[ ص: 222 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=28983_28901وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم فأدلى دلوه قال يابشرى هذا غلام وأسروه بضاعة والله عليم بما يعملون nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=20وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين .
[ ص: 223 ] هاتان الآيتان في استعباد قافلة من التجار
ليوسف - عليه السلام - والاتجار به .
( وجاءت ) ذلك المكان الذي كانوا فيه ( سيارة ) صيغة مبالغة من السير ( ( كجوالة ، وكشافة ) ) أي جماعة أو قافلة . وفي سفر التكوين أنهم كانوا من الإسماعيليين أي من العرب فأرسلوا واردهم المختص بورود الماء للاستقاء لهم ( فأدلى دلوه ) أي أرسله ودلاه في ذلك الجب فتعلق به
يوسف ، فلما خرج ورآه قال يا بشرى هذا غلام يبشر به جماعته السيارة قرأها الجمهور ( ( يا بشراي ) ) بالإضافة إلى ياء المتكلم ، والكوفيون بدونها ، وأمال ألفها
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي . ونداء البشرى معناه أن هذا وقتها وموجبها فقد آن لها أن تحضر ، ومثله قولهم : يا أسفى ويا أسفي ، ويا حسرتا ويا حسرتي ، إذا وقع ما هو سبب لذلك . فاستبشر به السيارة وأسروه بضاعة أي أخفوه من الناس لئلا يدعيه أحد من أهل ذلك المكان ؛ لأجل أن يكون بضاعة لهم من جملة تجارتهم ، والبضاعة ما يقطع من المال ويفرز للاتجار به ، مشتق من البضع وهو الشق والقطع ، ومنه البضعة والبضع من العدد وهي من ثلاث إلى تسع ، والبضعة من اللحم وهي القطعة . وما قيل من أن الذين أسروه هم الوارد الذي استخرجه ومن كان معه دون سائر السيارة ، أو أن الضمير في : ( وأسروه ) لإخوة
يوسف فهو خلاف الظاهر (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=19والله عليم بما يعملون ) أي بما يعمله هؤلاء السيارة وما يعمله إخوة
يوسف ، فلكل منهم أرب في
يوسف : السيارة يدعون بالباطل أنه عبد لهم فيتجرون به ، وإخوة
يوسف أمرهم مع أبيهم في إخفائه وتغريبه ودعوى أكل الذئب إياه معلوم وأنه كيد باطل ، وحكمة الله - تعالى - فيه فوق كل ذلك .
nindex.php?page=treesubj&link=28983_31895_28901 ( nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=20وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) شرى الشيء يشريه باعه واشتراه ابتاعه ، أي باعوه بثمن قليل ناقص عن ثمن مثله على أنه ليس له مثل ، هو دراهم لا دنانير ، معدودة لا موزونة ، وإنما يعد القليل ، ويوزن الكثير ، وكانت العرب تزن ما بلغ الأوقية وهي أربعون درهما فما فوقها وتعد ما دونها ، ولهذا يعبرون عن القليلة بالمعدودة ، والبخس في اللغة الناقص والمعيب (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85ولا تبخسوا الناس أشياءهم ) 7 : 85 وروي تفسيره هنا بالحرام وبالظلم لأنه بيع حر ، فيكون وصفه بدراهم معدودة مستقلا لا تفسيرا لبخس ، وظاهر النظم أن الذين شروه هم السيارة . وفي سفر التكوين أن إخوته قرروا بيعه للإسماعيليين ، وقد أخرجه من الجب جماعة من
مدين وباعوه لهم وقد بعد ذكرهم ، ويحتمل أن يكون لفظ وشروه وقد استعمل بمعنى اشتروه وهو مسموع ، ويكون المراد أنهم اشتروه من إخوته بثمن بخس ثم باعوه في
مصر بثمن بخس أيضا ، وهو إدماج من دقائق الإيجاز ، وأما الثمن البخس الذي بيع به ففي سفر التكوين أنه كان عشرين ( ( شاقلا ) ) من الفضة ، وقدر علماء التاريخ القديم الشاقل بخمسة عشر غراما من الوزن العشري اللاتيني المعروف في عصرنا
[ ص: 224 ] فيكون ثمنه 300 غرام من الفضة ، وهي تقرب من 94 درهما من دراهمنا اليوم ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه عشرون درهما ولعله سمعه عن
اليهود فظن أن العشرين عندهم هي الدراهم عند العرب (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=20وكانوا فيه من الزاهدين ) أي وكان هؤلاء الذين باعوه من الراغبين عنه الذين يبغون الخلاص منه لئلا يظهر من يطالبهم به لأنه حر ، والثمن لم يكن مقصودا لهم ولهذا قنعوا بالبخس منه .
