nindex.php?page=treesubj&link=33954قصة شعيب - عليه السلام - مع قومه :
تقدمت قصة شعيب في بضع آيات من سورة الأعراف من الآية 85 - 93 ، وها هي ذي نسقت هنا في اثنتي عشرة آية من الآية 84 - 95 ، وفي كل منها من الحكم والأحكام والمواعظ ما ليس في الأخرى ، مع السلامة من الاختلاف والتفاوت والتعارض ، وقد تكلمنا على نسبه وما ورد فيه وفي قومه في تفسيرها من سورة الأعراف ، فتراجع في ( ص 468 - 471 ج 8 ط الهيئة ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=84وإلى مدين أخاهم شعيبا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ( 84 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=85ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين ( 85 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=86بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ ( 86 ) .
هذه الآيات الثلاث في
nindex.php?page=treesubj&link=33954تبليغ شعيب قومه الدعوة وهي : الأمر بتوحيد الله في العبادة ، والنهي عن أشد الرذائل فشوا فيهم ، والأمر بالفضيلة التي تقابلها .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=84nindex.php?page=treesubj&link=28982وإلى مدين أخاهم شعيبا - معطوف على ما تقدمه مثله ، أي وأرسلنا إلى
أهل مدين أخاهم في النسب
شعيبا -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=84قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره - اعبدوا الله وحده
[ ص: 117 ] ولا تعبدوا معه غيره - ما لكم من إله غيره فيعبد ، وهذا ما كان يدعو إليه جميع رسل الله كما تقدم . ثم انتقل إلى ما هو خاص بهم من الأحكام العملية فقال : ولا تنقصوا المكيال والميزان فيما تكيلون وما تزنون من المبيعات كما هي عادتكم ، وكانوا تجارا مطففين -
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=2إذا اكتالوا على الناس يستوفون nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=3وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون - 83 : 2 و 3 أي : ينقصون ، - إني أراكم بخير - أي بثروة واسعة في الرزق ، يجب أن ترفع أنفسكم عن دناءة بخس حقوق الناس وأكل أموالهم بالباطل ، بما تنقصون من المبيع لهم من مكيل وموزون .
وهو كفر لنعمة الله عليكم بالغنى والسعة ، والواجب عليكم شكرها بالزيادة على سبيل الإحسان ، فالجملة تعليل للنهي عن النقصان -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=84وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط - أي : عذاب يوم محيط ما يقع فيه من العذاب بكم إذا أنتم أصررتم على شرككم بالله بعبادة غيره ، وكفركم بنعمه بنقص المكيال والميزان . وهذا اليوم يصدق بيوم القيامة ويوم عذاب الاستئصال .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=85ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط - لا ينسين القارئ ما تقدم من حكمة تكرار النداء بلقب " قومي " من الاستعطاف ، وهذا أمر بالواجب بعد النهي عن ضده لتأكيده ، وتنبيه لكون عدم التعمد للنقص لا يكفي لتحري الحق ، بل يجب معه تحري الإيفاء بالعدل والسوية من غير زيادة ولا نقص ، وإن كانت الثقة به لا تحصل أو لا تتيقن إلا بزيادة قليلة ، فهي قد تدخل في باب "
nindex.php?page=treesubj&link=20531ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب " . وتعمدها في الكيل أو الوزن للناس سخاء فهو فضيلة مندوب ، وفي الاكتيال أو الوزن عليهم طمع فهو رذيلة محظور -
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85ولا تبخسوا الناس أشياءهم - هذا أعم مما سبقه ، فإن البخس يشمل النقص والعيب في كل شيء ، يقال : بخسه - من باب نفع - حقه وبخسه ماله وبخسه علمه وفضله . والأشياء جمع شيء وهو أعم الألفاظ ، وجمعه يشمل ما للأفراد وما للجماعات والأقوام من مكيل وموزون ومعدود ومحدود بحدود الحسية ومن حقوق مادية ومعنوية ، وقد فصلنا هذا وبينا العبرة فيه بتعامل أهل الشرق مع أهل الغرب في هذا العصر في تفسير سورة الأعراف : ( 7 : 85 ) فتراجع في ( ص 472 وما بعدها ج8 ط الهيئة ) .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=85ولا تعثوا في الأرض مفسدين - أي : ولا تفسدوا فيها حال كونكم متعمدين للإفساد ، يقال : عثي يعثى ( كرضي يرضى ) عثيا بكسرتين وتشديد الياء - وعثا يعثو ( كغزا يغزو ) عثوا بضمتين والتشديد أيضا - أفسد ، وهذا نهي آخر عام يشمل غير ما تقدم ، كقطع الطرق وتهديد الأمن والخروج على السلطان وقطع الشجر وقتل الحيوان ، وقيده بقصد الإفساد ؛ لأن بعض ما هو إفساد في الظاهر قد يراد به الإصلاح أو دفع أخف الضررين ، كالذي يقع في الحرب من قطع الأشجار ، أو فتح سدود الأنهار ، أو إحراق بعض الأشياء بالنار ، ومنه خرق
