(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=117متاع قليل ولهم عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=118وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة ثم تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ) : لما بين تعالى ما حرم ، بالغ في تأكيد ذلك بالنهي عن الزيادة فيما حرم كالبحيرة ، والسائبة ، وفيما أحل كالميتة والدم ، وذكر تعالى تحريم هؤلاء الأربع في سورة الأنعام . وهذه السورة - وهما مكيتان - بأداة الحصر ، ثم كذلك في سورة البقرة والمائدة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أحلت لكم ) الآية ; وأجمعوا على أن المراد : ( مما يتلى عليكم ) هو قوله : ( حرمت عليكم ) الآية ; وهما مدنيتان ، فكان هذا التحريم لهذه الأربع مشرعا ثانيا في أول
مكة وآخرها ، وأول
المدينة وآخرها . فنهى تعالى أن يحرموا ويحلوا من عند أنفسهم ، ويفترون بذلك على الله حيث ينسبون ذلك إليه . وقرأ الجمهور ( الكذب ) بفتح الكاف والباء وكسر الذال ، وجوزوا في ما في هذه القراءة أن تكون بمعنى الذي ، والعائد محذوف تقديره : للذي تصفه ألسنتكم . وانتصب ( الكذب ) على أنه معمول لتقولوا ، أي : ولا تقولوا الكذب للذي تصفه ألسنتكم من البهائم بالحل والحرمة ، من غير استناد ذلك الوصف
[ ص: 545 ] إلى الوحي . وهذا حلال وهذا حرام بدل من الكذب ، أو على إضمار فعل ، أي : فتقولوا هذا حلال وهذا حرام . وأجاز
الحوفي وأبو البقاء أن يكون انتصاب الكذب على أنه بدل من الضمير المحذوف العائد على ما ، كما تقول : جاءني الذي ضربت أخاك ، أي ضربته أخاك . وأجاز
أبو البقاء أن يكون منصوبا بإضمار أعني . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج : ما مصدرية ، وانتصب الكذب على المفعول به ، أي : لوصف ألسنتكم الكذب . ومعمول : ولا تقولوا الجملة من قوله : هذا حلال وهذا حرام ، والمعنى : ولا تحللوا ولا تحرموا لأجل قول تنطق به ألسنتكم كذبا ، لا بحجة وبينة . وهذا معنى بديع ، جعل قولهم : كأنه عين الكذب ومحضه ، فإذا نطقت به ألسنتهم فقد حلت الكذب بحليته وصورته بصورته كقولهم : وجهه يصف الجمال ، وعينها تصف السحر . وقرأ
الحسن ، وابن يعمر ،
وطلحة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج ،
وابن أبي إسحاق ،
وابن عبيد ،
ونعيم بن ميسرة : بكسر الباء ، وخرج على أن يكون بدلا من ما ، والمعنى : الذي تصفه ألسنتكم الكذب . وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وغيره أن يكون الكذب بالجر صفة لـ ( ما ) المصدرية . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : كأنه قيل : لوصفها الكذب بمعنى الكاذب كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=18بدم كذب ) والمراد بالوصف : وصفها البهائم بالحل والحرمة ; انتهى . وهذا عندي لا يجوز ، وذلك أنهم نصوا على أن أن المصدرية لا ينعت المصدر المنسبك منها ومن الفعل ، ولا يوجد من كلامهم : يعجبني أن قمت السريع ، يريد قيامك السريع ، ولا عجبت من أن تخرج السريع ، أي : من خروجك السريع . وحكم باقي الحروف المصدرية حكم أن فلا يوجد من كلامهم وصف المصدر المنسبك من ( أن ) ولا من ( ما ) ولا من ( كي ) ، بخلاف صريح المصدر فإنه يجوز أن ينعت ، وليس لكل مقدر حكم المنطوق به وإنما يتبع في ذلك ما تكلمت به العرب .