[ ص: 222 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=28983_28901وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=20وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ .
[ ص: 223 ] هَاتَانِ الْآيَتَانِ فِيَ اسْتِعْبَادِ قَافِلَةٍ مِنَ التُّجَّارِ
لِيُوسُفَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَالِاتِّجَارِ بِهِ .
( وَجَاءَتْ ) ذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِي كَانُوا فِيهِ ( سَيَّارَةٌ ) صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ مِنَ السَّيْرِ ( ( كَجَوَّالَةٍ ، وَكَشَّافَةٍ ) ) أَيْ جَمَاعَةٌ أَوْ قَافِلَةٌ . وَفِي سِفْرِ التَّكْوِينِ أَنَّهُمْ كَانُوا مِنَ الْإِسْمَاعِيلِيِّينَ أَيْ مِنَ الْعَرَبِ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمُ الْمُخْتَصَّ بِوُرُودِ الْمَاءِ لِلِاسْتِقَاءِ لَهُمْ ( فَأَدْلَى دَلْوَهُ ) أَيْ أَرْسَلَهُ وَدَلَّاهُ فِي ذَلِكَ الْجُبِّ فَتَعَلَّقَ بِهِ
يُوسُفُ ، فَلَمَّا خَرَجَ وَرَآهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ يُبَشِّرُ بِهِ جَمَاعَتَهُ السَّيَّارَةَ قَرَأَهَا الْجُمْهُورُ ( ( يَا بُشْرَايَ ) ) بِالْإِضَافَةِ إِلَى يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ ، وَالْكُوفِيُّونَ بِدُونِهَا ، وَأَمَالَ أَلِفَهَا
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ . وَنِدَاءُ الْبُشْرَى مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا وَقْتُهَا وَمُوجِبُهَا فَقَدْ آنَ لَهَا أَنْ تَحَضُرَ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ : يَا أَسَفَى وَيَا أَسَفِي ، وَيَا حَسْرَتَا وَيَا حَسْرَتِي ، إِذَا وَقَعَ مَا هُوَ سَبَبٌ لِذَلِكَ . فَاسْتَبْشَرَ بِهِ السَّيَّارَةُ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً أَيْ أَخْفَوْهُ مِنَ النَّاسِ لِئَلَّا يَدَّعِيَهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ ؛ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ بِضَاعَةً لَهُمْ مِنْ جُمْلَةِ تِجَارَتِهِمْ ، وَالْبِضَاعَةُ مَا يُقْطَعُ مِنَ الْمَالِ وَيُفْرَزُ لِلِاتِّجَارِ بِهِ ، مُشْتَقٌّ مِنَ الْبَضْعِ وَهُوَ الشَّقُّ وَالْقَطْعُ ، وَمِنْهُ الْبَضْعَةُ وَالْبِضْعُ مِنَ الْعَدَدِ وَهِيَ مِنْ ثَلَاثٍ إِلَى تِسْعٍ ، وَالْبَضْعَةُ مِنَ اللَّحْمِ وَهِيَ الْقِطْعَةُ . وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الَّذِينَ أَسَرُّوهُ هُمُ الْوَارِدُ الَّذِي اسْتَخْرَجَهُ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ دُونَ سَائِرِ السَّيَّارَةِ ، أَوْ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي : ( وَأَسَرُّوهُ ) لِإِخْوَةِ
يُوسُفَ فَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=19وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ) أَيْ بِمَا يَعْمَلُهُ هَؤُلَاءِ السَّيَّارَةُ وَمَا يَعْمَلُهُ إِخْوَةُ
يُوسُفَ ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمْ أَرَبٌ فِي
يُوسُفَ : السَّيَّارَةُ يَدَّعُونَ بِالْبَاطِلِ أَنَّهُ عَبْدٌ لَهُمْ فَيَتَّجِرُونَ بِهِ ، وَإِخْوَةُ
يُوسُفَ أَمْرُهُمْ مَعَ أَبِيهِمْ فِي إِخْفَائِهِ وَتَغْرِيبِهِ وَدَعْوَى أَكْلِ الذِّئْبِ إِيَّاهُ مَعْلُومٌ وَأَنَّهُ كَيْدٌ بَاطِلٌ ، وَحِكْمَةُ اللَّهِ - تَعَالَى - فِيهِ فَوْقَ كُلِّ ذَلِكَ .
