قوله تعالى : فلما جاء آل لوط المرسلون  قال إنكم قوم منكرون     . 
بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن لوطا    - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - لما جاءه الملائكة المرسلون لإهلاك قومه قال لهم : إنكم قوم منكرون    . وصرح في مواضع أخر أنه حصلت له مساءة بمجيئهم ، وأنه ضاق ذرعا بذلك ، كقوله في هود : ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب    [ 11 \ 77 ] وقوله في العنكبوت : ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا    [ 29 \ 33 ] ، وذكر تعالى في الذاريات أن نبيه إبراهيم  قال لهم أيضا : قوم منكرون ، كما ذكر عن لوط  هنا وذلك في قوله : قال سلام قوم منكرون    [ 51 \ 25 ] وقوله قوم منكرون  قيل : معناه أنهم غير معروفين ، والنكرة ضد المعرفة ، وقيل : إنه رآهم في صفة شباب حسان الوجوه ، فخاف أن يفعل بهم قومه فاحشة اللواط فقال : إنكم قوم منكرون    [ 15 \ 62 ] وقال  الزمخشري  في الكشاف : منكرون أي تنكركم نفسي وتفر منكم ، فأخاف أن تطرقوني بشر بدليل قوله : بل جئناك بما كانوا فيه يمترون  وأتيناك بالحق  الآية [ 15 \ 63 - 64 ] ويدل لهذا الوجه أنه بين في هود أن سبب إنكار إبراهيم  لهم عدم أكلهم من لحم العجل الذي قدمه إليهم ، وذلك في قوله : فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة    [ 11 \ 70 ] لأن من استضاف وامتنع من الأكل خيف منه الشر . وقوله تعالى في هذه الآيات : إنا لمنجوهم    [ 15 \ 59 ] قرأه حمزة   والكسائي  بإسكان النون بعد الميم المضمومة مخففا اسم فاعل أنجى على وزن أفعل ، وقرأه غيرهما من القراء بفتح النون وتشديد الجيم اسم فاعل نجي على وزن فعل بالتضعيف ، والإنجاء والتنجية معناهما واحد وقوله : قدرنا إنها لمن الغابرين    [ 15 \ 60 ] قرأه أبو بكر  عن عاصم  بتخفيف الدال ، وقرأه غيره بتشديدها وهما لغتان معناهما واحد ، وقوله : جاء آل لوط    [ 15 \ 61 ] قرأه  قالون   والبزي  وأبو عمرو  بإسقاط الهمزة الأولى وتحقيق الثانية مع   [ ص: 286 ] القصر والمد ، وقرأه  ورش  بتحقيق الأولى وإبدال الثانية ألفا مع القصر والمد ، وعن  ورش  أيضا تحقيق الأولى وتسهيل الثانية مع القصر والتوسط والمد ، وقرأه  قنبل  مثل قراءة  ورش  إلا أنه ليس له مع التسهيل إلا القصر ، وقرأ الباقون بتحقيق الهمزتين وكل على أصله من المد ، وما ذكر من قراءة  ورش  وقنبل  هو التحقيق عنهما وإن قيل غيره ، والعلم عند الله تعالى . 
				
						
						
