(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=98فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=99إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=100إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ) : لما ذكر تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء )
[ ص: 535 ] وذكر أشياء مما بين في الكتاب ، ثم ذكر قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=97من عمل صالحا ) ذكر ما يصون به القارئ قراءته من وسوسة الشيطان ونزغه ، فخاطب السامع بالاستعاذة منه إذا أخذ في القراءة . فإن كان الخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم - لفظا فالمراد أمته ، إذ كانت قراءة القرآن من أجل الأعمال الصالحة كما ورد في الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374618إن nindex.php?page=treesubj&link=28894ثواب قراءة كل حرف عشر حسنات " والظاهر بعقب الاستعاذة . وقد روى ذلك بعض الرواة عن
حمزة ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين أنه قال : كلما قرأت الفاتحة - حين تقول : آمين - فاستعذ . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
ومالك ،
وداود . تعقبها القراءة كما روي عن
حمزة والجمهور : على ترك هذا الظاهر وتأويله بمعنى : فإذا أردت القراءة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : لأن الفعل يوجد عند القصد والإرادة بغير فاصل وعلى حسبه ، فكان بسبب قوي وملابسة ظاهرة كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ) وكقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374619إذا أكلت فسم الله " وقال
ابن عطية : فإذا : وصلة بين الكلامين ، والعرب تستعملها في مثل هذا ، وتقدير الآية : فإذا أخذت في قراءة القرآن فاستعذ ، أمر بالاستعاذة . فالجمهور على الندب ، وعن عطاء الوجوب . والظاهر : طلب
nindex.php?page=treesubj&link=28895_18636الاستعاذة عند القراءة مطلقا ، والظاهر : أن الشيطان المراد به إبليس وأعوانه . وقيل : عام في كل متمرد عات من جن وإنس ، كما قال شياطين الإنس والجن . واختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=18636_28970كيفية الاستعاذة ، والذي صار إليه الجمهور من القراء وغيرهم واختاروه : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=67وجبير بن مطعم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أنه استعاذ عند القراءة بهذا اللفظ بعينه " ونفى تعالى سلطان الشيطان عن المؤمنين . والسلطان هنا : التسليط والولاية ، والمعنى : أنهم لا يقبلون منه ولا يطيعونه فيما يريد منهم من اتباع خطواته كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ) وكما أخبر تعالى عنه فقال في قصة أوليائه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ) وقيل : المراد بالسلطان : الحجة ، وظاهر الإخبار انتفاء سلطنته على المؤمنين مطلقا . وقيل : ليس له عليهم سلطان لاستعاذتهم منه . وقيل : ليس له قدرة أن يحملهم على ذنب ، والضمير في ( به ) عائد على ( بهم ) ، وقيل : على الشيطان ، وهو الظاهر لاتفاق الضمائر والمعنى : والذين هم بإشراكهم إبليس مشركون بالله ، أو تكون الباء للسببية ، والأمر بالاستعاذة يقتضي أنها تصرف كيد الشيطان ، كأنها متضمنة التوكل على الله والانقطاع إليه .