وقرأ
معاذ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة ، وبعض أهل
الشام : الكذب ، بضم الثلاثة صفة للألسنة ، جمع كذوب . قال صاحب اللوامح : أو جمع كاذب أو كذاب ; انتهى . فيكون كشارف وشرف ، أو مثل كتاب وكتب ، ونسب هذه القراءة صاحب اللوامح
لمسلمة بن محارب . وقال
ابن عطية : وقرأ
مسلمة بن محارب الكذب ، بفتح الباء ; على أنه جمع كذاب ، ككتب في جمع كتاب . وقال صاحب اللوامح : وجاء عن
يعقوب ( الكذب ) بضمتين والنصب ، فأما الضمتان فلأنه جمع كذاب وهو مصدر ، ومثله كتاب وكتب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بالنصب على الشتم ، أو بمعنى الكلم الكواذب ، أو هو جمع الكذاب من قولك : كذب كذابا ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني ; انتهى . والخطاب على قول الجمهور بقوله : ولا تقولوا ، للكفار في شأن ما أحلوا وما حرموا من أمور الجاهلية ، وعلى ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وابن عطية . وقال
العسكري : الخطاب للمكلفين كلهم ، أي : لا تسموا ما لم يأتكم حظره ولا إباحته عن الله ورسوله حلالا ولا حراما ، فتكونوا كاذبين على الله في إخباركم بأنه حلله وحرمه ; انتهى . وهذا هو الظاهر ، لأنه خطاب معطوف على خطاب وهو : فكلوا إنما حرم عليكم ، فهو شامل لجميع المكلفين . واللام في (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116لتفتروا ) لام التعليل الذي لا يتضمن معنى الغرض ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وهي التي تسمى لام العاقبة ولام الصيرورة . قيل : ذلك الافتراء ما كان غرضا لهم ، والظاهر أنها لام التعليل وأنهم قصدوا الافتراء كما قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=28وجدنا عليها آباءنا ) والله أمرنا بها ، ولا يكون ذلك على سبيل التوكيد لما تقدم لتضمنه الكذب ، لأن هذا التعليل فيه التنبيه على من افتروه عليه ، وهو الله تعالى . وقال
الواحدي : لتفتروا على الله الكذب بدل من قوله : لما تصف ألسنتكم الكذب ، لأن وصفهم الكذب هو افتراء على الله ، ففسر وصفهم بالافتراء على الله ; انتهى . وهو على تقدير ما مصدرية ، وأما إذا كانت بمعنى الذي فاللام في ( لما ) ليست للتعليل ، فيبدل منها ما يقتضي التعليل ، بل اللام متعلقة بـ ( لا تقولوا ) على حد تعلقها في قولك : لا تقولوا ، لما أحل الله هذا حرام ،
[ ص: 546 ] أي : لا تسموا الحلال حراما ، وكما تقول لزيد عمرو ، أي : لا تطلق على زيد هذا الاسم . والظاهر أنهم افتروا على الله حقيقة ، وهو ظاهر الافتراء الوارد في آي القرآن . وقال
ابن عطية : ويحتمل أن يريد أنه كان شرعهم لأتباعهم سننا لا يرضاها الله افتراء عليه ، لأن من شرع أمرا فكأنه قال لتابعه : هذا هو الحق ، وهذا مراد الله . ثم أخبر تعالى عن الذين يفترون على الله الكذب بانتفاء الفلاح . والفلاح : الظفر بما يؤمل ، فتارة يكون في البقاء كما قال الشاعر :
والمسى والصبح لا فلاح معه
وتارة في نجح المساعي
كما قال
عبيد بن الأبرص :
أفلح بما شئت فقد يب لغ بالضعف وقد يخدع الأريب
وارتفاع متاع على أنه خبر مبتدأ محذوف ، فقدر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري منفعتهم فيما هم عليه من أفعال الجاهلية منفعة قليلة وعقابها عظيم . وقال
ابن عطية : عيشهم في الدنيا . وقال
العسكري : يجوز أن يكون المتاع هنا ما حللوه لأنفسهم مما حرمه الله تعالى . وقال
أبو البقاء : بقاؤهم متاع قليل . وقال
الحوفي : متاع قليل : ابتداء وخبر ; انتهى . ولا يصح إلا بتقدير الإضافة ، أي : متاعهم قليل . ولما بين تعالى ما يحل وما يحرم لأهل الإسلام أتبعه بما كان خص به
