[ ص: 41 ] nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=28982_29497من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=16أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون
بعد أن قامت الحجة القطعية على إعجاز القرآن ، وحقية دعوة الإسلام ، بما يقطع ألسنة المفترين ويبطل معاذيرهم ، بين لهم في هاتين الآيتين الصارف النفسي لهم عنه وكونه شرا لهم لا خيرا ، وهو أنه لا حظ لهم من حياتهم إلا شهوات الدنيا وزينتها ، والإسلام يدعوهم إلى إيثار الآخرة على الأولى ، قال عز وجل :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها ) أي من كان كل حظه من وجوده التمتع بلذات هذه الحياة الأولى ، التي هي أدنى الحياتين اللتين خلق لهما وهي : الطعام ، والشراب ، والوقاع ، وزينتها من اللباس ، والأثاث ، والرياش ، والأولاد ، والأموال ، لا يريد مع ذلك استعدادا للحياة الآخرة ولقاء الله - تعالى - بالبر والإحسان ، وتزكية النفس بباعث الإيمان (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15نوف إليهم أعمالهم فيها ) أي نؤد إليهم ثمرات أعمالهم التي يعملونها ، وافية تامة بحسب سنتنا في الأسباب والمسببات ونظام الأقدار ، وقد فصلنا هذا المعنى في التفسير مرارا (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15وهم فيها لا يبخسون ) وهم لا ينقصون فيها شيئا من نتائج كسبهم لأجل كفرهم ، فإن مدار الأرزاق فيها على الأعمال السببية ، لا على النيات والمقاصد الدينية ، ولكن لهداية الدين تأثيرا فيها من ناحية : الأمانة ، والاستقامة ، والصدق ، والنصح ، واجتناب الخيانة والزور والغش ، وغير ذلك من الصبر والتعاون على البر والتقوى ، ولأهلها العاقبة الحسنة فيها ، وكرر لفظ ( ( فيها ) ) للتأكيد والإعلام بأن الآخرة ليست كالدنيا في وفاء كيل الجزاء وفي بخسه ، فإنه فيها منوط بأمرين : كسب الإنسان ، ونظام الأقدار ، وقد يتعارضان ، وأما جزاء الآخرة فهو بفعل الله - تعالى - مباشرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=49ولا يظلم ربك أحدا ) ( 18 : 49 ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=28982_30437أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار ) أي أولئك الموصوفون بما ذكر ليس لهم في الآخرة إلا دار العذاب المسماة بالنار ; لأن الجزاء فيها كالجزاء في الدنيا على الأعمال ، وهم لم يعملوا لنعيم الآخرة شيئا ; فإن العمل لها إنما هو تزكية النفس بالإيمان والتقوى التي هي اجتناب المعاصي والرذائل ، وأعمال البر والفضائل (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=16وحبط ما صنعوا فيها ) وفسد
[ ص: 42 ] ما صنعوا مما ظاهره البر والإحسان كالصدقة وصلة الرحم ، فلم يكن له تأثير في تزكية أنفسهم والقربة عند ربهم ; لأنه إنما كان لأغراض نفسية من شهوات الدنيا كالرياء والسمعة ، والاعتزاز بأولي القربى على الأعداء ولو بالباطل ، فهو كالحبط ; وهو بالتحريك أن تكثر الأنعام من بعض المراعي التي تستطيبها حتى تنتفخ وتفسد أحشاؤها ، فظاهر كثرة الأكل أنه سبب للقوة فكان في هذه الحالة سببا للضعف ، كذلك ما ظاهره البر والإحسان من أعمال الناس إذا كان الباعث عليه سوء النية مما ذكرنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=16وباطل ما كانوا يعملون ) أي وباطل في نفسه ما كانوا يعملونه في الدنيا ; لأنه لا ثمرة له ولا أجر في الآخرة ، وإنما الأعمال بمقاصدها ، والنتائج تابعة لمقدماتها ، فإن كان في عملهم خير ونية حسنة يجازون عليه في الدنيا .
