(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=28983واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين )
أي : واستبق
يوسف وامرأة العزيز إلى الباب هذا للخروج والهروب منها ، وهذه لمنعه ومراودته ، وأصل استبق أن يتعدى بإلى ، فحذف اتساعا ، وتقدم أن الأبواب سبعة ، فكان تنفتح له الأبواب بابا بابا من غير مفتاح ، على ما نقل عن
كعب أن فراش القفل كان يتناثر ويسقط ، حتى خرج من الأبواب ، ويحتمل أن تكون الأبواب المغلقة ليست على الترتيب بابا فبابا ، بل تكون في جهات مختلفة كلها منافذ للمكان الذي كانا فيه ، فاستبقا إلى باب يخرج منه ، ولا يكون السابع على الترتيب بل أحدها ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25وقدت ) يحتمل أن يكون معطوفا على
[ ص: 297 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25واستبقا ) ويحتمل أن يكون حالا ؛ أي : وقد قدت جذبته من خلفه بأعلى القميص من طوقه ، فانخرق إلى أسفله ، والقد : القطع والشق ، وأكثر استعماله فيما كان طولا قال :
تقد السلوقي المضاعف نسجه وتوقد بالصفاح نار الحباحب
والقط : يستعمل فيما كان عرضا ، وقال
المفضل بن حرب : رأيت في مصحف قطا من دبر ؛ أي : شقا ، قال
يعقوب : الشق في الجلد الصحيح والثوب الصحيح . وقال
ابن عطية : وقرأت فرقة : ( قط ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25وألفيا سيدها ) أي : وجد أو صادفا زوجها وهو
قطفير ، والمرأة تقول لبعلها : سيدي ، ولم يضف إليهما ؛ لأن
قطفير ليس سيد
يوسف على الحقيقة ، ويقال : ألفاه ووارطه وصادفه ووالطه ولاظه ، كله بمعنى واحد ، قيل : ألفياه مقبلا يريد أن يدخل ، وقيل : مع ابن عم المرأة ، وفي الكلام حذف تقديره : فرابه أمرهما وقال : ما لكما ؟ فلما سأل وقد خافت لومه أو سبق
يوسف بالقول ، بادرت أن جاءت بحيلة جمعت فيها بين تبرئة ساحتها من الريبة ، وغضبها على
يوسف وتخويفه طمعا في مواقعتها خيفة من مكرها ، كرها لما آيست أن يواقعها طوعا ، ألا ترى إلى قولها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=32ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن ) ؟ ولم تصرح باسم
يوسف ، بل أتت بلفظ عام وهو قولها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25ما جزاء من أراد ) وهو أبلغ في التخويف ، و ( ما ) الظاهر أنها نافية ، ويجوز أن تكون استفهامية ؛ أي : أي شيء جزاؤه إلا السجن ؟ وبدأت بالسجن إبقاء على محبوبها ، ثم ترقت إلى العذاب الأليم ، قيل : وهو الضرب بالسوط ، وقولها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25ما جزاء ) أي : إن الذنب ثابت متقرر في حقه ، وأتت بلفظ ( بسوء ) أي : بما يسوء ، وليس نصا في معصية كبرى ، إذ يحتمل خطابه لها بما يسوؤها ، أو ضربه إياها . وقولها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25إلا أن يسجن أو عذاب ) ، يدل على عظم موقع السجن من ذوي الأقدار حيث قرنته بالعذاب الأليم .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي : ( أو عذابا أليما ) وقدره
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي أو يعذب عذابا أليما ، ولما أغرت
