قوله تعالى : كما بدأكم تعودون     . 
في هذه الآية الكريمة للعلماء وجهان من التفسير : 
الأول : أن معنى كما بدأكم تعودون  أي كما سبق لكم في علم الله من سعادة أو شقاوة ، فإنكم تصيرون إليه ، فمن سبق له العلم بأنه سعيد صار إلى السعادة ، ومن   [ ص: 13 ] سبق له العلم بأنه شقي صار إلى الشقاوة ، ويدل لهذا الوجه قوله بعده : فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة    [ 7 \ 30 ] ، وهو ظاهر كما ترى ، ومن الآيات الدالة عليه أيضا قوله تعالى : هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن    [ 64 \ 2 ] ، وقوله : ولذلك خلقهم  الآية [ 11 \ 119 ] ، أي ولذلك الاختلاف إلى شقي ، وسعيد خلقهم . 
الوجه الثاني : أن معنى قوله : كما بدأكم تعودون    [ 7 \ 29 ] ، أي كما خلقكم أولا ، ولم تكونوا شيئا ، فإنه يعيدكم مرة أخرى ، ويبعثكم من قبوركم أحياء بعد أن متم وصرتم عظاما رميما ، والآيات الدالة على هذا الوجه كثيرة جدا ، كقوله : كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا  الآية [ 21 \ 104 ] ، وقوله : وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده  الآية [ 30 \ 27 ] ، وقوله : قل يحييها الذي أنشأها أول مرة  الآية [ 36 \ 79 ] ، وقوله : ياأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب    [ 22 \ 5 ] إلى غير ذلك من الآيات . 
وقد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أنه قد يكون في الآية وجهان ، وكل واحد منهما حق ، ويشهد له القرآن ، فنذكر الجميع ; لأنه كله حق ، والعلم عند الله تعالى . 
				
						
						
