(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=28982_29706_18984ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=19الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=20أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=21أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=22لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=23إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=24مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون )
هذه الآيات السبع بيان لحال كل فريق من الفريقين المدمجين في الآية التي قبلهن الذين يكفرون بالقرآن والذين يؤمنون به ، ما كانوا عليه في الدنيا وما يكونون عليه في الآخرة ، وبدأ بوصف الأول فقال :
[ ص: 47 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=21ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا ) أي لا أحد أظلم لنفسه ولغيره ممن افترى على الله كذبا في وحيه وأقواله ، أو أحكامه أو صفاته أو أفعاله ، وقد تقدم مثل هذه الجملة في الأنعام ( 1 ) والأعراف ( 2 ) ويونس ( 3 ) وسيأتي في الكهف والعنكبوت والصف ، ويفسر الافتراء في كل آية بما يدل عليه السياق ، وأظهره هنا اتخاذ الشركاء والأولياء والشفعاء له بدون إذنه ، وزعم من زعم أنه اتخذ له ولدا من الملائكة كالعرب الذين قالوا : الملائكة بنات الله ، والوثنيين الذين قالوا : إن كرشنا ابن الله ،
والنصارى الذين قالوا :
المسيح ابن الله ، وكذا من افترى عليه بتكذيب ما جاء به رسله من دينه ، لصدهم الناس عن سبيله (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18أولئك يعرضون على ربهم ) يوم القيامة لمحاسبتهم ، وتعرض عليه أعمالهم وأقوالهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18ويقول الأشهاد ) الذين يقومون بأمره للشهادة عليهم من الملائكة الكرام الكاتبين ، والأنبياء المرسلين ، وصالحي المؤمنين ( ( الأشهاد جمع شاهد كأصحاب ، أو شهيد كأشراف ) ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) أي يشيرون إليهم بأشخاصهم فيفضحونهم بهذه الشهادة المقرونة باللعنة ، الدالة على خروجهم في ذلك اليوم من محيط الرحمة ، وجملة اللعنة يجوز أن تكون من كلام الأشهاد ، وأن تكون مستأنفة من كلام الله تعالى . وفي معنى هذا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=51إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=52يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) ( 40 : 51 و 52 ) وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في الصحيحين وغيرهما : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003469إن الله يدني المؤمن حتى يضع كنفه عليه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ، ويقول له : أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا فيقول : رب أعرف ، حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال: فإني سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم ، ثم يعطى كتاب حسناته . وأما الكافر والمنافق فيقول الأشهاد : ( nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين ) وقد بينا مسألة الشهادة والشهداء يوم القيامة في مواضعها من سور البقرة والنساء والأنعام والأعراف مفصلة تفصيلا ، فراجع تفسيرها في مواضعها من أجزاء التفسير مستدلا عليها بألفاظها في فهارسها .
[ ص: 48 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=19الذين يصدون عن سبيل الله ) صفة للظالمين الملعونين ، أي هم الذين يمنعون الناس ويصرفونهم عن سبيل الله الموصلة إلى معرفته وعبادته ، وهي دينه القيم وصراطه المستقيم (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=45ويبغونها عوجا ) أي يصفونها بالعوج والالتواء للتنفير عنها ، أو يريدون أن تكون عوجاء بموافقتها لأهوائهم من الشرك وإباحة الظلم والفسق (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=19وهم بالآخرة هم كافرون ) أي والحال أنهم كافرون بالآخرة لا يؤمنون ببعث ولا جزاء ، وإنما الدين عندهم رابطة دنيوية ، وشعائر قومية ، قد يتعصبون لها تعصبهم لقوميتهم ، وتقليدا لآبائهم ، وهكذا شأن الملاحدة والمبتدعة من أهل الأهواء ، المدعين لدين الأنبياء ، كما تراهم في هذا الزمان .
