في كتب الأولين ، وفي كتب التواريخ ، ولا ترى اقتصاصه في كتاب منها مقاربا لاقتصاصه في القرآن ، وإن كان المفعول فكان أحسنه لما يتضمن من العبر والحكم والنكت والعجائب التي ليست في غيره ، والظاهر أنه أحسن ما يقص في بابه كما يقال للرجل : هو أعلم الناس وأفضلهم ، يراد في فنه .
وقيل : كانت هذه السورة أحسن القصص لانفرادها عن سائرها بما فيها من ذكر الأنبياء والصالحين والملائكة والشياطين والجن والإنس والأنعام والطير وسير الملوك والممالك والتجار والعلماء والرجال ، والنساء وكيدهن ومكرهن ، مع ما فيها من ذكر التوحيد والفقه والسير والسياسة وحسن الملكة والعفو عند المقدرة ، وحسن المعاشرة ، والحيل وتدبير المعاش ، والمعاد ، وحسن العاقبة في العفة ، والجهاد والخلاص من المرهوب إلى المرغوب ، وذكر الحبيب والمحبوب ، ومرأى السنين وتعبير الرؤيا ، والعجائب التي تصلح للدين والدنيا ، وقيل : كانت أحسن القصص ؛ لأن كل من ذكر
[ ص: 279 ] فيها كان مآله إلى السعادة ، انظر إلى
يوسف وأبيه وإخوته وامرأة العزيز والملك أسلم ب
يوسف وحسن إسلامه ، ومعبر الرؤيا الساقي والشاهد فيما يقال ، وقيل : ( أحسن ) هنا ليست أفعل التفضيل ، بل هي بمعنى حسن ، كأنه قيل : حسن القصص ، من باب إضافة الصفة إلى الموصوف أي : القصص الحسن ، و " ما " في بـ ( ما أوحينا ) مصدرية أي : بإيحائنا ، وإذا كان القصص مصدرا فمفعول ( نقص ) من حيث المعنى هو ( هذا القرآن ) ، إلا أنه من باب الإعمال ، إذ تنازعه ( نقص ) و ( أوحينا ) فأعمل الثاني على الأكثر ، والضمير في ( من قبله ) يعود على الإيحاء ، وتقدمت مذاهب النحاة في " أن " المخففة ومجيء اللام في ثاني الجزأين ، ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205من الغافلين ) لم يكن لك شعور بهذه القصة ، ولا سبق لك علم فيها ، ولا طرق سمعك طرف منها ، والعامل في ( إذ ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وابن عطية : اذكر ، وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أن تكون بدلا من (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=3أحسن القصص ) قال : وهو بدل اشتمال ؛ لأن الوقت يشتمل على القصص وهو المقصوص ، فإذا قص وقته فقد قص ، وقال
ابن عطية : ويجوز أن يعمل فيه ( نقص ) كان المعنى : نقص عليك الحال إذ ، وهذه التقديرات لا تتجه حتى تخلع " إذ " من دلالتها على الوقت الماضي ، وتجرد للوقت المطلق الصالح للأزمان كلها على جهة البدلية .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي أن العامل في ( إذ ) ( الغافلين ) ، والذي يظهر أن العامل فيه ( قال يا بني ) ، كما تقول : إذ قام زيد قام عمرو ، وتبقى ( إذ ) على وضعها الأصلي من كونها ظرفا لما مضى ، و ( يوسف ) اسم عبراني ، وتقدمت ست لغات فيه ، ومنعه الصرف دليل على بطلان قول من ذهب إلى أنه عربي مشتق من الأسف ، وإن كان في بعض لغاته يكون فيه الوزن الغالب ، لامتناع أن يكون أعجميا غير أعجمي ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف بالهمز وفتح السين ، وقرأ
ابن عامر وأبو جعفر nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج : ( يا أبت ) بفتح التاء ، وباقي السبعة والجمهور بكسرها ، ووقف الابنان عليها بالهاء ، وهذه التاء عوض من ياء الإضافة فلا يجتمعان ، وتجامع الألف التي هي بدل من التاء قال :
يا أبتا علك أو عساكا
ووجه الاقتصار على التاء مفتوحة أنه اجتزأ بالفتحة عن الألف ، أو رخم بحذف التاء ثم أقحمت ، قاله
أبو علي ، أو الألف في أبتا للندبة ، فحذفها قاله
الفراء وأبو عبيد وأبو حاتم وقطرب ، ورد بأنه ليس موضع ندبة أو الأصل " يا أبة " بالتنوين فحذف ، والنداء ( ناد ) حذف ، قاله
قطرب ، ورد بأن التنوين لا يحذف من المنادى المنصوب نحو : يا ضاربا رجلا ، وفتح
أبو جعفر ياء " إني " .
