(
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41nindex.php?page=treesubj&link=28984أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=42وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ما تكسب كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب )
[ ص: 400 ] الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41أولم يروا ) عائد على الذين وعدوا ، وفي ذلك اتعاظ لمن اتعظ ، نبهوا على أن ينظروا بعض الأرض من أطرافها . و ( نأتي ) يعني بالأمر والقدرة كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فأتى الله بنيانهم ) والأرض أرض الكفار المذكورين ، ويعني بنقصها من أطرافها للمسلمين : من جوانبها . كان المسلمون يغزون من حوالي أرض الكفار مما يلي المدينة ، ويغلبون على جوانب أرض مكة ، والأطراف : الجوانب . وقيل : الطرف من كل شيء خياره ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب : العلوم أودية ، في أي واد أخذت منها خسرت ، فخذوا من كل شيء طرفا يعني : خيارا ، قاله
ابن عطية ، والذي يظهر أن معنى طرفا جانبا وبعضا ، كأنه أشار إلى أن الإنسان يكون مشاركا في أطراف من العلوم ؛ لأنه لا يمكنه استيعاب جميعها ، ولم يشر إلى أنه يستغرق زمانه في علم واحد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والضحاك : نأتي أرض هؤلاء بالفتح عليك ، فتنقصها بما يدخل في دينك من القبائل والبلاد المجاورة لهم ، فما يؤمنهم أن يمكنه منهم . وهذا التفسير لا يتأتى إلا أن قدر نزول هذه الآية بالمدينة . وقيل : ( الأرض ) اسم جنس ، والانتقاص من الأطراف بتخريب العمران الذي يحله الله بالكفرة . وروي هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا
ومجاهد ، وعنهما أيضا : الانتقاص هو بموت البشر ، وهلاك الثمرات ، ونقص البركة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا : موت أشرافها وكبرائها ، وذهاب الصلحاء والأخيار ، فعلى هذا الأطراف هنا الأشراف . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي : الطرف والطرف : الرجل الكريم . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح : ذهاب فقهائها وخيار أهلها . وعن
مجاهد : موت الفقهاء والعلماء . وقال
عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي : هو نقص الأنفس . وقيل : هلاك من أهلك من الأمم قبل
قريش ، وهلاك أرضهم بعدهم . والمناسب من هذه الأقوال هو الأول . ولم يذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري إلا ما هو قريب منه قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41نأتي الأرض ) أرض الكفر ننقصها من أطرافها بما يفتح على المسلمين من بلادهم ، فينقص دار الحرب ، ويزيد في دار الإسلام ، وذلك من آيات الغلبة والنصرة . ونحوه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=44أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53سنريهم آياتنا في الآفاق ) والمعنى : عليك ببلاغ الذي حملته ، ولا تهتم بما وراء ذلك فنحن نكفيكه ، ونتم ما وعدناك من الظفر ، ولا يضجرك تأخره ، فإن ذلك لما نعلم من المصالح التي لا تعلمها ، ثم طيب نفسه ونفس عنها بما ذكر من طلوع تباشير الظفر . ويتجه قول من قال : النقص بموت الأشراف والعلماء والخيار ، وتقريره : أولم يروا أنا نحدث في الدنيا من الاختلافات خرابا بعد عماره ، وموتا بعد حياة ، ذلا بعد عز ، ونقصا بعد كمال ، وهذه تغييرات مدركة بالحس . فما الذي يؤمنهم أن يقلب الله الأمر عليهم ويصيرون ذليلين بعد أن كانوا قاهرين .