وزيادة - هم - بين المتبدإ والخبر للتأكيد . وقد تقدم نص هذه الآية بدون هذه الزيادة في الآية ( 45 ) من سورة الأعراف ( 7 ) فراجع تفسيرها في الجزء التاسع .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=20أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض ) أي لم يكونوا معجزين الله في الدنيا أن يعاقبهم بظلمهم وصدهم عن سبيله وكفرهم بكتابه ورسوله ولقائه (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=20وما كان لهم من دون الله من أولياء ) وما كان لهم فيها أولياء من دونه يتولون أمرهم عنده ، ولا أنصار يمنعونهم من عقابه وينصرونهم ، ولكن سبقت كلمته واقتضت مشيئته وحكمته أن يؤخرهم إلى هذا اليوم (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=20يضاعف لهم العذاب ) فيه بالنسبة إلى ما كان يكون من عقابهم في الدنيا لو عوقبوا فيها ، لا بالزيادة عما يستحقونه منه بمقتضى سنته - تعالى - في إفساد كفرهم لأرواحهم ، وتدسية ظلمهم لأنفسهم ، وهذه الجملة استئناف بياني .
قرأ الجمهور ( ( يضاعف ) ) من المضاعفة ،
وابن كثير وابن عامر ويعقوب ( ( يضعف ) ) بالتشديد من التضعيف . وعلل هذه المضاعفة بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=20ما كانوا يستطيعون السمع ) أي ما كانوا يستطيعون إلقاء أسماعهم إلى القرآن إصغاء لدعوة الحق وكلام الله - عز وجل - لاستحواذ الباطل على أنفسهم ، وزين الكفر والظلم على قلوبهم بل كانوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=26ينهون عنه وينأون عنه ) ( 6 : 26 ) ، ومن ذلك قوله فيهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=26وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون ) ( 41 : 26 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=20وما كانوا يبصرون ) ما يدل عليه من آيات الله في الآفاق وفي أنفسهم ، أي إنهم لشدة انهماكهم في الكفر ولوازمه من الباطل واتباع الهوى والشهوات ، صاروا يكرهون الحق والهدى كراهة شديدة ، بحيث يثقل عليهم سماع ما يبينه من الآيات السمعية ، وما يثبته من الآيات البصرية ، وليس المراد
[ ص: 49 ] أنهم فقدوا حاستي السمع والبصر فصاروا صما وعميانا بالفعل ; بل هم كما يقول أمثالهم فيما يبغضون : إنني لا أطيق رؤية فلان ، ولا أقدر أن أسمع كلامه ، وتذكر أو راجع قوله - تعالى - لنبيه في سورة يونس : )
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=42ومنهم من يستمعون إليك ) ( 10 : 42 ) إلخ .
وأمثالهم مشاهدون في كل زمان ومكان ، أعطى رجل مؤمن رجلا متفرنجا منهم كتاب ( ( الوحي المحمدي ) ) الذي شهد له من قرأه من طبقات الناس المختلفة بطلاوة عبارته وحسن بيانه ، وموافقة أسلوبه وترتيبه وتبويبه لذوق هذا العصر ، ثم سأله بعد أيام : كيف رآه ؟ ظانا أنه قرأه كله بشغف وأنه سيشكر له هديته ، فقال : إنني لم أستطع أن أقرأ منه صفحة واحدة ، واعترف بأنه يقرأ كتب أشهر الملاحدة الطاعنين في القرآن بلذة ورغبة كما يقرأ القصص ( الروايات ) الغرامية ! ! ! !