وقرأ
الحسن و أبو جعفر وطلحة بن سليمان : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4أحد عشر ) بسكون العين لتوالي الحركات ، وليظهر جعل الاسمين اسما واحدا و ( رأيت ) هي حلمية لدلالة متعلقها على أنه منام ، والظاهر أنه رأى في منامه كواكب الشمس والقمر ، وقيل : رأى إخوته وأبويه ، فعبر عنهم بذلك ، وعبر عن الشمس عن أمه ، وقيل : عن خالته راحيل ؛ لأن أمه كانت ماتت ، ومن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله :
أن يهوديا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا محمد أخبرني عن أسماء الكواكب التي رآها يوسف ، فسكت عنه ، ونزل جبريل فأخبره بأسمائها ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهودي فقال : هل أنت مؤمن إن أخبرتك بذلك ؟ فقال : نعم . قال : جريان ، والطارق ، والذيال ، وذو الكتفين ، وقابس ، ووثاب ، وعمودان ، والفليق ، والمصبح ، والضروح ، والفرغ ، والضياء ، والنور . فقال اليهودي : إي والله إنها لأسماؤها ، وذكر
السهيلي مسندا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14060الحارث بن أبي أسامة فذكر الحديث ، وفيه بعض اختلاف ، وذكر النطح عوضا عن المصبح ، وعن
وهب أن
يوسف رأى وهو ابن سبع سنين أن إحدى عشرة عصا طوالا كانت مركوزة في الأرض كهيئة الدارة ، وإذا عصا صغيرة تثب عليها حتى اقتلعتها وغلبتها ، فوصف ذلك لأبيه فقال : إياك أن تذكر هذا لإخوتك ، ثم رأى وهو ابن ثنتي عشرة سنة الشمس والقمر والكواكب سجودا له فقصها على أبيه فقال له : لا تقصها عليهم فيبغوا
[ ص: 280 ] لك الغوائل ، وكان بين رؤيا
يوسف ومسير إخوته إليه أربعون سنة ، وقيل : ثمانون ، وروي أن رؤيا
يوسف كانت ليلة القدر ليلة جمعة ، والظاهر أن الشمس والقمر ليسا مندرجين في الأحد عشر كوكبا ، ولذلك حين عدهما الرسول لليهودي ذكر أحد عشر كوكبا غير الشمس والقمر ، ويظهر من كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أنهما مندرجان في الأحد عشر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : لم أخر الشمس والقمر ؟ ( قلت ) : أخرهما ليعطفهما على الكواكب على طريق الاختصاص إثباتا لفضلهما ، واستبدادهما بالمزية على غيرهما من الطوالع ، كما أخر
جبريل وميكائيل عن الملائكة ثم عطفهما عليهما لذلك ، ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع ؛ أي : رأيت الكواكب مع الشمس والقمر ، انتهى . والذي يظهر أن التأخير إنما هو من باب الترقي من الأدنى إلى الأعلى ، ولم يقع الترقي في الشمس والقمر جريا على ما استقر في القرآن من أنه إذا اجتمعا قدمت عليه ، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=5الشمس والقمر بحسبان ) ، وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وجمع الشمس والقمر ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا ) وقدمت عليه لسطوع نورها وكبر جرمها وغرابة سيرها ، واستمداده منها ، وعلو مكانها ، والظاهر أن ( رأيتهم ) كرر على سبيل التوكيد للطول بالمفاعيل ، كما كرر " إنكم " في قوله : ( إنكم مخرجون ) لطول الفصل بالظرف وما تعلق به .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : ما معنى تكرار ( رأيتهم ) ؟ ( قلت ) : ليس بتكرار ، إنما هو كلام مستأنف على تقدير سؤال وقع جوابا له ، كان
يعقوب - عليه السلام - قال له عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ) كيف رأيتها سائلا عن حال رؤيتها ؟ فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4رأيتهم لي ساجدين ) انتهى . وجمعهم جمع من يعقل ؛ لصدور السجود له ، وهو صفة من يعقل ، وهذا سائغ في كلام العرب ، وهو أن يعطي الشيء حكم الشيء للاشتراك في وصف ما ، وإن كان ذلك الوصف أصله أن يخص أحدهما . والسجود : سجود كرامة ، كما سجدت الملائكة
لآدم ، وقيل : كان في ذلك الوقت السجود تحية بعضهم لبعض ، ولما خاطب
يوسف أباه بقوله : ( يا أبت ) وفيه إظهار الطواعية والبر والتنبيه على محل الشفقة بطبع الأبوة خاطبه أبوه بقوله : ( يا بني ) تصغير التحبيب والتقريب والشفقة ، وقرأ
حفص هنا وفي لقمان والصافات : ( يا بني ) بفتح الياء ،
وابن كثير في لقمان (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13يابني لا تشرك )
وقنبل ( يا بني أقم ) بإسكانها ، وباقي السبعة بالكسر ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : ( لا تقص ) مدغما ، وهي لغة
تميم ، والجمهور بالفك وهي لغة
الحجاز ، والرؤيا مصدر كالبقيا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الرؤيا بمعنى الرؤية ، إلا أنها مختصة بما كان في النوم دون اليقظة ، فرق بينهما بحرفي التأنيث كما قيل : القربة والقربى ، انتهى . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5رؤياك ) ، والرؤيا حيث وقعت بالهمز من غير إمالة ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : بالإمالة وبغير الهمز ، وهي لغة
أهل الحجاز .