وقرأ
الضحاك : ( ننقصها ) مثقلا من نقص عداه بالتضعيف من نقص اللازم ، والمعقب الذي يكر على الشيء فيبطله ، وحقيقته الذي يعقبه ؛ أي : بالرد والإبطال ، ومنه قيل لصاحب الحق : معقب ؛ لأنه يقفي غريمه بالاقتضاء والطلب . قال
لبيد :
طلب المعقب حقه المظلوم
والمعنى : أنه حكم للإسلام بالغلبة والإقبال ، وعلى الكفر بالإدبار والانتكاس . وقيل : تتعقب أحكامه ؛ أي : ينظر في أعقابها أمصيبة هي أم لا ، والجملة من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41لا معقب لحكمه ) في موضع الحال ؛ أي : نافذ حكمه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41وهو سريع الحساب ) تقدم الكلام على مثل هذه الجملة . ثم أخبر تعالى أن الأمم السابقة كان يصدر منهم المكر بأنبيائهم كما فعلت
قريش ، وأن ذلك عادة المكذبين للرسل ، مكر
بإبراهيم نمروذ ،
وبموسى فرعون ،
وبعيسى اليهود ، وجعل تعالى مكرهم كلا مكر ؛ إذ أضاف المكر كله له تعالى . ومعنى مكره تعالى عقوبته إياهم ، سماها مكرا إذ كانت ناشئة عن المكر وذلك على سبيل المقابلة كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15الله يستهزئ بهم ) ثم فسر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=42فلله المكر ) بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=42يعلم [ ص: 401 ] ما تكسب كل نفس ) والمعنى : يجازي كل نفس بما كسبت . ثم هدد الكافر بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=42وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار ) إذ يأتيه العذاب من حيث هو في غفلة عنه ، فحينئذ يعلم لمن هي العاقبة المحمودة . وقرأ
جناح بن حبيش : ( وسيعلم الكافر ) مبنيا للمفعول من أعلم ؛ أي : وسيخبر . وقرأ الحرميان
وأبو عمرو : ( الكافر ) على الإفراد والمراد به الجنس ، وباقي السبعة ( الكفار ) جمع تكسير ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود : ( الكافرون ) جمع سلامة ،
وأبي : ( الذين كفروا ) ، وفسر
عطاء " الكافر " بالمستهزئين وهم خمسة ، والمقتسمين وهم ثمانية وعشرون . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يريد بالكافر أبا جهل . وينبغي أن يحمل تفسيره عطاء على التمثيل ؛ لأن الإخبار بعلم الكافر لمن عقبى الدار معنى يعم جميع الكفار ، ولما قال الكفار : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43لست مرسلا ) أي : إنما أنت مدع ما ليس لك ، أمره تعالى أن يكتفي بشهادة الله تعالى بينهم ، إذ قد أظهر على يديه من الأدلة على رسالته ما في بعضها كفاية لمن وفق ، ثم أردف شهادة الله بشهادة من عنده علم الكتاب . والكتاب هنا : القرآن ، والمعنى : إن من عرف ما ألف فيه من المعاني الصحيحة والنظم المعجز الفائت لقدر البشر يشهد بذلك . وقيل : ( الكتاب ) التوراة والإنجيل ، والذي عنده علم الكتاب : من أسلم من علمائهم ؛ لأنهم يشهدون نعته عليه الصلاة والسلام في كتبهم . قال
قتادة :
nindex.php?page=showalam&ids=106كعبد الله بن سلام nindex.php?page=showalam&ids=155وتميم الداري nindex.php?page=showalam&ids=23وسلمان الفارسي . وقال
مجاهد : يريد
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام خاصة . وهذان القولان لا يستقيمان إلا على أن تكون الآية مدنية ، والجمهور على أنها مكية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية nindex.php?page=showalam&ids=11958والباقر : هو
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب . وقيل :
جبريل ، و ( الكتاب ) اللوح المحفوظ . وقيل : هو الله تعالى قاله
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج . وعن
الحسن : لا والله ما يعني إلا الله ، والمعنى : كفى بالذي يستحق العبادة ، وبالذي لا يعلم ما في اللوح إلا هو شهيدا بيني وبينكم . قال