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=21أولئك الذين خسروا أنفسهم ) أي أولئك الموصوفون بما تقدم هم الذين خسروا أنفسهم بافترائهم على الله ، واشتراء الضلالة بالهدى ، فإنهم دسوها وما زكوها في الدنيا ففقدوها في الآخرة ، وأي وجود لمن يصلى النار الكبرى ، فلا يموت فيها ولا يحيا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=24وضل عنهم ما كانوا يفترون ) من اتخاذ الشفعاء عند الله ، والأولياء الذين زعموا أنهم يقربونهم إليه زلفى ، وقد سبق بهذا المعنى من سورة الأعراف في سياق نداء أصحاب الجنة أصحاب النار : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=45الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون ) ( 7 : 44 و 45 ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=22لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون ) كلمة لا جرم تفيد التحقيق والتأكيد لما بعدها ; قال الفراء : هي في الأصل بمعنى لا بد ولا محالة ، ثم كثرت فحولت إلى معنى القسم وصارت بمعنى ( ( حقا ) ) ولهذا تجاب باللام نحو : لا جرم لأفعلن كذا ، أي حقا إنهم في الآخرة لأشد الناس خسرانا . وترى مثل هذا في أول سورة النمل ، بهذا وصف الفريق الذي لا يؤمن بالقرآن هنا ، وإن كان فيه من يقول بلسانه أنه يؤمن به ، ويليه الفريق الآخر - جعلنا الله من خياره وأنصاره - وهو :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=23إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم ) أي خشعوا له واطمأنت نفوسهم بالإيمان ، ولانت قلوبهم إلى ذكره ، فلم يبق فيها زلزال ولا اضطراب .
nindex.php?page=treesubj&link=29509وأصل الإخبات قصد الخبت وهو المكان المطمئن المنخفض من الأرض والنزول فيه ، يقولون : أخبت الرجل ،
[ ص: 50 ] كما يقولون : أنجدوا أسهل وأنهم . ويقال : أخبت إليه وأخبت له ، ومن الثاني : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=54وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم ) ( 22 : 54 ) وذكر هؤلاء العلماء المخبتين في سورة الحج وسطا بين الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم من إلقاء الشيطان ، وبين الكافرين الذين (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=55لا يزالون في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم ) ، فعلم منه أنه ليس للشيطان عليهم من سبيل ، وما أحسن ما فعله الراغب من التنظير بين هؤلاء المخبتي القلوب ، وبين من قال فيهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=74وإن منها لما يهبط من خشية الله ) ( 2 : 74 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=23أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ) أولئك المتصفون بما ذكر أصحاب الجنة المستحقون لها بالذات الخالدون فيها أبدا .
nindex.php?page=treesubj&link=28902_28982 ( nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=24مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع ) أي مثل الفريقين من الكافرين والمؤمنين اللذين تقدم وصفهما وبيان حالهما ، في هذه الآيات المبينة لابتلائه - تعالى - للناس ليظهر أيهم أحسن عملا ، والصفة الحسية المطابقة لحالهما ، كمثل الأعمى الفاقد لحاسة البصر في خلقته ، والأصم الفاقد لحاسة السمع ، كذلك في حرمانه من مصادر العلم والعرفان الإنسانية والحيوانية ، ومن هو كامل حاستي البصر والسمع كلتيهما ، فهو يستمد العلم من آيات الله في التكوين والتشريع بما يسمع من القرآن وبما يرى من الأكوان ، وهما الينبوعان اللذان يفيضان العلم والهدى على عقل الإنسان (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=24هل يستويان مثلا ) أي هل يستوي الفريقان صفة وحالا ومبدأ ومآلا ؟ كلا إنهما لا يستويان (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=24أفلا تذكرون ) أي أتجهلون أيها المخاطبون هذا المثل الحسي الجلي ، أو أتغفلون عنه فلا تتذكرون ما بينهما من التباين فتعتبروا به ؟ أي يجب أن تتفكروا فتتذكروا فتعتبروا وتهتدوا .