اليهود محالا على ما تقدم ذكره في سورة الأنعام ، وهذا يدل على أن سورة الأنعام نزلت قبل هذه السورة ، إذ لا تصح الحوالة إلا بذلك . ويتعلق من قبل بقصصنا ، وهو الظاهر . وقيل : بحرمنا ، والمحذوف الذي في ( من قبل ) تقديره من قبل تحريمنا على أهل ملتك . والسوء هنا قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الشرك قبل المعرفة بالله ; انتهى . ما يسوء صاحبه من كفر ومعصية غيره . والكلام في (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119للذين عملوا ) وما يتعلق به تقدم نظيره في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=110ثم إن ربك للذين هاجروا ) فأغنى عن إعادته . وقال قوم : بجهالة : تعمد . وقال
ابن عطية : ليست هنا ضد العلم ، بل تعدى الطور وركوب الرأس ، منه : أو أجهل أو يجهل علي . وقول الشاعر :
ألا لا يجهلن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
والتي هي ضد العلم ، تصحب هذه كثيرا ، ولكن يخرج منها المتعمد وهو الأكثر . وقل ما يوجد في العصاة من لم يتقدم له علم بخطر المعصية التي يواقع ; انتهى ملخصا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : بجهالة في موضع الحال ، أي : عملوا السوء جاهلين غير عارفين بالله وبعقابه ، أو غير متدبرين للعاقبة لغلبة الشهوة عليهم . وقال
سفيان : جهالته : أن يلتذ بهواه ، ولا يبالي بمعصية مولاه . وقال
الضحاك : باغترار الحال عن المآل . وقال
العسكري : ليس المعنى أنه يغفر لمن يعمل السوء بجهالة ، ولا يغفر لمن عمله بغير جهالة ، بل المراد أن جميع من تاب فهذا سبيله ، وإنما خص من يعمل السوء بجهالة ، لأن أكثر من يأتي الذنوب يأتيها بقلة فكر في عاقبة ، أو عند غلبة شهوة ، أو في جهالة شباب ، فذكر الأثر على عادة العرب في مثل ذلك . والإشارة بذلك إلى عمل السوء ، وأصلحوا : استمروا على الإقلاع عن تلك المعصية . وقيل : أصلحوا : آمنوا وأطاعوا ، والضمير في ( من بعدها ) عائد على المصادر المفهومة من الأفعال السابقة ، أي : من بعد عمل السوء والتوبة والإصلاح . وقيل : يعود على الجهالة . وقيل : على السوء على معنى المعصية .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=117مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=118وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) : لَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى مَا حَرَّمَ ، بَالَغَ فِي تَأْكِيدِ ذَلِكَ بِالنَّهْيِ عَنِ الزِّيَادَةِ فِيمَا حَرَّمَ كَالْبَحِيرَةِ ، وَالسَّائِبَةِ ، وَفِيمَا أَحَلَّ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ ، وَذَكَرَ تَعَالَى تَحْرِيمَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ . وَهَذِهِ السُّورَةِ - وَهُمَا مَكِّيَّتَانِ - بِأَدَاةِ الْحَصْرِ ، ثُمَّ كَذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَالْمَائِدَةِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أُحِلَّتْ لَكُمْ ) الْآيَةَ ; وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ : ( مِمَّا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ) هُوَ قَوْلُهُ : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ ) الْآيَةَ ; وَهُمَا مَدَنِيَّتَانِ ، فَكَانَ هَذَا التَّحْرِيمُ لِهَذِهِ الْأَرْبَعِ مُشَرَّعًا ثَانِيًا فِي أَوَّلِ
مَكَّةَ وَآخِرِهَا ، وَأَوَّلِ
الْمَدِينَةِ وَآخِرِهَا . فَنَهَى تَعَالَى أَنْ يُحَرِّمُوا وَيُحِلُّوا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ، وَيَفْتَرُونَ بِذَلِكَ عَلَى اللَّهِ حَيْثُ يَنْسُبُونَ ذَلِكَ إِلَيْهِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ( الْكَذِبَ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْبَاءِ وَكَسْرِ الذَّالِ ، وَجَوَّزُوا فِي مَا فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الَّذِي ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : لِلَّذِي تَصِفُهُ أَلْسِنَتُكُمْ . وَانْتَصَبَ ( الْكَذِبَ ) عَلَى أَنَّهُ مَعْمُولٌ لِتَقُولُوا ، أَيْ : وَلَا تَقُولُوا الْكَذِبَ لِلَّذِي تَصِفُهُ أَلْسِنَتُكُمْ مِنَ الْبَهَائِمِ بِالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ ، مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادِ ذَلِكَ الْوَصْفِ