ابن عطية : ويعترض هذا القول بأن فيه عطف الصفة على الموصوف ، وذلك لا يجوز ، وإنما تعطف الصفات بعضها على بعض ، انتهى . وليس ذلك كما زعم من عطف الصفة على الموصوف ؛ لأن " من " لا يوصف بها ، ولا لشيء من الموصولات إلا بالذي والتي وفروعهما ، وذي وذوات الطائيتين . وقوله : وإنما تعطف الصفات بعضها على بعض ، ليس على إطلاقه ، بل له شرط وهو أن تختلف مدلولاتها . ويعني
ابن عطية : لا تقول : مررت بزيد والعالم فتعطف العالم على الاسم وهو علم لم يلحظ منه معنى صفة ، وكذلك " الله " علم . ولما شعر بهذا الاعتراض من جعله معطوفا على الله قدر قوله : بالذي يستحق العبادة ، حتى يكون من عطف الصفات بعضها على بعض ، لا من عطف الصفة
[ ص: 402 ] على الاسم . ومن في قراءة الجمهور في موضع خفض عطفا على لفظ الله ، أو في موضع رفع عطفا على موضع الله ، إذ هو في مذهب من جعل الباء زائدة على فاعل كفى . وقال
ابن عطية : ويحتمل أن يكون في موضع رفع بالابتداء ، والخبر محذوف تقديره : أعدل وأمضى قولا ، ونحو هذا مما يدل عليه لفظة ( شهيدا ) ويراد بذلك الله تعالى . وقرئ : ( وبمن ) بدخول الباء على ( من ) عطفا على ( بالله ) . وقرأ
علي وأبي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وعكرمة nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير وعبد الرحمن بن أبي بكرة والضحاك وسالم بن عبد الله بن عمرو بن أبي إسحاق ومجاهد والحكم nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : ومن عنده علم الكتاب : بجعل " من " حرف جر ، وجر ما بعده به ، وارتفاع " علم " بالابتداء ، والجار والمجرور في موضع الجر . وقرأ
علي أيضا
وابن السميقع والحسن بخلاف عنه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43ومن عنده ) بجعل " من " حرف جر (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43علم الكتاب ) بجعل " علم " فعلا مبنيا للمفعول ، و " الكتاب " رفع به . وقرئ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43ومن عنده ) بحرف جر ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43علم الكتاب ) مشددا مبنيا للمفعول ، والضمير في " عنده " في هذه القراآت الثلاث عائد على الله تعالى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في القراءة التي وقع فيها ( عنده ) صلة يرتفع العلم بالمقدر في الظرف فيكون فاعلا ؛ لأن الظرف إذا وقع صلة أوغل في شبه الفعل لاعتماده على الموصول ، فعمل على الفعل كقولك : مررت بالذي في الدار أخوه ، " فأخوه " فاعل ، كما تقول : بالذي استقر في الدار أخوه ، انتهى . وهذا الذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ليس على وجه التحتم ؛ لأن الظرف والجار والمجرور إذا وقعا صلتين أو حالين أو خبرين ، إما في الأصل ، وإما في الناسخ ، أو تقدمهما أداة نفي أو استفهام جاز فيما بعدهما من الاسم الظاهر أن يرتفع على الفاعل وهو الأجود ، وجاز أن يكون ذلك المرفوع مبتدأ ، والظرف أو الجار والمجرور في موضع رفع خبره ، والجملة من المبتدأ والخبر صلة أو صفة أو حال أو خبر ، وهذا مبني على اسم الفاعل . فكما جاز ذلك في اسم الفاعل ، وإن كان الأحسن إعماله في الاسم الظاهر ، فكذلك يجوز في ما ناب عنه من ظرف أو مجرور . وقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه على إجازة ذلك في نحو : مررت برجل حسن وجهه ، فأجاز " حسن وجهه " على رفع " حسن " على أنه خبر مقدم ، وهكذا تلقفنا هذه المسألة عن الشيوخ . وقد يتوهم بعض النشأة في النحو أن اسم الفاعل إذا اعتمد على شيء مما ذكرناه يتحتم إعماله في الظاهر ، وليس كذلك . وقد أعرب
الحوفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43عنده علم الكتاب ) مبتدأ وخبرا في صلة ( من ) . وقال
أبو البقاء : ويجوز أن يكون خبرا : يعني ( عنده ) والمبتدأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43علم الكتاب ) انتهى . ومن قرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43ومن عنده ) على أنه حرف جر فالكتاب في قراءته هو القرآن ، والمعنى : أنه تعالى من جهة فضله وإحسانه علم الكتاب أو علم الكتاب على القراءتين ؛ أي : علمت معانيه ، وكونه أعظم المعجزات الباقي على مر الأعصار ، فتشريف العبد بعلوم القرآن إنما ذلك من إحسان الله تعالى إليه وتوفيقه على كونه معجزا ، وتوفيقه لإدراك ذلك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41nindex.php?page=treesubj&link=28984أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=42وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ )
[ ص: 400 ] الضَّمِيرُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41أَوَلَمْ يَرَوْا ) عَائِدٌ عَلَى الَّذِينَ وُعِدُوا ، وَفِي ذَلِكَ اتِّعَاظٌ لِمَنِ اتَّعَظَ ، نُبِّهُوا عَلَى أَنْ يَنْظُرُوا بَعْضَ الْأَرْضِ مِنْ أَطْرَافِهَا . وَ ( نَأْتِي ) يَعْنِي بِالْأَمْرِ وَالْقُدْرَةِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=26فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ ) وَالْأَرْضُ أَرْضُ الْكُفَّارِ الْمَذْكُورِينَ ، وَيَعْنِي بِنَقْصِهَا مِنْ أَطْرَافِهَا لِلْمُسْلِمِينَ : مِنْ جَوَانِبِهَا . كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَغْزُونَ مِنْ حَوَالَيْ أَرْضِ الْكُفَّارِ مِمَّا يَلِي الْمَدِينَةَ ، وَيَغْلِبُونَ عَلَى جَوَانِبِ أَرْضِ مَكَّةَ ، وَالْأَطْرَافُ : الْجَوَانِبُ . وَقِيلَ : الطَّرَفُ مِنْ كُلِّ شَيْءِ خِيَارُهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : الْعُلُومُ أَوْدِيَةٌ ، فِي أَيِّ وَادٍ أَخَذْتَ مِنْهَا خَسِرْتَ ، فَخُذُوا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ طَرَفًا يَعْنِي : خِيَارًا ، قَالَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى طَرَفًا جَانِبًا وَبَعْضًا ، كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ يَكُونُ مُشَارِكًا فِي أَطْرَافٍ مِنَ الْعُلُومِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيعَابُ جَمِيعِهَا ، وَلَمْ يُشِرْ إِلَى أَنَّهُ يَسْتَغْرِقُ زَمَانَهُ فِي عِلْمٍ وَاحِدٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ : نَأْتِي أَرْضَ هَؤُلَاءِ بِالْفَتْحِ عَلَيْكَ ، فَتَنْقُصُهَا بِمَا يَدْخُلُ فِي دِينِكَ مِنَ الْقَبَائِلِ وَالْبِلَادِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُمْ ، فَمَا يُؤْمِنُهُمْ أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْهُمْ . وَهَذَا التَّفْسِيرُ لَا يَتَأَتَّى إِلَّا أَنْ قُدِّرَ نُزُولُ هَذِهِ الْآيَةِ بِالْمَدِينَةِ . وَقِيلَ : ( الْأَرْضَ ) اسْمُ جِنْسٍ ، وَالِانْتِقَاصُ مِنَ الْأَطْرَافِ بِتَخْرِيبِ الْعُمْرَانِ الَّذِي يُحِلُّهُ اللَّهُ بِالْكَفَرَةِ . وَرُوِيَ هَذَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا
وَمُجَاهِدٍ ، وَعَنْهُمَا أَيْضًا : الِانْتِقَاصُ هُوَ بِمَوْتِ الْبَشَرِ ، وَهَلَاكِ الثَّمَرَاتِ ، وَنَقْصِ الْبَرَكَةِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا : مَوْتُ أَشْرَافِهَا وَكُبَرَائِهَا ، وَذَهَابُ الصُّلَحَاءِ وَالْأَخْيَارِ ، فَعَلَى هَذَا الْأَطْرَافُ هُنَا الْأَشْرَافُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : الطَّرْفُ وَالطَّرَفُ : الرَّجُلُ الْكَرِيمُ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ : ذَهَابُ فُقَهَائِهَا وَخُيَّارِ أَهْلِهَا . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ : مَوْتُ الْفُقَهَاءِ وَالْعُلَمَاءِ . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ : هُوَ نَقْصُ الْأَنْفُسِ . وَقِيلَ : هَلَاكُ مَنْ أَهْلَكَ مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَ
قُرَيْشٍ ، وَهَلَاكُ أَرْضِهِمْ بَعْدَهُمْ . وَالْمُنَاسِبُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ هُوَ الْأَوَّلُ . وَلَمْ يَذْكُرِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ إِلَّا مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41نَأْتِي الْأَرْضَ ) أَرْضَ الْكُفْرِ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا بِمَا يُفْتَحُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بِلَادِهِمْ ، فَيُنْقِصُ دَارَ الْحَرْبِ ، وَيُزِيدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ، وَذَلِكَ مِنْ آيَاتِ الْغَلَبَةِ وَالنُّصْرَةِ . وَنَحْوُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=44أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=53سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ) وَالْمَعْنَى : عَلَيْكَ بِبَلَاغِ الَّذِي حَمَلْتَهُ ، وَلَا تَهْتَمَّ بِمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَنَحْنُ نَكْفِيكَهُ ، وَنُتِمُّ مَا وَعَدْنَاكَ مِنَ الظَّفَرِ ، وَلَا يُضْجِرُكَ تَأَخُّرُهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لِمَا نَعْلَمُ مِنَ الْمَصَالِحِ الَّتِي لَا تَعْلَمُهَا ، ثُمَّ طَيَّبَ نَفْسَهُ وَنَفَّسَ عَنْهَا بِمَا ذَكَرَ مِنْ طُلُوعِ تَبَاشِيرِ الظَّفَرِ . وَيَتَّجِهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ : النَّقْصُ بِمَوْتِ الْأَشْرَافِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْخُيَّارِ ، وَتَقْرِيرُهُ : أَوْلَمَ يَرَوْا أَنَا نُحْدِثُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الِاخْتِلَافَاتِ خَرَابًا بَعْدَ عَمَارِهِ ، وَمَوْتًا بَعْدَ حَيَاةٍ ، ذُلًّا بَعْدَ عِزٍّ ، وَنَقْصًا بَعْدَ كَمَالٍ ، وَهَذِهِ تَغْيِيرَاتٌ مُدْرَكَةٌ بِالْحِسِّ . فَمَا الَّذِي يُؤَمِّنُهُمْ أَنْ يُقَلِّبَ اللَّهُ الْأَمْرَ عَلَيْهِمْ وَيَصِيرُونَ ذَلِيلِينَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا قَاهِرِينَ .
وَقَرَأَ
الضَّحَّاكُ : ( نُنَقِّصُهَا ) مُثَقَّلًا مِنْ نَقَّصَ عَدَّاهُ بِالتَّضْعِيفِ مِنْ نَقَصَ اللَّازِمِ ، وَالْمُعَقِّبُ الَّذِي يَكُرُّ عَلَى الشَّيْءِ فَيُبْطِلُهُ ، وَحَقِيقَتُهُ الَّذِي يُعْقِبُهُ ؛ أَيْ : بِالرَّدِّ وَالْإِبْطَالِ ، وَمِنْهُ قِيلَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ : مُعَقِّبٌ ؛ لِأَنَّهُ يُقَفِّي غَرِيمَهُ بِالِاقْتِضَاءِ وَالطَّلَبِ . قَالَ
لَبِيَدٌ :
طَلَبُ الْمُعَقِّبِ حَقَّهُ الْمَظْلُومُ
وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ حَكَمَ لِلْإِسْلَامِ بِالْغَلَبَةِ وَالْإِقْبَالِ ، وَعَلَى الْكُفْرِ بِالْإِدْبَارِ وَالِانْتِكَاسِ . وَقِيلَ : تَتَعَقَّبُ أَحْكَامَهُ ؛ أَيْ : يَنْظُرُ فِي أَعْقَابِهَا أَمُصِيبَةٌ هِيَ أَمْ لَا ، وَالْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ؛ أَيْ : نَافِذُ حُكْمِهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=41وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ . ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ الْأُمَمَ السَّابِقَةَ كَانَ يَصْدُرُ مِنْهُمُ الْمَكْرُ بِأَنْبِيَائِهِمْ كَمَا فَعَلَتْ
قُرَيْشٌ ، وَأَنَّ ذَلِكَ عَادَةُ الْمُكَذِّبِينَ لِلرُّسُلِ ، مَكَرَ
بِإِبْرَاهِيمَ نَمْرُوذُ ،
وَبِمُوسَى فِرْعَوْنُ ،