شبه فريق الكافرين أولا بالأعمى في عدم استعمال بصره فيما يفضل به بصر الحيوان الأعجم ، من فهم آيات الله التي تزيده علما وعقلا وهدى روحيا ، ثم شبهه بالأصم كذلك بدليل عطفه على الأعمى ليتأمل العاقل كل تشبيه وحده ، وأما قوله - تعالى - في المنافقين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=18صم بكم عمي ) ( 2 : 18 ) بدون عطف ، فالمراد به من أول وهلة : التهويل بجمعهم للنقائص الثلاث كلها دفعة واحدة فلم يبق في استعدادهم منفذ للهدى ، ولذلك عطف عليه بفاء السببية قوله في الآية : ( فهم لا يرجعون ) ( 2 : 18 ) وفي الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171فهم لا يعقلون ) ( 2 : 171 ) ومن الإيجاز في الآية عطفه هذه الصفات المتقابلة للفريقين ، وتركه للسامع والقارئ التوزيع ، والتفريق بين ما لكل منهما من التشبيهين المتضامنين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=28982_29706_18984وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=19الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=20أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=21أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=22لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=23إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=24مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلَا تَذَكَّرُونَ )
هَذِهِ الْآيَاتُ السَّبْعُ بَيَانٌ لِحَالِ كُلِّ فَرِيقٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ الْمُدْمَجَيْنِ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهُنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِالْقُرْآنِ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ، مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَمَا يَكُونُونَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ ، وَبَدَأَ بِوَصْفِ الْأَوَّلِ فَقَالَ :
[ ص: 47 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=21وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ) أَيْ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فِي وَحْيِهِ وَأَقْوَالِهِ ، أَوْ أَحْكَامِهِ أَوْ صِفَاتِهِ أَوْ أَفْعَالِهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِثْلُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي الْأَنْعَامِ ( 1 ) وَالْأَعْرَافِ ( 2 ) وَيُونُسَ ( 3 ) وَسَيَأْتِي فِي الْكَهْفِ وَالْعَنْكَبُوتِ وَالصَّفِّ ، وَيُفَسَّرُ الِافْتِرَاءُ فِي كُلِّ آيَةٍ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ ، وَأَظْهَرُهُ هُنَا اتِّخَاذُ الشُّرَكَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالشُّفَعَاءِ لَهُ بِدُونِ إِذْنِهِ ، وَزَعَمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ اتَّخَذَ لَهُ وَلَدًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ كَالْعَرَبِ الَّذِينَ قَالُوا : الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ ، وَالْوَثَنِيِّينَ الَّذِينَ قَالُوا : إِنَّ كُرُشَنَا ابْنُ اللَّهِ ،
وَالنَّصَارَى الَّذِينَ قَالُوا :
الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ، وَكَذَا مَنِ افْتَرَى عَلَيْهِ بِتَكْذِيبِ مَا جَاءَ بِهِ رُسُلُهُ مِنْ دِينِهِ ، لِصَدِّهِمُ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمُحَاسَبَتِهِمْ ، وَتُعْرَضُ عَلَيْهِ أَعْمَالُهُمْ وَأَقْوَالُهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ ) الَّذِينَ يَقُومُونَ بِأَمْرِهِ لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ ، وَالْأَنْبِيَاءِ الْمُرْسَلِينَ ، وَصَالِحِي الْمُؤْمِنِينَ ( ( الْأَشْهَادُ جَمْعُ شَاهِدٍ كَأَصْحَابٍ ، أَوْ شَهِيدٍ كَأَشْرَافٍ ) ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) أَيْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِمْ بِأَشْخَاصِهِمْ فَيَفْضَحُونَهُمْ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ الْمَقْرُونَةِ بِاللَّعْنَةِ ، الدَّالَّةِ عَلَى خُرُوجِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ مُحِيطِ الرَّحْمَةِ ، وَجُمْلَةُ اللَّعْنَةِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ كَلَامِ الْأَشْهَادِ ، وَأَنْ تَكُونَ مُسْتَأْنَفَةً مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى . وَفِي مَعْنَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=51إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=52يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) ( 40 : 51 و 52 ) وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003469إِنَّ اللَّهَ يُدْنِي الْمُؤْمِنَ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ وَيَسْتُرَهُ مِنَ النَّاسِ وَيُقَرِّرَهُ بِذُنُوبِهِ ، وَيَقُولُ لَهُ : أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا ؟ أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا فَيَقُولُ : رَبِّ أَعْرِفُ ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ قَالَ: فَإِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ ، ثُمَّ يُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ . وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْمُنَافِقُ فَيَقُولُ الْأَشْهَادُ : ( nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ) وَقَدْ بَيَّنَّا مَسْأَلَةَ الشَّهَادَةِ وَالشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ سُوَرِ الْبَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ وَالْأَنْعَامِ وَالْأَعْرَافِ مُفَصَّلَةً تَفْصِيلًا ، فَرَاجِعْ تَفْسِيرَهَا فِي مَوَاضِعِهَا مِنْ أَجْزَاءِ التَّفْسِيرِ مُسْتَدِلًّا عَلَيْهَا بِأَلْفَاظِهَا فِي فَهَارِسِهَا .