nindex.php?page=treesubj&link=28983_31895_28901 ( nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=20وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ ) شَرَى الشَّيْءَ يَشْرِيهِ بَاعَهُ وَاشْتَرَاهُ ابْتَاعَهُ ، أَيْ بَاعُوهُ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ نَاقِصٍ عَنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ ، هُوَ دَرَاهِمُ لَا دَنَانِيرُ ، مَعْدُودَةٌ لَا مَوْزُونَةٌ ، وَإِنَّمَا يُعَدُّ الْقَلِيلُ ، وَيُوزَنُ الْكَثِيرُ ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَزِنُ مَا بَلَغَ الْأُوقِيَّةَ وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فَمَا فَوْقَهَا وَتُعَدُّ مَا دُونَهَا ، وَلِهَذَا يُعَبِّرُونَ عَنِ الْقَلِيلَةِ بِالْمَعْدُودَةِ ، وَالْبَخْسُ فِي اللُّغَةِ النَّاقِصُ وَالْمَعِيبُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=85وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ ) 7 : 85 وَرُوِيَ تَفْسِيرُهُ هُنَا بِالْحَرَامِ وَبِالظُّلْمِ لِأَنَّهُ بَيْعُ حُرٍّ ، فَيَكُونُ وَصْفُهُ بِدَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ مُسْتَقِلًّا لَا تَفْسِيرًا لِبَخْسٍ ، وَظَاهِرُ النَّظْمِ أَنَّ الَّذِينَ شَرَوْهُ هُمُ السَّيَّارَةُ . وَفِي سِفْرِ التَّكْوِينِ أَنَّ إِخْوَتَهُ قَرَّرُوا بَيْعَهُ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّينَ ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنَ الْجُبِّ جَمَاعَةٌ مِنْ
مَدْيَنَ وَبَاعُوهُ لَهُمْ وَقَدْ بَعُدَ ذِكْرُهُمْ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ وَشَرَوْهُ وَقَدِ اسْتُعْمِلَ بِمَعْنَى اشْتَرَوْهُ وَهُوَ مَسْمُوعٌ ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ أَنَّهُمُ اشْتَرَوْهُ مِنْ إِخْوَتِهِ بِثَمَنٍ بَخْسٍ ثُمَّ بَاعُوهُ فِي
مِصْرَ بِثَمَنٍ بَخْسٍ أَيْضًا ، وَهُوَ إِدْمَاجٌ مِنْ دَقَائِقِ الْإِيجَازِ ، وَأَمَّا الثَّمَنُ الْبَخْسُ الَّذِي بِيعَ بِهِ فَفِي سِفْرِ التَّكْوِينِ أَنَّهُ كَانَ عِشْرِينَ ( ( شَاقِلًا ) ) مِنَ الْفِضَّةِ ، وَقَدَّرَ عُلَمَاءُ التَّارِيخِ الْقَدِيمِ الشَّاقِلَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ غَرَامًا مِنَ الْوَزْنِ الْعَشْرِيِّ اللَّاتِينِيِّ الْمَعْرُوفِ فِي عَصْرِنَا
[ ص: 224 ] فَيَكُونُ ثَمَنُهُ 300 غَرَامٍ مِنَ الْفِضَّةِ ، وَهِيَ تَقْرُبُ مِنْ 94 دِرْهَمًا مِنْ دَرَاهِمِنَا الْيَوْمَ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ عَنِ
الْيَهُودِ فَظَنَّ أَنَّ الْعِشْرِينَ عِنْدَهُمْ هِيَ الدَّرَاهِمُ عِنْدَ الْعَرَبِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=20وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ) أَيْ وَكَانَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ بَاعُوهُ مِنَ الرَّاغِبِينَ عَنْهُ الَّذِينَ يَبْغُونَ الْخَلَاصَ مِنْهُ لِئَلَّا يَظْهَرَ مَنْ يُطَالِبُهُمْ بِهِ لِأَنَّهُ حُرٌّ ، وَالثَّمَنُ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا لَهُمْ وَلِهَذَا قَنَعُوا بِالْبَخْسِ مِنْهُ .