(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28983قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=13قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=14قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون )
لما تقرر في أذهانهم التفريق بين
يوسف [ ص: 285 ] وأبيه ، أعملوا الحيلة على يعقوب وتلطفوا في إخراجه معهم ، وذكروا نصحهم له وما في إرساله معهم من انشراح صدره بالارتعاء واللعب ، إذ هو مما يشرح الصبيان ، وذكروا حفظهم له مما يسوءه ، وفي قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=11ما لك لا تأمنا ) دليل على أنهم تقدم منهم سؤال في أن يخرج معهم ، وذكروا سبب الأمن وهو النصح ؛ أي : لم لا تأمنا عليه وحالتنا هذه ؟ والنصح دليل على الأمانة ، ولهذا قرنا في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=68ناصح أمين ) ، وكان قد أحس منهم قبل ما أوجب أن لا يأمنهم عليه ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=11لا تأمنا ) جملة حالية ، وهذا الاستفهام صحبه التعجب .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي وأبو جعفر nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري nindex.php?page=showalam&ids=16711وعمرو بن عبيد : بإدغام نون ( تأمن ) في نون الضمير من غير إشمام ومجيئه بعد مالك ، والمعنى : يرشد إلى أنه نفي لا نهي ، وليس كقولهم : ما أحسننا في التعجب ؛ لأنه لو أدغم لالتبس بالنفي ، وقرأ الجمهور : بالإدغام والإشمام للضم ، وعنهم إخفاء الحركة ، فلا يكون إدغاما محضا ، وقرأ
ابن هرمز : بضم الميم ، فتكون الضمة منقولة إلى الميم من النون الأولى بعد سلب الميم حركتها ، وإدغام النون في النون ، وقرأ
أبي والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة بن مصرف nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : ( لا تأمننا ) بالإظهار وضم النون على الأصل - وخط المصحف بنون واحدة - وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابن وثاب وأبو رزين : ( لا يتمنا ) على لغة تميم ، وسهل الهمزة بعد الكسرة
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابن وثاب ، وفي لفظة : ( أرسله ) دليل على أنه كان يمسكه ويصحبه دائما ، وانتصب ( غدا ) على الظرف ، وهو ظرف مستقبل يطلق على اليوم الذي يلي يومك ، وعلى الزمن المستقبل من غير تقييد باليوم الذي يلي يومك ، وأصله : غدو ، فحذفت لامه وقد جاء تاما ، وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12يرتع ويلعب ) بالياء والجزم ، والابنان
وأبو عمر ، وبالنون والجزم وكسر العين الحرميان ، واختلف عن
nindex.php?page=showalam&ids=16832قنبل في إثبات الياء وحذفها ، وروي عن
ابن كثير : ( ويلعب ) بالياء ، وهي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد ، وقرأ
العلاء بن سيابة : ( يرتع ) بالياء وكسر العين مجزوما محذوف اللام ، ( ويلعب ) بالياء وضم الباء خبر مبتدأ محذوف ؛ أي : وهو يلعب ، وقرأ
مجاهد وقتادة وابن محيصن : بنون مضمومة من ارتعنا ( ونلعب ) بالنون ، وكذلك
أبو رجاء ، إلا أنه بالياء فيهما (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12يرتع ويلعب ) ، والقراءتان على حذف المفعول ؛ أي : يرتع المواشي أو غيرها . وقرأ
النخعي : ( نرتع ) بنون ، ( ويلعب ) بياء ، بإسناد اللعب إلى