وإخوة
يوسف : هم
كاذ ،
وبنيامين ،
ويهوذا ،
ونفتالي ،
وزبولون ،
وشمعون ،
وروبين ، ويقال باللام
كجبريل ،
وجبرين ،
ويساخا ،
ولاوي ،
وذان ،
وياشير ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5فيكيدوا لك ) منصوب بإضمار " أن " على جواب النهي ، وعدي (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5فيكيدوا ) باللام ، وفي " فكيدون " بنفسه ، فاحتمل أن يكون من باب شكرت زيدا وشكرت لزيد ، واحتمل أن يكون من باب التضمين ، ضمن (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5فيكيدوا ) معنى ما يتعدى باللام ، فكأنه قال : فيحتالوا لك بالكيد ، والتضمين أبلغ لدلالته على معنى الفعلين ، وللمبالغة أكد بالمصدر . ونبه يعقوب على سبب الكيد وهو : ما يزينه الشيطان للإنسان ويسوله له ، وذلك للعداوة التي بينهما ، فهو يجتهد دائما أن يوقعه في المعاصي ويدخله فيها ويحضه عليها ، وكان
يعقوب دلته رؤيا
يوسف - عليهما السلام - على أن الله تعالى يبلغه مبلغا من الحكمة ، ويصطفيه للنبوة ، وينعم عليه بشرف الدارين كما فعل بآبائه ، فخاف عليه من حسد إخوته ، فنهاه من أن يقص رؤياه لهم ، وفي خطاب يعقوب
ليوسف تنهية عن أن
[ ص: 281 ] يقص على إخوته مخافة كيدهم ، دلالة على تحذير المسلم أخاه المسلم ممن يخافه عليه ، والتنبيه على بعض ما لا يليق ، ولا يكون ذلك داخلا في باب الغيبة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وكذلك يجتبيك ربك ) أي : مثل ذلك الاجتباء ، وهو ما أراه من تلك الرؤيا التي دلت على جليل قدره ، وشريف منصبه ، ومآله إلى النبوة والرسالة والملك ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6يجتبيك ) : يختارك ربك للنبوة والملك ، قال
الحسن : للنبوة . وقال
مقاتل : للسجود لك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : لأمور عظام . (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6ويعلمك من تأويل الأحاديث ) كلام مستأنف ليس داخلا في التشبيه ، كأنه قال : وهو يعلمك ، قال
مجاهد والسدي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6تأويل الأحاديث ) عبارة الرؤيا ، وقال
الحسن : عواقب الأمور ، وقيل : عامة لذلك ولغيره من المغيبات ، وقال
مقاتل : غرائب الرؤيا ، وقال
ابن زيد : العلم والحكمة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( الأحاديث ) الرؤى ؛ لأن الرؤى إما حديث نفس أو ملك أو شيطان ، وتأويلها عبارتها وتفسيرها ، فكان
يوسف - عليه السلام - أعبر الناس للرؤيا وأصحهم عبارة ، ويجوز أن يراد بتأويل الأحاديث معاني كتب الله وسير الأنبياء ، وما غمض واشتبه على الناس في أغراضها ومقاصدها ، يفسرها لهم ويشرحها ، ويدلهم على مودعات حكمها ، وسميت أحاديث ؛ لأنها تحدث بها عن الله ورسله فيقال : قال الله : وقال الرسول : كذا وكذا ، ألا ترى إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185فبأي حديث بعده يؤمنون ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23الله نزل أحسن الحديث كتابا ) وهي اسم جمع للحديث ، وليس بجمع أحدوثة ، انتهى . وليس باسم جمع كما ذكر ، بل هو جمع تكسير لحديث على غير قياس ، كما قالوا : أباطل وأباطيل ، ولم يأت اسم جمع على هذا الوزن ، وإذا كانوا يقولون في عباديد ويناذير أنهما جمعا تكسير ولم يلفظ لهما بمفرد ، فكيف لا يكون أحاديث وأباطيل جمعي تكسير ؟
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6ويتم نعمته عليك ) وإتمامها بأنه تعالى وصل لهم نعمة الدنيا - بأن جعلهم أنبياء وملوكا - بنعمة الآخرة - بأن نقلهم إلى أعلى الدرجات في الجنة - ، وقال
مقاتل : بإعلاء كلمتك وتحقيق رؤياك ، وقال
الحسن : هذا شيء أعلمه الله يعقوب من أنه سيعطي
يوسف النبوة ، وقيل : بأن يحوج إخوتك إليك ، فتقابل الذنب بالغفران ، والإساءة بالإحسان ، وقيل : بإنجائك من كل مكروه ، و ( آل يعقوب ) الظاهر أنه أولاده ونسلهم ؛ أي : نجعل النبوة فيهم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : هم نسلهم وغيرهم ، وقيل : أهل دينه وأتباعهم ، كما جاء في الحديث : من آلك ؟ فقال : ( كل تقي ) وقيل : امرأته وأولاده الأحد عشر ، وقيل : المراد
يعقوب نفسه خاصة ، وإتمام النعمة على
إبراهيم بالخلة ، والإنجاء من النار ، وإهلاك عدوه نمروذ ، وعلى
إسحاق بإخراج
يعقوب والأسباط من صلبه ، وسمي الجد وأبو الجد أبوين ؛ لأنهما في عمود النسب كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133وإله آبائك ) ولهذا يقولون : ابن فلان ، وإن كان بينهما عدة في عمود النسب ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6إن ربك عليم ) بمن يستحق الاجتباء ، ( حكيم ) يضع الأشياء مواضعها ، وهذان الوصفان مناسبان لهذا الوعد الذي وعده
يعقوب و
يوسف - عليهما الصلاة والسلام - في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وكذلك يجتبيك ربك ) قيل : وعلم
يعقوب - عليه السلام - ذلك من دعوة
إسحاق - عليه السلام - حين تشبه له بعيصو .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28983نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5قَالَ يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
[ ص: 278 ] ( الْقَصَصِ ) : مَصْدَرُ قَصَّ ، وَاسْمُ مَفْعُولٍ إِمَّا لِتَسْمِيَتِهِ بِالْمَصْدَرِ ، وَإِمَّا لِكَوْنِ الْفِعْلِ يَكُونُ لِلْمَفْعُولِ ، كَالْقَبْضِ وَالنَّقْصِ ، وَالْقَصَصُ هُنَا يَحْتَمِلُ الْأَوْجُهَ الثَّلَاثَةَ ، فَإِنْ كَانَ الْمَصْدَرَ فَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ أَحْسَنَ أَنَّهُ اقْتُصَّ عَلَى أَبْدَعِ طَرِيقَةٍ ، وَأَحْسَنِ أُسْلُوبٍ ، أَلَا تَرَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُقْتَصٌّ فِي كُتُبِ الْأَوَّلِينَ ، وَفِي كُتُبِ التَّوَارِيخِ ، وَلَا تَرَى اقْتِصَاصَهُ فِي كِتَابٍ مِنْهَا مُقَارِبًا لِاقْتِصَاصِهِ فِي الْقُرْآنِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولَ فَكَانَ أَحْسَنَهُ لِمَا يَتَضَمَّنُ مِنَ الْعِبَرِ وَالْحِكَمِ وَالنُّكَتِ وَالْعَجَائِبِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي غَيْرِهِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَحْسَنُ مَا يُقَصُّ فِي بَابِهِ كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ : هُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ وَأَفْضَلُهُمْ ، يُرَادُ فِي فَنِّهِ .
