سورة الجمعة مدنية وهي إحدى عشرة آية
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29033يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=2هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=3وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=4ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=5مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=6قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=7ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=8قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين )
[ ص: 265 ] السفر : الكتاب المجتمع الأوراق منضدة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=1يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=2هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=3وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=4ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=5مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=6قل ياأيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=7ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=8قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين ) .
[ ص: 266 ] هذه السورة مدنية . وقيل : مكية ، وهو خطأ ، لأن أمر
اليهود وانفضاض الناس في الجمعة لم يكن إلا
بالمدينة . ومناسبتها لما قبلها : أنه تعالى لما ذكر تأييد من آمن على أعدائهم ، أتبعه بذكر التنزيه لله تعالى وسعة ملكه وتقديسه وذكر ما أنعم به على أمة
محمد ، صلى الله عليه وسلم ، من بعثته إليهم ، وتلاوته عليهم كتابه ، وتزكيتهم ، فصارت أمته غالبة سائر الأمم ، قاهرة لها ، منتشرة الدعوة ، كما انتشرت دعوة الحواريين في زمانهم . وقرأ الجمهور : ( الملك ) بجره وجر ما بعده ;
وأبو وائل ومسلمة بن محارب ورؤبة وأبو الدينار الأعرابي : بالرفع على إضمار هو ، وحسنه الفصل الذي فيه طول بين الموصوف والصفة ، وكذلك جاء عن
يعقوب . وقرأ
أبو الدينار nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : القدوس بفتح القاف ; والجمهور : بالضم . (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=2هو الذي بعث ) الآية : تقدم الكلام في نظيرها في آل عمران وفي نسبة الأمي .
( وآخرين ) : الظاهر أنه معطوف على ( الأميين ) ، أي وفي آخرين من الأميين لم يلحقوا بهم بعد ، وسيلحقون . وقيل : ( وآخرين ) منصوب معطوف على الضمير في ( ويعلمهم ) ، أسند تعليم الآخرين إليه عليه الصلاة والسلام مجازا لما تناسق التعليم إلى آخر الزمان وتلا بعضه بعضا ، فكأنه عليه الصلاة والسلام وجد منه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة وغيره : وآخرين هم فارس ، وجاء نصا عنه في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم ، ولو فهم منه الحصر في فارس لم يجز أن يفسر به الآية ، ولكن فهم المفسرون منه أنه تمثيل . فقال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير : الروم والعجم . وقال
مجاهد أيضا
وعكرمة ومقاتل : التابعين من أبناء العرب لقوله : ( منهم ) ، أي في النسب . وقال
مجاهد أيضا
والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان : طوائف من الناس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر :
أهل اليمن . وعن
مجاهد أيضا : أبناء الأعاجم ; وعن
ابن زيد أيضا : هم التابعون ; وعن
الضحاك أيضا : العجم ; وعن
أبي روق : الصغار بعد الكبار ، وينبغي أن تحمل هذه الأقوال على التمثيل ، كما حملوا قول الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، في فارس : ( وهو العزيز الحكيم ) في تمكينه رجلا أميا من ذلك الأمر العظيم وتأييده واختياره من سائر البشر .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=4ذلك فضل الله ) : أي إيتاء النبوة وجعله خير خلقه واسطة بينه وبين خلقه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29033مثل الذين حملوا التوراة ) : هم
اليهود المعاصرون للرسول ، صلى الله عليه وسلم ، كلفوا القيام بأوامرها ونواهيها ، ولم يطيقوا القيام بها حين كذبوا الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، وهي ناطقة بنبوته . وقرأ الجمهور : حملوا مشددا مبنيا للمفعول ;
ويحيى بن عمرو nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : مخففا مبنيا للفاعل . شبه صفتهم بصفة الحمار الذي يحمل كتبا ، فهو لا يدري ما عليه ، أكتب هي أم صخر وغير ذلك ؟ وإنما يدرك من ذلك ما يلحقه من التعب بحملها . وقال الشاعر في نحو ذلك :
زوامل للإشعار لا علم عندهم بجيدها إلا كعلم الأباعر لعمرك ما يدري البعير إذا غدا
بأوساقه أو راح ما في الغرائر
وقرأ
عبد الله : حمار منكرا ;
والمأمون بن هارون : يحمل بشد الميم مبنيا للمفعول . والجمهور : الحمار معرفا ، ويحمل مخففا مبنيا للفاعل ، ويحمل في موضع نصب على الحال . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أو الجر على الوصف ، لأن الحمار كاللئيم في قوله :
ولقد أمر على اللئيم يسبني
انتهى .
