(
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) : تقدم الكلام في ( ضرب ) مع ( المثل ) في أوائل البقرة ، فكان يغني ذلك عن الكلام فيه هنا ، إلا أن المفسرين أبدوا هنا تقديرات ، فأعرب
الحوفي والمهدوي
وأبو البقاء ( مثلا ) مفعولا بـ ( ضرب ) ، و ( كلمة ) بدل من ( مثلا ) . وإعرابهم هذا تفريع ، على أن ( ضرب مثلا ) لا يتعدى لا إلى مفعول واحد . وقال
ابن عطية ، وأجازه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( مثلا ) مفعول بـ ( ضرب ) ، و ( كلمة ) مفعول أول تفريعا على أنها مع ( المثل ) تتعدى إلى اثنين ، لأنها بمعنى جعل . وعلى هذا تكون ( كشجرة ) خبر مبتدأ محذوف ، أي : جعل كلمة طيبة مثلا هي ، أي : الكلمة كشجرة طيبة ، وعلى البدل تكون ( كشجرة ) نعتا للكلمة . وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وبدأ به أن تكون ( كلمة ) نصبا بمضمر ، أي : جعل كلمة طيبة كشجرة طيبة ، وهو تفسير لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ضرب الله مثلا ) ، كقولك : شرف الأمير زيدا كساه حلة ، وحمله على فرس ; انتهى . وفيه تكلف إضمار لا ضرورة تدعو إليه .
وقرئ شاذا ( كلمة طيبة ) بالرفع . قال
أبو البقاء : على الابتداء ، و ( كشجرة ) خبره ; انتهى . ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير : هو ; أي : المثل كلمة طيبة كشجرة ، و ( كشجرة ) نعت لكلمة ، و ( الكلمة الطيبة ) هي : لا إله إلا الله ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ; أو الإيمان ; قاله
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج ; أو المؤمن نفسه ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16574عطية العوفي والربيع ; أو جميع طاعاته أو القرآن ، قاله
الأصم ; أو دعوة الإسلام ; قاله
ابن بحر ; أو الثناء على الله أو التسبيح والتنزيه ; والشجرة الطيبة : المؤمن ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، أو جوزة الهند ، قاله
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، أو شجرة في الجنة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا ، أو النخلة وعليه أكثر المتأولين ، وهو قول :
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وأنس ،
ومجاهد ،
وعكرمة ،
والضحاك ،
وابن زيد ، وجاء ذلك نصا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مما خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عنه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374592قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر الآية ، فقال : أتدرون ما هي ؟ فوقع في نفسي أنها النخلة ; الحديث . وقال
أبو العالية :
أتيت nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك فجيء بطبق عليه رطب ، فقال أنس : كل يا أبا العالية ، فإنها الشجرة الطيبة التي ذكرها الله في كتابه ، ثم قال : أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصاع بسر ، فتلا هذه الآية . وفي الترمذي من حديث
أنس نحو هذا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري :
[ ص: 422 ] كل شجرة مثمرة طيبة الثمار كالنخلة ، وشجرة التين ، والعنب ، والرمان ، وغير ذلك ; انتهى .