وَقِيلَ : كَانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ أَحْسَنَ الْقَصَصِ لِانْفِرَادِهَا عَنْ سَائِرِهَا بِمَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَالْمَلَائِكَةِ وَالشَّيَاطِينِ وَالْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالْأَنْعَامِ وَالطَّيْرِ وَسِيَرِ الْمُلُوكِ وَالْمَمَالِكِ وَالتُّجَّارِ وَالْعُلَمَاءِ وَالرِّجَالِ ، وَالنِّسَاءِ وَكَيْدِهِنَّ وَمَكْرِهِنَّ ، مَعَ مَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ التَّوْحِيدِ وَالْفِقْهِ وَالسِّيَرِ وَالسِّيَاسَةِ وَحُسْنِ الْمِلْكَةِ وَالْعَفْوِ عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ ، وَحُسْنِ الْمُعَاشَرَةِ ، وَالْحِيَلِ وَتَدْبِيرِ الْمَعَاشِ ، وَالْمَعَادِ ، وَحُسْنِ الْعَاقِبَةِ فِي الْعِفَّةِ ، وَالْجِهَادِ وَالْخَلَاصِ مِنَ الْمَرْهُوبِ إِلَى الْمَرْغُوبِ ، وَذِكْرِ الْحَبِيبِ وَالْمَحْبُوبِ ، وَمَرْأَى السِّنِينَ وَتَعْبِيرِ الرُّؤْيَا ، وَالْعَجَائِبِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلدِّينِ وَالدُّنْيَا ، وَقِيلَ : كَانَتْ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ ذُكِرَ
[ ص: 279 ] فِيهَا كَانَ مَآلُهُ إِلَى السَّعَادَةِ ، انْظُرْ إِلَى
يُوسُفَ وَأَبِيهِ وَإِخْوَتِهِ وَامْرَأَةِ الْعَزِيزِ وَالْمَلِكِ أَسْلَمَ بِ
يُوسُفَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ ، وَمُعَبِّرِ الرُّؤْيَا السَّاقِي وَالشَّاهِدِ فِيمَا يُقَالُ ، وَقِيلَ : ( أَحْسَنَ ) هُنَا لَيْسَتْ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ ، بَلْ هِيَ بِمَعْنَى حَسَنٍ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : حَسَنَ الْقَصَصِ ، مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الصِّفَةِ إِلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ : الْقَصَصَ الْحَسَنَ ، وَ " مَا " فِي بِـ ( مَا أَوْحَيْنَا ) مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ : بِإِيحَائِنَا ، وَإِذَا كَانَ الْقَصَصُ مَصْدَرًا فَمَفْعُولُ ( نَقُصُّ ) مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى هُوَ ( هَذَا الْقُرْآنَ ) ، إِلَّا أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِعْمَالِ ، إِذْ تَنَازَعَهُ ( نَقُصُّ ) وَ ( أَوْحَيْنَا ) فَأُعْمِلَ الثَّانِي عَلَى الْأَكْثَرِ ، وَالضَّمِيرُ فِي ( مِنْ قَبْلِهِ ) يَعُودُ عَلَى الْإِيحَاءِ ، وَتَقَدَّمَتْ مَذَاهِبُ النُّحَاةِ فِي " أَنِ " الْمُخَفَّفَةِ وَمَجِيءِ اللَّامِ فِي ثَانِي الْجُزْأَيْنِ ، وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=205مِنَ الْغَافِلِينَ ) لَمْ يَكُنْ لَكَ شُعُورٌ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ ، وَلَا سَبَقَ لَكَ عِلْمٌ فِيهَا ، وَلَا طَرَقَ سَمْعَكَ طَرَفٌ مِنْهَا ، وَالْعَامِلُ فِي ( إِذْ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ : اذْكُرْ ، وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ أَنْ تَكُونَ بَدَلًا مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=3أَحْسَنَ الْقَصَصِ ) قَالَ : وَهُوَ بَدَلُ اشْتِمَالٍ ؛ لِأَنَّ الْوَقْتَ يَشْتَمِلُ عَلَى الْقَصَصِ وَهُوَ الْمَقْصُوصُ ، فَإِذَا قَصَّ وَقْتَهُ فَقَدْ قَصَّ ، وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ ( نَقُصُّ ) كَانَ الْمَعْنَى : نَقُصُّ عَلَيْكَ الْحَالَ إِذْ ، وَهَذِهِ التَّقْدِيرَاتُ لَا تَتَّجِهُ حَتَّى تُخْلَعَ " إِذْ " مِنْ دَلَالَتِهَا عَلَى الْوَقْتِ الْمَاضِي ، وَتُجَرَّدَ لِلْوَقْتِ الْمُطْلَقِ الصَّالِحِ لِلْأَزْمَانِ كُلِّهَا عَلَى جِهَةِ الْبَدَلِيَّةِ .
وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ أَنَّ الْعَامِلَ فِي ( إِذِ ) ( الْغَافِلِينَ ) ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ ( قَالَ يَا بُنَيَّ ) ، كَمَا تَقُولُ : إِذْ قَامَ زَيْدٌ قَامَ عَمْرٌو ، وَتَبْقَى ( إِذْ ) عَلَى وَضْعِهَا الْأَصْلِيِّ مِنْ كَوْنِهَا ظَرْفًا لِمَا مَضَى ، وَ ( يُوسُفُ ) اسْمٌ عِبْرَانِيٌّ ، وَتَقَدَّمَتْ سِتُّ لُغَاتٍ فِيهِ ، وَمَنْعُهُ الصَّرْفَ دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ عَرَبِيٌّ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَسَفِ ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ لُغَاتِهِ يَكُونُ فِيهِ الْوَزْنُ الْغَالِبُ ، لِامْتِنَاعِ أَنْ يَكُونَ أَعْجَمِيًّا غَيْرَ أَعْجَمِيٍّ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ بِالْهَمْزِ وَفَتْحِ السِّينِ ، وَقَرَأَ
ابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ : ( يَا أَبَتَ ) بِفَتْحِ التَّاءِ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ وَالْجُمْهُورُ بِكَسْرِهَا ، وَوَقَفَ الِابْنَانِ عَلَيْهَا بِالْهَاءِ ، وَهَذِهِ التَّاءُ عِوَضٌ مِنْ يَاءِ الْإِضَافَةِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ ، وَتَجَامَعَ الْأَلِفُ الَّتِي هِيَ بَدَلٌ مِنَ التَّاءِ قَالَ :
يَا أَبَتَا عَلَّكَ أَوْ عَسَاكَا
وَوَجْهُ الِاقْتِصَارِ عَلَى التَّاءِ مَفْتُوحَةً أَنَّهُ اجْتَزَأَ بِالْفَتْحَةِ عَنِ الْأَلِفِ ، أَوْ رُخِّمَ بِحَذْفِ التَّاءِ ثُمَّ أُقْحِمَتْ ، قَالَهُ
أَبُو عَلِيٍّ ، أَوِ الْأَلِفُ فِي أَبَتَا لِلنُّدْبَةِ ، فَحَذَفَهَا قَالَهُ
الْفَرَّاءُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ وَقُطْرُبٌ ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ نُدْبَةٍ أَوِ الْأَصْلُ " يَا أَبَةً " بِالتَّنْوِينِ فَحُذِفَ ، وَالنِّدَاءُ ( نَادِ ) حُذِفَ ، قَالَهُ
قُطْرُبٌ ، وَرُدَّ بِأَنَّ التَّنْوِينَ لَا يُحْذَفُ مِنَ الْمُنَادَى الْمَنْصُوبِ نَحْوَ : يَا ضَارِبًا رَجُلًا ، وَفَتَحَ
أَبُو جَعْفَرٍ يَاءَ " إِنِّيَ " .
وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَ أَبُو جَعْفَرٍ وَطَلْحَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4أَحَدَ عَشَرَ ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ لِتَوَالِي الْحَرَكَاتِ ، وَلِيَظْهَرَ جَعْلُ الِاسْمَيْنِ اسْمًا وَاحِدًا وَ ( رَأَيْتُ ) هِيَ حُلْمِيَّةٌ لِدَلَالَةِ مُتَعَلِّقِهَا عَلَى أَنَّهُ مَنَامٌ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رَأَى فِي مَنَامِهِ كَوَاكِبَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَقِيلَ : رَأَى إِخْوَتَهُ وَأَبَوَيْهِ ، فَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ ، وَعَبَّرَ عَنِ الشَّمْسِ عَنْ أُمِّهِ ، وَقِيلَ : عَنْ خَالَتِهِ رَاحِيلَ ؛ لِأَنَّ أُمَّهُ كَانَتْ مَاتَتْ ، وَمِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ :
أَنَّ يَهُودِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنْ أَسْمَاءِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَآهَا يُوسُفُ ، فَسَكَتَ عَنْهُ ، وَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَهُ بِأَسْمَائِهَا ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْيَهُودِيَّ فَقَالَ : هَلْ أَنْتَ مُؤْمِنٌ إِنْ أَخْبَرْتُكَ بِذَلِكَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ . قَالَ : جَرَيَانُ ، وَالطَّارِقُ ، وَالذَّيَّالُ ، وَذُو الْكَتِفَيْنِ ، وَقَابِسُ ، وَوَثَّابُ ، وَعَمُودَانُ ، وَالْفَلِيقُ ، وَالْمُصْبِحُ ، وَالضَّرُوحُ ، وَالْفُرُغُ ، وَالضِّيَاءُ ، وَالنُّورُ . فَقَالَ الْيَهُودِيُّ : إِي وَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَسْمَاؤُهَا ، وَذَكَرَ
السُّهَيْلِيُّ مُسْنَدًا إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=14060الْحَارْثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَفِيهِ بَعْضُ اخْتِلَافٍ ، وَذَكَرَ النَّطْحَ عِوَضًا عَنِ الْمُصْبَحِ ، وَعَنْ
وَهْبٍ أَنَّ
يُوسُفَ رَأَى وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ أَنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ عَصًا طُوَالًا كَانَتْ مَرْكُوزَةً فِي الْأَرْضِ كَهَيْئَةِ الدَّارَةِ ، وَإِذَا عَصًا صَغِيرَةٌ تَثِبُ عَلَيْهَا حَتَّى اقْتَلَعَتْهَا وَغَلَبَتْهَا ، فَوَصَفَ ذَلِكَ لِأَبِيهِ فَقَالَ : إِيَّاكَ أَنْ تَذْكُرَ هَذَا لِإِخْوَتِكَ ، ثُمَّ رَأَى وَهُوَ ابْنُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْكَوَاكِبَ سُجُودًا لَهُ فَقَصَّهَا عَلَى أَبِيهِ فَقَالَ لَهُ : لَا تَقُصُّهَا عَلَيْهِمْ فَيَبْغُوا
[ ص: 280 ] لَكَ الْغَوَائِلَ ، وَكَانَ بَيْنَ رُؤْيَا
يُوسُفَ وَمَسِيرِ إِخْوَتِهِ إِلَيْهِ أَرْبَعُونَ سَنَةً ، وَقِيلَ : ثَمَانُونَ ، وَرُوِيَ أَنَّ رُؤْيَا