وهذا الذي قاله قد ذهب إليه بعض النحويين ، وهو أن مثل هذا من المعارف يوصف بالجمل ، وحملوا عليه (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ) ، وهذا وأمثاله عند المحققين في موضع الحال ، لا في موضع الصفة . ووصفه بالمعرفة ذي اللام دليل على تعريفه مع ما في ذلك المذهب من هدم ما ذكره المتقدمون من أن المعرفة لا تنعت
[ ص: 267 ] إلا بالمعرفة والجمل نكرات .
سُورَةُ الْجُمُعَةِ مَدَنِيَّةٌ وَهِيَ إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=29033يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=2هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=3وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=4ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=5مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=6قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=7وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=8قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )
[ ص: 265 ] السِّفْرُ : الْكِتَابُ الْمُجْتَمِعُ الْأَوْرَاقِ مُنَضَّدَةً .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=1يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=2هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=3وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=4ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=5مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=6قُلْ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=7وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=8قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=9يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=10فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) .
[ ص: 266 ] هَذِهِ السُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ . وَقِيلَ : مَكِّيَّةٌ ، وَهُوَ خَطَأٌ ، لِأَنَّ أَمْرَ
الْيَهُودِ وَانْفِضَاضَ النَّاسِ فِي الْجُمُعَةِ لَمْ يَكُنْ إِلَّا
بِالْمَدِينَةِ . وَمُنَاسَبَتُهَا لِمَا قَبْلَهَا : أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ تَأْيِيدَ مَنْ آمَنَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ ، أَتْبَعَهُ بِذِكْرِ التَّنْزِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَسَعَةِ مُلْكِهِ وَتَقْدِيسِهِ وَذِكْرِ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى أُمَّةِ
مُحَمَّدٍ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْ بَعْثَتِهِ إِلَيْهِمْ ، وَتِلَاوَتِهِ عَلَيْهِمْ كِتَابَهُ ، وَتَزْكِيَتِهِمْ ، فَصَارَتْ أُمَّتُهُ غَالِبَةً سَائِرَ الْأُمَمِ ، قَاهِرَةً لَهَا ، مُنْتَشِرَةَ الدَّعْوَةِ ، كَمَا انْتَشَرَتْ دَعْوَةُ الْحَوَارِيِّينَ فِي زَمَانِهِمْ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( الْمَلِكِ ) بِجَرِّهِ وَجَرِّ مَا بَعْدَهُ ;
وَأَبُو وَائِلٍ وَمَسْلَمَةُ بْنُ مُحَارِبٍ وَرُؤْبَةُ وَأَبُو الدِّينَارِ الْأَعْرَابِيُّ : بِالرَّفْعِ عَلَى إِضْمَارِ هُوَ ، وَحَسَّنَهُ الْفَصْلُ الَّذِي فِيهِ طُولٌ بَيْنَ الْمَوْصُوفِ وَالصِّفَةِ ، وَكَذَلِكَ جَاءَ عَنْ
يَعْقُوبَ . وَقَرَأَ
أَبُو الدِّينَارِ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : الْقَدُّوسُ بِفَتْحِ الْقَافِ ; وَالْجُمْهُورُ : بِالضَّمِّ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=2هُوَ الَّذِي بَعَثَ ) الْآيَةَ : تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي نَظِيرِهَا فِي آلِ عِمْرَانَ وَفِي نِسْبَةِ الْأُمِّيِّ .