بيوسف وأظهرت تهمته احتاج إلى إزالة التهمة عن نفسه فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26هي راودتني عن نفسي ) ولم يسبق إلى القول أولا سترا عليها ، فلما خاف على نفسه وعلى عرضه الطاهر قال : ( هي ) وأتى بضمير الغيبة ؛ إذ كان غلب عليه الحياء أن يشير إليها ويعينها بالإشارة فيقول : هذه راودتني ، أو تلك راودتني ، لأكن في المواجهة بالقبيح ما ليس في الغيبة ، ولما تعارض قولاهما عند العزيز وكان رجلا فيه إناءة ونصفة ، طلب الشاهد من كل منهما .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26فشهد شاهد من أهلها ) فقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والحسن nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير وهلال بن يساف والضحاك : كان ابن خالتها طفلا في المهد أنطقه الله تعالى ليكون أدل على الحجة ، وروي في الحديث : (
إنه من الصغار الذين تكلموا في المهد ) وأسنده
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري . وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وصحيح
مسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374569لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ؛ عيسى ابن مريم ، وصاحب جريج ؛ وابن السوداء " وقيل : كان ابن عمها الذي كان مع زوجها لدى الباب ، ولا ينافي هذا قول
قتادة ، كان رجلا حليما من أهلها ذا رأي يأخذ الملك برأيه ويستشيره ، وقيل : كان حكما حكمه زوجها فحكم بينهما ، وكان الشاهد من أهلها ليكون أوجب للحجة عليها ، وأوثق لبراءة
يوسف ، وأنفى للتهمة ، ويحتمل أن يكون معهما في الدار بحيث لا يشعر به ، فبصر بما جرى بينهما ، فأغضبه الله
ليوسف ، وشهد بالحق ، ويبعد قول
مجاهد وابن حبيب أن الشاهد هو القميص المقدود لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26شاهد من أهلها ) ولا يوصف القميص بكونه شاهدا من أهل المرأة ، وسمي الرجل شاهدا من حيث دل على الشاهد ، وهو تخريق القميص ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : سمى قوله شهادة ؛ لأنه أدى تأديتها في ثبت قول
يوسف وبطل قولها ، و "
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26إن كان قميصه " محكي إما بـ ( قال ) مضمرة على مذهب
البصريين ، وإما بـ ( شهد ) لأن الشهادة قول من الأقوال على مذهب
الكوفيين ، و ( كان ) هنا دخلت عليها أداة الشرط ، وتقدم خلاف
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد والجمهور
[ ص: 298 ] فيها ، هل هي باقية على مضيها ولم تقلبها أداة الشرط ؟ أو المعنى : أن يتبين كونه ، فأداة الشرط في الحقيقة إنما دخلت على هذا المقدر ، وجواب الشرط (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26فصدقت ) و ( فكذبت ) ، وهو على إضمار " قد " أي : فقد صدقت ، وفقد كذبت ، ولو كان فعلا جامدا أو دعاء لم يحتج إلى تقدير قد ، وقرأ الجمهور : ( من قبل ) و ( من دبر ) بضم الباء فيهما والتنوين ، وقرأ
الحسن وأبو عمر ، وفي رواية : بتسكينها وبالتنوين وهي لغة
الحجاز وأسد ، وقرأ
ابن يعمر ،
وابن أبي إسحاق والعطاردي وأبو الزناد ونوح القارئ والجارود بن أبي سبرة بخلاف عنه : ( من قبل ، ومن دبر ) بثلاث صمات ، وقرأ
ابن يعمر وابن أبي إسحاق والجارود أيضا في رواية عنهم : بإسكان الباء مع بنائهما على الضم ، جعلوها غاية نحو : من قبل . ومعنى الغاية : أن يصير المضاف غاية نفسه بعدما كان المضاف إليه غايته ، والأصل إعرابهما ؛ لأنهما اسمان متمكنان ، وليسا بظرفين ، وقال