[ ص: 545 ] إِلَى الْوَحْيِ . وَهَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ بَدَلٌ مِنَ الْكَذِبِ ، أَوْ عَلَى إِضْمَارِ فِعْلٍ ، أَيْ : فَتَقُولُوا هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ . وَأَجَازَ
الْحَوْفِيُّ وَأَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ انْتِصَابُ الْكَذِبِ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَحْذُوفِ الْعَائِدِ عَلَى مَا ، كَمَا تَقُولُ : جَاءَنِي الَّذِي ضَرَبْتَ أَخَاكَ ، أَي ضَرَبْتَهُ أَخَاكَ . وَأَجَازَ
أَبُو الْبَقَاءِ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا بِإِضْمَارِ أَعْنِي . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14416وَالزَّجَّاجُ : مَا مَصْدَرِيَّةٌ ، وَانْتَصَبَ الْكَذِبُ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ ، أَيْ : لِوَصْفِ أَلْسِنَتِكُمُ الْكَذِبَ . وَمَعْمُولُ : وَلَا تَقُولُوا الْجُمْلَةُ مِنْ قَوْلِهِ : هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ ، وَالْمَعْنَى : وَلَا تُحَلِّلُوا وَلَا تُحَرِّمُوا لِأَجْلِ قَوْلٍ تَنْطِقُ بِهِ أَلْسِنَتُكُمْ كَذِبًا ، لَا بِحُجَّةٍ وَبَيِّنَةٍ . وَهَذَا مَعْنًى بَدِيعٌ ، جَعَلَ قَوْلَهُمْ : كَأَنَّهُ عَيْنُ الْكَذِبِ وَمَحْضُهُ ، فَإِذَا نَطَقَتْ بِهِ أَلْسِنَتُهُمْ فَقَدْ حَلَّتِ الْكَذِبَ بِحِلْيَتِهِ وَصُورَتَهُ بِصُورَتِهِ كَقَوْلِهِمْ : وَجْهُهُ يَصِفُ الْجَمَالَ ، وَعَيْنُهَا تَصِفُ السِّحْرَ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ ، وَابْنُ يَعْمُرَ ،
وَطَلْحَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13723وَالْأَعْرَجُ ،
وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ،
وَابْنُ عُبَيْدٍ ،
وَنُعَيْمُ بْنُ مَيْسَرَةَ : بِكَسْرِ الْبَاءِ ، وَخُرِّجَ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ مَا ، وَالْمَعْنَى : الَّذِي تَصِفُهُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ . وَأَجَازَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ الْكَذِبُ بِالْجَرِّ صِفَةً لِـ ( مَا ) الْمَصْدَرِيَّةِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : كَأَنَّهُ قِيلَ : لِوَصْفِهَا الْكَذِبَ بِمَعْنَى الْكَاذِبِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=18بِدَمٍ كَذِبٍ ) وَالْمُرَادُ بِالْوَصْفِ : وَصْفُهَا الْبَهَائِمَ بِالْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ ; انْتَهَى . وَهَذَا عِنْدِي لَا يَجُوزُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ أَنِ الْمَصْدَرِيَّةِ لَا يُنْعَتُ الْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ مِنْهَا وَمِنَ الْفِعْلِ ، وَلَا يُوجَدُ مِنْ كَلَامِهِمْ : يُعْجِبُنِي أَنْ قُمْتَ السَّرِيعَ ، يُرِيدُ قِيَامَكَ السَّرِيعَ ، وَلَا عَجِبْتُ مِنْ أَنْ تَخْرُجَ السَّرِيعَ ، أَيْ : مِنْ خُرُوجِكَ السَّرِيعِ . وَحُكْمُ بَاقِي الْحُرُوفِ الْمَصْدَرِيَّةِ حُكْمُ أَنْ فَلَا يُوجَدُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَصْفُ الْمَصْدَرِ الْمُنْسَبِك مِنْ ( أَنْ ) وَلَا مِنْ ( مَا ) وَلَا مِنْ ( كَيْ ) ، بِخِلَافٍ صَرِيحِ الْمَصْدَرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنْعَتَ ، وَلَيْسَ لِكُلِّ مُقَدَّرٍ حُكْمُ الْمَنْطُوقِ بِهِ وَإِنَّمَا يُتَّبَعُ فِي ذَلِكَ مَا تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ .
وَقَرَأَ
مُعَاذٌ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ ، وَبَعْضُ أَهْلِ
الشَّامِ : الْكُذُبُ ، بِضَمِّ الثَّلَاثَةِ صِفَةً لِلْأَلْسِنَةِ ، جَمْعُ كَذُوبٍ . قَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ : أَوْ جَمْعُ كَاذِبٍ أَوْ كَذَّابٍ ; انْتَهَى . فَيَكُونُ كَشَارِفٍ وَشُرُفٍ ، أَوْ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ ، وَنَسَبَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ
لِمَسْلَمَةَ بْنِ مُحَارِبٍ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَقَرَأَ
مَسْلَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ الْكُذُبَ ، بِفَتْحِ الْبَاءِ ; عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ كَذَّابٍ ، كَكُتُبٍ فِي جَمْعِ كِتَابٍ . وَقَالَ صَاحِبُ اللَّوَامِحِ : وَجَاءَ عَنْ
يَعْقُوبَ ( الْكُذُبَ ) بِضَمَّتَيْنِ وَالنَّصْبِ ، فَأَمَّا الضَّمَّتَانِ فَلِأَنَّهُ جَمْعُ كَذَّابٍ وَهُوَ مَصْدَرٌ ، وَمِثْلُهُ كِتَابٌ وَكُتُبٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بِالنَّصْبِ عَلَى الشَّتْمِ ، أَوْ بِمَعْنَى الْكَلِمِ الْكَوَاذِبِ ، أَوْ هُوَ جَمْعُ الْكِذَابِ مِنْ قَوْلِكَ : كَذَبَ كِذَابًا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّي ; انْتَهَى . وَالْخِطَابُ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ بِقَوْلِهِ : وَلَا تَقُولُوا ، لِلْكُفَّارِ فِي شَأْنِ مَا أَحَلُّوا وَمَا حَرَّمُوا مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَعَلَى ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ . وَقَالَ
الْعَسْكَرِيُّ : الْخِطَابُ لِلْمُكَلَّفِينَ كُلِّهِمْ ، أَيْ : لَا تُسَمُّوا مَا لَمْ يَأْتِكُمْ حَظْرُهُ وَلَا إِبَاحَتُهُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ حَلَالًا وَلَا حَرَامًا ، فَتَكُونُوا كَاذِبِينَ عَلَى اللَّهِ فِي إِخْبَارِكُمْ بِأَنَّهُ حَلَّلَهُ وَحَرَّمَهُ ; انْتَهَى . وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ ، لِأَنَّهُ خِطَابٌ مَعْطُوفٌ عَلَى خِطَابٍ وَهُوَ : فَكُلُوا إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ، فَهُوَ شَامِلٌ لِجَمِيعِ الْمُكَلَّفِينَ . وَاللَّامُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116لِتَفْتَرُوا ) لَامُ التَّعْلِيلِ الَّذِي لَا يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْغَرَضِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَهِيَ الَّتِي تُسَمَّى لَامَ الْعَاقِبَةِ وَلَامَ الصَّيْرُورَةِ . قِيلَ : ذَلِكَ الِافْتِرَاءُ مَا كَانَ غَرَضًا لَهُمْ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَامُ التَّعْلِيلِ وَأَنَّهُمْ قَصَدُوا الِافْتِرَاءَ كَمَا قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=28وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا ) وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ لِمَا تَقَدَّمَ لِتَضَمُّنِهِ الْكَذِبَ ، لِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ فِيهِ التَّنْبِيهُ عَلَى مَنِ افْتَرَوْهُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَالَ
الْوَاحِدِيُّ : لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ : لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ ، لِأَنَّ وَصْفَهُمُ الْكَذِبَ هُوَ افْتِرَاءٌ عَلَى اللَّهِ ، فَفَسَّرَ وَصْفَهُمْ بِالِافْتِرَاءِ عَلَى اللَّهِ ; انْتَهَى . وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ مَا مَصْدَرِيَّةً ، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الَّذِي فَاللَّامُ فِي ( لِمَا ) لَيْسَتْ لِلتَّعْلِيلِ ، فَيُبْدَلُ مِنْهَا مَا يَقْتَضِي التَّعْلِيلَ ، بَلِ اللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ ( لَا تَقُولُوا ) عَلَى حَدِّ تَعَلُّقِهَا فِي قَوْلِكَ : لَا تَقُولُوا ، لِمَا أَحَلَّ اللَّهُ هَذَا حَرَامٌ ،
[ ص: 546 ] أَيْ : لَا تُسَمُّوا الْحَلَالَ حَرَامًا ، وَكَمَا تَقُولُ لِزَيْدٍ عَمْرٌو ، أَيْ : لَا تُطْلِقُ عَلَى زَيْدٍ هَذَا الِاسْمَ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمُ افْتَرَوْا عَلَى اللَّهِ حَقِيقَةً ، وَهُوَ ظَاهِرُ الِافْتِرَاءِ الْوَارِدِ فِي آيِ الْقُرْآنِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ كَانَ شَرْعُهُمْ لِأَتْبَاعِهِمْ سُنَنًا لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَيْهِ ، لِأَنَّ مَنْ شَرَعَ أَمْرًا فَكَأَنَّهُ قَالَ لِتَابِعِهِ : هَذَا هُوَ الْحَقُّ ، وَهَذَا مُرَادُ اللَّهِ . ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنِ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ بِانْتِفَاءِ الْفَلَاحِ . وَالْفَلَاحُ : الظَّفَرُ بِمَا يُؤَمَّلُ ، فَتَارَةً يَكُونُ فِي الْبَقَاءِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ :
وَالْمِسَى وَالصُّبْحُ لَا فَلَاحَ مَعَهُ
وَتَارَةً فِي نُجْحِ الْمَسَاعِي
كَمَا قَالَ
عَبِيدُ بْنُ الْأَبْرَصِ :
أَفْلِحْ بِمَا شِئْتَ فَقَدَ يُبْ لَغُ بِالضَّعْفِ وَقَدْ يُخْدَعُ الْأَرِيبُ
وَارْتِفَاعُ مَتَاعٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، فَقَدَّرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ مَنْفَعَتَهُمْ فِيمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَفْعَالِ الْجَاهِلِيَّةِ مَنْفَعَةً قَلِيلَةً وَعِقَابُهَا عَظِيمٌ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : عَيْشُهُمْ فِي الدُّنْيَا . وَقَالَ
الْعَسْكَرِيُّ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ هُنَا مَا حَلَّلُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ مِمَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَالَ
أَبُو الْبَقَاءِ : بَقَاؤُهُمْ مَتَاعٌ قَلِيلٌ . وَقَالَ
الْحَوْفِيُّ : مَتَاعٌ قَلِيلٌ : ابْتِدَاءٌ وَخَبَرٌ ; انْتَهَى . وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِتَقْدِيرِ الْإِضَافَةِ ، أَيْ : مَتَاعُهُمْ قَلِيلٌ . وَلَمَّا بَيَّنَ تَعَالَى مَا يَحِلُّ وَمَا يَحْرُمُ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ أَتْبَعَهُ بِمَا كَانَ خَصَّ بِهِ