ولما ذكر تعالى إنزال الكتاب تبيينا لكل شيء ، وأمر بالاستعاذة عند قراءته ، ذكر تعالى نتيجة ولاية الشيطان لأوليائه المشركين ، وما يلقيه إليهم من الأباطيل ، فألقى إليهم إنكار النسخ لما رأوا تبديل آية مكان آية . وتقدم الكلام في النسخ في البقرة . والظاهر أن هذا التبديل رفع آية لفظا ومعنى ، ويجوز أن يكون التبديل لحكم المعنى وإبقاء اللفظ . ووجد الكفار بذلك طعنا في الدين ، وما علموا أن المصالح تختلف باختلاف الأوقات والأشخاص ، وكما وقع نسخ شريعة بشريعة يقع في شريعة واحدة . وأخبر تعالى أنه العالم بما ينزل لا أنتم ، وما ينزل مما يقره وما يرفعه ، فمرجع علم ذلك إليه ، وهو على حسب الحوادث والمصالح ، وهذه حكمة إنزاله شيئا فشيئا ، وهذه الجملة اعتراض بين الشرط وجوابه . قيل : ويحتمل أن يكون حالا . وبالغوا في نسبة الافتراء للرسول بلفظ إنما ، وبمواجهة الخطاب ، وباسم الفاعل الدال على الثبوت ، وقال : بل أكثرهم ، لأن بعضهم يعلم ويكفر عنادا . ومفعول ( لا يعلمون ) محذوف لدلالة المعنى عليه ، أي : لا يعلمون أن الشرائع حكم ومصالح . هذه الآية دلت على وقوع نسخ القرآن بالقرآن . وروح القدس : هنا هو جبريل - عليه السلام - بلا خلاف ، وتقدم لم سمي روح القدس . وأضاف الرب إلى كاف الخطاب تشريفا للرسول - صلى الله عليه وسلم - باختصاص الإضافة ، وإعراضا
[ ص: 536 ] عنهم ، إذ لم يضف إليهم . وبالحق حال ، أي : ملتبسا بالحق سواء كان ناسخا أو منسوخا ، فكله مصحوب بالحق لا يعتريه شيء من الباطل . وليثبت معناه أنهم لا يضطربون في شيء منه لكونه نسخ ، بل النسخ مثبت لهم على إيمانهم ، لعلمهم أنه جميعه من عند الله ، لصحة إيمانهم واطمئنان قلوبهم يعلمون أنه حكيم ، وأن أفعاله كلها صادرة عن حكمة ، فهي صواب كلها . ودل اختصاص التعليل بالمسلمين على اتصاف الكفار بضده من لحاق الاضطراب لهم وتزلزل عقائدهم وضلالهم . وقرئ : ليثبت ، مخففا من أثبت . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وهدى وبشرى ، مفعول لهما معطوفان على محل ليثبت ; انتهى . وتقدم الرد عليه في نحو هذا ، وهو قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=64لتبين لهم الذي اختلفوا فيه ) وهدى ورحمة في هذه السورة . ولا يمتنع عطفه على المصدر المنسبك من أن والفعل ، لأنه مجرور ، فيكون ( وهدى وبشرى ) مجرورين كما تقول : جئت لأحسن إلى زيد وإكرام لخالد ، إذ التقدير : لإحسان إلى زيد . وأجاز
أبو البقاء أن يكون ارتفاع (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=2هدى وبشرى ) على إضمار مبتدأ ، أي : وهو هدى وبشرى . ولما نسبوه - عليه السلام - للافتراء وهو الكذب على الله ، لم يكتفوا بذلك حتى جعلوا ذلك الافتراء الذي نسبوه هو من تعليم بشر إياه ، فليس هو المختلق بل المختلق غيره ، وهو ناقل عنه . وظاهر قولهم : إنما أنت مفتر . إن معناه : مختلق الكذب ، وهو ينافي التعلم من البشر ، فيحتمل أن يكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101مفتر ، في نسبة ذلك إلى الله ، ويحتمل أن يكونوا فيه طائفتين : طائفة ذهبت إلى أنه هو المفتري ، وطائفة أنه يتعلم من البشر . ويعلم مضارع اللفظ ومعناه : المضي ، أي : ولقد علمنا ، وجاء إسناد التعليم إلى مبهم لم يعين . فقيل : هو حبر غلام رومي كان
لعامر بن الحضرمي ، وقيل : عائش أو يعيش ، وكان صاحب كتب مولى
nindex.php?page=showalam&ids=2207حويطب بن عبد العزى وكان قد أسلم فحسن إسلامه قاله :
الفراء ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج . وقيل :
أبو فكيهة أعجمي : مولى لامرأة
بمكة . قيل : واسمه
يسار وكان يهوديا ; قاله :
مقاتل ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير ، إلا أنه لم يقل كان يهوديا . وقال
ابن زيد : كان رجلا حدادا نصرانيا اسمه عنس . وقال
حصين بن عبد الله بن مسلم : كان لنا غلامان نصرانيان من أهل عين التمر ،
يسار وحبر ، كانا يقرآن كتبا لهما بلسانهم ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يمر بهما فيسمع قراءتهما . قيل : وكانا حدادين يصنعان السيوف ، فقال المشركون : يتعلم منهما ، فقيل لأحدهما ذلك فقال : بل هو يعلمني ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كان في
مكة غلام أعجمي لبعض
قريش يقال له :
بلعام ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلمه الإسلام ، فقالت
