[ ص: 99 ] nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28982_31843ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود
هذه الآيات الثلاث في إنجاء
هود ومن آمن معه ، والجزاء والعقوبة لقومه المعاندين ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58ولما جاء أمرنا ) عذابنا أو وقته (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ) أي برحمة من لدنا خاصة بهم . مخالفة للعادة في أسباب النجاة من العذاب العارض الذي يصيب بعض الناس دون بعض ، وهي التي أشير إليها في قول
نوح لولده : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم ) ( 43 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58ونجيناهم من عذاب غليظ ) أعاد فعل التنجية للفصل بين ( منا ) التي هي صفة الرحمة وبين ( من ) الداخلة على العذاب . أي : وإنما نجيناهم من عذاب غليظ شديد الغلظة ، فظيع شديد الفظاعة ، غير معهود في العالم ، وهو ما عبر عنه بالريح العقيم ، التي لا تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ، وبقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=19إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر ) ( 54 : 19 و 20 ) وقوله في وصف هذه الريح العاتية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=7فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية ) ( 69 : 7 و 8 ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم ) أي : كفروا بجنس الآيات التي يؤيد بها رسله بجحود ما جاءهم به رسولهم منها ، أنث الإشارة إليهم على إرادة القبيلة ، وقيل : إشارة إلى آثارهم ، والجحود بالآيات تكذيب الدلائل الواضحة عنادا في الظاهر دون الباطن ، كما قال في
قوم فرعون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ) ( 27 : 14 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59وعصوا رسله ) أي : عصوا جنسهم بعصيان رسوله إليهم وإنكار رسالته ; فإن عصيان الواحد عصيان للجنس كله ، إذ هو مبني على رفض الرسالة نفسها ، بادعاء أن الرسول لا يكون بشرا (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59واتبعوا أمر كل جبار عنيد ) أي واتبع سوادهم ودهماؤهم كل جبار عنيد من رؤسائهم الطغاة العتاة
[ ص: 100 ] المستبدين فيهم بالقهر ، فالجبار القاهر الذي يجبر غيره على اتباعه بالقهر والإذلال ، أو من يجبر نقص نفسه بالكبر ودعوى العظمة ، والعنيد : الطاغي الذي يأبى الحق ولا يذعن له ، وإن ظهر له وقام عليه الدليل عنده ، فهل يعتبر بهذه بقايا الملوك الجبارين في الأرض قبل انقراضهم ؟
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ) إتباع الشيء الشيء : لحوقه به وإدراكه إياه بحيث لا يفوته ، أي لحقت بهم لعنة في هذه الدنيا ، فكان كل من علم بحالهم من بعدهم ومن أدرك آثارهم ، وكل من بلغه الرسل من بعدهم خبرهم يلعنونهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60ويوم القيامة ) وتتبعهم يوم القيامة عندما يلعن الأشهاد الظالمين أمثالهم كما تقدم في الآية الثامنة عشرة من هذه السورة . قال
قتادة : تتابعت عليهم لعنتان من الله : لعنة في الدنيا ، ولعنة في الآخرة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60ألا إن عادا كفروا ربهم ) هذه شهادة مؤكدة عليهم بالكفر ، أي : كفروا نعمه عليهم بجحودهم بآياته وتكذيبهم لرسله كبرا وعنادا ، يقال : كفره وكفر به ، وشكره وشكر له ، ومعنى مادة الكفر في الأصل التغطية ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60ألا بعدا لعاد قوم هود ) دعاء عليهم بالهلاك والبعد من الرحمة حكاية لبدئه ، وتسجيلا لدوامه ، كرر ألا المنبهة لما بعدها تعظيما لأمره ، وكرر اسمهم ووصفهم بـ قوم هود ليفيد السامع بالتكرير تقرير استحقاقهم لللعنة والإبعاد وسببه ، وأنهم ليس لهم شبهة عذر لرد الدعوة المعقبة للحرمان مما كانوا فيه من خير ونعمة ، والانتهاء إلى ضده من شقاء ونقمة .