أبو حاتم : وهذا رديء في العربية ، وإنما يقع هذا البناء في الظروف ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : والمعنى من قبل القميص ومن دبره ، وأما التنكير فمعناه من جهة يقال لها : قبل ، ومن جهة يقال لها : دبر ، وعن
ابن أبي إسحاق : أنه قرأ ( من قبل ومن دبر ) بالفتح ، كأن جعلهما علمين للجهتين ، فمنعهما الصرف للعلمية والتأنيث ، وقال أيضا : ( فإن قلت ) : إن دل ( قد قميصه من دبر ) على أنها كاذبة وأنها هي التي تبعته واجتذبت ثوبه إليها فقدته ، فمن أين دل قده من قبل على أنها صادقة ، وأنه كان تابعها ؟ ( قلت ) : من وجهين ؛ أحدهما : أنه إذا كان تابعها وهي دافعة عن نفسها فقدت قميصه من قدامه بالدفع . والثاني : أن يسرع خلفها ليلحقها ، فيتعثر في قدام قميصه فيشقه ، انتهى . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26وهو من الكاذبين ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وهو من الصادقين ) ، جملتان مؤكدتان ؛ لأن من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26فصدقت ) يعلم كذبه ، ومن قوله : ( فكذبت ) يعلم صدقه ، وفي بناء " قد " للمفعول ستر على من قده ، ولما كان الشاهد من أهلها راعى جهة المرأة فبدأ بتعليق صدقها على تبين كون القميص قد من قبل ، ولما كانت كل جملة مستقلة بنفسها أبرز اسم كان بلفظ المظهر ، ولم يضمر ليدل على الاستقلال ، ولكون التصريح به أوضح ، وهو نظير قوله : ( من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ) فلما رأى العزيز ، وقيل : الشاهد قميصه قد من دبر قال : ( إنه ) أي : إن قولك (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25ما جزاء ) إلى آخره ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، أو أن هذا الأمر وهو طمعها في
يوسف ، ذكره
الماوردي nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري ، أو إلى تمزيق القميص قاله :
مقاتل ، والخطاب في (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28من كيدكن ) لها ولجواريها ، أو لها وللنساء ، ووصف كيد النساء بالعظم ، وإن كان قد يوجد في الرجال ؛ لأنهن ألطف كيدا بما جبلن عليه وبما تفرغن له ، واكتسب بعضهن من بعض ، وهن أنفذ حيلة . وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=4ومن شر النفاثات في العقد ) وأما اللواتي في القصور فمعهن من ذلك ما لا يوجد لغيرهن ، لكونهن أكثر تفرغا من غيرهن ، وأكثر تأنسا بأمثالهن .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29يوسف أعرض عن هذا ) أي : عن هذا الأمر واكتمه ، ولا تتحدث به ، وفي ندائه باسمه تقريب له وتلطيف ، ثم أقبل عليها وقال : واستغفري لذنبك ، والظاهر أن المتكلم بهذا هو العزيز ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ناداه الشاهد وهو الرجل الذي كان مع العزيز وقال : استغفري لذنبك ، أي لزوجك وسيدك ، انتهى . ثم ذكر سبب الاستغفار وهو قوله : ( لذنبك ) ثم أكد ذلك بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29إنك كنت من الخاطئين ) ولم يقل من الخاطئات ؛ لأن الخاطئين أعم ، لأنه ينطلق على الذكور والإناث بالتغليب ، يقال : خطئ إذا أذنب متعمدا ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وما كان العزيز إلا حليما ، روي أنه كان قليل الغيرة ، انتهى . وتربة إقليم قطفير اقتضت هذا ، وأين هذا مما جرى لبعض ملوكنا أنه كان مع ندمائه المختصين به في مجلس أنس وجارية تغنيهم من وراء ستر ، فاستعاد بعض خلصائه بيتين من الجارية كانت قد غنت بهما ، فما لبث أن جيء برأس الجارية مقطوعا في طست وقال له الملك : استعد البيتين من هذا الرأس ، فسقط في يد ذلك