قريش : هذا يعلم محمدا من جهة الأعاجم . وقال
الضحاك : الإشارة إلى
nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي ، وضعف هذا من جهة أن
سلمان إنما أسلم بعد الهجرة ، وهذه السورة مكية إلا ما نبه عليه أنه مدني . واللسان : هنا : اللغة . وقرأ
الحسن : اللسان الذي بتعريف اللسان بالـ ، والذي صفته . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : يلحدون من لحد ثلاثيا ، وهي قراءة
عبد الله بن طلحة ،
والسلمي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ،
ومجاهد ، وقرأ باقي السبعة ،
وابن القعقاع : بضم الياء وكسر الحاء من ألحد رباعيا وهما بمعنى واحد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : يقال ألحد القبر ولحده ، فهو ملحد وملحود إذا أمال حفره عن الاستقامة فحفر في شق منه ، ثم استعير لكل إمالة عن استقامة فقالوا : ألحد فلان في قوله : وألحد في دينه لأنه أمال دينه عن الأديان كلها ، لم يمله من دين إلى دين . والمعنى : لسان الرجل الذي يميلون قولهم عن الاستقامة إليه لسان أعجمي غير بين ، وهذا القرآن لسان عربي مبين ذو بيان وفصاحة ، ردا لقولهم وإبطالا لطعنهم ; انتهى . وظاهر قول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إن اللسان في الموضعين : اللغة . وقال
ابن عطية : وهذا إشارة إلى القرآن ، والتقدير : وهذا سرد لسان أو نطق لسان ، فهو على حذف مضاف ، وهذا على أن يجعل اللسان هنا الجارحة . واللسان في كلام العرب : اللغة ، ويحتمل أن يراد في هذه الآية . وقال
الكرماني :
[ ص: 537 ] المعنى : أنتم أفصح وأبلغهم وأقدرهم على الكلام نظما ونثرا ، وقد عجزتم وعجز جميع العرب ، فكيف تنسبونه إلى أعجمي ألكن ؟
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( فإن قلت ) : الجملة التي هي قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103لسان الذي يلحدون إليه أعجمي ) ، ما محلها ؟ ( قلت ) : لا محل لها ، لأنها مستأنفة جواب ( لقولهم ) ، ومثله قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=124الله أعلم حيث يجعل رسالته ) بعد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=124وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله ) ; انتهى . ويجوز عندي أن تكون جملة حالية فموضعها نصب ، وذلك أبلغ في الإنكار عليهم ، أي : يقولون ذلك والحالة هذه ، أي : علمهم بأعجمية هذا البشر وإبانة عربية هذا القرآن كان يمنعهم من تلك المقالة ، كما تقول : تشتم فلانا وهو قد أحسن إليك ، أي : علمك بإحسانه لك كان يقتضي منعك من شتمه . وإنما ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري إلى الاستئناف ولم يذهب إلى الحال ، لأن من مذهبه أن مجيء الجملة الحالية الاسمية بغير واو شاذ ، وهو مذهب مرجوح جدا ، ومجيء ذلك بغير واو لا يكاد ينحصر كثرة في كلام العرب ، وهو مذهب تبع فيه
الفراء ، وأما ( والله أعلم ) فظاهر قوله فيها ، لأنها جملة خالية من ضمير يعود على ذي الحال ، لأن ذا الحال هو ضمير قالوا ، وفي هذه الآية ذو الحال ضمير ( يقولون ) ، والضمير الذي في جملة الحال هو ضمير الفاعل في ( يلحدون ) ، فالجملة وإن عريت عن الواو ففيها ضمير ذي الحال .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=98فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=99إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=100إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ) : لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=89وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ )
[ ص: 535 ] وَذَكَرَ أَشْيَاءَ مِمَّا بَيَّنَ فِي الْكِتَابِ ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=97مَنْ عَمِلَ صَالِحًا ) ذَكَرَ مَا يَصُونُ بِهِ الْقَارِئُ قِرَاءَتَهُ مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ وَنَزْغِهِ ، فَخَاطَبَ السَّامِعَ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ إِذَا أَخَذَ فِي الْقِرَاءَةِ . فَإِنْ كَانَ الْخِطَابُ لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَفْظًا فَالْمُرَادُ أُمَّتُهُ ، إِذْ كَانَتْ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ مِنْ أَجَلِّ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374618إِنَّ nindex.php?page=treesubj&link=28894ثَوَابَ قِرَاءَةِ كُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ " وَالظَّاهِرُ بِعَقِبِ الِاسْتِعَاذَةِ . وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَنْ
حَمْزَةَ ، وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ : كُلَّمَا قَرَأْتَ الْفَاتِحَةَ - حِينَ تَقُولُ : آمِينَ - فَاسْتَعِذْ . وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ،
وَمَالِكٍ ،
وَدَاوُدَ . تَعْقُبُهَا الْقِرَاءَةُ كَمَا رُوِيَ عَنْ
حَمْزَةَ وَالْجُمْهُورِ : عَلَى تَرْكِ هَذَا الظَّاهِرِ وَتَأْوِيلِهِ بِمَعْنَى : فَإِذَا أَرَدْتَ الْقِرَاءَةَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لِأَنَّ الْفِعْلَ يُوجَدُ عِنْدَ الْقَصْدِ وَالْإِرَادَةِ بِغَيْرِ فَاصِلٍ وَعَلَى حَسْبِهِ ، فَكَانَ بِسَبَبٍ قَوِيٍّ وَمُلَابَسَةٍ ظَاهِرَةٍ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) وَكَقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374619إِذَا أَكَلْتَ فَسَمِّ اللَّهَ " وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : فَإِذَا : وَصْلَةٌ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ ، وَالْعَرَبُ تَسْتَعْمِلُهَا فِي مِثْلِ هَذَا ، وَتَقْدِيرُ الْآيَةِ : فَإِذَا أَخَذْتَ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَاسْتَعِذْ ، أَمْرٌ بِالِاسْتِعَاذَةِ . فَالْجُمْهُورُ عَلَى النَّدْبِ ، وَعَنْ عَطَاءٍ الْوُجُوبُ . وَالظَّاهِرُ : طَلَبُ
nindex.php?page=treesubj&link=28895_18636الِاسْتِعَاذَةِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا ، وَالظَّاهِرُ : أَنَّ الشَّيْطَانَ الْمُرَادُ بِهِ إِبْلِيسُ وَأَعْوَانُهُ . وَقِيلَ : عَامٌّ فِي كُلِّ مُتَمَرِّدٍ عَاتٍ مِنْ جِنٍّ وَإِنْسٍ ، كَمَا قَالَ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ . وَاخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=18636_28970كَيْفِيَّةِ الِاسْتِعَاذَةِ ، وَالَّذِي صَارَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنَ الْقُرَّاءِ وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارُوهُ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، لِمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبُو هُرَيْرَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=67وَجُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " أَنَّهُ اسْتَعَاذَ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ بِعَيْنِهِ " وَنَفَى تَعَالَى سُلْطَانَ الشَّيْطَانِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ . وَالسُّلْطَانُ هُنَا : التَّسْلِيطُ وَالْوِلَايَةُ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ مِنْهُ وَلَا يُطِيعُونَهُ فِيمَا يُرِيدُ مِنْهُمْ مِنِ اتِّبَاعِ خُطُوَاتِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ) وَكَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْهُ فَقَالَ فِي قِصَّةِ أَوْلِيَائِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=22وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ) وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ : الْحُجَّةُ ، وَظَاهِرُ الْإِخْبَارِ انْتِفَاءُ سَلْطَنَتِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مُطْلَقًا . وَقِيلَ : لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ لِاسْتِعَاذَتِهِمْ مِنْهُ . وَقِيلَ : لَيْسَ لَهُ قُدْرَةٌ أَنْ يَحْمِلَهُمْ عَلَى ذَنْبٍ ، وَالضَّمِيرُ فِي ( بِهِ ) عَائِدٌ عَلَى ( بِهِمْ ) ، وَقِيلَ : عَلَى الشَّيْطَانِ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِاتِّفَاقِ الضَّمَائِرِ وَالْمَعْنَى : وَالَّذِينَ هُمْ بِإِشْرَاكِهِمْ إِبْلِيسَ مُشْرِكُونَ بِاللَّهِ ، أَوْ تَكُونُ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ ، وَالْأَمْرُ بِالِاسْتِعَاذَةِ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَصْرِفُ كَيْدَ الشَّيْطَانِ ، كَأَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ التَّوَكُّلَ عَلَى اللَّهِ وَالِانْقِطَاعَ إِلَيْهِ .
