قوله تعالى : لتنذر به وذكرى للمؤمنين     . 
لم يبين هنا المفعول به لقوله لتنذر ، ولكنه بينه في مواضع أخر كقوله : وتنذر به قوما لدا    [ 19 \ 97 ] ، وقوله : لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم    [ 36 \ 6 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . كما أنه بين المفعول الثاني للإنذار في آيات أخر ، كقوله : لينذر بأسا شديدا من لدنه  الآية [ 18 \ 2 ] ، وقوله : فأنذرتكم نارا تلظى    [ 92 \ 14 ] ، وقوله : إنا أنذرناكم عذابا قريبا  الآية [ 78 \ 40 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . 
وقد جمع تعالى في هذه الآية الكريمة بين الإنذار والذكرى  في قوله : لتنذر به وذكرى للمؤمنين    [ 7 \ 2 ] فالإنذار للكفار ، والذكرى للمؤمنين ، ويدل لذلك قوله تعالى : فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا    [ 19 \ 97 ] ، وقوله : وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين    [ 51 \ 55 ] ، وقوله : فذكر بالقرآن من يخاف وعيد    [ 50 \ 45 ] . 
 [ ص: 5 ] ولا ينافي ما ذكرنا - من أن الإنذار للكفار  ، والذكرى للمؤمنين - أنه قصر الإنذار على المؤمنين دون غيرهم ، في قوله تعالى : إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم    [ 36 \ 11 ] ; لأنه لما كان الانتفاع بالإنذار مقصورا عليهم ، صار الإنذار كأنه مقصور عليهم ; لأن ما لا نفع فيه فهو كالعدم . 
ومن أساليب اللغة العربية : التعبير عن قليل النفع بأنه لا شيء . 
وحاصل تحرير المقام في هذا المبحث : أن الإنذار يطلق في القرآن إطلاقين : 
أحدهما : عام لجميع الناس ، كقوله : ياأيها المدثر  قم فأنذر    [ 74 \ 1 ، 2 ] ، وقوله : تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا    [ 25 \ 1 ] . 
وهذا الإنذار العام : هو الذي قصر على المؤمنين قصرا إضافيا في قوله : إنما تنذر من اتبع الذكر  الآية ; لأنهم هم المنتفعون به دون غيرهم . 
والثاني : إنذار خاص بالكفار ; لأنهم هم الواقعون فيما أنذروا به من النكال والعذاب ، وهو الذي يذكر في القرآن مبينا أنه خاص بالكفار دون المؤمنين ، كقوله : لتبشر به المتقين وتنذر به قوما لدا  ، وقوله هنا : لتنذر به وذكرى للمؤمنين  اهـ . 
والإنذار في اللغة العربية : الإعلام المقترن بتهديد ، فكل إنذار إعلام ، وليس كل إعلام إنذارا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					