[ ص: 299 ] المستعيد ، ومرض مدة حياة ذلك الملك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=28983وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ )
أَيْ : وَاسْتَبَقَ
يُوسُفُ وَامْرَأَةُ الْعَزِيزِ إِلَى الْبَابِ هَذَا لِلْخُرُوجِ وَالْهُرُوبِ مِنْهَا ، وَهَذِهِ لِمَنْعِهِ وَمُرَاوَدَتِهِ ، وَأَصْلُ اسْتَبَقَ أَنْ يَتَعَدَّى بِإِلَى ، فَحُذِفَ اتِّسَاعًا ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْأَبْوَابَ سَبْعَةٌ ، فَكَانَ تَنْفَتِحُ لَهُ الْأَبْوَابُ بَابًا بَابًا مِنْ غَيْرِ مِفْتَاحٍ ، عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ
كَعْبٍ أَنَّ فِرَاشَ الْقُفْلِ كَانَ يَتَنَاثَرُ وَيَسْقُطُ ، حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْأَبْوَابِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأَبْوَابُ الْمُغْلَقَةُ لَيْسَتْ عَلَى التَّرْتِيبِ بَابًا فَبَابًا ، بَلْ تَكُونُ فِي جِهَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ كُلُّهَا مَنَافِذُ لِلْمَكَانِ الَّذِي كَانَا فِيهِ ، فَاسْتَبَقَا إِلَى بَابٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ، وَلَا يَكُونُ السَّابِعَ عَلَى التَّرْتِيبِ بَلْ أَحَدَهَا ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25وَقَدَّتْ ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى
[ ص: 297 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25وَاسْتَبَقَا ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا ؛ أَيْ : وَقَدْ قَدَّتْ جَذَبَتْهُ مِنْ خَلْفِهِ بِأَعْلَى الْقَمِيصِ مِنْ طَوْقِهِ ، فَانْخَرَقَ إِلَى أَسْفَلِهِ ، وَالْقَدُّ : الْقَطْعُ وَالشَّقُّ ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِيمَا كَانَ طُولًا قَالَ :
تَقُدَّ السَّلُوقِيَّ الْمُضَاعَفَ نَسْجُهُ وَتُوقِدُ بِالصُّفَّاحِ نَارَ الْحُبَاحِبِ
وَالْقَطُّ : يُسْتَعْمَلُ فِيمَا كَانَ عَرْضًا ، وَقَالَ
الْمُفَضَّلُ بْنُ حَرْبٍ : رَأَيْتُ فِي مُصْحَفٍ قَطًّا مِنْ دُبُرٍ ؛ أَيْ : شَقًّا ، قَالَ
يَعْقُوبُ : الشَّقُّ فِي الْجِلْدِ الصَّحِيحِ وَالثَّوْبِ الصَّحِيحِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَرَأَتْ فِرْقَةٌ : ( قَطَّ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا ) أَيْ : وَجَدَ أَوْ صَادَفَا زَوْجَهَا وَهُوَ
قِطْفِيرُ ، وَالْمَرْأَةُ تَقُولُ لِبَعْلِهَا : سَيِّدِي ، وَلَمْ يُضَفْ إِلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّ
قِطْفِيرَ لَيْسَ سَيِّدَ
يُوسُفَ عَلَى الْحَقِيقَةِ ، وَيُقَالُ : أَلْفَاهُ وَوَارَطَهُ وَصَادَفَهُ وَوَالَطَهُ وَلَاظَهُ ، كُلُّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، قِيلَ : أَلْفَيَاهُ مُقْبِلًا يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ ، وَقِيلَ : مَعَ ابْنِ عَمِّ الْمَرْأَةِ ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ : فَرَابَهُ أَمْرُهُمَا وَقَالَ : مَا لَكُمَا ؟ فَلَمَّا سَأَلَ وَقَدْ خَافَتَ لَوْمَهُ أَوْ سَبْقَ