يُوسُفَ كَانَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيْسَا مُنْدَرِجَيْنِ فِي الْأَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا ، وَلِذَلِكَ حِينَ عَدَّهُمَا الرَّسُولُ لِلْيَهُودِيِّ ذَكَرَ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا غَيْرَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ أَنَّهُمَا مُنْدَرِجَانِ فِي الْأَحَدَ عَشَرَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : لِمَ أَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ؟ ( قُلْتُ ) : أَخَّرَهُمَا لِيَعْطِفَهُمَا عَلَى الْكَوَاكِبِ عَلَى طَرِيقِ الِاخْتِصَاصِ إِثْبَاتًا لِفَضْلِهِمَا ، وَاسْتِبْدَادِهِمَا بِالْمَزِيَّةِ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنَ الطَّوَالِعِ ، كَمَا أَخَّرَ
جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ عَنِ الْمَلَائِكَةِ ثُمَّ عَطَفَهُمَا عَلَيْهِمَا لِذَلِكَ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ بِمَعْنَى مَعَ ؛ أَيْ : رَأَيْتُ الْكَوَاكِبَ مَعَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، انْتَهَى . وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّأْخِيرَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّرَقِّي مِنَ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى ، وَلَمْ يَقَعِ التَّرَقِّي فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ جَرْيًا عَلَى مَا اسْتَقَرَّ فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَا قُدِّمَتْ عَلَيْهِ ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=5الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ ) ، وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=75&ayano=9وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=5هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا ) وَقُدِّمَتْ عَلَيْهِ لِسُطُوعِ نُورِهَا وَكِبَرِ جَرْمِهَا وَغَرَابَةِ سَيْرِهَا ، وَاسْتِمْدَادِهِ مِنْهَا ، وَعُلُوِّ مَكَانِهَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ( رَأَيْتُهُمْ ) كُرِّرَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ لِلطُّولِ بِالْمَفَاعِيلِ ، كَمَا كُرِّرَ " إِنَّكُمْ " فِي قَوْلِهِ : ( إِنَّكُمْ مُخْرَجُونَ ) لِطُولِ الْفَصْلِ بِالظَّرْفِ وَمَا تَعَلَّقَ بِهِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : مَا مَعْنَى تَكْرَارِ ( رَأْيَتُهُمْ ) ؟ ( قُلْتُ ) : لَيْسَ بِتَكْرَارٍ ، إِنَّمَا هُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ عَلَى تَقْدِيرِ سُؤَالٍ وَقَعَ جَوَابًا لَهُ ، كَانَ
يَعْقُوبُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ لَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ) كَيْفَ رَأَيْتَهَا سَائِلًا عَنْ حَالِ رُؤْيَتِهَا ؟ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=4رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ) انْتَهَى . وَجَمَعَهُمْ جَمْعَ مَنْ يَعْقِلُ ؛ لِصُدُورِ السُّجُودِ لَهُ ، وَهُوَ صِفَةُ مَنْ يَعْقِلُ ، وَهَذَا سَائِغٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ، وَهُوَ أَنْ يُعْطِيَ الشَّيْءَ حُكْمَ الشَّيْءِ لِلِاشْتِرَاكِ فِي وَصْفٍ مَا ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَصْفُ أَصْلُهُ أَنْ يَخُصَّ أَحَدَهُمَا . وَالسُّجُودُ : سُجُودُ كَرَامَةٍ ، كَمَا سَجَدَتِ الْمَلَائِكَةُ
لِآدَمَ ، وَقِيلَ : كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ السُّجُودُ تَحِيَّةَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ، وَلَمَّا خَاطَبَ
يُوسُفُ أَبَاهُ بِقَوْلِهِ : ( يَا أَبَتِ ) وَفِيهِ إِظْهَارُ الطَّوَاعِيَةِ وَالْبِرِّ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى مَحَلِّ الشَّفَقَةِ بِطَبْعِ الْأُبُوَّةِ خَاطَبَهُ أَبُوهُ بِقَوْلِهِ : ( يَا بُنَيَّ ) تَصْغِيرُ التَّحْبِيبِ وَالتَّقْرِيبِ وَالشَّفَقَةِ ، وَقَرَأَ
حَفْصٌ هُنَا وَفِي لُقْمَانَ وَالصَّافَّاتِ : ( يَا بُنَيَّ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ فِي لُقْمَانَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ )
وَقُنْبُلٌ ( يَا بُنَيْ أَقِمْ ) بِإِسْكَانِهَا ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ بِالْكَسْرِ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : ( لَا تَقُصُّ ) مُدْغَمًا ، وَهِيَ لُغَةُ
تَمِيمٍ ، وَالْجُمْهُورُ بِالْفَكِّ وَهِيَ لُغَةُ
الْحِجَازِ ، وَالرُّؤْيَا مَصْدَرٌ كَالْبُقْيَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : الرُّؤْيَا بِمَعْنَى الرُّؤْيَةِ ، إِلَّا أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِمَا كَانَ فِي النَّوْمِ دُونَ الْيَقَظَةِ ، فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِحَرْفَيِ التَّأْنِيثِ كَمَا قِيلَ : الْقُرْبَةُ وَالْقُرْبَى ، انْتَهَى . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5رُؤْيَاكَ ) ، وَالرُّؤْيَا حَيْثُ وَقَعَتْ بِالْهَمْزِ مِنْ غَيْرِ إِمَالَةٍ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ : بِالْإِمَالَةِ وَبِغَيْرِ الْهَمْزِ ، وَهِيَ لُغَةُ
أَهْلِ الْحِجَازِ .