وقد
nindex.php?page=treesubj&link=32239شبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - المؤمن الذي يقرأ القرآن بالأترجة ، فلا يبعد أن يشبه أيضا بشجرتها . أصلها ثابت ; أي : في الأرض ضارب بعروقه فيها . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك : كشجرة طيبة ثابت أصلها ، أجريت الصفة على الشجرة لفظا وإن كانت في الحقيقة للسببي . وقراءة الجماعة فيها إسناد الثبوت إلى السببي لفظا ومعنى ، وفيها حسن التقسيم ، إذ جاء أصلها ثابت وفرعها في السماء ، يريد بالفرع : أعلاها ورأسها ، وإن كان المشبه به ذا فروع ، فيكون من باب الاكتفاء بلفظ الجنس . ومعنى في السماء : جهة العلو والصعود لا المظلة . وفي الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374594خلق الله آدم طوله في السماء ستون ذراعا " ولما شبهت الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة كانت الكلمة أصلها ثابت في قلوب أهل الإيمان ، وما يصدر عنها من الأفعال الزكية والأعمال الصالحة هو فرعها يصعد إلى السماء إلى الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) وما يترتب على ذلك العمل وهو ثواب الله ، هو جناها ، ووصف هذه الشجرة بأربعة أوصاف : الأول قوله : طيبة ، أي كريمة المنبت ، والأصل في الشجرة له لذة في المطعم . قال الشاعر :
طيب الباءة سهل ولهم سبل إن شئت في وحش وعر
أي ساحتهم سهلة طيبة . الثاني : رسوخ أصلها ، وذلك يدل على تمكنها ، وأن الرياح لا تقصفها ، فهي بطيئة الفناء ، وما كان كذلك حصل الفرح بوجدانه . والثالث : علو فرعها ، وذلك يدل على تمكن الشجرة ورسوخ عروقها ، وعلى بعدها عن عفونات الأرض ، وعلى صفائها من الشوائب . الرابع : ديمومة وجود ثمرتها وحضورها في كل الأوقات . والحين في اللغة قطعة من الزمان ; قال الشاعر :
تناذرها الراقون من سوء سمها تطلقه حينا وحينا تراجع
والمعنى : تعطي جناها كل وقت وقته الله له . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وعكرمة ،
ومجاهد ،
والحسن ، أي كل سنة ، ولذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وعكرمة ،
ومجاهد ،
والحكم ،
وحماد ، وجماعة من الفقهاء : من حلف أن لا يفعل شيئا حينا فإنه لا يفعله سنة ، واستشهدوا بهذه الآية . وقيل : ثمانية أشهر ، قاله
علي ومجاهد ، ستة أشهر ، وهي مدة بقاء الثمر عليها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : الحين شهران ، لأن النخلة تدوم مثمرة شهرين . وقيل : لا تتعطل من ثمر تحمل في كل شهر ، وهي شجرة جوز الهند . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا
والضحاك ،
والربيع : كل حين أي كل غدوة وعشية ، ومتى أريد جناها ، ويتخرج على أنها شجرة في الجنة . والتذكر المرجو بضرب المثل هو التفهم والتصور للمعاني المدركة بالعقل ، فمتى أبرزت بالمحسوسات لم ينازع فيها الحس والخيال والوهم ، وانطبق المعقول على المحسوس ، فحصل الفهم والوصول إلى المطلوب . والكلمة الخبيثة : هي كلمة الكفر على قول الجمهور . وقال
مسروق : الكذب ، وقال : أن تجر دعوة الكفر وما يعزى إليه الكافر . وقيل : كل كلام لا يرضاه الله تعالى . وقرأ
أبي : ( وضرب الله مثلا كلمة خبيثة ) ، وقرئ : و ( مثل كلمة ) بنصب ( مثل ) عطفا على (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24كلمة طيبة ) . والشجرة الخبيثة : شجرة الحنظل ; قاله الأكثرون :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك ، ورواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقال الزجاج وفرقة : شجرة الثوم . وقيل : شجرة الكشوت ، وهي شجرة لا ورق لها ولا أصل ، قال : وهي كشوت ، فلا أصل ولا ثمر . وقال
ابن عطية : ويرد على هذه الأقوال أن هذه كلها من النجم وليست من الشجر ، والله تعالى إنما مثل بالشجر فلا تسمى هذه شجرة إلا بتجوز ، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الثوم والبصل "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374595من أكل من هذه الشجرة " وقيل : الطحلبة . وقيل : الكمأة . وقيل : كل شجر لا يطيب له ثمر . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هي الكافر ، وعنه أيضا : شجرة لم تخلق على الأرض . وقال
ابن عطية :