يُوسُفَ بِالْقَوْلِ ، بَادَرَتْ أَنْ جَاءَتْ بِحِيلَةٍ جَمَعَتْ فِيهَا بَيْنَ تَبْرِئَةِ سَاحَتِهَا مِنَ الرِّيبَةِ ، وَغَضَبِهَا عَلَى
يُوسُفَ وَتَخْوِيفِهِ طَمَعًا فِي مُوَاقَعَتِهَا خِيفَةً مِنْ مَكْرِهَا ، كَرْهًا لَمَّا آيَسَتْ أَنْ يُوَاقِعَهَا طَوْعًا ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=32وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ ) ؟ وَلَمْ تُصَرِّحْ بَاسِمِ
يُوسُفَ ، بَلْ أَتَتْ بِلَفْظٍ عَامٍّ وَهُوَ قَوْلُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ ) وَهُوَ أَبْلَغُ فِي التَّخْوِيفِ ، وَ ( مَا ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا نَافِيَةٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامِيَّةً ؛ أَيْ : أَيُّ شَيْءٍ جَزَاؤُهُ إِلَّا السِّجْنَ ؟ وَبَدَأَتْ بِالسِّجْنِ إِبْقَاءً عَلَى مَحْبُوبِهَا ، ثُمَّ تَرَقَّتْ إِلَى الْعَذَابِ الْأَلِيمِ ، قِيلَ : وَهُوَ الضَّرْبُ بِالسَّوْطِ ، وَقَوْلُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25مَا جَزَاءُ ) أَيْ : إِنَّ الذَّنْبَ ثَابِتٌ مُتَقَرِّرٌ فِي حَقِّهِ ، وَأَتَتْ بِلَفْظِ ( بِسُوءٍ ) أَيْ : بِمَا يَسُوءُ ، وَلَيْسَ نَصًّا فِي مَعْصِيَةٍ كُبْرَى ، إِذْ يَحْتَمِلُ خِطَابُهُ لَهَا بِمَا يَسُوؤُهَا ، أَوْ ضَرْبَهُ إِيَّاهَا . وَقَوْلُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ ) ، يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ مَوْقِعِ السِّجْنِ مِنْ ذَوِي الْأَقْدَارِ حَيْثُ قَرَنَتْهُ بِالْعَذَابِ الْأَلِيمِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : ( أَوْ عَذَابًا أَلِيمًا ) وَقَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ أَوْ يُعَذَّبُ عَذَابًا أَلِيمًا ، وَلَمَّا أَغْرَتْ
بِيُوسُفَ وَأَظْهَرَتْ تُهْمَتَهُ احْتَاجَ إِلَى إِزَالَةِ التُّهْمَةِ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ) وَلَمْ يَسْبِقْ إِلَى الْقَوْلِ أَوْلًا سَتْرًا عَلَيْهَا ، فَلَمَّا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عِرْضِهِ الطَّاهِرِ قَالَ : ( هِيَ ) وَأَتَى بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ ؛ إِذْ كَانَ غَلَبَ عَلَيْهِ الْحَيَاءُ أَنْ يُشِيرَ إِلَيْهَا وَيُعَيِّنَهَا بِالْإِشَارَةِ فَيَقُولُ : هَذِهِ رَاوَدَتْنِي ، أَوْ تِلْكَ رَاوَدَتْنِي ، لِأَكُنْ فِي الْمُوَاجَهَةِ بِالْقَبِيحِ مَا لَيْسَ فِي الْغَيْبَةِ ، وَلَمَّا تَعَارَضَ قَوْلَاهُمَا عِنْدَ الْعَزِيزِ وَكَانَ رَجُلًا فِيهِ إِنَاءَةً وَنَصْفَةً ، طَلَبَ الشَّاهِدَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26فَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا ) فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ وَهِلَالُ بْنُ يَسَافٍ وَالضَّحَّاكُ : كَانَ ابْنُ خَالَتِهَا طِفْلًا فِي الْمَهْدِ أَنْطَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِيَكُونَ أَدَلَّ عَلَى الْحُجَّةِ ، وَرُوِيَ فِي الْحَدِيثِ : (
إِنَّهُ مِنَ الصِّغَارِ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا فِي الْمَهْدِ ) وَأَسْنَدَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ . وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ وَصَحِيحِ
مُسْلِمٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374569لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ ؛ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ ؛ وَابْنُ السَّوْدَاءِ " وَقِيلَ : كَانَ ابْنَ عَمِّهَا الَّذِي كَانَ مَعَ زَوْجِهَا لَدَى الْبَابِ ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلَ
قَتَادَةَ ، كَانَ رَجُلًا حَلِيمًا مِنْ أَهْلِهَا ذَا رَأْيٍ يَأْخُذُ الْمَلِكُ بِرَأْيِهِ وَيَسْتَشِيرُهُ ، وَقِيلَ : كَانَ حَكَمًا حَكَّمَهُ زَوْجُهَا فَحَكَمَ بَيْنَهُمَا ، وَكَانَ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِهَا لِيَكُونَ أَوْجَبَ لِلْحُجَّةِ عَلَيْهَا ، وَأَوْثَقَ لِبَرَاءَةِ
يُوسُفَ ، وَأَنْفَى لِلتُّهْمَةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا فِي الدَّارِ بِحَيْثُ لَا يُشْعَرُ بِهِ ، فَبَصَرَ بِمَا جَرَى بَيْنَهُمَا ، فَأَغْضَبَهُ اللَّهُ
لِيُوسُفَ ، وَشَهِدَ بِالْحَقِّ ، وَيَبْعُدُ قَوْلُ
مُجَاهِدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الشَّاهِدَ هُوَ الْقَمِيصُ الْمَقْدُودُ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا ) وَلَا يُوصَفُ الْقَمِيصُ بِكَوْنِهِ شَاهِدًا مِنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ ، وَسُمِّيَ الرَّجُلُ شَاهِدًا مِنْ حَيْثُ دَلَّ عَلَى الشَّاهِدِ ، وَهُوَ تَخْرِيقُ الْقَمِيصِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : سَمَّى قَوْلَهُ شَهَادَةً ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى تَأْدِيَتَهَا فِي ثَبْتِ قَوْلِ
يُوسُفَ وَبَطْلِ قَوْلِهَا ، وَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ " مَحْكِيٌّ إِمَّا بِـ ( قَالَ ) مُضْمَرَةٍ عَلَى مَذْهَبِ
الْبَصْرِيِّينَ ، وَإِمَّا بِـ ( شَهِدَ ) لِأَنَّ الشَّهَادَةَ قَوْلٌ مِنَ الْأَقْوَالِ عَلَى مَذْهَبِ
الْكُوفِيِّينَ ، وَ ( كَانَ ) هُنَا دَخَلَتْ عَلَيْهَا أَدَاةُ الشَّرْطِ ، وَتَقَدَّمَ خِلَافُ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدِ وَالْجُمْهُورِ
[ ص: 298 ] فِيهَا ، هَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مُضِيِّهَا وَلَمْ تَقْلِبْهَا أَدَاةُ الشَّرْطِ ؟ أَوِ الْمَعْنَى : أَنْ يَتَبَيَّنَ كَوْنَهُ ، فَأَدَاةُ الشَّرْطِ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا دَخَلَتْ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26فَصَدَقَتْ ) وَ ( فَكَذَبَتْ ) ، وَهُوَ عَلَى إِضْمَارِ " قَدْ " أَيْ : فَقَدْ صَدَقَتْ ، وَفَقَدَ كَذَبَتْ ، وَلَوْ كَانَ فِعْلًا جَامِدًا أَوْ دُعَاءً لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَقْدِيرِ قَدْ ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( مِنْ قُبُلٍ ) وَ ( مِنْ دُبُرٍ ) بِضَمِّ الْبَاءِ فِيهِمَا وَالتَّنْوِينِ ، وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَأَبُو عُمَرَ ، وَفِي رِوَايَةٍ : بِتَسْكِينِهَا وَبِالتَّنْوِينِ وَهِيَ لُغَةُ
الْحِجَازِ وَأَسَدٍ ، وَقَرَأَ