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى إِنْزَالَ الْكِتَابِ تَبْيِينًا لِكُلِّ شَيْءٍ ، وَأَمَرَ بِالِاسْتِعَاذَةِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ ، ذَكَرَ تَعَالَى نَتِيجَةَ وِلَايَةِ الشَّيْطَانِ لِأَوْلِيَائِهِ الْمُشْرِكِينَ ، وَمَا يُلْقِيهِ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأَبَاطِيلِ ، فَأَلْقَى إِلَيْهِمْ إِنْكَارَ النَّسْخِ لَمَّا رَأَوْا تَبْدِيلَ آيَةٍ مَكَانَ آيَةٍ . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي النَّسْخِ فِي الْبَقَرَةِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّبْدِيلَ رَفَعَ آيَةً لَفْظًا وَمَعْنًى ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّبْدِيلُ لِحُكْمِ الْمَعْنَى وَإِبْقَاءِ اللَّفْظِ . وَوَجَدَ الْكُفَّارُ بِذَلِكَ طَعْنًا فِي الدِّينِ ، وَمَا عَلِمُوا أَنَّ الْمَصَالِحَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَشْخَاصِ ، وَكَمَا وَقَعَ نَسْخُ شَرِيعَةٍ بِشَرِيعَةٍ يَقَعُ فِي شَرِيعَةٍ وَاحِدَةٍ . وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ الْعَالِمُ بِمَا يُنَزِّلُ لَا أَنْتُمْ ، وَمَا يُنَزِّلُ مِمَّا يُقِرُّهُ وَمَا يَرْفَعُهُ ، فَمَرْجِعُ عِلْمِ ذَلِكَ إِلَيْهِ ، وَهُوَ عَلَى حَسْبِ الْحَوَادِثِ وَالْمَصَالِحِ ، وَهَذِهِ حِكْمَةُ إِنْزَالِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ اعْتِرَاضٌ بَيْنَ الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ . قِيلَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا . وَبَالَغُوا فِي نِسْبَةِ الِافْتِرَاءِ لِلرَّسُولِ بِلَفْظِ إِنَّمَا ، وَبِمُوَاجِهَةِ الْخِطَابِ ، وَبَاسِمِ الْفَاعِلِ الدَّالِّ عَلَى الثُّبُوتِ ، وَقَالَ : بَلْ أَكْثَرُهُمْ ، لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يَعْلَمُ وَيَكْفُرُ عِنَادًا . وَمَفْعُولُ ( لَا يَعْلَمُونَ ) مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ الْمَعْنَى عَلَيْهِ ، أَيْ : لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الشَّرَائِعَ حِكَمٌ وَمَصَالِحُ . هَذِهِ الْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى وُقُوعِ نَسْخِ الْقُرْآنِ بِالْقُرْآنِ . وَرُوحُ الْقُدُسِ : هُنَا هُوَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِلَا خِلَافٍ ، وَتَقَدَّمَ لِمَ سُمِّيَ رُوحَ الْقُدُسِ . وَأَضَافَ الرَّبَّ إِلَى كَافِ الْخِطَابِ تَشْرِيفًا لِلرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاخْتِصَاصِ الْإِضَافَةِ ، وَإِعْرَاضًا
[ ص: 536 ] عَنْهُمْ ، إِذْ لَمْ يُضِفْ إِلَيْهِمْ . وَبِالْحَقِّ حَالٌ ، أَيْ : مُلْتَبِسًا بِالْحَقِّ سَوَاءٌ كَانَ نَاسِخًا أَوْ مَنْسُوخًا ، فَكُلُّهُ مَصْحُوبٌ بِالْحَقِّ لَا يَعْتَرِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْبَاطِلِ . وَلِيُثْبِتَ مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا يَضْطَرِبُونَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ لِكَوْنِهِ نُسِخَ ، بَلِ النَّسْخُ مُثَبِّتٌ لَهُمْ عَلَى إِيمَانِهِمْ ، لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُ جَمِيعُهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، لِصِحَّةِ إِيمَانِهِمْ وَاطْمِئْنَانِ قُلُوبِهِمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ حَكِيمٌ ، وَأَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا صَادِرَةٌ عَنْ حِكْمَةٍ ، فَهِيَ صَوَابُ كُلُّهَا . وَدَلَّ اخْتِصَاصُ التَّعْلِيلِ بِالْمُسْلِمِينَ عَلَى اتِّصَافِ الْكُفَّارِ بِضِدِّهِ مِنْ لَحَاقِ الِاضْطِرَابِ لَهُمْ وَتَزَلْزُلِ عَقَائِدِهِمْ وَضَلَالِهِمْ . وَقُرِئَ : لِيُثْبِتَ ، مُخَفَّفًا مِنْ أَثْبَتَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَهُدًى وَبُشْرَى ، مَفْعُولٌ لَهُمَا مَعْطُوفَانِ عَلَى مَحَلٍّ لِيُثْبِتَ ; انْتَهَى . وَتَقَدَّمَ الرَّدُّ عَلَيْهِ فِي نَحْوِ هَذَا ، وَهُوَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=64لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ) وَهُدًى وَرَحْمَةً فِي هَذِهِ السُّورَةِ . وَلَا يَمْتَنِعُ عَطْفُهُ عَلَى الْمَصْدَرِ الْمُنْسَبِكِ مِنْ أَنْ وَالْفِعْلِ ، لِأَنَّهُ مَجْرُورٌ ، فَيَكُونُ ( وَهُدًى وَبُشْرَى ) مَجْرُورَيْنِ كَمَا تَقُولُ : جِئْتُ لِأُحْسِنَ إِلَى زَيْدٍ وَإِكْرَامٍ لِخَالِدٍ ، إِذِ التَّقْدِيرُ : لِإِحْسَانٍ إِلَى زَيْدٍ . وَأَجَازَ
أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ ارْتِفَاعُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=2هُدًى وَبُشْرَى ) عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ ، أَيْ : وَهُوَ هُدًى وَبُشْرَى . وَلَمَّا نَسَبُوهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلِافْتِرَاءِ وَهُوَ الْكَذِبُ عَلَى اللَّهِ ، لَمْ يَكْتَفُوا بِذَلِكَ حَتَّى جَعَلُوا ذَلِكَ الِافْتِرَاءَ الَّذِي نَسَبُوهُ هُوَ مِنْ تَعْلِيمِ بَشَرٍ إِيَّاهُ ، فَلَيْسَ هُوَ الْمُخْتَلِقُ بَلِ الْمُخْتَلِقُ غَيْرُهُ ، وَهُوَ نَاقِلٌ عَنْهُ . وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ : إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ . إِنَّ مَعْنَاهُ : مُخْتَلِقُ الْكَذِبِ ، وَهُوَ يُنَافِي التَّعَلُّمَ مِنَ الْبَشَرِ ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=101مُفْتَرٍ ، فِي نِسْبَةِ ذَلِكَ إِلَى اللَّهِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونُوا فِيهِ طَائِفَتَيْنِ : طَائِفَةً ذَهَبَتْ إِلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُفْتَرِي ، وَطَائِفَةً أَنَّهُ يَتَعَلَّمُ مِنَ الْبَشَرِ . وَيُعَلِّمُ مُضَارِعُ اللَّفْظِ وَمَعْنَاهُ : الْمُضِيُّ ، أَيْ : وَلَقَدْ عَلِمْنَا ، وَجَاءَ إِسْنَادُ التَّعْلِيمِ إِلَى مُبْهَمٍ لَمْ يُعَيَّنْ . فَقِيلَ : هُوَ حَبْرٌ غُلَامٌ رُومِيٌّ كَانَ
لِعَامِرِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ ، وَقِيلَ : عَائِشٌ أَوْ يَعِيشُ ، وَكَانَ صَاحِبَ كُتُبِ مَوْلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2207حُوَيْطِبِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ قَالَهُ :
الْفَرَّاءُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ . وَقِيلَ :
أَبُو فَكِيهَةَ أَعْجَمِيٌّ : مَوْلَى لِامْرَأَةٍ
بِمَكَّةَ . قِيلَ : وَاسْمُهُ