[ ص: 423 ] والظاهر عندي أن التشبيه وقع بشجرة غير معينة ، إذا وجدت منها هذه الأوصاف هو أن يكون كالعضاة أو شجرة السموم ونحوها إذا اجتثت ; أي : اقتلعت جثها بنزع الأصول وبقيت في غاية الوهي والضعف ، فتقلبها أقل ريح . فالكافر يرى أن بيده شيئا ، وهو لا يستقر ، ولا يغني عنه كهذه الشجرة التي يظن بها على بعد الجاهل أنها شيء نافع ، وهي خبيثة الجني غير نافعة ; انتهى . واجتثت من فوق الأرض مقابل لقوله : أصلها ثابت ، أي : لم يتمكن لها أصل ولا عرق في الأرض ، وإنما هي نابتة على وجه الأرض . ما لها من قرار ، أي : استقرار . يقال : قر الشيء قرارا ثبت ثباتا ، شبه بهذه الشجرة القول الذي لم يعضد بحجة ، فهو لا يثبت بل يضمحل عن قريب لبطلانه ، والقول الثابت هو الذي ثبت بالحجة والبرهان في قلب صاحبه وتمكن فيه ، واطمأنت إليه نفسه . وتثبيتهم به في الدنيا كونهم لو فتنوا عن دينهم في الدنيا لثبتوا عليه وما زلوا ، كما جرى لأصحاب الأخدود ، والذين نشروا بالمناشير ، وكشطت لحومهم بأمشاط الحديد ، كما ثبت
جرجيس وشمعون وبلال حتى كان يعذب بالرمضاء وهو يقول : أحد أحد . وتثبيتهم في الآخرة كونهم إذا سئلوا عند توافق الإشهاد عن معتقدهم ولم يتلعثموا ، ولم يبهتوا ، ولم تحيرهم أهوال الحشر . والذين آمنوا عام من لدن آدم إلى يوم القيامة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس وقتادة وجمهور من العلماء : أن تثبيتهم في الدنيا هو مدة حياة الإنسان ، وفي الآخرة هو وقت سؤاله في قبره ، ورجح هذا القول
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب وجماعة : في الحياة الدنيا هي وقت سؤاله في قبره ، ورواه
البراء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وفي الآخرة هو يوم القيامة عند العرض . وقيل : معنى تثبيته في الحياة الدنيا وفي الآخرة : هو حياته على الإيمان ، وحشره عليه . وقيل : التثبيت في الدنيا : الفتح والنصر ، وفي الآخرة : الجنة والثواب . وما صح عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث
البراء من تلاوته عند إيعاد المؤمن في قبره ، وسئل وشهد شهادة الإخلاص قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27يثبت الله الذين آمنوا ) ، الآية ، لا يظهر منه ; يعني : أن الحياة الدنيا هي حياة الإنسان ، وأن الآخرة في القبر ، ولا أن الحياة الدنيا هي في القبر ، وأن الآخرة هي يوم القيامة ، بل اللفظ محتمل . ومعنى يثبت : يديمهم عليه ، ويمنعهم من الزلل . ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة :
فثبت الله ما آتاك من حسن تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا
والظاهر أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27بالقول الثابت ) متعلق بقوله : يثبت . وقيل : يتعلق بآمنوا . وسؤال العبد في قبره معتقد أهل السنة .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27ويضل الله الظالمين ، أي : الكافرين ، لمقابلتهم بالمؤمنين ، وإضلالهم في الدنيا كونهم لا يثبتون في مواقف الفتن ، وتزل أقدامهم ، وهي الحيرة التي تلحقهم ، إذ ليسوا متمسكين بحجة . وفي الآخرة هو اضطرابهم في جوابهم . ولما تقدم تشبيه الكلمة الطيبة على تشبيه الكلمة الخبيثة ، تقدم في هذا الكلام من نسبت إليه الكلمة الطيبة ، وتلاه من نسبت إليه الكلمة الخبيثة ، ولما ذكر تعالى ما فعل بكل واحد من القسمين ذكر أنه لا يمكن اعتراض فيما خص به كل واحد منهما ، إذ ذاك راجع إلى مشيئته تعالى ، إن الله يفعل ما يشاء ، لا يسأل عما يفعل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويفعل الله ما يشاء ، أي : توجيه الحكمة ، لأن مشيئة الله تابعة للحكمة من تثبيت المؤمنين وتأييدهم وعصمتهم عند ثباتهم وعزمهم ، ومن إضلال الظالمين وخذلانهم والتخلية بينهم وبين شأنهم عند زللهم ; انتهى . وفيه دسيسة الاعتزال .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=25تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=26وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) : تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ( ضَرَبَ ) مَعَ ( الْمَثَلِ ) فِي أَوَائِلِ الْبَقَرَةِ ، فَكَانَ يُغْنِي ذَلِكَ عَنِ الْكَلَامِ فِيهِ هُنَا ، إِلَّا أَنَّ الْمُفَسِّرِينَ أَبْدَوْا هُنَا تَقْدِيرَاتٍ ، فَأَعْرَبَ
الْحَوْفِيُّ وَالْمَهْدَوِيُّ