[ ص: 48 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=19الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) صِفَةٌ لِلظَّالِمِينَ الْمَلْعُونِينَ ، أَيْ هُمُ الَّذِينَ يَمْنَعُونَ النَّاسَ وَيَصْرِفُونَهُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الْمُوصِلَةِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ وَعِبَادَتِهِ ، وَهِيَ دِينُهُ الْقَيِّمُ وَصِرَاطُهُ الْمُسْتَقِيمُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=45وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ) أَيْ يَصِفُونَهَا بِالْعِوَجِ وَالِالْتِوَاءِ لِلتَّنْفِيرِ عَنْهَا ، أَوْ يُرِيدُونَ أَنْ تَكُونَ عَوْجَاءَ بِمُوَافَقَتِهَا لِأَهْوَائِهِمْ مِنَ الشِّرْكِ وَإِبَاحَةِ الظُّلْمِ وَالْفِسْقِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=19وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ كَافِرُونَ بِالْآخِرَةِ لَا يُؤْمِنُونَ بِبَعْثٍ وَلَا جَزَاءٍ ، وَإِنَّمَا الدِّينُ عِنْدَهُمْ رَابِطَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ ، وَشَعَائِرُ قَوْمِيَّةٌ ، قَدْ يَتَعَصَّبُونَ لَهَا تَعَصُّبَهُمْ لِقَوْمِيَّتِهِمْ ، وَتَقْلِيدًا لِآبَائِهِمْ ، وَهَكَذَا شَأْنُ الْمَلَاحِدَةِ وَالْمُبْتَدِعَةِ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ ، الْمُدَّعِينَ لِدِينِ الْأَنْبِيَاءِ ، كَمَا تَرَاهُمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ .
وَزِيَادَةُ - هُمْ - بَيْنَ الْمُتَبَدَّإِ وَالْخَبَرِ لِلتَّأْكِيدِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ هَذِهِ الْآيَةِ بِدُونِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي الْآيَةِ ( 45 ) مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ ( 7 ) فَرَاجِعْ تَفْسِيرَهَا فِي الْجُزْءِ التَّاسِعِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=20أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ) أَيْ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ اللَّهَ فِي الدُّنْيَا أَنْ يُعَاقِبَهُمْ بِظُلْمِهِمْ وَصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِهِ وَكُفْرِهِمْ بِكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ وَلِقَائِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=20وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ) وَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهَا أَوْلِيَاءُ مِنْ دُونِهِ يَتَوَلَّوْنَ أَمْرَهُمْ عِنْدَهُ ، وَلَا أَنْصَارُ يَمْنَعُونَهُمْ مِنْ عِقَابِهِ وَيَنْصُرُونَهُمْ ، وَلَكِنْ سَبَقَتْ كَلِمَتُهُ وَاقْتَضَتْ مَشِيئَتُهُ وَحِكْمَتُهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُمْ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=20يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ ) فِيهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا كَانَ يَكُونُ مِنْ عِقَابِهِمْ فِي الدُّنْيَا لَوْ عُوقِبُوا فِيهَا ، لَا بِالزِّيَادَةِ عَمَّا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْهُ بِمُقْتَضَى سُنَّتِهِ - تَعَالَى - فِي إِفْسَادِ كُفْرِهِمْ لِأَرْوَاحِهِمْ ، وَتَدْسِيَةِ ظُلْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ .
قَرَأَ الْجُمْهُورُ ( ( يُضَاعَفُ ) ) مِنَ الْمُضَاعَفَةِ ،
وَابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَيَعْقُوبُ ( ( يُضَعَّفُ ) ) بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّضْعِيفِ . وَعَلَّلَ هَذِهِ الْمُضَاعَفَةَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=20مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ ) أَيْ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ إِلْقَاءَ أَسْمَاعِهِمْ إِلَى الْقُرْآنِ إِصْغَاءً لِدَعْوَةِ الْحَقِّ وَكَلَامِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لِاسْتِحْوَاذِ الْبَاطِلِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، وَزُيِّنَ الْكُفْرُ وَالظُّلْمُ عَلَى قُلُوبِهِمْ بَلْ كَانُوا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=26يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ) ( 6 : 26 ) ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِيهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=26وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) ( 41 : 26 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=20وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ ) مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ، أَيْ إِنَّهُمْ لِشِدَّةِ انْهِمَاكِهِمْ فِي الْكُفْرِ وَلَوَازِمِهِ مِنَ الْبَاطِلِ وَاتِّبَاعِ الْهَوَى وَالشَّهَوَاتِ ، صَارُوا يَكْرَهُونَ الْحَقَّ وَالْهُدَى كَرَاهَةً شَدِيدَةً ، بِحَيْثُ يَثْقُلُ عَلَيْهِمْ سَمَاعُ مَا يُبَيِّنُهُ مِنَ الْآيَاتِ السَّمْعِيَّةِ ، وَمَا يُثْبِتُهُ مِنَ الْآيَاتِ الْبَصَرِيَّةِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ
[ ص: 49 ] أَنَّهُمْ فَقَدُوا حَاسَّتَيِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ فَصَارُوا صُمًّا وَعُمْيَانًا بِالْفِعْلِ ; بَلْ هُمْ كَمَا يَقُولُ أَمْثَالُهُمْ فِيمَا يُبْغِضُونَ : إِنَّنِي لَا أُطِيقُ رُؤْيَةَ فُلَانٍ ، وَلَا أَقْدِرُ أَنْ أَسْمَعَ كَلَامَهُ ، وَتَذَكَّرْ أَوْ رَاجِعْ قَوْلَهُ - تَعَالَى - لِنَبِيِّهِ فِي سُورَةِ يُونُسَ : )
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=42وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ) ( 10 : 42 ) إِلَخْ .
وَأَمْثَالُهُمْ مُشَاهَدُونَ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ، أَعْطَى رَجُلٌ مُؤْمِنٌ رَجُلًا مُتَفَرْنِجًا مِنْهُمْ كِتَابَ ( ( الْوَحْيِ الْمُحَمَّدِيِّ ) ) الَّذِي شَهِدَ لَهُ مَنْ قَرَأَهُ مِنْ طَبَقَاتِ النَّاسِ الْمُخْتَلِفَةِ بِطَلَاوَةِ عِبَارَتِهِ وَحُسْنِ بَيَانِهِ ، وَمُوَافَقَةِ أُسْلُوبِهِ وَتَرْتِيبِهِ وَتَبْوِيبِهِ لِذَوْقِ هَذَا الْعَصْرِ ، ثُمَّ سَأَلَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ : كَيْفَ رَآهُ ؟ ظَانًّا أَنَّهُ قَرَأَهُ كُلَّهُ بِشَغَفٍ وَأَنَّهُ سَيَشْكُرُ لَهُ هَدِيَّتَهُ ، فَقَالَ : إِنَّنِي لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَقْرَأَ مِنْهُ صَفْحَةً وَاحِدَةً ، وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ يَقْرَأُ كُتُبَ أَشْهَرِ الْمَلَاحِدَةِ الطَّاعِنِينَ فِي الْقُرْآنِ بِلَذَّةٍ وَرَغْبَةٍ كَمَا يَقْرَأُ الْقِصَصَ ( الرِّوَايَاتِ ) الْغَرَامِيَّةَ ! ! ! !