وَإِخْوَةُ
يُوسُفَ : هُمْ
كَاذٌ ،
وَبِنْيَامِينُ ،
وَيَهُوذَا ،
وَنَفْتَالِي ،
وَزَبُولُونُ ،
وَشَمْعُونُ ،
وَرُوبِينُ ، وَيُقَالَ بِاللَّامِ
كَجِبْرِيلَ ،
وَجِبْرِينُ ،
وَيُسَاخَا ،
وَلَاوِي ،
وَذَانٌ ،
وَيَاشِيرُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5فَيَكِيدُوا لَكَ ) مَنْصُوبٌ بِإِضْمَارِ " أَنْ " عَلَى جَوَابِ النَّهْيِ ، وَعُدِّيَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5فَيَكِيدُوا ) بِاللَّامِ ، وَفِي " فَكِيدُونِ " بِنَفْسِهِ ، فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ شَكَرْتُ زَيْدًا وَشَكَرْتُ لِزَيْدٍ ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّضْمِينِ ، ضَمَّنَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=5فَيَكِيدُوا ) مَعْنَى مَا يَتَعَدَّى بِاللَّامِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : فَيَحْتَالُوا لَكَ بِالْكَيْدِ ، وَالتَّضْمِينُ أَبْلَغُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى مَعْنَى الْفِعْلَيْنِ ، وَلِلْمُبَالَغَةِ أُكِّدَ بِالْمَصْدَرِ . وَنَبَّهَ يَعْقُوبُ عَلَى سَبَبِ الْكَيْدِ وَهُوَ : مَا يُزَيِّنُهُ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ وَيُسَوِّلُهُ لَهُ ، وَذَلِكَ لِلْعَدَاوَةِ الَّتِي بَيْنَهُمَا ، فَهُوَ يَجْتَهِدُ دَائِمًا أَنْ يُوقِعَهُ فِي الْمَعَاصِي وَيُدْخِلَهُ فِيهَا وَيَحُضَّهُ عَلَيْهَا ، وَكَانَ
يَعْقُوبُ دَلَّتْهُ رُؤْيَا
يُوسُفَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبْلِغُهُ مَبْلَغًا مِنَ الْحِكْمَةِ ، وَيَصْطَفِيهِ لِلنُّبُوَّةِ ، وَيُنْعِمُ عَلَيْهِ بِشَرَفِ الدَّارَيْنِ كَمَا فَعَلَ بِآبَائِهِ ، فَخَافَ عَلَيْهِ مِنْ حَسَدِ إِخْوَتِهِ ، فَنَهَاهُ مِنْ أَنْ يَقُصَّ رُؤْيَاهُ لَهُمْ ، وَفِي خِطَابِ يَعْقُوبَ
لِيُوسُفَ تَنْهِيَةٌ عَنْ أَنْ
[ ص: 281 ] يَقُصَّ عَلَى إِخْوَتِهِ مَخَافَةَ كَيْدِهِمْ ، دَلَالَةً عَلَى تَحْذِيرِ الْمُسْلِمِ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ مِمَّنْ يَخَافُهُ عَلَيْهِ ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى بَعْضِ مَا لَا يَلِيقُ ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي بَابِ الْغَيْبَةِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ) أَيْ : مِثْلَ ذَلِكَ الِاجْتِبَاءِ ، وَهُوَ مَا أَرَاهُ مِنْ تِلْكَ الرُّؤْيَا الَّتِي دَلَّتْ عَلَى جَلِيلِ قَدْرِهِ ، وَشَرِيفِ مَنْصِبِهِ ، وَمَآلِهِ إِلَى النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْمُلْكِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6يَجْتَبِيكَ ) : يَخْتَارُكَ رَبُّكَ لِلنُّبُوَّةِ وَالْمُلْكِ ، قَالَ
الْحَسَنُ : لِلنُّبُوَّةِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : لِلسُّجُودِ لَكَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لِأُمُورٍ عِظَامٍ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ) كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لَيْسَ دَاخِلًا فِي التَّشْبِيهِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : وَهُوَ يُعَلِّمُكَ ، قَالَ
مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ) عِبَارَةُ الرُّؤْيَا ، وَقَالَ
الْحَسَنُ : عَوَاقِبُ الْأُمُورِ ، وَقِيلَ : عَامَّةٌ لِذَلِكَ وَلِغَيْرِهِ مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ ، وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : غَرَائِبُ الرُّؤْيَا ، وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : الْعِلْمُ وَالْحِكْمَةُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( الْأَحَادِيثِ ) الرُّؤَى ؛ لِأَنَّ الرُّؤَى إِمَّا حَدِيثُ نَفْسٍ أَوْ مَلَكٍ أَوْ شَيْطَانٍ ، وَتَأْوِيلُهَا عِبَارَتُهَا وَتَفْسِيرُهَا ، فَكَانَ
يُوسُفُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَعْبَرَ النَّاسِ لِلرُّؤْيَا وَأَصَحَّهُمْ عِبَارَةً ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِتَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ مَعَانِي كُتِبِ اللَّهِ وَسِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَمَا غَمُضَ وَاشْتَبَهَ عَلَى النَّاسِ فِي أَغْرَاضِهَا وَمَقَاصِدِهَا ، يُفَسِّرُهَا لَهُمْ وَيَشْرَحُهَا ، وَيَدُلُّهُمْ عَلَى مُودَعَاتِ حِكَمِهَا ، وَسُمِّيَتْ أَحَادِيثَ ؛ لِأَنَّهَا تُحَدَّثُ بِهَا عَنِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ فَيُقَالُ : قَالَ اللَّهُ : وَقَالَ الرَّسُولُ : كَذَا وَكَذَا ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا ) وَهِيَ اسْمُ جَمْعٍ لِلْحَدِيثِ ، وَلَيْسَ بِجَمْعِ أُحْدُوثَةٍ ، انْتَهَى . وَلَيْسَ بِاسْمِ جَمْعٍ كَمَا ذُكِرَ ، بَلْ هُوَ جَمْعُ تَكْسِيرٍ لِحَدِيثٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ ، كَمَا قَالُوا : أَبَاطِلُ وَأَبَاطِيلُ ، وَلَمْ يَأْتِ اسْمُ جَمْعٍ عَلَى هَذَا الْوَزْنِ ، وَإِذَا كَانُوا يَقُولُونَ فِي عَبَادِيدَ وَيَنَاذِيرَ أَنَّهُمَا جَمْعَا تَكْسِيرٍ وَلَمْ يُلْفَظْ لَهُمَا بِمُفْرَدٍ ، فَكَيْفَ لَا يَكُونُ أَحَادِيثُ وَأَبَاطِيلُ جَمْعَيْ تَكْسِيرٍ ؟
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ ) وَإِتْمَامُهَا بِأَنَّهُ تَعَالَى وَصَلَ لَهُمْ نِعْمَةَ الدُّنْيَا - بِأَنْ جَعَلَهُمْ أَنْبِيَاءَ وَمُلُوكًا - بِنِعْمَةِ الْآخِرَةِ - بِأَنْ نَقَلَهُمْ إِلَى أَعْلَى الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّةِ - ، وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : بِإِعْلَاءِ كَلِمَتِكَ وَتَحْقِيقِ رُؤْيَاكَ ، وَقَالَ
الْحَسَنُ : هَذَا شَيْءٌ أَعْلَمَهُ اللَّهُ يَعْقُوبَ مِنْ أَنَّهُ سَيُعْطِي
يُوسُفَ النُّبُوَّةَ ، وَقِيلَ : بِأَنْ يُحَوِّجَ إِخْوَتَكَ إِلَيْكَ ، فَتُقَابِلُ الذَّنْبَ بِالْغُفْرَانِ ، وَالْإِسَاءَةَ بِالْإِحْسَانِ ، وَقِيلَ : بِإِنْجَائِكَ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ ، وَ ( آلِ يَعْقُوبَ ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَوْلَادُهُ وَنَسْلُهُمْ ؛ أَيْ : نَجْعَلُ النُّبُوَّةَ فِيهِمْ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : هُمْ نَسْلُهُمْ وَغَيْرُهُمْ ، وَقِيلَ : أَهْلُ دِينِهِ وَأَتْبَاعُهُمْ ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : مَنْ آلُكَ ؟ فَقَالَ : ( كُلُّ تَقِيٍّ ) وَقِيلَ : امْرَأَتُهُ وَأَوْلَادُهُ الْأَحَدَ عَشَرَ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ
يَعْقُوبُ نَفْسُهُ خَاصَّةً ، وَإِتْمَامُ النِّعْمَةِ عَلَى
إِبْرَاهِيمَ بِالْخُلَّةِ ، وَالْإِنْجَاءِ مِنَ النَّارِ ، وَإِهْلَاكِ عَدُوِّهِ نَمْرُوذَ ، وَعَلَى
إِسْحَاقَ بِإِخْرَاجِ
يَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ مِنْ صُلْبِهِ ، وَسُمِّيَ الْجَدُّ وَأَبُو الْجَدِّ أَبَوَيْنِ ؛ لِأَنَّهُمَا فِي عَمُودِ النَّسَبِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=133وَإِلَهَ آبَائِكَ ) وَلِهَذَا يَقُولُونَ : ابْنُ فُلَانٍ ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عِدَّةٌ فِي عَمُودِ النَّسَبِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ ) بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الِاجْتِبَاءَ ، ( حَكِيمٌ ) يَضَعُ الْأَشْيَاءَ مَوَاضِعَهَا ، وَهَذَانِ الْوَصْفَانِ مُنَاسِبَانِ لِهَذَا الْوَعْدِ الَّذِي وَعَدَهُ
يَعْقُوبَ وَ
يُوسُفَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=6وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ ) قِيلَ : وَعَلِمَ
يَعْقُوبُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَلِكَ مِنْ دَعْوَةِ
إِسْحَاقَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حِينَ تَشَبَّهَ لَهُ بِعَيْصُو .