وَأَبُو الْبَقَاءِ ( مَثَلًا ) مَفْعُولًا بِـ ( ضَرَبَ ) ، وَ ( كَلِمَةً ) بَدَلٌ مِنْ ( مَثَلًا ) . وَإِعْرَابُهُمْ هَذَا تَفْرِيعٌ ، عَلَى أَنَّ ( ضَرَبَ مَثَلًا ) لَا يَتَعَدَّى لَا إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ ، وَأَجَازَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( مَثَلًا ) مَفْعُولٌ بِـ ( ضَرَبَ ) ، وَ ( كَلِمَةً ) مَفْعُولٌ أَوَّلُ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهَا مَعَ ( الْمَثَلِ ) تَتَعَدَّى إِلَى اثْنَيْنِ ، لِأَنَّهَا بِمَعْنَى جَعَلَ . وَعَلَى هَذَا تَكُونُ ( كَشَجَرَةٍ ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ : جَعَلَ كَلِمَةَ طَيِّبَةٍ مَثَلًا هِيَ ، أَيِ : الْكَلِمَةُ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ، وَعَلَى الْبَدَلِ تَكُونُ ( كَشَجَرَةٍ ) نَعْتًا لِلْكَلِمَةِ . وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَبَدَأَ بِهِ أَنْ تَكُونَ ( كَلِمَةً ) نَصْبًا بِمُضْمَرٍ ، أَيْ : جَعَلَ كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا ) ، كَقَوْلِكَ : شَرَّفَ الْأَمِيرُ زَيْدًا كَسَاهُ حُلَّةً ، وَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ ; انْتَهَى . وَفِيهِ تَكَلُّفُ إِضْمَارٍ لَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ .
وَقُرِئَ شَاذًّا ( كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ ) بِالرَّفْعِ . قَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : عَلَى الِابْتِدَاءِ ، وَ ( كَشَجَرَةٍ ) خَبَرُهُ ; انْتَهَى . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، وَالتَّقْدِيرُ : هُوَ ; أَيِ : الْمَثَلُ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ كَشَجَرَةٍ ، وَ ( كَشَجَرَةٍ ) نَعْتٍ لِكَلِمَةٍ ، وَ ( الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ ) هِيَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ; أَوِ الْإِيمَانُ ; قَالَهُ
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ ; أَوِ الْمُؤْمِنُ نَفْسُهُ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16574عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَالرَّبِيعُ ; أَوْ جَمِيعُ طَاعَاتِهِ أَوِ الْقُرْآنُ ، قَالَهُ
الْأَصَمُّ ; أَوْ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ ; قَالَهُ
ابْنُ بَحْرٍ ; أَوِ الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ أَوِ التَّسْبِيحُ وَالتَّنْزِيهُ ; وَالشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ : الْمُؤْمِنُ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ، أَوْ جَوْزَةُ الْهِنْدِ ، قَالَهُ
عَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ، أَوْ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا ، أَوِ النَّخْلَةُ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُتَأَوِّلِينَ ، وَهُوَ قَوْلُ :
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَأَنَسٍ ،
وَمُجَاهِدٍ ،
وَعِكْرِمَةَ ،
وَالضَّحَّاكِ ،
وَابْنِ زَيْدٍ ، وَجَاءَ ذَلِكَ نَصًّا مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ مِمَّا خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْهُ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374592قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ الْآيَةَ ، فَقَالَ : أَتَدْرُونَ مَا هِيَ ؟ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ ; الْحَدِيثَ . وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ :
أَتَيْتُ nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَجِيءَ بِطِبْقٍ عَلَيْهِ رُطَبٌ ، فَقَالَ أَنَسٌ : كُلْ يَا أَبَا الْعَالِيَةِ ، فَإِنَّهَا الشَّجَرَةُ الطَّيِّبَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ ، ثُمَّ قَالَ : أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَاعِ بُسْرٍ ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ . وَفِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ
أَنَسٍ نَحْوُ هَذَا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ :
[ ص: 422 ] كُلُّ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ طَيِّبَةِ الثِّمَارِ كَالنَّخْلَةِ ، وَشَجَرَةِ التِّينِ ، وَالْعِنَبِ ، وَالرُّمَّانِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ; انْتَهَى .
وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=32239شَبَّهَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُؤْمِنَ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِالْأُتْرُجَّةِ ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُشَبَّهَ أَيْضًا بِشَجَرَتِهَا . أَصْلُهَا ثَابِتٌ ; أَيْ : فِي الْأَرْضِ ضَارِبٌ بِعُرُوقِهِ فِيهَا . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ثَابِتٌ أَصْلُهَا ، أُجْرِيَتِ الصِّفَةُ عَلَى الشَّجَرَةِ لَفْظًا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْحَقِيقَةِ لِلسَّبَبِيِّ . وَقِرَاءَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا إِسْنَادُ الثُّبُوتِ إِلَى السَّبَبِيِّ لَفْظًا وَمَعْنًى ، وَفِيهَا حُسْنُ التَّقْسِيمِ ، إِذْ جَاءَ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ، يُرِيدُ بِالْفَرْعِ : أَعْلَاهَا وَرَأَسَهَا ، وَإِنْ كَانَ الْمُشَبَّهُ بِهِ ذَا فُرُوعٍ ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ بِلَفْظِ الْجِنْسِ . وَمَعْنَى فِي السَّمَاءِ : جِهَةُ الْعُلُوِّ وَالصُّعُودِ لَا الْمِظَلَّةُ . وَفِي الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374594خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ طُولُهُ فِي السَّمَاءِ سِتُّونَ ذِرَاعًا " وَلَمَّا شُبِّهَتِ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ بِالشَّجَرَةِ الطَّيِّبَةِ كَانَتِ الْكَلِمَةُ أَصْلُهَا ثَابِتٌ فِي قُلُوبِ أَهْلِ الْإِيمَانِ ، وَمَا يَصْدُرُ عَنْهَا مِنَ الْأَفْعَالِ الزَّكِيَّةِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ هُوَ فَرْعُهَا يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=10إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ وَهُوَ ثَوَابُ اللَّهِ ، هُوَ جَنَاهَا ، وَوَصَفَ هَذِهِ الشَّجَرَةَ بِأَرْبَعَةِ أَوْصَافٍ : الْأَوَّلُ قَوْلُهُ : طَيِّبَةٍ ، أَيْ كَرِيمَةِ الْمَنْبَتِ ، وَالْأَصْلُ فِي الشَّجَرَةِ لَهُ لَذَّةٌ فِي الْمَطْعَمِ . قَالَ الشَّاعِرُ :
طَيِّبُ الْبَاءَةِ سَهْلٌ وَلَهُمْ سُبُلٌ إِنْ شِئْتَ فِي وَحْشٍ وَعْرِ
أَيْ سَاحَتُهُمْ سَهْلَةٌ طَيِّبَةٌ . الثَّانِي : رُسُوخُ أَصْلِهَا ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَمَكُّنِهَا ، وَأَنَّ الرِّيَاحَ لَا تَقْصِفُهَا ، فَهِيَ بَطِيئَةُ الْفَنَاءِ ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ حَصَلَ الْفَرَحُ بِوِجْدَانِهِ . وَالثَّالِثُ : عُلُوُّ فَرْعِهَا ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَمَكُّنِ الشَّجَرَةِ وَرُسُوخِ عُرُوقِهَا ، وَعَلَى بُعْدِهَا عَنْ عُفُونَاتِ الْأَرْضِ ، وَعَلَى صَفَائِهَا مِنَ الشَّوَائِبِ . الرَّابِعُ : دَيْمُومَةُ وُجُودِ ثَمَرَتِهَا وَحُضُورُهَا فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ . وَالْحِينُ فِي اللُّغَةِ قِطْعَةٌ مِنَ الزَّمَانِ ; قَالَ الشَّاعِرُ :
تَنَاذَرَهَا الرَّاقُونَ مِنْ سُوءِ سُمِّهَا تُطْلِقُهُ حِينًا وَحِينًا تُرَاجِعُ
وَالْمَعْنَى : تُعْطِي جَنَاهَا كُلَّ وَقْتٌ وَقَّتَهُ اللَّهُ لَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَعِكْرِمَةُ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