قال - تعالى - في تفصيل هذا الإجمال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=18من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموما مدحورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=19ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=20كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=21انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ) ( 17 : 18 - 21 ) وقال معلم الخير الأعظم - صلى الله عليه وسلم - : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=918639إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى . فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) ) . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في سبعة مواضع من صحيحه مختلفة الألفاظ ،
ومسلم وغيرهما من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
الدين يبيح الطيبات من المآكل والمشارب غير الضارة ، ويبيح الزينة في غير إسراف ولا خيلاء ، وإنما يذم من يحتقر المواهب الإنسانية من عقلية وروحانية ، فيجعل كل همه وحظه من وجوده في الشهوات الحيوانية التي تفضله بها الأنعام والحشرات ، فيفضله الثور في كثرة الأكل ، والبعير في كثرة الشرب ، والعصفور في كثرة السفاد ، والطاوس في زينة الألوان ولمعان اللباس . ومن اختبر أهل أمصارنا في هذا العصر ، علم من إسرافهم في هذه الشهوات والزينة ما هو مفسد لصحتهم وأخلاقهم وبيوتهم حتى نسائهم وأطفالهم ، وماحق لثروتهم ، ومضعف لأمتهم ودولتهم ، وما بعد ذلك إلا إضاعة آخرتهم ، وترى مع هذا أن حكومتهم ومدارسهم لا تقيم للتربية الدينية وزنا ، وتجعل الصلاة التي هي عماد الدين اختيارية لا يلزمها أحد من معلميها ولا من تلاميذها .
ومن العجيب أن تختلف الروايات في الآيتين ، هل نزلتا في المشركين أم في كفار أهل الكتاب أم في المنافقين ، وما نزلتا منفردتين في طائفة خاصة ، بل في ضمن سورة مكية حيث لا منافقون ولا أهل كتاب ، وموضوعهما عام فيمن لا يؤمن بالآخرة ولا يعملون لأجلها .
[ ص: 41 ] nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=28982_29497مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=16أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
بَعْدَ أَنْ قَامَتِ الْحُجَّةُ الْقَطْعِيَّةُ عَلَى إِعْجَازِ الْقُرْآنِ ، وَحَقِّيَّةِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ ، بِمَا يَقْطَعُ أَلْسِنَةَ الْمُفْتَرِينَ وَيُبْطِلُ مَعَاذِيرَهُمْ ، بَيَّنَ لَهُمْ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ الصَّارِفَ النَّفْسِيَّ لَهُمْ عَنْهُ وَكَوْنَهُ شَرًّا لَهُمْ لَا خَيْرًا ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُمْ مِنْ حَيَاتِهِمْ إِلَّا شَهَوَاتُ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ، وَالْإِسْلَامُ يَدْعُوهُمْ إِلَى إِيثَارِ الْآخِرَةِ عَلَى الْأُولَى ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا ) أَيْ مَنْ كَانَ كُلُّ حَظِّهِ مِنْ وُجُودِهِ التَّمَتُّعَ بِلَذَّاتِ هَذِهِ الْحَيَاةِ الْأُولَى ، الَّتِي هِيَ أَدْنَى الْحَيَاتَيْنِ اللَّتَيْنِ خُلِقَ لَهُمَا وَهِيَ : الطَّعَامُ ، وَالشَّرَابُ ، وَالْوِقَاعُ ، وَزِينَتُهَا مِنَ اللِّبَاسِ ، وَالْأَثَاثِ ، وَالرِّيَاشِ ، وَالْأَوْلَادِ ، وَالْأَمْوَالِ ، لَا يُرِيدُ مَعَ ذَلِكَ اسْتِعْدَادًا لِلْحَيَاةِ الْآخِرَةِ وَلِقَاءِ اللَّهِ - تَعَالَى - بِالْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ بِبَاعِثِ الْإِيمَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا ) أَيْ نُؤَدِّ إِلَيْهِمْ ثَمَرَاتِ أَعْمَالِهِمُ الَّتِي يَعْمَلُونَهَا ، وَافِيَةً تَامَّةً بِحَسَبِ سُنَّتِنَا فِي الْأَسْبَابِ وَالْمُسَبَّبَاتِ وَنِظَامِ الْأَقْدَارِ ، وَقَدْ فَصَّلْنَا هَذَا