يَسَارٌ وَكَانَ يَهُودِيًّا ; قَالَهُ :
مُقَاتِلٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ كَانَ يَهُودِيًّا . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : كَانَ رَجُلًا حَدَّادًا نَصْرَانِيًّا اسْمُهُ عَنَسٌ . وَقَالَ
حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ : كَانَ لَنَا غُلَامَانِ نَصْرَانِيَّانِ مِنْ أَهْلِ عَيْنِ التَّمْرِ ،
يَسَارٌ وَحَبْرٌ ، كَانَا يَقْرَآنِ كُتُبًا لَهُمَا بِلِسَانِهِمْ ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَمُرُّ بِهِمَا فَيَسْمَعُ قِرَاءَتَهُمَا . قِيلَ : وَكَانَا حَدَّادَيْنِ يَصْنَعَانِ السُّيُوفَ ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : يَتَعَلَّمُ مِنْهُمَا ، فَقِيلَ لِأَحَدِهِمَا ذَلِكَ فَقَالَ : بَلْ هُوَ يُعَلِّمُنِي ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ فِي
مَكَّةَ غُلَامٌ أَعْجَمِيٌّ لِبَعْضِ
قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ :
بَلْعَامُ ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَلِّمُهُ الْإِسْلَامَ ، فَقَالَتْ
قُرَيْشٌ : هَذَا يُعَلِّمُ مُحَمَّدًا مِنْ جِهَةِ الْأَعَاجِمِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : الْإِشَارَةُ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=23سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ، وَضُعِّفَ هَذَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ
سَلْمَانَ إِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ، وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ إِلَّا مَا نُبِّهَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَدَنِيٌّ . وَاللِّسَانُ : هُنَا : اللُّغَةُ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ : اللِّسَانُ الَّذِي بِتَعْرِيفِ اللِّسَانِ بِالْـ ، وَالَّذِي صِفَتُهُ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : يَلْحَدُونَ مَنْ لَحَدَ ثُلَاثِيًّا ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَلْحَةَ ،
وَالسُّلَمِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشِ ،
وَمُجَاهِدٍ ، وَقَرَأَ بَاقِي السَّبْعَةِ ،
وَابْنُ الْقَعْقَاعِ : بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ مَنْ أَلْحَدَ رُبَاعِيًّا وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : يُقَالُ أَلْحَدَ الْقَبْرَ وَلَحَدَهُ ، فَهُوَ مُلْحِدٌ وَمَلْحُودٌ إِذَا أَمَالَ حَفْرَهُ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ فَحَفَرَ فِي شِقٍّ مِنْهُ ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِكُلِّ إِمَالَةٍ عَنِ اسْتِقَامَةٍ فَقَالُوا : أَلْحَدَ فُلَانٌ فِي قَوْلِهِ : وَأَلْحَدَ فِي دِينِهِ لِأَنَّهُ أَمَالَ دِينَهُ عَنِ الْأَدْيَانِ كُلِّهَا ، لَمْ يُمِلْهُ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ . وَالْمَعْنَى : لِسَانُ الرَّجُلِ الَّذِي يُمِيلُونَ قَوْلَهُمْ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ إِلَيْهِ لِسَانٌ أَعْجَمِيٌّ غَيْرُ بَيِّنٍ ، وَهَذَا الْقُرْآنُ لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ذُو بَيَانٍ وَفَصَاحَةٍ ، رَدًّا لِقَوْلِهِمْ وَإِبْطَالًا لِطَعْنِهِمْ ; انْتَهَى . وَظَاهِرُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ : إِنَّ اللِّسَانَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ : اللُّغَةُ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى الْقُرْآنِ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَهَذَا سَرْدُ لِسَانٍ أَوْ نُطْقُ لِسَانٍ ، فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، وَهَذَا عَلَى أَنْ يُجْعَلَ اللِّسَانُ هُنَا الْجَارِحَةَ . وَاللِّسَانُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : اللُّغَةُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ . وَقَالَ
الْكِرْمَانِيُّ :
[ ص: 537 ] الْمَعْنَى : أَنْتُمْ أَفْصَحُ وَأَبْلَغُهُمْ وَأَقْدَرُهُمْ عَلَى الْكَلَامِ نَظْمًا وَنَثْرًا ، وَقَدْ عَجَزْتُمْ وَعَجَزَ جَمِيعُ الْعَرَبِ ، فَكَيْفَ تَنْسُبُونَهُ إِلَى أَعْجَمِيٍّ أَلْكَنَ ؟
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( فَإِنْ قُلْتَ ) : الْجُمْلَةُ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ ) ، مَا مَحَلُّهَا ؟ ( قُلْتُ ) : لَا مَحَلَّ لَهَا ، لِأَنَّهَا مُسْتَأْنَفَةُ جَوَابٌ ( لِقَوْلِهِمْ ) ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=124اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) بَعْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=124وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ ) ; انْتَهَى . وَيَجُوزُ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ جُمْلَةً حَالِيَّةً فَمَوْضِعُهَا نَصْبٌ ، وَذَلِكَ أَبْلَغُ فِي الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ ، أَيْ : يَقُولُونَ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ ، أَيْ : عِلْمُهُمْ بِأَعْجَمِيَّةِ هَذَا الْبَشَرِ وَإِبَانَةِ عَرَبِيَّةِ هَذَا الْقُرْآنَ كَانَ يَمْنَعُهُمْ مِنْ تِلْكَ الْمَقَالَةِ ، كَمَا تَقُولُ : تَشْتُمُ فُلَانًا وَهُوَ قَدْ أَحْسَنَ إِلَيْكَ ، أَيْ : عِلْمُكَ بِإِحْسَانِهِ لَكَ كَانَ يَقْتَضِي مَنْعَكَ مِنْ شَتْمِهِ . وَإِنَّمَا ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ إِلَى الِاسْتِئْنَافِ وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى الْحَالِ ، لِأَنَّ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ مَجِيءَ الْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ الِاسْمِيَّةِ بِغَيْرِ وَاوٍ شَاذٌّ ، وَهُوَ مَذْهَبٌ مَرْجُوحٌ جِدًّا ، وَمَجِيءُ ذَلِكَ بِغَيْرِ وَاوٍ لَا يَكَادُ يَنْحَصِرُ كَثْرَةً فِي كَلَامِ الْعَرَبِ ، وَهُوَ مَذْهَبٌ تَبِعَ فِيهِ
الْفَرَّاءَ ، وَأَمَّا ( وَاللَّهُ أَعْلَمُ ) فَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِيهَا ، لِأَنَّهَا جُمْلَةٌ خَالِيَةٌ مِنْ ضَمِيرٍ يَعُودُ عَلَى ذِي الْحَالِ ، لِأَنَّ ذَا الْحَالِ هُوَ ضَمِيرُ قَالُوا ، وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ ذُو الْحَالِ ضَمِيرُ ( يَقُولُونَ ) ، وَالضَّمِيرُ الَّذِي فِي جُمْلَةِ الْحَالِ هُوَ ضَمِيرُ الْفَاعِلِ فِي ( يُلْحِدُونَ ) ، فَالْجُمْلَةُ وَإِنْ عُرِّيَتْ عَنِ الْوَاوِ فَفِيهَا ضَمِيرُ ذِي الْحَالِ .