وَالْحَسَنُ ، أَيْ كُلَّ سَنَةٍ ، وَلِذَلِكَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَعِكْرِمَةُ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
وَالْحَكَمُ ،
وَحَمَّادٌ ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ : مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا حِينًا فَإِنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ سَنَةً ، وَاسْتَشْهَدُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ . وَقِيلَ : ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ ، قَالَهُ
عَلِيٌّ وَمُجَاهِدٌ ، سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، وَهِيَ مُدَّةُ بَقَاءِ الثَّمَرِ عَلَيْهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنُ الْمُسَيَّبِ : الْحِينُ شَهْرَانِ ، لِأَنَّ النَّخْلَةَ تَدُومُ مُثْمِرَةً شَهْرَيْنِ . وَقِيلَ : لَا تَتَعَطَّلُ مِنْ ثَمَرٍ تَحْمِلُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ، وَهِيَ شَجَرَةُ جَوْزِ الْهِنْدِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا
وَالضَّحَّاكُ ،
وَالرَّبِيعُ : كُلَّ حِينٍ أَي كُلَّ غُدْوَةٍ وَعَشِيَّةٍ ، وَمَتَى أُرِيدُ جَنَاهَا ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّهَا شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ . وَالتَّذَكُّرُ الْمَرْجُوُّ بِضَرْبِ الْمَثَلِ هُوَ التَّفَهُّمُ وَالتَّصَوُّرُ لِلْمَعَانِي الْمُدْرَكَةِ بِالْعَقْلِ ، فَمَتَى أُبْرِزَتْ بِالْمَحْسُوسَاتِ لَمْ يُنَازَعْ فِيهَا الْحِسُّ وَالْخَيَالُ وَالْوَهْمُ ، وَانْطَبَقَ الْمَعْقُولُ عَلَى الْمَحْسُوسِ ، فَحَصَلَ الْفَهْمُ وَالْوُصُولُ إِلَى الْمَطْلُوبِ . وَالْكَلِمَةُ الْخَبِيثَةُ : هِيَ كَلِمَةُ الْكُفْرِ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ . وَقَالَ
مَسْرُوقٌ : الْكَذِبُ ، وَقَالَ : أَنْ تَجُرَّ دَعْوَةَ الْكُفْرِ وَمَا يُعْزَى إِلَيْهِ الْكَافِرُ . وَقِيلَ : كُلُّ كَلَامٍ لَا يَرْضَاهُ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَرَأَ
أُبَيٌّ : ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً خَبِيثَةً ) ، وَقُرِئَ : وَ ( مَثَلَ كَلِمَةٍ ) بِنَصْبِ ( مَثَلَ ) عَطْفًا عَلَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24كَلِمَةً طَيِّبَةً ) . وَالشَّجَرَةُ الْخَبِيثَةُ : شَجَرَةُ الْحَنْظَلِ ; قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَمُجَاهِدٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، وَرَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَفِرْقَةٌ : شَجَرَةُ الثُّومِ . وَقِيلَ : شَجَرَةُ الْكَشُوتِ ، وَهِيَ شَجَرَةٌ لَا وَرَقَ لَهَا وَلَا أَصْلَ ، قَالَ : وَهِيَ كُشُوتٌ ، فَلَا أَصْلَ وَلَا ثَمَرَ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيُرَدُّ عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا مِنَ النَّجْمِ وَلَيْسَتْ مِنَ الشَّجَرِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا مَثَّلَ بِالشَّجَرِ فَلَا تُسَمَّى هَذِهِ شَجَرَةً إِلَّا بِتَجَوُّزٍ ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثُّومِ وَالْبَصَلِ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374595مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ " وَقِيلَ : الطُّحْلُبَةُ . وَقِيلَ : الْكَمْأَةُ . وَقِيلَ : كُلُّ شَجَرٍ لَا يَطِيبُ لَهُ ثَمَرٌ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : هِيَ الْكَافِرُ ، وَعَنْهُ أَيْضًا : شَجَرَةٌ لَمْ تُخْلَقْ عَلَى الْأَرْضِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ :
[ ص: 423 ] وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ بِشَجَرَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ ، إِذَا وُجِدَتْ مِنْهَا هَذِهِ الْأَوْصَافُ هُوَ أَنْ يَكُونَ كَالْعِضَاةِ أَوْ شَجَرَةِ السُّمُومِ وَنَحْوِهَا إِذَا اجْتُثَّتْ ; أَيِ : اقْتُلِعَتْ جَثَّهَا بِنَزْعِ الْأُصُولِ وَبَقِيَتْ فِي غَايَةِ الْوَهْيِ وَالضَّعْفِ ، فَتُقَلِّبُهَا أَقَلُّ رِيحٍ . فَالْكَافِرُ يَرَى أَنَّ بِيَدِهِ شَيْئًا ، وَهُوَ لَا يَسْتَقِرُّ ، وَلَا يُغْنِي عَنْهُ كَهَذِهِ الشَّجَرَةِ الَّتِي يَظُنُّ بِهَا عَلَى بُعْدِ الْجَاهِلِ أَنَّهَا شَيْءٌ نَافِعٌ ، وَهِيَ خَبِيثَةُ الْجَنْيِ غَيْرُ نَافِعَةٍ ; انْتَهَى . وَاجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ : أَصْلُهَا ثَابِتٌ ، أَيْ : لَمْ يَتَمَكَّنْ لَهَا أَصْلٌ وَلَا عِرْقٌ فِي الْأَرْضِ ، وَإِنَّمَا هِيَ نَابِتَةٌ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ . مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ ، أَيِ : اسْتِقْرَارٍ . يُقَالُ : قَرَّ الشَّيْءُ قَرَارًا ثَبَتَ ثَبَاتًا ، شَبَّهَ بِهَذِهِ الشَّجَرَةِ الْقَوْلَ الَّذِي لَمْ يُعَضَّدْ بِحُجَّةٍ ، فَهُوَ لَا يَثْبُتُ بَلْ يَضْمَحِلُّ عَنْ قَرِيبٍ لِبُطْلَانِهِ ، وَالْقَوْلُ الثَّابِتُ هُوَ الَّذِي ثَبَتَ بِالْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ فِي قَلْبِ صَاحِبِهِ وَتَمَكَّنَ فِيهِ ، وَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ . وَتَثْبِيتُهُمْ بِهِ فِي الدُّنْيَا كَوْنُهُمْ لَوْ فُتِنُوا عَنْ دِينِهِمْ فِي الدُّنْيَا لَثَبَتُوا عَلَيْهِ وَمَا زَلُّوا ، كَمَا جَرَى لِأَصْحَابِ الْأُخْدُودِ ، وَالَّذِينَ نُشِرُوا بِالْمَنَاشِيرِ ، وَكُشِطَتْ لُحُومُهُمْ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ ، كَمَا ثَبَتَ
جُرْجِيسُ وَشَمْعُونُ وَبِلَالٌ حَتَّى كَانَ يُعَذَّبُ بِالرَّمْضَاءِ وَهُوَ يَقُولُ : أَحَدٌ أَحَدٌ . وَتَثْبِيتُهُمْ فِي الْآخِرَةِ كَوْنُهُمْ إِذَا سُئِلُوا عِنْدَ تَوَافُقِ الْإِشْهَادِ عَنْ مُعْتَقَدِهِمْ وَلَمْ يَتَلَعْثَمُوا ، وَلَمْ يَبْهَتُوا ، وَلَمْ تُحَيِّرْهُمْ أَهْوَالُ الْحَشْرِ . وَالَّذِينَ آمَنُوا عَامٌّ مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٌ وَقَتَادَةُ وَجُمْهُورٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ : أَنَّ تَثْبِيتَهُمْ فِي الدُّنْيَا هُوَ مُدَّةُ حَيَاةِ الْإِنْسَانِ ، وَفِي الْآخِرَةِ هُوَ وَقْتُ سُؤَالِهِ فِي قَبْرِهِ ، وَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ وَجَمَاعَةٌ : فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا هِيَ وَقْتُ سُؤَالِهِ فِي قَبْرِهِ ، وَرَوَاهُ
الْبَرَاءُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَفِي الْآخِرَةِ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الْعَرْضِ . وَقِيلَ : مَعْنَى تَثْبِيتِهِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ : هُوَ حَيَاتُهُ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَحَشْرُهُ عَلَيْهِ . وَقِيلَ : التَّثْبِيتُ فِي الدُّنْيَا : الْفَتْحُ وَالنَّصْرُ ، وَفِي الْآخِرَةِ : الْجَنَّةُ وَالثَّوَابُ . وَمَا صَحَّ عَنِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَدِيثِ
الْبَرَاءِ مِنْ تِلَاوَتِهِ عِنْدَ إِيعَادِ الْمُؤْمِنِ فِي قَبْرِهِ ، وَسُئِلَ وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْإِخْلَاصِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ) ، الْآيَةَ ، لَا يَظْهَرُ مِنْهُ ; يَعْنِي : أَنَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا هِيَ حَيَاةُ الْإِنْسَانِ ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ فِي الْقَبْرِ ، وَلَا أَنَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا هِيَ فِي الْقَبْرِ ، وَأَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، بَلِ اللَّفْظُ مُحْتَمَلٌ . وَمَعْنَى يُثَبِّتُ : يُدِيمُهُمْ عَلَيْهِ ، وَيَمْنَعُهُمْ مِنَ الزَّلَلِ . وَمِنْهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ :
فَثَبَّتَ اللَّهُ مَا آتَاكَ مِنْ حُسْنٍ تَثْبِيتَ مُوسَى وَنَصْرًا كَالَّذِي نُصِرُوا
وَالظَّاهِرُ أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ : يُثَبِّتُ . وَقِيلَ : يَتَعَلَّقُ بِآمَنُوا . وَسُؤَالُ الْعَبْدِ فِي قَبْرِهِ مُعْتَقَدُ أَهْلِ السُّنَّةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=27وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ ، أَيِ : الْكَافِرِينَ ، لِمُقَابَلَتِهِمْ بِالْمُؤْمِنِينَ ، وَإِضْلَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا كَوْنُهُمْ لَا يَثْبُتُونَ فِي مَوَاقِفِ الْفِتَنِ ، وَتَزِلُّ أَقْدَامُهُمْ ، وَهِيَ الْحَيْرَةُ الَّتِي تَلْحَقُهُمْ ، إِذْ لَيْسُوا مُتَمَسِّكِينَ بِحُجَّةٍ . وَفِي الْآخِرَةِ هُوَ اضْطِرَابُهُمْ فِي جَوَابِهِمْ . وَلَمَّا تَقَدَّمَ تَشْبِيهُ الْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ عَلَى تَشْبِيهِ الْكَلِمَةِ الْخَبِيثَةِ ، تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْكَلَامِ مَنْ نُسِبَتْ إِلَيْهِ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ ، وَتَلَاهُ مَنْ نُسِبَتْ إِلَيْهِ الْكَلِمَةُ الْخَبِيثَةُ ، وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَا فَعَلَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْقِسْمَيْنِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اعْتِرَاضٌ فِيمَا خَصَّ بِهِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، إِذْ ذَاكَ رَاجِعٌ إِلَى مَشِيئَتِهِ تَعَالَى ، إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ، لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ، أَيْ : تَوْجِيهَ الْحِكْمَةِ ، لِأَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ تَابِعَةٌ لِلْحِكْمَةِ مِنْ تَثْبِيتِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَأْيِيدِهِمْ وَعِصْمَتِهِمْ عِنْدَ ثَبَاتِهِمْ وَعَزْمِهِمْ ، وَمِنْ إِضْلَالِ الظَّالِمِينَ وَخِذْلَانِهِمْ وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ شَأْنِهِمْ عِنْدَ زَلَلِهِمْ ; انْتَهَى . وَفِيهِ دَسِيسَةُ الِاعْتِزَالِ .