( وَآخَرِينَ ) : الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى ( الْأُمِّيِّينَ ) ، أَيْ وَفِي آخَرِينَ مِنَ الْأُمِّيِّينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ بَعْدُ ، وَسَيَلْحَقُونَ . وَقِيلَ : ( وَآخَرِينَ ) مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي ( وَيُعَلِّمُهُمْ ) ، أَسْنَدَ تَعْلِيمَ الْآخَرِينَ إِلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَجَازًا لَمَّا تَنَاسَقَ التَّعْلِيمُ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ وَتَلَا بَعْضُهُ بَعْضًا ، فَكَأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَجَدَ مِنْهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ وَغَيْرُهُ : وَآخَرِينَ هُمْ فَارِسُ ، وَجَاءَ نَصًّا عَنْهُ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ ، وَلَوْ فُهِمَ مِنْهُ الْحَصْرُ فِي فَارِسَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُفَسَّرَ بِهِ الْآيَةُ ، وَلَكِنْ فَهِمَ الْمُفَسِّرُونَ مِنْهُ أَنَّهُ تَمْثِيلٌ . فَقَالَ
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=13033وَابْنُ جُبَيْرٍ : الرُّومُ وَالْعَجَمُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ أَيْضًا
وَعِكْرِمَةُ وَمُقَاتِلٌ : التَّابِعِينَ مِنْ أَبْنَاءِ الْعَرَبِ لِقَوْلِهِ : ( مِنْهُمْ ) ، أَيْ فِي النَّسَبِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ أَيْضًا
وَالضَّحَّاكُ nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ : طَوَائِفُ مِنَ النَّاسِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ :
أَهْلُ الْيَمَنِ . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ أَيْضًا : أَبْنَاءُ الْأَعَاجِمِ ; وَعَنِ
ابْنِ زَيْدٍ أَيْضًا : هُمُ التَّابِعُونَ ; وَعَنِ
الضَّحَّاكِ أَيْضًا : الْعَجَمُ ; وَعَنْ
أَبِي رَوْقٍ : الصِّغَارُ بَعْدَ الْكِبَارِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ تُحْمَلَ هَذِهِ الْأَقْوَالُ عَلَى التَّمْثِيلِ ، كَمَا حَمَلُوا قَوْلَ الرَّسُولِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي فَارِسَ : ( وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) فِي تَمْكِينِهِ رَجُلًا أُمِّيًّا مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْعَظِيمِ وَتَأْيِيدِهِ وَاخْتِيَارِهِ مِنْ سَائِرِ الْبَشَرِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=4ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ ) : أَيْ إِيتَاءُ النُّبُوَّةِ وَجَعْلُهُ خَيْرَ خَلْقِهِ وَاسِطَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29033مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ) : هُمُ
الْيَهُودُ الْمُعَاصِرُونَ لِلرَّسُولِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كُلِّفُوا الْقِيَامَ بِأَوَامِرِهَا وَنَوَاهِيهَا ، وَلَمْ يُطِيقُوا الْقِيَامَ بِهَا حِينَ كَذَّبُوا الرَّسُولَ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهِيَ نَاطِقَةٌ بِنُبُوَّتِهِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : حُمِّلُوا مُشَدَّدًا مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ;
وَيَحْيَى بْنُ عَمْرٍو nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : مُخَفَّفًا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ . شَبَّهَ صِفَتَهُمْ بِصِفَةِ الْحِمَارِ الَّذِي يَحْمِلُ كُتُبًا ، فَهُوَ لَا يَدْرِي مَا عَلَيْهِ ، أَكُتُبٌ هِيَ أَمْ صَخْرٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ ؟ وَإِنَّمَا يُدْرِكُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَلْحَقُهُ مِنَ التَّعَبِ بِحَمْلِهَا . وَقَالَ الشَّاعِرُ فِي نَحْوِ ذَلِكَ :
زَوَامِلُ لِلْإِشْعَارِ لَا عِلْمَ عِنْدَهُمْ بِجَيِّدِهَا إِلَّا كَعِلْمِ الْأَبَاعِرِ لَعَمْرُكُ مَا يَدْرِي الْبَعِيرُ إِذَا غَدَا
بِأَوْسَاقِهِ أَوْ رَاحَ مَا فِي الْغَرَائِرِ
وَقَرَأَ
عَبْدُ اللَّهِ : حِمَارٌ مُنَكَّرًا ;
وَالْمَأْمُونُ بْنُ هَارُونَ : يُحَمَّلُ بِشَدِّ الْمِيمِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ . وَالْجُمْهُورُ : الْحِمَارُ مُعَرَّفًا ، وَيَحْمِلُ مُخَفَّفًا مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، وَيَحْمِلُ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَوِ الْجَرِّ عَلَى الْوَصْفِ ، لِأَنَّ الْحِمَارَ كَاللَّئِيمِ فِي قَوْلِهِ :
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي
انْتَهَى .
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ قَدْ ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ ، وَهُوَ أَنَّ مَثَلَ هَذَا مِنَ الْمَعَارِفِ يُوصَفُ بِالْجُمَلِ ، وَحَمَلُوا عَلَيْهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=37وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ ) ، وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، لَا فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ . وَوَصْفُهُ بِالْمَعْرِفَةِ ذِي اللَّامِ دَلِيلٌ عَلَى تَعْرِيفِهِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ الْمَذْهَبِ مِنْ هَدْمِ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَقَدِّمُونَ مِنْ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تُنْعَتُ
[ ص: 267 ] إِلَّا بِالْمَعْرِفَةِ وَالْجُمَلُ نَكِرَاتٌ .