[ ص: 99 ] nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28982_31843وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ
هَذِهِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ فِي إِنْجَاءِ
هُودٍ وَمَنْ آمَنَ مَعَهُ ، وَالْجَزَاءِ وَالْعُقُوبَةِ لِقَوْمِهِ الْمُعَانِدِينَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا ) عَذَابُنَا أَوْ وَقْتُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا ) أَيْ بِرَحْمَةٍ مِنْ لَدُنَّا خَاصَّةٍ بِهِمْ . مُخَالِفَةٍ لِلْعَادَةِ فِي أَسْبَابِ النَّجَاةِ مِنَ الْعَذَابِ الْعَارِضِ الَّذِي يُصِيبُ بَعْضَ النَّاسِ دُونَ بَعْضٍ ، وَهِيَ الَّتِي أُشِيرَ إِلَيْهَا فِي قَوْلِ
نُوحٍ لِوَلَدِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=43لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ) ( 43 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=58وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ) أَعَادَ فِعْلَ التَّنْجِيَةِ لِلْفَصْلِ بَيْنَ ( مِنَّا ) الَّتِي هِيَ صِفَةُ الرَّحْمَةِ وَبَيْنَ ( مِنْ ) الدَّاخِلَةِ عَلَى الْعَذَابِ . أَيْ : وَإِنَّمَا نَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ شَدِيدِ الْغِلْظَةِ ، فَظِيعٍ شَدِيدِ الْفَظَاعَةِ ، غَيْرِ مَعْهُودٍ فِي الْعَالَمِ ، وَهُوَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ بِالرِّيحِ الْعَقِيمِ ، الَّتِي لَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ، وَبِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=19إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ) ( 54 : 19 و 20 ) وَقَوْلِهِ فِي وَصْفِ هَذِهِ الرِّيحِ الْعَاتِيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=7فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ ) ( 69 : 7 و 8 ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ ) أَيْ : كَفَرُوا بِجِنْسِ الْآيَاتِ الَّتِي يُؤَيِّدُ بِهَا رُسُلَهُ بِجُحُودِ مَا جَاءَهُمْ بِهِ رَسُولُهُمْ مِنْهَا ، أَنَّثَ الْإِشَارَةَ إِلَيْهِمْ عَلَى إِرَادَةِ الْقَبِيلَةِ ، وَقِيلَ : إِشَارَةً إِلَى آثَارِهِمْ ، وَالْجُحُودُ بِالْآيَاتِ تَكْذِيبُ الدَّلَائِلِ الْوَاضِحَةِ عِنَادًا فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ ، كَمَا قَالَ فِي
قَوْمِ فِرْعَوْنَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=14وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ) ( 27 : 14 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59وَعَصَوْا رُسُلَهُ ) أَيْ : عَصَوْا جِنْسَهُمْ بِعِصْيَانِ رَسُولِهِ إِلَيْهِمْ وَإِنْكَارِ رِسَالَتِهِ ; فَإِنَّ عِصْيَانَ الْوَاحِدِ عِصْيَانٌ لِلْجِنْسِ كُلِّهِ ، إِذْ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى رَفْضِ الرِّسَالَةِ نَفْسِهَا ، بِادِّعَاءِ أَنَّ الرَّسُولَ لَا يَكُونُ بَشَرًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=59وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) أَيْ وَاتَّبَعَ سَوَادُهُمْ وَدَهْمَاؤُهُمْ كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ مِنْ رُؤَسَائِهِمُ الطُّغَاةِ الْعُتَاةِ
[ ص: 100 ] الْمُسْتَبِدِّينَ فِيهِمْ بِالْقَهْرِ ، فَالْجَبَّارُ الْقَاهِرُ الَّذِي يُجْبِرُ غَيْرَهُ عَلَى اتِّبَاعِهِ بِالْقَهْرِ وَالْإِذْلَالِ ، أَوْ مَنْ يَجْبُرُ نَقْصَ نَفْسِهِ بِالْكِبْرِ وَدَعْوَى الْعَظَمَةِ ، وَالْعَنِيدُ : الطَّاغِي الَّذِي يَأْبَى الْحَقَّ وَلَا يُذْعِنُ لَهُ ، وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ وَقَامَ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ عِنْدَهُ ، فَهَلْ يَعْتَبِرُ بِهَذِهِ بَقَايَا الْمُلُوكِ الْجَبَّارِينَ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ انْقِرَاضِهِمْ ؟
(
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ) إِتْبَاعُ الشَّيْءِ الشَّيْءَ : لُحُوقُهُ بِهِ وَإِدْرَاكُهُ إِيَّاهُ بِحَيْثُ لَا يَفُوتُهُ ، أَيْ لَحِقَتْ بِهِمْ لَعْنَةٌ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا ، فَكَانَ كُلُّ مَنْ عَلِمَ بِحَالِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَنْ أَدْرَكَ آثَارَهُمْ ، وَكُلُّ مَنْ بَلَّغَهُ الرُّسُلُ مِنْ بَعْدِهِمْ خَبَرَهُمْ يَلْعَنُونَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وَتَتْبَعُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَمَا يَلْعَنُ الْأَشْهَادُ الظَّالِمِينَ أَمْثَالَهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ . قَالَ
قَتَادَةُ : تَتَابَعَتْ عَلَيْهِمْ لَعْنَتَانِ مِنَ اللَّهِ : لَعْنَةٌ فِي الدُّنْيَا ، وَلَعْنَةٌ فِي الْآخِرَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ ) هَذِهِ شَهَادَةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ ، أَيْ : كَفَرُوا نِعَمَهُ عَلَيْهِمْ بِجُحُودِهِمْ بِآيَاتِهِ وَتَكْذِيبِهِمْ لِرُسُلِهِ كِبْرًا وَعِنَادًا ، يُقَالُ : كَفَرَهُ وَكَفَرَ بِهِ ، وَشَكَرَهُ وَشَكَرَ لَهُ ، وَمَعْنَى مَادَّةِ الْكُفْرِ فِي الْأَصْلِ التَّغْطِيَةُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=60أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ ) دُعَاءٌ عَلَيْهِمْ بِالْهَلَاكِ وَالْبُعْدِ مِنَ الرَّحْمَةِ حِكَايَةً لِبَدْئِهِ ، وَتَسْجِيلًا لِدَوَامِهِ ، كَرَّرَ أَلَا الْمُنَبِّهَةَ لِمَا بَعْدَهَا تَعْظِيمًا لِأَمْرِهِ ، وَكَرَّرَ اسْمَهُمْ وَوَصْفَهُمْ بِـ قَوْمِ هُودٍ لِيُفِيدَ السَّامِعَ بِالتَّكْرِيرِ تَقْرِيرَ اسْتِحْقَاقِهِمْ لِللَّعْنَةِ وَالْإِبْعَادِ وَسَبَبِهِ ، وَأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ شُبْهَةُ عُذْرٍ لِرَدِّ الدَّعْوَةِ الْمُعَقِّبَةِ لِلْحِرْمَانِ مِمَّا كَانُوا فِيهِ مِنْ خَيْرٍ وَنِعْمَةٍ ، وَالِانْتِهَاءِ إِلَى ضِدِّهِ مِنْ شَقَاءٍ وَنِقْمَةٍ .