يوسف وحده لصباه ، وجاء كذلك عن
أبي إسحاق ويعقوب ، وكل هذه القراآت الفعلان فيها مبنيان للفاعل ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : ( يرتع ويلعب ) بضم الياءين مبنيا للمفعول ، ويخرجها على أنه أضمر المفعول الذي لم يسم فاعله وهو ضمير غد ، وكان أصله يرتع فيه ويلعب فيه ، ثم حذف واتسع ، فعدي الفعل للضمير ، فكان التقدير : يرتعه ويلعبه ، ثم بناه للمفعول فاستكن الضمير الذي كان منصوبا لكونه ناب عن الفاعل ، واللعب هنا هو الاستباق والانتضال ، فيدربون بذلك لقتال العدو ، سموه لعبا لأنه بصورة اللعب ، ولم يكن ذلك للهو بدليل قولهم : ( إننا ذهبنا نستبق ) ولو كان لعب لهو ما أقرهم عليه
يعقوب . ومن كسر العين من ( يرتع ) فهو يفتعل ، قال
مجاهد : هي من المراعاة أي : يراعي بعضنا بعضا ويحرسه ، وقال
ابن زيد : من رعي الإبل أي : يتدرب في الرعي ، وحفظ المال ، أو من رعي النبات والكلأ ، أي : يرتع ؛ على حذف مضاف أي : مواشينا ، ومن أثبت الياء . فقال
ابن عطية : هي قراءة ضعيفة لا تجوز إلا في الشعر كقول الشاعر :
ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زياد
انتهى . وقيل : تقدير حذف الحركة في الياء لغة ، فعلى هذا لا يكون ضرورة ، ومن قرأ بسكون العين فالمعنى : نقم في خصب وسعة ، ويعنون من الأكل والشرب ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12وإنا له لحافظون ) جملة حالية ، والعامل فيه الأمر أو الجواب ، ولا يكون ذلك من باب الإعمال ؛ لأن الحال لا تضمر ، وبأن الإعمال لا بد فيه من الإضمار إذا أعمل الأول ، ثم اعتذر لهم
يعقوب بشيئين : أحدهما : عاجل في الحال ، وهو ما يلحقه من الحزن
[ ص: 286 ] لمفارقته وكان لا يصبر عنه ، والثاني : خوفه عليه من الذئب إن غفلوا عنه برعيهم ولعبهم ، أو بقلة اهتمامهم بحفظه وعنايتهم ، فيأكله ويحزن عليه الحزن المؤبد ، وخص الذئب ؛ لأنه كان السبع الغالب على قطره ، أو لصغر
يوسف فخاف عليه هذا السبع الحقير ، وكان تنبيها على خوفه عليه ما هو أعظم افتراسا ، ولحقارة الذئب خصه
الربيع بن ضبع الفزاري في كونه يخشاه لما بلغ من السن في قوله :
والذئب أخشاه إن مررت به وحدي وأخشى الرياح والمطرا
وكان
يعقوب بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=13وأخاف أن يأكله الذئب ) لقنهم ما يقولون من العذر إذا جاءوا وليس معهم
يوسف ، فلقنوا ذلك وجعلوه عدة للجواب ، وتقدم خلاف القراء في " يحزن " . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي وابن هرمز وابن محيصن : ( ليحزني ) بتشديد النون ، والجمهور بالفك ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=13ليحزنني ) مضارع مستقبل لا حال ؛ لأن المضارع إذا أسند إلى متوقع تخلص للاستقبال ، لأن ذلك المتوقع مستقبل وهو المسبب لأثره ، فمحال أن يتقدم الأثر عليه ، فالذهاب لم يقع ، فالحزن لم يقع ، كما قال :
يهولك أن تموت وأنت ملغ لما فيه النجاة من العذاب
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=13تذهبوا به ) من أذهب رباعيا ، ويخرج على زيادة الباء في به ، كما خرج بعضهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20تنبت بالدهن ) في قراءة من ضم التاء وكسر الباء أي : ( تنبت الدهن ، وتذهبوه ) وقرأ الجمهور : ( الذئب ) بالهمز ؛ وهي لغة
الحجاز ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=17274وورش وحمزة : إذا وقف بغير همز ، وقال
نصر : سمعت
أبا عمر ولا يهمز ، وعدل إخوة
يوسف عن أحد الشيئين وهو حزنه على ذهابهم به لقصر مدة الحزن ، وإيهامهم أنهم يرجعون به إليه عن قريب ، وعدلوا إلى قضية الذئب وهو السبب الأقوى في منعه أن تذهبوا به ، فحلفوا له لئن كان ما خافه من خطفة الذئب أخاهم من بينهم ، وحالهم أنهم عشرة رجال بمثلهم تعصب الأمور وتكفى الخطوب ( إنهم إذا لقوم خاسرون ) أي : هالكون ضعفا وخورا وعجزا ، أو مستحقون أن يهلكوا ؛ لأنهم لا غنى عندهم ولا جدوى في حياتهم ، أو مستحقون بأن يدعى عليهم بالخسار والدمار ، وأن يقال : خسرهم الله ودمرهم حين أكل الذئب بعضهم وهم حاضرون ، وقيل : إن لم نقدر على حفظ بعضنا فقد هلكت مواشينا إذا وخسرنا ، وروي أن
يعقوب رأى في منامه كأنه على ذروة جبل ، وكان
يوسف في بطن الوادي ، فإذا عشرة من الذئاب قد احتوشته يردن أكله ، فدرأ عنه واحد ، ثم انشقت الأرض فتوارى يوسف فيها ثلاثة أيام .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=28983قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=13قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=14قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ )
لَمَّا تَقَرَّرَ فِي أَذْهَانِهِمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ
يُوسُفَ [ ص: 285 ] وَأَبِيهِ ، أَعْمَلُوا الْحِيلَةَ عَلَى يَعْقُوبَ وَتَلَطَّفُوا فِي إِخْرَاجِهِ مَعَهُمْ ، وَذَكَرُوا نُصْحَهُمْ لَهُ وَمَا فِي إِرْسَالِهِ مَعَهُمْ مِنِ انْشِرَاحِ صَدْرِهِ بِالِارْتِعَاءِ وَاللَّعِبِ ، إِذْ هُوَ مِمَّا يُشْرِحُ الصِّبْيَانَ ، وَذَكَرُوا حِفْظَهُمْ لَهُ مِمَّا يَسُوءُهُ ، وَفِي قَوْلِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=11مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ تَقَدَّمَ مِنْهُمْ سُؤَالٌ فِي أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمْ ، وَذَكَرُوا سَبَبَ الْأَمْنِ وَهُوَ النُّصْحُ ؛ أَيْ : لِمَ لَا تَأْمَنَّا عَلَيْهِ وَحَالَتُنَا هَذِهِ ؟ وَالنُّصْحُ دَلِيلٌ عَلَى الْأَمَانَةِ ، وَلِهَذَا قُرِنَا فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=68نَاصِحٌ أَمِينٌ ) ، وَكَانَ قَدْ أَحَسَّ مِنْهُمْ قَبْلُ مَا أَوْجَبَ أَنْ لَا يَأْمَنَهُمْ عَلَيْهِ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=11لَا تَأْمَنَّا ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ ، وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ صَحِبَهُ التَّعَجُّبُ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَأَبُو جَعْفَرٍ nindex.php?page=showalam&ids=12300وَالزُّهْرِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16711وَعَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ : بِإِدْغَامِ نُونِ ( تَأْمَنَ ) فِي نُونِ الضَّمِيرِ مِنْ غَيْرِ إِشْمَامٍ وَمَجِيئِهِ بَعْدَ مَالِكٍ ، وَالْمَعْنَى : يُرْشِدُ إِلَى أَنَّهُ نَفْيٌ لَا نَهْيٌ ، وَلَيْسَ كَقَوْلِهِمْ : مَا أَحْسَنَنَا فِي التَّعَجُّبِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أُدْغِمَ لَالْتَبَسَ بِالنَّفْيِ ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : بِالْإِدْغَامِ وَالْإِشْمَامِ لِلضَّمِّ ، وَعَنْهُمْ إِخْفَاءُ الْحَرَكَةِ ، فَلَا يَكُونُ إِدْغَامًا مَحْضًا ، وَقَرَأَ