الْيَهُودَ مُحَالًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سُورَةَ الْأَنْعَامِ نَزَلَتْ قَبْلَ هَذِهِ السُّورَةِ ، إِذْ لَا تَصِحُّ الْحَوَالَةُ إِلَّا بِذَلِكَ . وَيَتَعَلَّقُ مِنْ قَبْلُ بِقَصَصْنَا ، وَهُوَ الظَّاهِرُ . وَقِيلَ : بِحَرَمِنَا ، وَالْمَحْذُوفُ الَّذِي فِي ( مِنْ قَبْلُ ) تَقْدِيرُهُ مِنْ قَبْلِ تَحْرِيمِنَا عَلَى أَهْلِ مِلَّتِكَ . وَالسُّوءُ هُنَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الشِّرْكُ قَبْلَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ ; انْتَهَى . مَا يَسُوءُ صَاحِبَهُ مِنْ كُفْرٍ وَمَعْصِيَةٍ غَيْرِهِ . وَالْكَلَامُ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=119لِلَّذِينَ عَمِلُوا ) وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=110ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا ) فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ . وَقَالَ قَوْمٌ : بِجَهَالَةٍ : تَعَمُّدٍ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : لَيْسَتْ هُنَا ضِدَّ الْعِلْمِ ، بَلْ تَعَدَّى الطَّوْرَ وَرُكُوبَ الرَّأْسِ ، مِنْهُ : أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ . وَقَوْلُ الشَّاعِرِ :
أَلَا لَا يَجْهَلْنَ أَحَدٌ عَلَيْنَا فَنَجْهَلُ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا
وَالَّتِي هِيَ ضِدُّ الْعِلْمِ ، تَصْحَبُ هَذِهِ كَثِيرًا ، وَلَكِنْ يَخْرُجُ مِنْهَا الْمُتَعَمِّدُ وَهُوَ الْأَكْثَرُ . وَقَلَّ مَا يُوجَدُ فِي الْعُصَاةِ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ عِلْمٌ بِخَطَرِ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي يُوَاقِعُ ; انْتَهَى مُلَخَّصًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : بِجَهَالَةٍ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، أَيْ : عَمِلُوا السُّوءَ جَاهِلِينَ غَيْرَ عَارِفِينَ بِاللَّهِ وَبِعِقَابِهِ ، أَوْ غَيْرَ مُتَدَبِّرِينَ لِلْعَاقِبَةِ لِغَلَبَةِ الشَّهْوَةِ عَلَيْهِمْ . وَقَالَ
سُفْيَانُ : جَهَالَتُهُ : أَنْ يَلْتَذَّ بِهَوَاهُ ، وَلَا يُبَالِيَ بِمَعْصِيَةِ مَوْلَاهُ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : بِاغْتِرَارِ الْحَالِ عَنِ الْمَآلِ . وَقَالَ
الْعَسْكَرِيُّ : لَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَغْفِرُ لِمَنْ يَعْمَلُ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ، وَلَا يَغْفِرُ لِمَنْ عَمِلَهُ بِغَيْرِ جَهَالَةٍ ، بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ تَابَ فَهَذَا سَبِيلُهُ ، وَإِنَّمَا خَصَّ مَنْ يَعْمَلُ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ، لِأَنَّ أَكْثَرَ مَنْ يَأْتِي الذُّنُوبَ يَأْتِيهَا بِقِلَّةِ فِكْرٍ فِي عَاقِبَةٍ ، أَوْ عِنْدَ غَلَبَةِ شَهْوَةٍ ، أَوْ فِي جَهَالَةِ شَبَابٍ ، فَذَكَرَ الْأَثَرَ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ . وَالْإِشَارَةُ بِذَلِكَ إِلَى عَمَلِ السُّوءِ ، وَأَصْلَحُوا : اسْتَمَرُّوا عَلَى الْإِقْلَاعِ عَنْ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ . وَقِيلَ : أَصْلَحُوا : آمَنُوا وَأَطَاعُوا ، وَالضَّمِيرُ فِي ( مِنْ بَعْدِهَا ) عَائِدٌ عَلَى الْمَصَادِرِ الْمَفْهُومَةِ مِنَ الْأَفْعَالِ السَّابِقَةِ ، أَيْ : مِنْ بَعْدِ عَمَلِ السُّوءِ وَالتَّوْبَةِ وَالْإِصْلَاحِ . وَقِيلَ : يَعُودُ عَلَى الْجَهَالَةِ . وَقِيلَ : عَلَى السُّوءِ عَلَى مَعْنَى الْمَعْصِيَةِ .