الخضر للسفينة التي كانت لمساكين يعملون في البحر لمنع الملك الظالم الذي وراءهم
[ ص: 118 ] من أخذها إذا أعجبته . والإفساد : تعطيل يشمل مصالح الدنيا ، وصفات النفس وأخلاقها ، وأمور الدين ، وكل هذه المفاسد فاشية في هذا العصر .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=86بقية الله خير لكم - أي : ما يبقى لكم بعد إيفاء الكيل والميزان من الربح الحلال ، خير لكم مما تأخذونه بالتطفيف ونحوه من الحرام ، أو -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=86بقية الله - الأعمال الصالحة التي يبقى أثرها الحسن في الدنيا وثوابها في الآخرة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هي رزق الله ،
ومجاهد : طاعة الله ،
والربيع : وصية الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء : مراقبة الله ،
وقتادة : حظكم من الله - إن كنتم مؤمنين - به حق الإيمان ، فإن الإيمان هو الذي يطهر النفس من دناءة الطمع ، ويحليها بفضيلة القناعة والكرم والسخاء - وما أنا عليكم بحفيظ - فأحفظكم من هذه المعاصي والرذائل أو أعاقبكم عليها ، وإنما أنا مبلغ عليم وناصح أمين .
nindex.php?page=treesubj&link=33954قِصَّةُ شُعَيْبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَعَ قَوْمِهِ :
تَقَدَّمَتْ قِصَّةُ شُعَيْبٍ فِي بِضْعِ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ مِنَ الْآيَةِ 85 - 93 ، وَهَا هِيَ ذِي نُسِّقَتْ هُنَا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ آيَةً مِنَ الْآيَةِ 84 - 95 ، وَفِي كُلٍّ مِنْهَا مِنَ الْحِكَمِ وَالْأَحْكَامِ وَالْمَوَاعِظِ مَا لَيْسَ فِي الْأُخْرَى ، مَعَ السَّلَامَةِ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَالتَّفَاوُتِ وَالتَّعَارُضِ ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى نَسَبِهِ وَمَا وَرَدَ فِيهِ وَفِي قَوْمِهِ فِي تَفْسِيرِهَا مِنْ سُورَةِ الْأَعْرَافِ ، فَتُرَاجَعَ فِي ( ص 468 - 471 ج 8 ط الْهَيْئَةِ ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=84وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ( 84 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=85وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ( 85 )
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=86بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ ( 86 ) .
هَذِهِ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=33954تَبْلِيغِ شُعَيْبٍ قَوْمَهُ الدَّعْوَةَ وَهِيَ : الْأَمْرُ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ فِي الْعِبَادَةِ ، وَالنَّهْيُ عَنْ أَشَدِّ الرَّذَائِلِ فُشُوًّا فِيهِمْ ، وَالْأَمْرُ بِالْفَضِيلَةِ الَّتِي تُقَابِلُهَا .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=84nindex.php?page=treesubj&link=28982وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا - مَعْطُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَهُ مِثْلُهُ ، أَيْ وَأَرْسَلْنَا إِلَى
أَهْلِ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ فِي النَّسَبِ
شُعَيْبًا -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=84قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ - اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ
[ ص: 117 ] وَلَا تَعْبُدُوا مَعَهُ غَيْرَهُ - مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ فَيُعْبَدُ ، وَهَذَا مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ جَمِيعُ رُسُلِ اللَّهِ كَمَا تَقَدَّمَ . ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى مَا هُوَ خَاصٌّ بِهِمْ مِنَ الْأَحْكَامِ الْعَمَلِيَّةِ فَقَالَ : وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ فِيمَا تَكِيلُونَ وَمَا تَزِنُونَ مِنَ الْمَبِيعَاتِ كَمَا هِيَ عَادَتُكُمْ ، وَكَانُوا تُجَّارًا مُطَفِّفِينَ -
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=2إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=3وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ - 83 : 2 و 3 أَيْ : يُنْقِصُونَ ، - إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ - أَيْ بِثَرْوَةٍ وَاسِعَةٍ فِي الرِّزْقِ ، يَجِبُ أَنْ تَرْفَعَ أَنْفُسَكُمْ عَنْ دَنَاءَةِ بَخْسِ حُقُوقِ النَّاسِ وَأَكْلِ أَمْوَالِهِمْ بِالْبَاطِلِ ، بِمَا تُنْقِصُونَ مِنَ الْمَبِيعِ لَهُمْ مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ .
وَهُوَ كُفْرٌ لِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بِالْغِنَى وَالسَّعَةِ ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْكُمْ شُكْرُهَا بِالزِّيَادَةِ عَلَى سَبِيلِ الْإِحْسَانِ ، فَالْجُمْلَةُ تَعْلِيلٌ لِلنَّهْيِ عَنِ النُّقْصَانِ -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=84وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ - أَيْ : عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ مَا يَقَعُ فِيهِ مِنَ الْعَذَابِ بِكُمْ إِذَا أَنْتُمْ أَصْرَرْتُمْ عَلَى شِرْكِكُمْ بِاللَّهِ بِعِبَادَةِ غَيْرِهِ ، وَكَفْرِكُمْ بِنِعَمِهِ بِنَقْصِ الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ . وَهَذَا الْيَوْمُ يَصْدُقُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَوْمِ عَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=85وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ - لَا يَنْسَيَنَّ الْقَارِئُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حِكْمَةِ تَكْرَارِ النِّدَاءِ بِلَقَبِ " قَوْمِي " مِنَ الِاسْتِعْطَافِ ، وَهَذَا أَمْرٌ بِالْوَاجِبِ بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ لِتَأْكِيدِهِ ، وَتَنْبِيهٌ لِكَوْنِ عَدَمِ التَّعَمُّدِ لِلنَّقْصِ لَا يَكْفِي لِتَحَرِّي الْحَقِّ ، بَلْ يَجِبُ مَعَهُ تَحَرِّي الْإِيفَاءِ بِالْعَدْلِ وَالسَّوِيَّةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ ، وَإِنْ كَانَتِ الثِّقَةُ بِهِ لَا تَحْصُلُ أَوْ لَا تُتَيَقَّنُ إِلَّا بِزِيَادَةٍ قَلِيلَةٍ ، فَهِيَ قَدْ تَدْخُلُ فِي بَابِ "
nindex.php?page=treesubj&link=20531مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ " . وَتَعَمُّدُهَا فِي الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ لِلنَّاسِ سَخَاءٌ فَهُوَ فَضِيلَةٌ مَنْدُوبٌ ، وَفِي الِاكْتِيَالِ أَوِ الْوَزْنِ عَلَيْهِمْ طَمَعٌ فَهُوَ رَذِيلَةٌ مَحْظُورٌ -
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ - هَذَا أَعَمُّ مِمَّا سَبَقَهُ ، فَإِنَّ الْبَخْسَ يَشْمَلُ النَّقْصَ وَالْعَيْبُ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، يُقَالُ : بَخَسَهُ - مِنْ بَابِ نَفَعَ - حَقَّهُ وَبَخَسَهُ مَالَهُ وَبَخَسَهُ عِلْمَهُ وَفَضْلَهُ . وَالْأَشْيَاءُ جَمْعُ شَيْءٍ وَهُوَ أَعَمُّ الْأَلْفَاظِ ، وَجَمْعُهُ يَشْمَلُ مَا لِلْأَفْرَادِ وَمَا لِلْجَمَاعَاتِ وَالْأَقْوَامِ مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ وَمَحْدُودٍ بِحُدُودِ الْحِسِّيَّةِ وَمِنْ حُقُوقٍ مَادِّيَّةٍ وَمَعْنَوِيَّةٍ ، وَقَدْ فَصَّلْنَا هَذَا وَبَيَّنَّا الْعِبْرَةَ فِيهِ بِتَعَامُلِ أَهْلِ الشَّرْقِ مَعَ أَهْلِ الْغَرْبِ فِي هَذَا الْعَصْرِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ : ( 7 : 85 ) فَتُرَاجَعْ فِي ( ص 472 وَمَا بَعْدَهَا ج8 ط الْهَيْئَةِ ) .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=85وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ - أَيْ : وَلَا تُفْسِدُوا فِيهَا حَالَ كَوْنِكُمْ مُتَعَمِّدِينَ لِلْإِفْسَادِ ، يُقَالُ : عَثِيَ يَعْثَى ( كَرَضِيَ يَرْضَى ) عِثِيًّا بِكَسْرَتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ - وَعَثَا يَعْثُو ( كَغَزَا يَغْزُو ) عُثُوًّا بِضَمَّتَيْنِ وَالتَّشْدِيدُ أَيْضًا - أَفْسَدَ ، وَهَذَا نَهْيٌ آخَرُ عَامٌّ يَشْمَلُ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ ، كَقَطْعِ الطُّرُقِ وَتَهْدِيدِ الْأَمْنِ وَالْخُرُوجِ عَلَى السُّلْطَانِ وَقَطْعِ الشَّجَرِ وَقَتْلِ الْحَيَوَانِ ، وَقَيْدِهِ بِقَصْدِ الْإِفْسَادِ ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا هُوَ إِفْسَادٌ فِي الظَّاهِرِ قَدْ يُرَادُ بِهِ الْإِصْلَاحُ أَوْ دَفْعُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ ، كَالَّذِي يَقَعُ فِي الْحَرْبِ مِنْ قَطْعِ الْأَشْجَارِ ، أَوْ فَتْحِ سُدُودِ الْأَنْهَارِ ، أَوْ إِحْرَاقِ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ بِالنَّارِ ، وَمِنْهُ خَرْقُ
الْخَضِرِ لِلسَّفِينَةِ الَّتِي كَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ لِمَنْعِ الْمَلِكِ الظَّالِمِ الَّذِي وَرَاءَهُمْ
[ ص: 118 ] مِنْ أَخْذِهَا إِذَا أَعْجَبَتْهُ . وَالْإِفْسَادُ : تَعْطِيلٌ يَشْمَلُ مَصَالِحَ الدُّنْيَا ، وَصِفَاتِ النَّفْسِ وَأَخْلَاقَهَا ، وَأُمُورَ الدِّينِ ، وَكُلُّ هَذِهِ الْمَفَاسِدُ فَاشِيَّةٌ فِي هَذَا الْعَصْرِ .
-
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=86بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ - أَيْ : مَا يَبْقَى لَكُمْ بَعْدَ إِيفَاءِ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ مِنَ الرِّبْحِ الْحَلَالِ ، خَيْرٌ لَكُمْ مِمَّا تَأْخُذُونَهُ بِالتَّطْفِيفِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْحَرَامِ ، أَوْ -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=86بَقِيَّةُ اللَّهِ - الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي يَبْقَى أَثَرُهَا الْحَسَنُ فِي الدُّنْيَا وَثَوَابُهَا فِي الْآخِرَةِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : هِيَ رِزْقُ اللَّهِ ،
وَمُجَاهِدٌ : طَاعَةُ اللَّهِ ،
وَالرَّبِيعُ : وَصِيَّةُ اللَّهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ : مُرَاقَبَةُ اللَّهِ ،
وَقَتَادَةُ : حَظُّكُمْ مِنَ اللَّهِ - إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ - بِهِ حَقَّ الْإِيمَانُ ، فَإِنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الَّذِي يُطَهِّرُ النَّفْسَ مِنْ دَنَاءَةِ الطَّمَعِ ، وَيُحَلِّيهَا بِفَضِيلَةِ الْقَنَاعَةِ وَالْكَرَمِ وَالسَّخَاءِ - وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ - فَأَحْفَظُكُمْ مِنْ هَذِهِ الْمَعَاصِي وَالرَّذَائِلِ أَوْ أُعَاقِبُكُمْ عَلَيْهَا ، وَإِنَّمَا أَنَا مُبَلِّغٌ عَلِيمٌ وَنَاصِحٌ أَمِينٌ .