ابْنُ يَعْمَرَ ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْعُطَارِدِيُّ وَأَبُو الزِّنَادِ وَنُوحٌ الْقَارِئُ وَالْجَارُودُ بْنُ أَبِي سَبْرَةَ بِخِلَافٍ عَنْهُ : ( مِنْ قُبُلٍ ، وَمِنْ دُبُرٍ ) بِثَلَاثِ صِمَاتٍ ، وَقَرَأَ
ابْنُ يَعْمَرَ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْجَارُودُ أَيْضًا فِي رِوَايَةٍ عَنْهُمْ : بِإِسْكَانِ الْبَاءِ مَعَ بِنَائِهِمَا عَلَى الضَّمِّ ، جَعَلُوهَا غَايَةً نَحْوَ : مِنْ قَبْلُ . وَمَعْنَى الْغَايَةِ : أَنْ يَصِيرَ الْمُضَافُ غَايَةَ نَفْسِهِ بَعْدَمَا كَانَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ غَايَتَهُ ، وَالْأَصْلُ إِعْرَابُهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا اسْمَانِ مُتَمَكِّنَانِ ، وَلَيْسَا بِظَرْفَيْنِ ، وَقَالَ
أَبُو حَاتِمٍ : وَهَذَا رَدِيءٌ فِي الْعَرَبِيَّةِ ، وَإِنَّمَا يَقَعُ هَذَا الْبِنَاءُ فِي الظُّرُوفِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَالْمَعْنَى مِنْ قُبُلِ الْقَمِيصِ وَمِنْ دُبُرِهِ ، وَأَمَّا التَّنْكِيرُ فَمَعْنَاهُ مِنْ جِهَةٍ يُقَالُ لَهَا : قُبُلٌ ، وَمِنْ جِهَةٍ يُقَالُ لَهَا : دُبُرٌ ، وَعَنِ
ابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ : أَنَّهُ قَرَأَ ( مِنْ قُبُلَ وَمِنْ دُبُرَ ) بِالْفَتْحِ ، كَأَنْ جَعَلَهُمَا عَلَمَيْنِ لِلْجِهَتَيْنِ ، فَمَنَعَهُمَا الصَّرْفُ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ ، وَقَالَ أَيْضًا : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : إِنْ دَلَّ ( قُدَّ قَمِيصُهُ مِنْ دُبُرٍ ) عَلَى أَنَّهَا كَاذِبَةٌ وَأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَبِعَتْهُ وَاجْتَذَبَتْ ثَوْبَهُ إِلَيْهَا فَقَدَّتْهُ ، فَمِنْ أَيْنَ دَلَّ قَدُّهُ مِنْ قُبُلٍ عَلَى أَنَّهَا صَادِقَةٌ ، وَأَنَّهُ كَانَ تَابِعُهَا ؟ ( قُلْتُ ) : مِنْ وَجْهَيْنِ ؛ أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ إِذَا كَانَ تَابَعَهَا وَهِيَ دَافِعَةٌ عَنْ نَفْسِهَا فَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ قُدَّامِهِ بِالدَّفْعِ . وَالثَّانِي : أَنْ يُسْرِعَ خَلْفَهَا لِيَلْحَقَهَا ، فَيَتَعَثَّرُ فِي قُدَّامِ قَمِيصِهِ فَيَشُقُّهُ ، انْتَهَى . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) ، جُمْلَتَانِ مُؤَكِّدَتَانِ ؛ لِأَنَّ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26فَصَدَقَتْ ) يُعْلَمُ كَذِبُهُ ، وَمِنْ قَوْلِهِ : ( فَكَذَبَتْ ) يُعْلَمُ صِدْقُهُ ، وَفِي بِنَاءِ " قُدَّ " لِلْمَفْعُولِ سَتْرٌ عَلَى مَنْ قَدَّهُ ، وَلَمَّا كَانَ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِهَا رَاعَى جِهَةَ الْمَرْأَةِ فَبَدَأَ بِتَعْلِيقِ صِدْقِهَا عَلَى تَبَيُّنِ كَوْنِ الْقَمِيصِ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ ، وَلَمَّا كَانَتْ كُلُّ جُمْلَةٍ مُسْتَقِلَّةً بِنَفْسِهَا أُبْرِزَ اسْمُ كَانَ بِلَفْظِ الْمَظْهَرِ ، وَلَمْ يُضْمَرْ لِيَدُلَّ عَلَى الِاسْتِقْلَالِ ، وَلِكَوْنِ التَّصْرِيحِ بِهِ أَوْضَحَ ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ : ( مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى ) فَلَمَّا رَأَى الْعَزِيزُ ، وَقِيلَ : الشَّاهِدُ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ : ( إِنَّهُ ) أَيْ : إِنَّ قَوْلَكِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=25مَا جَزَاءُ ) إِلَى آخِرِهِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ ، أَوْ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ وَهُوَ طَمَعُهَا فِي