ابْنُ هُرْمُزَ : بِضَمِّ الْمِيمِ ، فَتَكُونُ الضَّمَّةُ مَنْقُولَةً إِلَى الْمِيمِ مِنَ النُّونِ الْأُولَى بَعْدَ سَلْبِ الْمِيمِ حَرَكَتَهَا ، وَإِدْغَامِ النُّونِ فِي النُّونِ ، وَقَرَأَ
أُبَيٌّ وَالْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=16258وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : ( لَا تَأْمُنُنَا ) بِالْإِظْهَارِ وَضَمِّ النُّونِ عَلَى الْأَصْلِ - وَخَطُّ الْمُصْحَفِ بِنُونٍ وَاحِدَةٍ - وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابْنُ وَثَّابٍ وَأَبُو رَزِينٍ : ( لَا يَتْمَنَّا ) عَلَى لُغَةِ تَمِيمٍ ، وَسَهَّلَ الْهَمْزَةَ بَعْدَ الْكَسْرَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=17340ابْنُ وَثَّابٍ ، وَفِي لَفْظَةِ : ( أَرْسِلْهُ ) دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُمْسِكُهُ وَيَصْحَبُهُ دَائِمًا ، وَانْتَصَبَ ( غَدًا ) عَلَى الظَّرْفِ ، وَهُوَ ظَرْفٌ مُسْتَقْبَلٌ يُطْلَقُ عَلَى الْيَوْمِ الَّذِي يَلِي يَوْمَكَ ، وَعَلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْيَوْمِ الَّذِي يَلِي يَوْمَكَ ، وَأَصْلُهُ : غُدُوٌّ ، فَحُذِفَتْ لَامُهُ وَقَدْ جَاءَ تَامًّا ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ) بِالْيَاءِ وَالْجَزْمِ ، وَالِابْنَانِ
وَأَبُو عُمَرَ ، وَبِالنُّونِ وَالْجَزْمِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ الْحَرَمِيَّانِ ، وَاخْتَلَفَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16832قُنْبُلٍ فِي إِثْبَاتِ الْيَاءِ وَحَذْفِهَا ، وَرُوِيَ عَنِ
ابْنِ كَثِيرٍ : ( وَيَلْعَبْ ) بِالْيَاءِ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَقَرَأَ
الْعَلَاءُ بْنُ سَيَابَةَ : ( يَرْتَعِ ) بِالْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ مَجْزُومًا مَحْذُوفَ اللَّامِ ، ( وَيَلْعَبُ ) بِالْيَاءِ وَضَمِّ الْبَاءِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ؛ أَيْ : وَهُوَ يَلْعَبُ ، وَقَرَأَ
مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ : بِنُونٍ مَضْمُومَةٍ مِنِ ارْتَعْنَا ( وَنَلْعَبْ ) بِالنُّونِ ، وَكَذَلِكَ
أَبُو رَجَاءٍ ، إِلَّا أَنَّهُ بِالْيَاءِ فِيهِمَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ) ، وَالْقِرَاءَتَانِ عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ ؛ أَيْ : يَرْتَعِ الْمَوَاشِي أَوْ غَيْرِهَا . وَقَرَأَ
النَّخَعِيُّ : ( نَرْتَعْ ) بِنُونٍ ، ( وَيَلْعَبْ ) بِيَاءٍ ، بِإِسْنَادِ اللَّعِبِ إِلَى
يُوسُفَ وَحْدَهُ لِصِبَاهُ ، وَجَاءَ كَذَلِكَ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ، وَكُلُّ هَذِهِ الْقِرَاآتِ الْفِعْلَانِ فِيهَا مَبْنِيَّانِ لِلْفَاعِلِ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : ( يُرْتَعْ وَيُلْعَبْ ) بِضَمِّ الْيَاءَيْنِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، وَيُخْرِجُهَا عَلَى أَنَّهُ أُضْمِرَ الْمَفْعُولُ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ وَهُوَ ضَمِيرُ غَدٍ ، وَكَانَ أَصْلُهُ يَرْتَعْ فِيهِ وَيَلْعَبْ فِيهِ ، ثُمَّ حُذِفَ وَاتَّسَعَ ، فَعُدِّيَ الْفِعْلُ لِلضَّمِيرِ ، فَكَانَ التَّقْدِيرُ : يَرْتَعْهُ وَيَلْعَبْهُ ، ثُمَّ بَنَاهُ لِلْمَفْعُولِ فَاسْتَكَنَ الضَّمِيرُ الَّذِي كَانَ مَنْصُوبًا لِكَوْنِهِ نَابَ عَنِ الْفَاعِلِ ، وَاللَّعِبُ هُنَا هُوَ الِاسْتِبَاقُ وَالِانْتِضَالُ ، فَيُدَرَّبُونَ بِذَلِكَ لِقِتَالِ الْعَدُوِّ ، سَمَّوْهُ لَعِبًا لِأَنَّهُ بِصُورَةِ اللَّعِبِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلَّهْوِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ : ( إِنَّنَا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ ) وَلَوْ كَانَ لَعِبَ لَهْوٍ مَا أَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ
يَعْقُوبُ . وَمَنْ كَسَرَ الْعَيْنَ مِنْ ( يَرْتَعِ ) فَهُوَ يَفْتَعِلُ ، قَالَ
مُجَاهِدٌ : هِيَ مِنَ الْمُرَاعَاةِ أَيْ : يُرَاعِي بَعْضُنَا بَعْضًا وَيَحْرُسُهُ ، وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : مِنْ رَعْيِ الْإِبِلِ أَيْ : يَتَدَرَّبْ فِي الرَّعْيِ ، وَحِفْظِ الْمَالِ ، أَوْ مِنْ رَعْيِ النَّبَاتِ وَالْكَلَأِ ، أَيْ : يَرْتَعِ ؛ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ : مَوَاشِينَا ، وَمَنْ أَثْبَتَ الْيَاءَ . فَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : هِيَ قِرَاءَةٌ ضَعِيفَةٌ لَا تَجُوزُ إِلَّا فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ :
أَلَمْ يَأْتِيكَ وَالْأَنْبَاءُ تَنْمِي بِمَا لَاقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيَادٍ
انْتَهَى . وَقِيلَ : تَقْدِيرُ حَذْفِ الْحَرَكَةِ فِي الْيَاءِ لُغَةٌ ، فَعَلَى هَذَا لَا يَكُونُ ضَرُورَةً ، وَمَنْ قَرَأَ بِسُكُونِ الْعَيْنِ فَالْمَعْنَى : نَقُمْ فِي خِصْبٍ وَسَعَةٍ ، وَيَعْنُونَ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ ، وَالْعَامِلُ فِيهِ الْأَمْرُ أَوِ الْجَوَابُ ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْإِعْمَالِ ؛ لِأَنَّ الْحَالَ لَا تُضْمَرُ ، وَبِأَنَّ الْإِعْمَالَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْإِضْمَارِ إِذَا أُعْمِلَ الْأَوَّلُ ، ثُمَّ اعْتَذَرَ لَهُمْ
يَعْقُوبُ بِشَيْئَيْنِ : أَحَدُهُمَا : عَاجِلٌ فِي الْحَالِ ، وَهُوَ مَا يَلْحَقُهُ مِنَ الْحُزْنِ
[ ص: 286 ] لِمُفَارَقَتِهِ وَكَانَ لَا يَصْبِرُ عَنْهُ ، وَالثَّانِي : خَوْفُهُ عَلَيْهِ مِنَ الذِّئْبِ إِنْ غَفَلُوا عَنْهُ بِرِعْيِهِمْ وَلَعِبِهِمْ ، أَوْ بِقِلَّةِ اهْتِمَامِهِمْ بِحِفْظِهِ وَعِنَايَتِهِمْ ، فَيَأْكُلُهُ وَيَحْزَنُ عَلَيْهِ الْحُزْنَ الْمُؤَبَّدَ ، وَخَصَّ الذِّئْبَ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ السَّبُعَ الْغَالِبَ عَلَى قُطْرِهِ ، أَوْ لِصِغَرِ
يُوسُفَ فَخَافَ عَلَيْهِ هَذَا السَّبُعَ الْحَقِيرَ ، وَكَانَ تَنْبِيهًا عَلَى خَوْفِهِ عَلَيْهِ مَا هُوَ أَعْظَمُ افْتِرِاسًا ، وَلِحَقَارَةِ الذِّئْبِ خَصَّهُ
الرَّبِيعُ بْنُ ضَبُعٍ الْفَزَارِيُّ فِي كَوْنِهِ يَخْشَاهُ لَمَّا بَلَغَ مِنَ السِّنِّ فِي قَوْلِهِ :
وَالذِّئْبُ أَخْشَاهُ إِنْ مَرَرْتُ بِهِ وَحْدِي وَأَخْشَى الرِّيَاحَ وَالْمَطَرَا
وَكَانَ
يَعْقُوبُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=13وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ ) لَقَّنَهُمْ مَا يَقُولُونَ مِنَ الْعُذْرِ إِذَا جَاءُوا وَلَيْسَ مَعَهُمْ
