(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90nindex.php?page=treesubj&link=28983قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=93اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين )
[ ص: 342 ] لما خاطبهم بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=89هل علمتم ) ؟ أدركوا أنه لا يستفهم ملك لم ينشأ عندهم ، ولا تتبع أحوالهم ، وليس منهم فيما يظهر إلا وعنده علم بحالهم فيقال : إنه كان يكلمهم من وراء حجاب ، فرفعه ووضع التاج وتبسم ، وكان يضيء ما حوله من نور تبسمه أو رأوا لمعة بيضاء كالشامة في فرقه حين وضع التاج وكان مثلها لأبيه وجده وسارة ، فتوسموا أنه
يوسف ، واستفهموه استفهام استخبار . وقيل : استفهام تقرير ؛ لأنهم كانوا عرفوه بتلك العلامات التي سبق ذكرها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : كيف عرفوه ؟ قلت : رأوا في روائه وشمائله حين كلمهم بذلك ما شعروا به أنه هو ، مع علمهم بأن ما خاطبهم به لا يصدر إلا عن حنيف مسلم من نسل
إبراهيم - عليه السلام - ، لا عن بعض أعزاء مصر . وقرأ الجمهور : ( أئنك ) على الاستفهام ، والخلاف في تحقيق الهمزتين ، أو تليين الثانية وإدخال ألف في التليين أو التحقيق مذكور في القراءات السبع . وقرأ
قتادة وابن محيصن وابن كثير : ( إنك ) بغير همزة استفهام ، والظاهر أنها مرادة ، ويبعد حمله على الخبر المحض ، وقد قاله بعضهم لتعارض الاستفهام والخبر إن اتحد القائلون في القول وهو الظاهر ، فإن قدر أن بعضا استفهم وبعضا أخبر ، ونسب في كل من القراءتين إلى المجموع قول بعضهم : أمكن ، وهو مع ذلك بعيد . وقرأ
أبي : ( أئنك ) أو ( أنت يوسف ) . وخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني على حذف خبر " إن " وقدره :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90أئنك لأنت يوسف ، أو أنت يوسف . وقدره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أئنك يوسف ، أو أنت يوسف ، فحذف الأول لدلالة الثاني عليه ، قال : وهذا كلام مستعجب مستغرب لما يسمع ، فهو يكرر الاستثبات ، انتهى . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبو عمرو الداني في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب قالوا : ( أو أنت يوسف ) ؟ وفي قراءة الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90أئنك لأنت ) يجوز أن تكون اللام دخلت على أنت ، وهو فصل : وخبر " إن " " يوسف " كما تقول : إن كان زيد لهو الفاضل ، ويجوز أن تكون دخلت على أنت وهو مبتدأ ، ويوسف خبره ، والجملة في موضع خبر " إن " ولا يجوز أن يكون أنت توكيدا للضمير الذي هو اسم إن لحيلولة اللام بينهما ، ولما استفهموه أجابهم فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90أنا يوسف ) كاشفا لهم أمره ، وزادهم في الجواب قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90وهذا أخي ) لأنه سبق قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=89هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه ) ؟ وكان في ذكر أخيه بيان لما سألوا عنه ، وإن كان معلوما عندهم وتوطئة لما ذكر بعد ( من ) هو بالتقوى والصبر ، والأحسن أن لا تخص التقوى بحالة ولا الصبر .
وقال
مجاهد : من يتق في تركه المعصية ويصبر في السجن .
وقال
النخعي : من يتق الزنا ويصبر على العزوبة . وقيل : ومن يتق الله ويصبر على المصائب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90من يتق ) من يخف الله وعقابه ويصبر عن المعاصي وعلى الطاعات . وقيل : من يتق معاصي الله ، ويصبر على أذى الناس ، وهذه كلها تخصيصات بحسب حالة
يوسف ونوازله .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16832قنبل : ( من يتقي ) فقيل : هو مجزوم بحذف الياء التي هي لام الكلمة ، وهذه
[ ص: 343 ] الياء إشباع ، وقيل : جزمه بحذف الحركة على لغة من يقول : لم يرمي زيد ، وقد حكوا ذلك لغة . وقيل : هو مرفوع ، و ( من ) موصول بمعنى الذي ، وعطف عليه مجزوم وهو : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90ويصبر ) وذلك على التوهم ، كأنه توهم أن " من " شرطية ، و " يتقي " مجزوم . وقيل : ( ويصبر ) مرفوع عطفا على مرفوع ، وسكنت الراء لا للجزم ، بل لتوالي الحركات ، وإن كان ذلك من كلمتين ، كما سكنت في ( يأمركم ويشعركم وبعولتهن ) أو مسكنا للوقف ، وأجرى الوصل مجرى الوقف ، والأحسن من هذه الأقوال أن يكون " يتقي " مجزوما على لغة ، وإن كانت قليلة ، ولا يرجع إلى قول
أبي علي قال : وهذا مما لا يحمل عليه ، لأنه إنما يجيء في الشعر لا في الكلام ؛ لأن غيره من رؤساء النحويين قد نقلوا أنه لغة .
و ( المحسنين ) عام يندرج فيه من تقدم ، أو وضع موضع الضمير لاشتماله على المتقين والصابرين كأنه قيل : لا يضيع أجرهم .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91آثرك ) فضلك بالملك ، أو بالصبر والعلم قالهما
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أو بالحلم والصفح ذكره
أبو سليمان الدمشقي ، أو بحسن الخلق والخلق والعلم والحلم والإحسان والملك والسلطان وبصبرك على أذانا قاله صاحب الغنيان ، أو بالتقوى والصبر وسيرة المحسنين قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وهو مناسب لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90إنه من يتق ) الآية ، وخطابهم إياه بذلك استنزال لإحسانه واعتراف بما صدر منهم في حقه . و ( خاطئين ) من خطئ إذا تعمد ، وأما أخطأ فقصد الصواب ولم يوفق له ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92لا تثريب ) لا لوم ولا عقوبة ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92تثريب ) اسم لا ، و ( عليكم ) الخبر ، و ( اليوم ) منصوب بالعامل في الخبر ؛ أي : لا تثريب مستقر عليكم اليوم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : بم تعلق ( اليوم ) ؟ ( قلت ) : بالتثريب ، أو بالمقدر في ( عليكم ) من معنى الاستقرار ، أو بـ ( يغفر ) والمعنى : لا أثربكم اليوم ، وهذا اليوم الذي هو مظنة التثريب فما ظنكم بغيره من الأيام ، ثم ابتدأ فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92يغفر الله لكم ) قد عالهم بمغفرة ما فرط منهم ، يقال : غفر الله لك ، ويغفر الله لك على لفظ الماضي والمضارع جميعا ، ومنه قول المشمت : يهديكم الله ويصلح بالكم ، أو اليوم يغفر الله لكم بشارة بعاجل الغفران ، لما تجدد يومئذ من توبتهم وندمهم على خطيئتهم ، انتهى .
أما قوله : إن اليوم يتعلق بالتثريب ، فهذا لا يجوز ، لأن التثريب مصدر ، وقد فصل بينه وبين معموله بقوله : ( عليكم ) إما أن يكون خبرا ، أو صفة لـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92تثريب ) ، ولا يجوز الفصل بينهما ؛ لأن معمول المصدر من تمامه ، وأيضا لو كان اليوم متعلقا بـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92تثريب ) لم يجز بناؤه ، وكان يكون من قبيل المشبه بالمضاف ، وهو الذي يسمى المطول ، ويسمى الممطول ، فكان يكون معربا منونا .
وأما تقديره الثاني فتقدير حسن ، ولذلك وقف على قوله : ( اليوم ) أكثر القراء ، وابتدءوا بـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92يغفر الله لكم ) على جهة الدعاء ، وهو تأويل
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري .
وأما تقديره الثالث وهو أن يكون ( اليوم ) متعلقا بـ ( يغفر ) فمقبول ، وقد وقف بعض القراء على ( عليكم ) وابتدأ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92اليوم يغفر الله لكم ) . قال
ابن عطية : والوقف على ( اليوم ) أرجح في المعنى ؛ لأن الآخر فيه حكم على مغفرة الله ، اللهم إلا أن يكون ذلك بوحي . وأما قوله فبشارة إلى آخره ، فعلى طريقة المعتزلة ، فإن الغفران لا يكون إلا لمن تاب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : إنما أشار إلى ذلك اليوم لأنه أول أوقات العفو ، وسبيل العافي في مثله أن لا يراجع عقوبة ، وأجاز
الحوفي أن يكون ( عليكم ) في موضع الصفة لـ ( تثريب ) ويكون الخبر ( اليوم ) ، وهو وجه حسن . وقيل : ( عليكم ) بيان كـ " لك " في قولهم :
[ ص: 344 ] " سقيا لك " ، فيتعلق بمحذوف . ونصوا على أنه لا يجوز أن يتعلق عليكم بـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92تثريب ) لأنه كان يعرب ، فيكون منونا لأنه يصير من باب المشبه بالمضاف ، ولو قيل : إن الخبر محذوف ، و ( عليكم ) متعلق بمحذوف يدل عليه ( تثريب ) ، وذلك المحذوف هو العامل في ( اليوم ) وتقديره : لا تثريب عليكم اليوم ، كما قدروا في (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43لا عاصم اليوم من أمر الله ) أي : يعصم اليوم ، لكان وجها قويا ؛ لأن خبر لا إذا علم كثر حذفه عند
أهل الحجاز ، ولم يلفظ به
بنو تميم ، ولما دعا لهم بالمغفرة أخبر عن الله بالصفة التي هي سبب الغفران ، وهو أنه تعالى أرحم الرحماء ، فهو يرجو منه قبول دعائه لهم بالمغفرة .
والباء في ( بقميصي ) الظاهر أنها للحال ؛ أي : مصحوبين أو ملتبسين به . وقيل : للتعدية ؛ أي : اذهبوا قميصي ، أي : احملوا قميصي . قيل : هو القميص الذي توارثه
يوسف وكان في عنقه ، وكان من الجنة أمره
جبريل - عليه السلام - أن يرسله إليه فإن فيه ريح الجنة ، لا يقع على مبتلى ولا سقيم إلا عوفي . وقيل : كان
لإبراهيم كساه الله إياه من الجنة حين خرج من النار ، ثم
لإسحاق ، ثم
ليعقوب ، ثم
ليوسف . وقيل : هو القميص الذي قد من دبر أرسله ليعلم
يعقوب أنه عصم من الفاحشة .
والظاهر أنه قميص من ملبوس
يوسف بمنزلة قميص كل واحد ، قال ذلك :
ابن عطية . وهكذا تتبين الغرابة في أن وجد
يعقوب ريحه من بعد ، ولو كان من قمص الجنة ما كان في ذلك غرابة ولوجده كل واحد . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=93فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا ) يدل على أنه علم أنه عمي من الحزن ، إما بإعلامهم ، وإما بوحي . وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=93يأت بصيرا ) يظهر أنه بوحي ، وأهلوه الذين أمر بأن يؤتى بهم سبعون ، أو ثمانون ، أو ثلاثة وتسعون ، أو ستة وتسعون ، أقوال أولها للكلبي وثالثها لمسروق . وفي واحد من هذا العدد خلوا بمصر ونموا حتى خرج من ذريتهم مع
موسى - عليه السلام - ستمائة ألف . ومعنى : ( يأت ) يأتيني ، وانتصب ( بصيرا ) على الحال .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90nindex.php?page=treesubj&link=28983قَالُوا أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=93اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ )
[ ص: 342 ] لَمَّا خَاطَبَهُمْ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=89هَلْ عَلِمْتُمْ ) ؟ أَدْرَكُوا أَنَّهُ لَا يَسْتَفْهِمُ مَلِكٌ لَمْ يَنْشَأْ عِنْدَهُمْ ، وَلَا تَتَبَّعَ أَحْوَالَهُمْ ، وَلَيْسَ مِنْهُمْ فِيمَا يَظْهَرُ إِلَّا وَعِنْدَهُ عِلْمٌ بِحَالِهِمْ فَيُقَالُ : إِنَّهُ كَانَ يُكَلِّمُهُمْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، فَرَفَعَهُ وَوَضَعَ التَّاجَ وَتَبَسَّمَ ، وَكَانَ يُضِيءُ مَا حَوْلَهُ مِنْ نُورِ تَبَسُّمِهِ أَوْ رَأَوْا لَمْعَةً بَيْضَاءَ كَالشَّامَةِ فِي فَرَقِهِ حِينَ وَضَعَ التَّاجَ وَكَانَ مِثْلُهَا لِأَبِيهِ وَجَدِّهِ وَسَارَةَ ، فَتَوَسَّمُوا أَنَّهُ
يُوسُفُ ، وَاسْتَفْهَمُوهُ اسْتِفْهَامَ اسْتِخْبَارٍ . وَقِيلَ : اسْتِفْهَامُ تَقْرِيرٍ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا عَرَفُوهُ بِتِلْكَ الْعَلَامَاتِ الَّتِي سَبَقَ ذِكْرُهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : كَيْفَ عَرَفُوهُ ؟ قُلْتُ : رَأَوْا فِي رُوَائِهِ وَشَمَائِلِهِ حِينَ كَلَّمَهُمْ بِذَلِكَ مَا شَعَرُوا بِهِ أَنَّهُ هُوَ ، مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ مَا خَاطَبَهُمْ بِهِ لَا يَصْدُرُ إِلَّا عَنْ حَنِيفٍ مُسْلِمٍ مِنْ نَسْلِ
إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، لَا عَنْ بَعْضِ أَعِزَّاءِ مِصْرَ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( أَئِنَّكَ ) عَلَى الِاسْتِفْهَامِ ، وَالْخِلَافُ فِي تَحْقِيقِ الْهَمْزَتَيْنِ ، أَوْ تَلْيِينِ الثَّانِيَةِ وَإِدْخَالِ أَلِفٍ فِي التَّلْيِينِ أَوِ التَّحْقِيقِ مَذْكُورٌ فِي الْقِرَاءَاتِ السَّبْعِ . وَقَرَأَ
قَتَادَةُ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَابْنُ كَثِيرٍ : ( إِنَّكَ ) بِغَيْرِ هَمْزَةِ اسْتِفْهَامٍ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُرَادَةٌ ، وَيَبْعُدُ حَمْلُهُ عَلَى الْخَبَرِ الْمَحْضِ ، وَقَدْ قَالَهُ بَعْضُهُمْ لِتَعَارُضِ الِاسْتِفْهَامِ وَالْخَبَرِ إِنِ اتَّحَدَ الْقَائِلُونَ فِي الْقَوْلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ، فَإِنْ قُدِّرَ أَنَّ بَعْضًا اسْتَفْهَمَ وَبَعْضًا أَخْبَرَ ، وَنَسَبَ فِي كُلٍّ مِنَ الْقِرَاءَتَيْنِ إِلَى الْمَجْمُوعِ قَوْلَ بَعْضِهِمْ : أَمْكَنَ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ بَعِيدٌ . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ : ( أَئِنَّكَ ) أَوْ ( أَنْتَ يُوسُفُ ) . وَخَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّي عَلَى حَذْفِ خَبَرِ " إِنَّ " وَقَدَّرَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ ، أَوْ أَنْتَ يُوسُفُ . وَقَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَئِنَّكَ يُوسُفُ ، أَوْ أَنْتَ يُوسُفُ ، فَحَذَفَ الْأَوَّلَ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ ، قَالَ : وَهَذَا كَلَامٌ مُسْتَعْجَبٌ مُسْتَغْرَبٌ لِمَا يُسْمَعُ ، فَهُوَ يُكَرِّرُ الِاسْتِثْبَاتَ ، انْتَهَى . وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=12111أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ فِي قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالُوا : ( أَوَ أَنْتَ يُوسُفُ ) ؟ وَفِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90أَئِنَّكَ لَأَنْتَ ) يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ دَخَلَتْ عَلَى أَنْتَ ، وَهُوَ فَصْلٌ : وَخَبَرُ " إِنَّ " " يُوسُفُ " كَمَا تَقُولُ : إِنْ كَانَ زَيْدٌ لَهُوَ الْفَاضِلُ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ دَخَلَتْ عَلَى أَنْتَ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ ، وَيُوسُفُ خَبَرُهُ ، وَالْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ خَبَرِ " إِنَّ " وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَنْتَ تَوْكِيدًا لِلضَّمِيرِ الَّذِي هُوَ اسْمُ إِنَّ لِحَيْلُولَةِ اللَّامِ بَيْنَهُمَا ، وَلَمَّا اسْتَفْهَمُوهُ أَجَابَهُمْ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90أَنَا يُوسُفُ ) كَاشِفًا لَهُمْ أَمْرَهُ ، وَزَادَهُمْ فِي الْجَوَابِ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90وَهَذَا أَخِي ) لِأَنَّهُ سَبَقَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=89هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ ) ؟ وَكَانَ فِي ذِكْرِ أَخِيهِ بَيَانٌ لِمَا سَأَلُوا عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ وَتَوْطِئَةً لِمَا ذُكِرَ بَعْدَ ( مَنْ ) هُوَ بِالتَّقْوَى وَالصَّبْرِ ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ لَا تُخَصَّ التَّقْوَى بِحَالَةٍ وَلَا الصَّبْرُ .
وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : مَنْ يَتَّقِ فِي تَرْكِهِ الْمَعْصِيَةَ وَيَصْبِرْ فِي السِّجْنِ .
وَقَالَ
النَّخَعِيُّ : مَنْ يَتَّقِ الزِّنَا وَيَصْبِرْ عَلَى الْعُزُوبَةِ . وَقِيلَ : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ وَيَصْبِرْ عَلَى الْمَصَائِبِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90مَنْ يَتَّقِ ) مَنْ يَخَفِ اللَّهَ وَعِقَابَهُ وَيَصْبِرْ عَنِ الْمَعَاصِي وَعَلَى الطَّاعَاتِ . وَقِيلَ : مَنْ يَتَّقِ مَعَاصِيَ اللَّهِ ، وَيَصْبِرْ عَلَى أَذَى النَّاسِ ، وَهَذِهِ كُلُّهَا تَخْصِيصَاتٌ بِحَسَبِ حَالَةِ
يُوسُفَ وَنَوَازِلِهِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16832قُنْبُلٍ : ( مَنْ يَتَّقِي ) فَقِيلَ : هُوَ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ الَّتِي هِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ ، وَهَذِهِ
[ ص: 343 ] الْيَاءُ إِشْبَاعٌ ، وَقِيلَ : جَزَمَهُ بِحَذْفِ الْحَرَكَةِ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ : لَمْ يَرْمِي زَيْدٌ ، وَقَدْ حَكَوْا ذَلِكَ لُغَةً . وَقِيلَ : هُوَ مَرْفُوعٌ ، وَ ( مَنْ ) مَوْصُولٌ بِمَعْنَى الَّذِي ، وَعُطِفَ عَلَيْهِ مَجْزُومٌ وَهُوَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90وَيَصْبِرْ ) وَذَلِكَ عَلَى التَّوَهُّمِ ، كَأَنَّهُ تَوَّهَمَ أَنَّ " مَنْ " شَرْطِيَّةٌ ، وَ " يَتَّقِي " مَجْزُومٌ . وَقِيلَ : ( وَيَصْبِرْ ) مَرْفُوعٌ عَطْفًا عَلَى مَرْفُوعٍ ، وَسُكِّنَتِ الرَّاءُ لَا لِلْجَزْمِ ، بَلْ لِتَوَالِي الْحَرَكَاتِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ كَلِمَتَيْنِ ، كَمَا سُكِّنَتْ فِي ( يَأْمُرْكُمْ وَيُشْعِرْكُمْ وَبُعُولَتْهِنَّ ) أَوْ مُسَكِّنًا لِلْوَقْفِ ، وَأَجْرَى الْوَصْلَ مَجْرَى الْوَقْفِ ، وَالْأَحْسَنُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنْ يَكُونَ " يَتَّقِي " مَجْزُومًا عَلَى لُغَةٍ ، وَإِنْ كَانَتْ قَلِيلَةً ، وَلَا يَرْجِعُ إِلَى قَوْلِ
أَبِي عَلِيٍّ قَالَ : وَهَذَا مِمَّا لَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجِيءُ فِي الشِّعْرِ لَا فِي الْكَلَامِ ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ رُؤَسَاءِ النَّحْوِيِّينَ قَدْ نَقَلُوا أَنَّهُ لُغَةٌ .
وَ ( الْمُحْسِنِينَ ) عَامٌّ يَنْدَرِجُ فِيهِ مَنْ تَقَدَّمَ ، أَوْ وُضِعَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمُتَّقِينَ وَالصَّابِرِينَ كَأَنَّهُ قِيلَ : لَا يُضِيعُ أَجْرَهُمْ .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91آثَرَكَ ) فَضَّلَكَ بِالْمُلْكِ ، أَوْ بِالصَّبْرِ وَالْعِلْمِ قَالَهُمَا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ، أَوْ بِالْحِلْمِ وَالصَّفْحِ ذَكَرَهُ
أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ ، أَوْ بِحُسْنِ الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ وَالْعِلْمِ وَالْحِلْمِ وَالْإِحْسَانِ وَالْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ وَبِصَبْرِكَ عَلَى أَذَانَا قَالَهُ صَاحِبُ الْغُنْيَانِ ، أَوْ بِالتَّقْوَى وَالصَّبْرِ وَسِيرَةِ الْمُحْسِنِينَ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَهُوَ مُنَاسِبٌ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=90إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ ) الْآيَةَ ، وَخِطَابُهُمْ إِيَّاهُ بِذَلِكَ اسْتِنْزَالٌ لِإِحْسَانِهِ وَاعْتِرَافٌ بِمَا صَدَرَ مِنْهُمْ فِي حَقِّهِ . وَ ( خَاطِئِينَ ) مِنْ خَطِئَ إِذَا تَعَمَّدَ ، وَأَمَّا أَخْطَأَ فَقَصْدُ الصَّوَابِ وَلَمْ يُوَفَّقْ لَهُ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92لَا تَثْرِيبَ ) لَا لَوْمَ وَلَا عُقُوبَةَ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92تَثْرِيبَ ) اسْمُ لَا ، وَ ( عَلَيْكُمْ ) الْخَبَرُ ، وَ ( الْيَوْمَ ) مَنْصُوبٌ بِالْعَامِلِ فِي الْخَبَرِ ؛ أَيْ : لَا تَثْرِيبَ مُسْتَقِرٌّ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : فَإِنْ قُلْتَ : بِمَ تَعَلَّقَ ( الْيَوْمَ ) ؟ ( قُلْتُ ) : بِالتَّثْرِيبِ ، أَوْ بِالْمُقَدَّرِ فِي ( عَلَيْكُمْ ) مِنْ مَعْنَى الِاسْتِقْرَارِ ، أَوْ بِـ ( يَغْفِرُ ) وَالْمَعْنَى : لَا أَثْرُبُكُمُ الْيَوْمَ ، وَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ التَّثْرِيبِ فَمَا ظَنُّكُمْ بِغَيْرِهِ مِنَ الْأَيَّامِ ، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ) قَدْ عَالَهُمْ بِمَغْفِرَةِ مَا فَرَطَ مِنْهُمْ ، يُقَالُ : غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ، وَيَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ عَلَى لَفْظِ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ جَمِيعًا ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْمُشَمِّتِ : يَهْدِيكُمُ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ ، أَوِ الْيَوْمُ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ بِشَارَةً بِعَاجِلِ الْغُفْرَانِ ، لِمَا تَجَدَّدَ يَوْمَئِذٍ مِنْ تَوْبَتِهِمْ وَنَدَمِهِمْ عَلَى خَطِيئَتِهِمْ ، انْتَهَى .