وَبِعِيسَى الْيَهُودُ ، وَجَعَلَ تَعَالَى مَكْرَهُمْ كَلَا مَكْرٍ ؛ إِذْ أَضَافَ الْمَكْرَ كُلَّهُ لَهُ تَعَالَى . وَمَعْنَى مَكْرِهِ تَعَالَى عُقُوبَتُهُ إِيَّاهُمْ ، سَمَّاهَا مَكْرًا إِذْ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنِ الْمَكْرِ وَذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ) ثُمَّ فَسَّرَ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=42فَلِلَّهِ الْمَكْرُ ) بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=42يَعْلَمُ [ ص: 401 ] مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ ) وَالْمَعْنَى : يُجَازِي كُلَّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ . ثُمَّ هَدَّدَ الْكَافِرَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=42وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ) إِذْ يَأْتِيهِ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِي غَفْلَةٍ عَنْهُ ، فَحِينَئِذٍ يَعْلَمُ لِمَنْ هِيَ الْعَاقِبَةُ الْمَحْمُودَةُ . وَقَرَأَ
جَنَاحُ بْنُ حُبَيْشٍ : ( وَسَيُعْلَمُ الْكَافِرُ ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ مِنْ أَعْلَمَ ؛ أَيْ : وَسَيُخْبَرُ . وَقَرَأَ الْحَرَمِيَّانِ
وَأَبُو عَمْرٍو : ( الْكَافِرُ ) عَلَى الْإِفْرَادِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ ، وَبَاقِي السَّبْعَةِ ( الْكُفَّارُ ) جَمْعَ تَكْسِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنُ مَسْعُودٍ : ( الْكَافِرُونَ ) جَمْعَ سَلَامَةٍ ،
وَأُبَيٌّ : ( الَّذِينَ كَفَرُوا ) ، وَفَسَّرَ
عَطَاءٌ " الْكَافِرَ " بِالْمُسْتَهْزِئِينَ وَهُمْ خَمْسَةٌ ، وَالْمُقْتَسِمِينَ وَهُمْ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : يُرِيدُ بِالْكَافِرِ أَبَا جَهْلٍ . وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ تَفْسِيرُهُ عَطَاءً عَلَى التَّمْثِيلِ ؛ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِعِلْمِ الْكَافِرِ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ مَعْنًى يَعُمُّ جَمِيعَ الْكُفَّارِ ، وَلَمَّا قَالَ الْكُفَّارُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43لَسْتَ مُرْسَلًا ) أَيْ : إِنَّمَا أَنْتَ مُدَّعٍ مَا لَيْسَ لَكَ ، أَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يَكْتَفِيَ بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَهُمْ ، إِذْ قَدْ أَظْهَرَ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى رِسَالَتِهِ مَا فِي بَعْضِهَا كِفَايَةٌ لِمَنْ وُفِّقَ ، ثُمَّ أَرْدَفَ شَهَادَةَ اللَّهِ بِشَهَادَةِ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ . وَالْكِتَابُ هُنَا : الْقُرْآنُ ، وَالْمَعْنَى : إِنَّ مَنْ عَرِفَ مَا أُلِّفَ فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي الصَّحِيحَةِ وَالنَّظْمِ الْمُعْجِزِ الْفَائِتِ لِقُدَرِ الْبَشَرِ يَشْهَدُ بِذَلِكَ . وَقِيلَ : ( الْكِتَابِ ) التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ ، وَالَّذِي عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ : مَنْ أَسْلَمَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ نَعْتَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي كُتُبِهِمْ . قَالَ
قَتَادَةُ :
nindex.php?page=showalam&ids=106كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ nindex.php?page=showalam&ids=155وَتَمِيمِ الدَّارِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=23وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : يُرِيدُ
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ خَاصَّةً . وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ لَا يَسْتَقِيمَانِ إِلَّا عَلَى أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ مَدَنِيَّةً ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12691مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ nindex.php?page=showalam&ids=11958وَالْبَاقِرُ : هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ . وَقِيلَ :