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=21أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ) أَيْ أُولَئِكَ الْمَوْصُوفُونَ بِمَا تَقَدَّمَ هُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِافْتِرَائِهِمْ عَلَى اللَّهِ ، وَاشْتِرَاءِ الضَّلَالَةِ بِالْهُدَى ، فَإِنَّهُمْ دَسُّوهَا وَمَا زَكَّوْهَا فِي الدُّنْيَا فَفَقَدُوهَا فِي الْآخِرَةِ ، وَأَيُّ وُجُودٍ لِمَنْ يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ، فَلَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=24وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ ) مِنَ اتِّخَاذِ الشُّفَعَاءِ عِنْدَ اللَّهِ ، وَالْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ يُقَرِّبُونَهُمْ إِلَيْهِ زُلْفَى ، وَقَدْ سَبَقَ بِهَذَا الْمَعْنَى مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ فِي سِيَاقِ نِدَاءِ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=44فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=45الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ ) ( 7 : 44 و 45 ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=22لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ ) كَلِمَةُ لَا جَرَمَ تُفِيدُ التَّحْقِيقَ وَالتَّأْكِيدَ لِمَا بَعْدَهَا ; قَالَ الْفَرَّاءُ : هِيَ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى لَا بُدَّ وَلَا مَحَالَةَ ، ثُمَّ كَثُرَتْ فَحُوِّلَتْ إِلَى مَعْنَى الْقَسَمِ وَصَارَتْ بِمَعْنَى ( ( حَقًّا ) ) وَلِهَذَا تُجَابُ بِاللَّامِ نَحْوَ : لَا جَرَمَ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا ، أَيْ حَقًّا إِنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ لَأَشَدُّ النَّاسِ خُسْرَانًا . وَتَرَى مِثْلَ هَذَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ النَّمْلِ ، بِهَذَا وَصَفَ الْفَرِيقَ الَّذِي لَا يُؤْمِنُ بِالْقُرْآنِ هُنَا ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْ يَقُولُ بِلِسَانِهِ أَنَّهُ يُؤْمِنُ بِهِ ، وَيَلِيهِ الْفَرِيقُ الْآخَرُ - جَعَلَنَا اللَّهُ مِنْ خِيَارِهِ وَأَنْصَارِهِ - وَهُوَ :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=23إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ ) أَيْ خَشَعُوا لَهُ وَاطْمَأَنَّتْ نُفُوسُهُمْ بِالْإِيمَانِ ، وَلَانَتْ قُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِهِ ، فَلَمْ يَبْقَ فِيهَا زِلْزَالٌ وَلَا اضْطِرَابٌ .
nindex.php?page=treesubj&link=29509وَأَصْلُ الْإِخْبَاتِ قَصْدُ الْخَبْتِ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُطْمَئِنُّ الْمُنْخَفِضُ مِنَ الْأَرْضِ وَالنُّزُولُ فِيهِ ، يَقُولُونَ : أَخْبَتَ الرَّجُلُ ،
[ ص: 50 ] كَمَا يَقُولُونَ : أَنْجِدُوا أَسْهَلَ وَأَنَّهُمْ . وَيُقَالُ : أَخْبَتَ إِلَيْهِ وَأَخْبَتَ لَهُ ، وَمِنَ الثَّانِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=54وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ( 22 : 54 ) وَذَكَرَ هَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءُ الْمُخْبِتِينَ فِي سُورَةِ الْحَجِّ وَسَطًا بَيْنَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ إِلْقَاءِ الشَّيْطَانِ ، وَبَيْنَ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=55لَا يَزَالُونَ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ ) ، فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ ، وَمَا أَحْسَنَ مَا فَعَلَهُ الرَّاغِبُ مِنَ التَّنْظِيرِ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْمُخْبَتِي الْقُلُوبِ ، وَبَيْنَ مَنْ قَالَ فِيهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=74وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ) ( 2 : 74 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=23أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) أُولَئِكَ الْمُتَّصِفُونَ بِمَا ذُكِرَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ الْمُسْتَحِقُّونَ لَهَا بِالذَّاتِ الْخَالِدُونَ فِيهَا أَبَدًا .