أَمَّا قَوْلُهُ : إِنَّ الْيَوْمَ يَتَعَلَّقُ بِالتَّثْرِيبِ ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ ، لِأَنَّ التَّثْرِيبَ مَصْدَرٌ ، وَقَدْ فُصِلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَعْمُولِهِ بِقَوْلِهِ : ( عَلَيْكُمْ ) إِمَّا أَنْ يَكُونَ خَبَرًا ، أَوْ صِفَةً لِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92تَثْرِيبَ ) ، وَلَا يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّ مَعْمُولَ الْمَصْدَرِ مِنْ تَمَامِهِ ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الْيَوْمُ مُتَعَلِّقًا بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92تَثْرِيبَ ) لَمْ يَجُزْ بِنَاؤُهُ ، وَكَانَ يَكُونُ مِنْ قَبِيلِ الْمُشَبَّهِ بِالْمُضَافِ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى الْمُطَوَّلَ ، وَيُسَمَّى الْمَمْطُولَ ، فَكَانَ يَكُونُ مُعْرَبًا مُنَوَّنًا .
وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ الثَّانِي فَتَقْدِيرٌ حَسَنٌ ، وَلِذَلِكَ وَقَفَ عَلَى قَوْلِهِ : ( الْيَوْمَ ) أَكْثَرُ الْقُرَّاءِ ، وَابْتَدَءُوا بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ) عَلَى جِهَةِ الدُّعَاءِ ، وَهُوَ تَأْوِيلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنِ إِسْحَاقَ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَالطَّبَرِيِّ .
وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ الثَّالِثُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ( الْيَوْمَ ) مُتَعَلِّقًا بِـ ( يَغْفِرُ ) فَمَقْبُولٌ ، وَقَدْ وَقَفَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ عَلَى ( عَلَيْكُمْ ) وَابْتَدَأَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ) . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالْوَقْفُ عَلَى ( الْيَوْمَ ) أَرْجَحُ فِي الْمَعْنَى ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ فِيهِ حُكْمٌ عَلَى مَغْفِرَةِ اللَّهِ ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِوَحْيٍ . وَأَمَّا قَوْلُهُ فَبِشَارَةٌ إِلَى آخِرِهِ ، فَعَلَى طَرِيقَةِ الْمُعْتَزِلَةِ ، فَإِنَّ الْغُفْرَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِمَنْ تَابَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : إِنَّمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ لِأَنَّهُ أَوَّلُ أَوْقَاتِ الْعَفْوِ ، وَسَبِيلُ الْعَافِي فِي مِثْلِهِ أَنْ لَا يُرَاجِعَ عُقُوبَةً ، وَأَجَازَ
الْحَوْفِيُّ أَنْ يَكُونَ ( عَلَيْكُمْ ) فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِـ ( تَثْرِيبَ ) وَيَكُونَ الْخَبَرُ ( الْيَوْمَ ) ، وَهُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ . وَقِيلَ : ( عَلَيْكُمْ ) بَيَانٌ كَـ " لَكَ " فِي قَوْلِهِمْ :
[ ص: 344 ] " سُقْيًا لَكَ " ، فَيَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ . وَنَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ عَلَيْكُمْ بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=92تَثْرِيبَ ) لِأَنَّهُ كَانَ يُعْرَبُ ، فَيَكُونُ مُنَوَّنًا لِأَنَّهُ يَصِيرُ مِنْ بَابِ الْمُشَبَّهِ بِالْمُضَافِ ، وَلَوْ قِيلَ : إِنَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ ، وَ ( عَلَيْكُمْ ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ ( تَثْرِيبَ ) ، وَذَلِكَ الْمَحْذُوفُ هُوَ الْعَامِلُ فِي ( الْيَوْمَ ) وَتَقْدِيرُهُ : لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ، كَمَا قَدَّرُوا فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) أَيْ : يَعْصِمُ الْيَوْمَ ، لَكَانَ وَجْهًا قَوِيًّا ؛ لِأَنَّ خَبَرَ لَا إِذَا عُلِمَ كَثُرَ حَذْفُهُ عِنْدَ
أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَلَمْ يَلْفِظْ بِهِ
بَنُو تَمِيمٍ ، وَلَمَّا دَعَا لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ أَخْبَرَ عَنِ اللَّهِ بِالصِّفَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْغُفْرَانِ ، وَهُوَ أَنَّهُ تَعَالَى أَرْحَمُ الرُّحَمَاءِ ، فَهُوَ يَرْجُو مِنْهُ قَبُولَ دُعَائِهِ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ .
وَالْبَاءُ فِي ( بِقَمِيصِي ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا لِلْحَالِ ؛ أَيْ : مَصْحُوبِينَ أَوْ مُلْتَبِسِينَ بِهِ . وَقِيلَ : لِلتَّعْدِيَةِ ؛ أَيْ : اذْهَبُوا قَمِيصِي ، أَيِ : احْمِلُوا قَمِيصِي . قِيلَ : هُوَ الْقَمِيصُ الَّذِي تَوَارَثَهُ
يُوسُفُ وَكَانَ فِي عُنُقِهِ ، وَكَانَ مِنَ الْجَنَّةِ أَمَرَهُ
جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يُرْسِلَهُ إِلَيْهِ فَإِنَّ فِيهِ رِيحَ الْجَنَّةِ ، لَا يَقَعُ عَلَى مُبْتَلًى وَلَا سَقِيمٍ إِلَّا عُوفِيَ . وَقِيلَ : كَانَ
لِإِبْرَاهِيمَ كَسَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ مِنَ الْجَنَّةِ حِينَ خَرَجَ مِنَ النَّارِ ، ثُمَّ
لِإِسْحَاقَ ، ثُمَّ
لِيَعْقُوبَ ، ثُمَّ
لِيُوسُفَ . وَقِيلَ : هُوَ الْقَمِيصُ الَّذِي قُدَّ مِنْ دُبُرٍ أَرْسَلَهُ لِيَعْلَمَ
يَعْقُوبُ أَنَّهُ عُصِمَ مِنَ الْفَاحِشَةِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَمِيصٌ مِنْ مَلْبُوسِ
يُوسُفَ بِمَنْزِلَةِ قَمِيصِ كُلِّ وَاحِدٍ ، قَالَ ذَلِكَ :
ابْنُ عَطِيَّةَ . وَهَكَذَا تَتَبَيَّنُ الْغَرَابَةُ فِي أَنْ وَجَدَ
يَعْقُوبُ رِيحَهُ مِنْ بَعْدُ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ قُمُصِ الْجَنَّةِ مَا كَانَ فِي ذَلِكَ غَرَابَةً وَلَوَجَدَهُ كُلُّ وَاحَدٍ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=93فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ عَمِيَ مِنَ الْحُزْنِ ، إِمَّا بِإِعْلَامِهِمْ ، وَإِمَّا بِوَحْيٍ . وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=93يَأْتِ بَصِيرًا ) يَظْهَرُ أَنَّهُ بِوَحْيٍ ، وَأَهْلُوهُ الَّذِينَ أَمَرَ بِأَنْ يُؤْتَى بِهِمْ سَبْعُونَ ، أَوْ ثَمَانُونَ ، أَوْ ثَلَاثَةٌ وَتِسْعُونَ ، أَوْ سِتَّةٌ وَتِسْعُونَ ، أَقْوَالٌ أَوَّلُهَا لِلْكَلْبِيِّ وَثَالِثُهَا لِمَسْرُوقٍ . وَفِي وَاحِدٍ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ خَلَوْا بِمِصْرَ وَنَمُوا حَتَّى خَرَجَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ مَعَ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ . وَمَعْنَى : ( يَأْتِ ) يَأْتِينِي ، وَانْتَصَبَ ( بَصِيرًا ) عَلَى الْحَالِ .