الْمَعْنَى فِي التَّفْسِيرِ مِرَارًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=15وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ ) وَهُمْ لَا يُنْقَصُونَ فِيهَا شَيْئًا مِنْ نَتَائِجِ كَسْبِهِمْ لِأَجْلِ كُفْرِهِمْ ، فَإِنَّ مَدَارَ الْأَرْزَاقِ فِيهَا عَلَى الْأَعْمَالِ السَّبَبِيَّةِ ، لَا عَلَى النِّيَّاتِ وَالْمَقَاصِدِ الدِّينِيَّةِ ، وَلَكِنْ لِهِدَايَةِ الدِّينِ تَأْثِيرًا فِيهَا مِنْ نَاحِيَةِ : الْأَمَانَةِ ، وَالِاسْتِقَامَةِ ، وَالصِّدْقِ ، وَالنُّصْحِ ، وَاجْتِنَابِ الْخِيَانَةِ وَالزُّورِ وَالْغِشِّ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الصَّبْرِ وَالتَّعَاوُنِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ، وَلِأَهْلِهَا الْعَاقِبَةُ الْحَسَنَةُ فِيهَا ، وَكَرَّرَ لَفْظَ ( ( فِيهَا ) ) لِلتَّأْكِيدِ وَالْإِعْلَامِ بِأَنَّ الْآخِرَةَ لَيْسَتْ كَالدُّنْيَا فِي وَفَاءِ كَيْلِ الْجَزَاءِ وَفِي بَخْسِهِ ، فَإِنَّهُ فِيهَا مَنُوطٌ بِأَمْرَيْنِ : كَسْبِ الْإِنْسَانِ ، وَنِظَامِ الْأَقْدَارِ ، وَقَدْ يَتَعَارَضَانِ ، وَأَمَّا جَزَاءُ الْآخِرَةِ فَهُوَ بِفِعْلِ اللَّهِ - تَعَالَى - مُبَاشَرَةً : (
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=49وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ) ( 18 : 49 ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=28982_30437أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ ) أَيْ أُولَئِكَ الْمَوْصُوفُونَ بِمَا ذُكِرَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا دَارُ الْعَذَابِ الْمُسَمَّاةُ بِالنَّارِ ; لِأَنَّ الْجَزَاءَ فِيهَا كَالْجَزَاءِ فِي الدُّنْيَا عَلَى الْأَعْمَالِ ، وَهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا لِنَعِيمِ الْآخِرَةِ شَيْئًا ; فَإِنَّ الْعَمَلَ لَهَا إِنَّمَا هُوَ تَزْكِيَةُ النَّفْسِ بِالْإِيمَانِ وَالتَّقْوَى الَّتِي هِيَ اجْتِنَابُ الْمَعَاصِي وَالرَّذَائِلِ ، وَأَعْمَالُ الْبَرِّ وَالْفَضَائِلِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=16وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا ) وَفَسَدَ
[ ص: 42 ] مَا صَنَعُوا مِمَّا ظَاهِرُهُ الْبِرُّ وَالْإِحْسَانُ كَالصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي تَزْكِيَةِ أَنْفُسِهِمْ وَالْقُرْبَةِ عِنْدَ رَبِّهِمْ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لِأَغْرَاضٍ نَفْسِيَّةٍ مِنْ شَهَوَاتِ الدُّنْيَا كَالرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ ، وَالِاعْتِزَازِ بِأُولِي الْقُرْبَى عَلَى الْأَعْدَاءِ وَلَوْ بِالْبَاطِلِ ، فَهُوَ كَالْحَبَطِ ; وَهُوَ بِالتَّحْرِيكِ أَنْ تُكْثِرَ الْأَنْعَامُ مِنْ بَعْضِ الْمَرَاعِي الَّتِي تَسْتَطِيبُهَا حَتَّى تَنْتَفِخَ وَتَفْسُدَ أَحْشَاؤُهَا ، فَظَاهِرُ كَثْرَةِ الْأَكْلِ أَنَّهُ سَبَبٌ لِلْقُوَّةِ فَكَانَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ سَبَبًا لِلضَّعْفِ ، كَذَلِكَ مَا ظَاهِرُهُ الْبِرُّ وَالْإِحْسَانُ مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ إِذَا كَانَ الْبَاعِثُ عَلَيْهِ سُوءَ النِّيَّةِ مِمَّا ذَكَرْنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=16وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) أَيْ وَبَاطِلٌ فِي نَفْسِهِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَهُ فِي الدُّنْيَا ; لِأَنَّهُ لَا ثَمَرَةَ لَهُ وَلَا أَجْرَ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِمَقَاصِدِهَا ، وَالنَّتَائِجُ تَابِعَةٌ لِمُقَدِّمَاتِهَا ، فَإِنْ كَانَ فِي عَمَلِهِمْ خَيْرٌ وَنِيَّةٌ حَسَنَةٌ يُجَازَوْنَ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا .
قَالَ - تَعَالَى - فِي تَفْصِيلِ هَذَا الْإِجْمَالِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=18مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=19وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=20كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=21انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ) ( 17 : 18 - 21 ) وَقَالَ مُعَلِّمُ الْخَيْرِ الْأَعْظَمِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=918639إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى . فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ) ) . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ مِنْ صَحِيحِهِ مُخْتَلِفَةِ الْأَلْفَاظِ ،
وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
الدِّينُ يُبِيحُ الطَّيِّبَاتِ مِنَ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ غَيْرِ الضَّارَّةِ ، وَيُبِيحُ الزِّينَةَ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا خُيَلَاءٍ ، وَإِنَّمَا يَذُمُّ مَنْ يَحْتَقِرُ الْمَوَاهِبَ الْإِنْسَانِيَّةَ مِنْ عَقْلِيَّةٍ وَرُوحَانِيَّةٍ ، فَيَجْعَلُ كُلَّ هَمِّهِ وَحَظِّهِ مِنْ وُجُودِهِ فِي الشَّهَوَاتِ الْحَيَوَانِيَّةِ الَّتِي تَفْضُلُهُ بِهَا الْأَنْعَامُ وَالْحَشَرَاتُ ، فَيَفْضُلُهُ الثَّوْرُ فِي كَثْرَةِ الْأَكْلِ ، وَالْبَعِيرُ فِي كَثْرَةِ الشُّرْبِ ، وَالْعُصْفُورُ فِي كَثْرَةِ السِّفَادِ ، وَالطَّاوُسُ فِي زِينَةِ الْأَلْوَانِ وَلَمَعَانِ اللِّبَاسِ . وَمَنِ اخْتَبَرَ أَهْلَ أَمْصَارِنَا فِي هَذَا الْعَصْرِ ، عَلِمَ مِنْ إِسْرَافِهِمْ فِي هَذِهِ الشَّهَوَاتِ وَالزِّينَةِ مَا هُوَ مُفْسِدٌ لِصِحَّتِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ حَتَّى نِسَائِهِمْ وَأَطْفَالِهِمْ ، وَمَاحِقٌ لِثَرْوَتِهِمْ ، وَمُضْعِفٌ لِأُمَّتِهِمْ وَدَوْلَتِهِمْ ، وَمَا بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا إِضَاعَةُ آخِرَتِهِمْ ، وَتَرَى مَعَ هَذَا أَنَّ حُكُومَتَهُمْ وَمَدَارِسَهُمْ لَا تُقِيمُ لِلتَّرْبِيَةِ الدِّينِيَّةِ وَزْنًا ، وَتَجْعَلُ الصَّلَاةَ الَّتِي هِيَ عِمَادُ الدِّينِ اخْتِيَارِيَّةً لَا يُلْزَمُهَا أَحَدٌ مِنْ مُعَلِّمِيهَا وَلَا مِنْ تَلَامِيذِهَا .
وَمِنَ الْعَجِيبِ أَنْ تَخْتَلِفَ الرِّوَايَاتُ فِي الْآيَتَيْنِ ، هَلْ نَزَلَتَا فِي الْمُشْرِكِينَ أَمْ فِي كُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَمْ فِي الْمُنَافِقِينَ ، وَمَا نَزَلَتَا مُنْفَرِدَتَيْنِ فِي طَائِفَةٍ خَاصَّةٍ ، بَلْ فِي ضِمْنِ سُورَةٍ مَكِّيَّةٍ حَيْثُ لَا مُنَافِقُونَ وَلَا أَهْلُ كِتَابٍ ، وَمَوْضُوعُهُمَا عَامٌّ فِيمَنْ لَا يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ وَلَا يَعْمَلُونَ لِأَجْلِهَا .