جِبْرِيلُ ، وَ ( الْكِتَابُ ) اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ . وَقِيلَ : هُوَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَهُ
الْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ . وَعَنِ
الْحَسَنِ : لَا وَاللَّهِ مَا يَعْنِي إِلَّا اللَّهُ ، وَالْمَعْنَى : كَفَى بِالَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ ، وَبِالَّذِي لَا يَعْلَمُ مَا فِي اللَّوْحِ إِلَّا هُوَ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيُعْتَرَضُ هَذَا الْقَوْلُ بِأَنَّ فِيهِ عَطْفُ الصِّفَةِ عَلَى الْمَوْصُوفِ ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ، وَإِنَّمَا تُعْطَفُ الصِّفَاتُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ ، انْتَهَى . وَلَيْسَ ذَلِكَ كَمَا زَعَمَ مَنْ عَطَفَ الصِّفَةَ عَلَى الْمَوْصُوفِ ؛ لِأَنَّ " مَنْ " لَا يُوصَفُ بِهَا ، وَلَا لِشَيْءٍ مِنَ الْمَوْصُولَاتِ إِلَّا بِالَّذِي وَالَّتِي وَفُرُوعِهِمَا ، وَذِي وَذَوَاتِ الطَّائِيَّتَيْنِ . وَقَوْلُهُ : وَإِنَّمَا تُعْطَفُ الصِّفَاتُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ ، لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ ، بَلْ لَهُ شَرْطٌ وَهُوَ أَنْ تَخْتَلِفَ مَدْلُولَاتُهَا . وَيَعْنِي
ابْنَ عَطِيَّةَ : لَا تَقُولُ : مَرَرْتُ بِزَيْدٍ وَالْعَالِمِ فَتَعْطِفُ الْعَالِمِ عَلَى الِاسْمِ وَهُوَ عَلَمٌ لَمْ يَلْحَظْ مِنْهُ مَعْنَى صِفَةٍ ، وَكَذَلِكَ " اللَّهُ " عَلَمٌ . وَلَمَّا شَعَرَ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ مِنْ جَعْلِهِ مَعْطُوفًا عَلَى اللَّهِ قَدَّرَ قَوْلَهُ : بِالَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ ، حَتَّى يَكُونَ مِنْ عَطْفِ الصِّفَاتِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ ، لَا مِنْ عَطْفِ الصِّفَةِ
[ ص: 402 ] عَلَى الِاسْمِ . وَمَنْ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ عَطْفًا عَلَى لَفْظِ اللَّهِ ، أَوْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ اللَّهِ ، إِذْ هُوَ فِي مَذْهَبِ مَنْ جَعَلَ الْبَاءَ زَائِدَةً عَلَى فَاعِلِ كَفَى . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ ، وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : أَعْدَلُ وَأَمْضَى قَوْلًا ، وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظَةُ ( شَهِيدًا ) وَيُرَادُ بِذَلِكَ اللَّهُ تَعَالَى . وَقُرِئَ : ( وَبِمَنْ ) بِدُخُولِ الْبَاءِ عَلَى ( مَنْ ) عَطْفًا عَلَى ( بِاللَّهِ ) . وَقَرَأَ
عَلِيٌّ وَأُبَيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ وَالضَّحَّاكُ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَكَمُ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ : وَمِنْ عِنْدِهِ عِلْمُ الْكِتَابِ : بِجَعْلِ " مِنْ " حَرْفُ جَرٍّ ، وَجُرَّ مَا بَعْدَهُ بِهِ ، وَارْتِفَاعُ " عِلْمُ " بِالِابْتِدَاءِ ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ . وَقَرَأَ
عَلِيٌّ أَيْضًا
وَابْنُ السَّمَيْقَعِ وَالْحَسَنُ بِخِلَافٍ عَنْهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43وَمَنْ عِنْدَهُ ) بِجَعْلِ " مِنْ " حَرْفُ جَرٍّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43عِلْمُ الْكِتَابِ ) بِجَعْلِ " عُلِمَ " فِعْلًا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، وَ " الْكِتَابُ " رُفِعَ بِهِ . وَقُرِئَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43وَمَنْ عِنْدَهُ ) بِحَرْفِ جَرٍّ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43عِلْمُ الْكِتَابِ ) مُشَدَّدًا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، وَالضَّمِيرُ فِي " عِنْدِهِ " فِي هَذِهِ الْقِرَاآتِ الثَّلَاثِ عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْقِرَاءَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا ( عِنْدَهُ ) صِلَةً يَرْتَفِعُ الْعِلْمُ بِالْمُقَدَّرِ فِي الظَّرْفِ فَيَكُونُ فَاعِلًا ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ إِذَا وَقَعَ صِلَةً أَوْغَلَ فِي شَبَهِ الْفِعْلِ لِاعْتِمَادِهِ عَلَى الْمَوْصُولِ ، فَعَمِلَ عَلَى الْفِعْلِ كَقَوْلِكَ : مَرَرْتُ بِالَّذِي فِي الدَّارِ أَخُوهُ ، " فَأَخُوهُ " فَاعِلٌ ، كَمَا تَقُولُ : بِالَّذِي اسْتَقَرَّ فِي الدَّارِ أَخُوهُ ، انْتَهَى . وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ لَيْسَ عَلَى وَجْهِ التَّحَتُّمِ ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ وَالْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ إِذَا وَقَعَا صِلَتَيْنِ أَوْ حَالَيْنِ أَوْ خَبَرَيْنِ ، إِمَّا فِي الْأَصْلِ ، وَإِمَّا فِي النَّاسِخِ ، أَوْ تَقَدَّمَهُمَا أَدَاةُ نَفْيٍ أَوِ اسْتِفْهَامٍ جَازَ فِيمَا بَعْدَهُمَا مِنَ الِاسْمِ الظَّاهِرِ أَنْ يَرْتَفِعَ عَلَى الْفَاعِلِ وَهُوَ الْأَجْوَدُ ، وَجَازَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمَرْفُوعُ مُبْتَدَأً ، وَالظَّرْفُ أَوِ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ رَفْعِ خَبَرِهِ ، وَالْجُمْلَةُ مِنَ الْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ صِلَةٌ أَوْ صِفَةٌ أَوْ حَالٌ أَوْ خَبَرٌ ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ . فَكَمَا جَازَ ذَلِكَ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ ، وَإِنْ كَانَ الْأَحْسَنُ إِعْمَالَهُ فِي الِاسْمِ الظَّاهِرِ ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ فِي مَا نَابَ عَنْهُ مِنْ ظَرْفٍ أَوْ مَجْرُورٍ . وَقَدْ نَصَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ عَلَى إِجَازَةِ ذَلِكَ فِي نَحْوِ : مَرَرْتُ بِرَجُلٍ حَسَنٌ وَجْهُهُ ، فَأَجَازَ " حَسَنٌ وَجْهُهُ " عَلَى رَفْعِ " حَسَنٌ " عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ ، وَهَكَذَا تَلَقَّفْنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَنِ الشُّيُوخِ . وَقَدْ يُتَوَهَّمُ بَعْضُ النَّشْأَةِ فِي النَّحْوِ أَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ إِذَا اعْتَمَدَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ يَتَحَتَّمُ إِعْمَالُهُ فِي الظَّاهِرِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ . وَقَدْ أَعْرَبَ
الْحَوْفِيُّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) مُبْتَدَأً وَخَبَرًا فِي صِلَةِ ( مَنْ ) . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا : يَعْنِي ( عِنْدَهُ ) وَالْمُبْتَدَأُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43عِلْمُ الْكِتَابِ ) انْتَهَى . وَمَنْ قَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=43وَمَنْ عِنْدَهُ ) عَلَى أَنَّهُ حَرْفُ جَرٍّ فَالْكِتَابُ فِي قِرَاءَتِهِ هُوَ الْقُرْآنُ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ تَعَالَى مِنْ جِهَةِ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ عَلِمَ الْكِتَابَ أَوْ عُلِمَ الْكِتَابُ عَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ ؛ أَيْ : عَلِمْتُ مَعَانِيَهُ ، وَكَوْنُهُ أَعْظَمَ الْمُعْجِزَاتِ الْبَاقِي عَلَى مَرِّ الْأَعْصَارِ ، فَتَشْرِيفُ الْعَبْدِ بِعُلُومِ الْقُرْآنِ إِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ إِحْسَانِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَيْهِ وَتَوْفِيقِهِ عَلَى كَوْنِهِ مُعْجِزًا ، وَتَوْفِيقِهِ لِإِدْرَاكِ ذَلِكَ .