يُوسُفَ ، ذَكَرَهُ
الْمَاوَرَدِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ ، أَوْ إِلَى تَمْزِيقِ الْقَمِيصِ قَالَهُ :
مُقَاتِلٌ ، وَالْخِطَابُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28مِنْ كَيْدِكُنَّ ) لَهَا وَلِجَوَارِيهَا ، أَوْ لَهَا وَلِلنِّسَاءِ ، وَوَصَفَ كَيْدَ النِّسَاءِ بِالْعِظَمِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُوجَدُ فِي الرِّجَالِ ؛ لِأَنَّهُنَّ أَلْطَفُ كَيْدًا بِمَا جُبِلْنَ عَلَيْهِ وَبِمَا تَفَرَّغْنَ لَهُ ، وَاكْتَسَبَ بَعْضُهُنَّ مِنْ بَعْضٍ ، وَهُنَّ أَنْفَذُ حِيلَةً . وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=113&ayano=4وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ) وَأَمَّا اللَّوَاتِي فِي الْقُصُورِ فَمَعَهُنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُوجَدُ لِغَيْرِهِنَّ ، لِكَوْنِهِنَّ أَكْثَرَ تَفَرُّغًا مِنْ غَيْرِهِنَّ ، وَأَكْثَرَ تَأَنُّسًا بِأَمْثَالِهِنَّ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ) أَيْ : عَنْ هَذَا الْأَمْرِ وَاكْتُمْهُ ، وَلَا تَتَحَدَّثْ بِهِ ، وَفِي نِدَائِهِ بِاسْمِهِ تَقْرِيبٌ لَهُ وَتَلْطِيفٌ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهَا وَقَالَ : وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِهَذَا هُوَ الْعَزِيزُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : نَادَاهُ الشَّاهِدُ وَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِي كَانَ مَعَ الْعَزِيزِ وَقَالَ : اسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ، أَيْ لِزَوْجِكِ وَسَيِّدِكِ ، انْتَهَى . ثُمَّ ذَكَرَ سَبَبَ الِاسْتِغْفَارِ وَهُوَ قَوْلُهُ : ( لِذَنْبِكِ ) ثُمَّ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ) وَلَمْ يَقُلْ مِنَ الْخَاطِئَاتِ ؛ لِأَنَّ الْخَاطِئِينَ أَعَمُّ ، لِأَنَّهُ يَنْطَلِقُ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِالتَّغْلِيبِ ، يُقَالُ : خُطِّئَ إِذَا أَذْنَبَ مُتَعَمِّدًا ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَمَا كَانَ الْعَزِيزُ إِلَّا حَلِيمًا ، رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ قَلِيلَ الْغَيْرَةِ ، انْتَهَى . وَتُرْبَةُ إِقْلِيمِ قِطْفِيرَ اقْتَضَتْ هَذَا ، وَأَيْنَ هَذَا مِمَّا جَرَى لِبَعْضِ مُلُوكِنَا أَنَّهُ كَانَ مَعَ نُدَمَائِهِ الْمُخْتَصِّينَ بِهِ فِي مَجْلِسِ أُنْسٍ وَجَارِيَةٌ تُغَنِّيهِمْ مِنْ وَرَاءِ سِتْرٍ ، فَاسْتَعَادَ بَعْضُ خُلَصَائِهِ بَيْتَيْنِ مِنَ الْجَارِيَةِ كَانَتْ قَدْ غَنَّتْ بِهِمَا ، فَمَا لَبِثَ أَنْ جِيءَ بِرَأْسِ الْجَارِيَةِ مَقْطُوعًا فِي طَسْتٍ وَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ : اسْتَعِدِ الْبَيْتَيْنِ مِنْ هَذَا الرَّأْسِ ، فَسَقَطَ فِي يَدِ ذَلِكَ
[ ص: 299 ] الْمُسْتَعِيدِ ، وَمَرِضَ مُدَّةَ حَيَاةِ ذَلِكَ الْمَلِكِ .