nindex.php?page=treesubj&link=28902_28982 ( nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=24مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ ) أَيْ مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ مِنَ الْكَافِرِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ اللَّذِينَ تَقَدَّمَ وَصْفُهُمَا وَبَيَانُ حَالِهِمَا ، فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْمُبَيِّنَةِ لِابْتِلَائِهِ - تَعَالَى - لِلنَّاسِ لِيَظْهَرَ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ، وَالصِّفَةُ الْحِسِّيَّةُ الْمُطَابِقَةُ لِحَالِهِمَا ، كَمَثَلِ الْأَعْمَى الْفَاقِدِ لِحَاسَّةِ الْبَصَرِ فِي خِلْقَتِهِ ، وَالْأَصَمِّ الْفَاقِدِ لِحَاسَّةِ السَّمْعِ ، كَذَلِكَ فِي حِرْمَانِهِ مِنْ مَصَادِرِ الْعِلْمِ وَالْعِرْفَانِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْحَيَوَانِيَّةِ ، وَمَنْ هُوَ كَامِلُ حَاسَّتَيِ الْبَصَرِ وَالسَّمْعِ كِلْتَيْهِمَا ، فَهُوَ يَسْتَمِدُّ الْعِلْمَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فِي التَّكْوِينِ وَالتَّشْرِيعِ بِمَا يَسْمَعُ مِنَ الْقُرْآنِ وَبِمَا يَرَى مِنَ الْأَكْوَانِ ، وَهُمَا الْيَنْبُوعَانِ اللَّذَانِ يُفِيضَانِ الْعِلْمَ وَالْهُدَى عَلَى عَقْلِ الْإِنْسَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=24هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا ) أَيْ هَلْ يَسْتَوِي الْفَرِيقَانِ صِفَةً وَحَالًا وَمَبْدَأً وَمَآلًا ؟ كَلَّا إِنَّهُمَا لَا يَسْتَوِيَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=24أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) أَيْ أَتَجْهَلُونَ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُونَ هَذَا الْمَثَلَ الْحِسِّيَّ الْجَلِيَّ ، أَوْ أَتَغْفُلُونَ عَنْهُ فَلَا تَتَذَكَّرُونَ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّبَايُنِ فَتَعْتَبِرُوا بِهِ ؟ أَيْ يَجِبُ أَنْ تَتَفَكَّرُوا فَتَتَذَكَّرُوا فَتَعْتَبِرُوا وَتَهْتَدُوا .
شَبَّهَ فَرِيقَ الْكَافِرِينَ أَوَّلًا بِالْأَعْمَى فِي عَدَمِ اسْتِعْمَالِ بَصَرِهِ فِيمَا يَفْضُلُ بِهِ بَصَرَ الْحَيَوَانِ الْأَعْجَمِ ، مِنْ فَهْمِ آيَاتِ اللَّهِ الَّتِي تَزِيدُهُ عِلْمًا وَعَقْلًا وَهُدًى رُوحِيًّا ، ثُمَّ شَبَّهَهُ بِالْأَصَمِّ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ عَطْفِهِ عَلَى الْأَعْمَى لِيَتَأَمَّلَ الْعَاقِلُ كُلَّ تَشْبِيهٍ وَحْدَهُ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي الْمُنَافِقِينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=18صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ ) ( 2 : 18 ) بِدُونِ عَطْفٍ ، فَالْمُرَادُ بِهِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ : التَّهْوِيلُ بِجَمْعِهِمْ لِلنَّقَائِصِ الثَّلَاثِ كُلِّهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً فَلَمْ يَبْقَ فِي اسْتِعْدَادِهِمْ مَنْفَذٌ لِلْهُدَى ، وَلِذَلِكَ عَطَفَ عَلَيْهِ بِفَاءِ السَّبَبِيَّةِ قَوْلَهُ فِي الْآيَةِ : ( فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ) ( 2 : 18 ) وَفِي الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=171فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) ( 2 : 171 ) وَمِنَ الْإِيجَازِ فِي الْآيَةِ عَطْفُهُ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْمُتَقَابِلَةِ لِلْفَرِيقَيْنِ ، وَتَرْكُهُ لِلسَّامِعِ وَالْقَارِئِ التَّوْزِيعَ ، وَالتَّفْرِيقَ بَيْنَ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ التَّشْبِيهَيْنِ الْمُتَضَامِنَيْنِ .