يُوسُفُ ، فَلُقِّنُوا ذَلِكَ وَجَعَلُوهُ عُدَّةً لِلْجَوَابِ ، وَتَقَدَّمَ خِلَافُ الْقُرَّاءِ فِي " يَحْزَنُ " . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَابْنُ هُرْمُزَ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ : ( لَيَحْزُنِّي ) بِتَشْدِيدِ النُّونِ ، وَالْجُمْهُورُ بِالْفَكِّ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=13لَيَحْزُنُنِي ) مُضَارِعٌ مُسْتَقْبَلٌ لَا حَالٌ ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِعَ إِذَا أُسْنِدَ إِلَى مُتَوَقَّعٍ تَخَلَّصَ لِلِاسْتِقْبَالِ ، لِأَنَّ ذَلِكَ الْمُتَوَقَّعَ مُسْتَقْبَلٌ وَهُوَ الْمُسَبِّبُ لِأَثَرِهِ ، فَمُحَالُ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْأَثَرُ عَلَيْهِ ، فَالذَّهَابُ لَمْ يَقَعْ ، فَالْحُزْنُ لَمْ يَقَعْ ، كَمَا قَالَ :
يُهُولُكَ أَنْ تَمُوتَ وَأَنْتَ مُلْغٍ لِمَا فِيهِ النَّجَاةُ مِنَ الْعَذَابِ
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=13تَذْهَبُوا بِهِ ) مِنْ أَذْهَبَ رُبَاعِيًّا ، وَيَخْرُجُ عَلَى زِيَادَةِ الْبَاءِ فِي بِهِ ، كَمَا خَرَّجَ بَعْضُهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ ) فِي قِرَاءَةِ مَنْ ضَمَّ التَّاءَ وَكَسَرَ الْبَاءَ أَيْ : ( تُنْبِتُ الدُّهْنَ ، وَتُذْهِبُوهُ ) وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( الذِّئْبُ ) بِالْهَمْزِ ؛ وَهِيَ لُغَةُ
الْحِجَازِ ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=17274وَوَرْشٌ وَحَمْزَةُ : إِذَا وَقَفَ بِغَيْرِ هَمْزٍ ، وَقَالَ
نَصْرٌ : سَمِعْتُ
أَبَا عُمَرَ وَلَا يَهْمِزُ ، وَعَدَلَ إِخْوَةُ
يُوسُفَ عَنْ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ وَهُوَ حُزْنُهُ عَلَى ذَهَابِهِمْ بِهِ لِقِصَرِ مُدَّةِ الْحُزْنِ ، وَإِيهَامِهِمْ أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ بِهِ إِلَيْهِ عَنْ قَرِيبٍ ، وَعَدَلُوا إِلَى قَضِيَّةِ الذِّئْبِ وَهُوَ السَّبَبُ الْأَقْوَى فِي مَنْعِهِ أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ ، فَحَلَفُوا لَهُ لَئِنْ كَانَ مَا خَافَهُ مِنْ خَطْفَةِ الذِّئْبِ أَخَاهُمْ مِنْ بَيْنِهِمْ ، وَحَالُهُمْ أَنَّهُمْ عَشَرَةُ رِجَالٍ بِمِثْلِهِمْ تُعْصَبُ الْأُمُورُ وَتُكْفَى الْخُطُوبُ ( إِنَّهُمْ إِذًا لَقَوْمٌ خَاسِرُونَ ) أَيْ : هَالِكُونَ ضَعْفًا وَخَوَرًا وَعَجْزًا ، أَوْ مُسْتَحِقُّونَ أَنْ يَهْلِكُوا ؛ لِأَنَّهُمْ لَا غِنَى عِنْدَهِمْ وَلَا جَدْوَى فِي حَيَاتِهِمْ ، أَوْ مُسْتَحِقُّونَ بِأَنْ يُدْعَى عَلَيْهِمْ بِالْخَسَارِ وَالدَّمَارِ ، وَأَنْ يُقَالَ : خَسَّرَهُمُ اللَّهُ وَدَمَّرَهُمْ حِينَ أَكَلَ الذِّئْبُ بَعْضَهُمْ وَهُمْ حَاضِرُونَ ، وَقِيلَ : إِنْ لَمْ نَقْدِرْ عَلَى حِفْظِ بَعْضِنَا فَقَدْ هَلَكَتْ مَوَاشِينَا إِذًا وَخَسِرْنَا ، وَرُوِيَ أَنَّ
يَعْقُوبَ رَأَى فِي مَنَامِهِ كَأَنَّهُ عَلَى ذُرْوَةِ جَبَلٍ ، وَكَانَ
يُوسُفُ فِي بَطْنِ الْوَادِي ، فَإِذَا عَشَرَةٌ مِنَ الذِّئَابِ قَدِ احْتَوَشَتْهُ يُرِدْنَ أَكْلَهُ ، فَدَرَأَ عَنْهُ وَاحِدٌ ، ثُمَّ انْشَقَّتِ الْأَرْضُ فَتَوَارَى يُوسُفُ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ .