(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=28983_31899قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين ) .
[ ص: 237 ] ( آيات تحقيق زوجها في القضية ) :
هذه الآيات الأربع في تحقيق القضية وعلم زوجها به براءة
يوسف وثبوت خطيئتها ، وبدئ ببيان جوابه الصريح المنتظر بعد اتهامها إياه بالتلميح وهو :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26قال هي راودتني عن نفسي ) فامتنعت وفررت كما ترى . فصارت النازلة أو القضية باختلاف قوليهما موضوع بحث وتحقيق وتشاور بين زوجها وأهلها لم يبين لنا التنزيل تفصيله ، لأن المقصود من القصة فيه بيان نزاهة
يوسف وفضائله للعبرة لها . وإنما علمنا أن هذا وقع بالفعل ، كما نعلم أنه كان متوقعا بحكم العادة والعقل ، ومن قوله - تعالى - :
nindex.php?page=treesubj&link=28983_31899 ( nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26وشهد شاهد من أهلها ) أي أخبر عن مشاهدة أو علم كالمشاهدة ، وقيل : حكم مستدلا بما ذكر ، وقد اختلفوا في هذا الشاهد كعادتهم في المبهمات التي يكثر فيها التخيل والاختراع ، هل كان صغيرا أو كبيرا أو حكيما أو من خاصة الملك أو حيوانا ، حتى رووا عن
مجاهد أنه قال : ليس بإنس ولا جان ، هو خلق الله ، مع قول الله إنه من أهلها ، ولكن الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير والضحاك أنه كان صبيا في المهد ، يؤيدها ما رواه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003475تكلم أربعة وهم صغار : ابن ماشطة فرعون ، وشاهد يوسف ، وصاحب جريج ، وعيسى ابن مريم ) )
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
عيسى ابن مريم ، وصاحب
يوسف ، وصاحب
جريج تكلموا في المهد ) ) وهذا موقوف والمرفوع ضعيف ، وقد اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وحكاه
ابن كثير بدون تأييد ولا رد ، وأما هذه الشهادة - وفسرها بعضهم بالحكم - فهي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26إن كان قميصه قد من قبل ) أي من قدام فصدقت في دعواها أنه أراد بها سوءا ، فإنه لما وثب عليها أخذت بتلابيبه فجاذبها فانقد قميصه وهما يتنازعان ويتصارعان (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26وهو من الكاذبين ) في دعواه أنها راودته فامتنع وفر فتبعته وجذبته تريد إرجاعه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وإن كان قميصه قد من دبر ) أي من خلف ( فكذبت ) في دعواها أنه هجم عليها يريد ضربها (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وهو من الصادقين ) في قوله إنه فر منها هاربا . وهذه الشهادة ظاهرة على التفسير المختار الذي قررناه ، ومشكلة على قول الجمهور كما صرح به بعض المدققين .
nindex.php?page=treesubj&link=31899_28983 ( nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن ) أي إن هذا العمل ومحاولة التنصل
[ ص: 238 ] منه بالاتهام ، من كيدكن المعهود منكن معشر النساء . فهو لم يخص الكيد بزوجه فيقال : إنه أمر شاذ منها يجب التروي في تحقيقه بأكثر مما شهد به أحد أهلها ، وهو لا يتهم في التحامل عليها وظلمها ، بل هو سنة عامة فيهن في التقصي من خطيئاتهن ، فقد أثبت خطيئتها مستدلا عليها بالسنة العامة لهن في أمثالها (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28إن كيدكن عظيم ) لا قبل للرجال به ، ولا يفطنون لحيلكن في دقائقه .
قال بعض المفسرين : ولربات القصور منهن القدح المعلى من ذلك ؛ لأنهن أكثر تفرغا له من غيرهن ، مع كثرة اختلاف الكيادات إليهن . وههنا يذكرون قوله - تعالى - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) 4 : 76 يستدلون به على أن كيد النساء أعظم من كيد الشيطان ، ولا دلالة فيه ، وإن فرضنا أن حكاية قول هذا إقرار له ، فالمقام مختلف ، وإنما كيد النسوان بعض كيد الشيطان ، ثم التفت إليها وإلى
يوسف قائلا :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29يوسف أعرض عن هذا ) الكيد الذي جرى لك ولا تتحدث به ، ولا تخف من تهديدها لك (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29واستغفري لذنبك ) أيتها المرأة وتوبي إلى الله - تعالى - (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29إنك كنت من الخاطئين ) أي من جنس المجرمين مرتكبي الخطايا المتعمدين لها .
ولهذا غلب فيه جمع المذكر فلم يقل من الخاطئات ( ( وقد استدل
الكرخي بقول هذا الوزير الكبير لزوجه على أنه كان قليل الغيرة وسيأتي ما يؤيده ، وزعم
أبو حيان في ( ( البحر المحيط ) ) أن هذا مقتضى طبيعة تربة
مصر وبيئتها ، وأنها لرخاوتها لا ينشأ فيها الأسد ولو دخل فيها لا يبقى . وهذا كلام غير مبني على علم صحيح ، فأما سبب عدم نشوء الأسد في هذا القطر فهو خلوه من الغابات والأدغال التي يعيش فيها ، وأما كونه إذا أدخل لا يبقى ، فإن صح بالتجربة في الماضي فسببه عدم وجود المأوى له ، وها نحن أولاء نرى الأسود والفهود والنمور تعيش وتتناسل في
حديقة الحيوان بالجيزة ، وإنما أشرنا إلى هذا للرد على زاعميه ، والإطالة فيه ليست من موضوع التفسير .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=28983_31899قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ) .
[ ص: 237 ] ( آيَاتُ تَحْقِيقِ زَوْجِهَا فِي الْقَضِيَّةِ ) :
هَذِهِ الْآيَاتُ الْأَرْبَعُ فِي تَحْقِيقِ الْقَضِيَّةِ وَعِلْمِ زَوْجِهَا بِهِ بَرَاءَةَ
يُوسُفَ وَثُبُوتَ خَطِيئَتِهَا ، وَبُدِئَ بِبَيَانِ جَوَابِهِ الصَّرِيحِ الْمُنْتَظَرِ بَعْدَ اتِّهَامِهَا إِيَّاهُ بِالتَّلْمِيحِ وَهُوَ :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي ) فَامْتَنَعْتُ وَفَرَرْتُ كَمَا تَرَى . فَصَارَتِ النَّازِلَةُ أَوِ الْقَضِيَّةُ بِاخْتِلَافِ قَوْلَيْهِمَا مَوْضُوعُ بَحْثٍ وَتَحْقِيقٍ وَتَشَاوُرٍ بَيْنَ زَوْجِهَا وَأَهْلِهَا لَمْ يُبَيِّنْ لَنَا التَّنْزِيلُ تَفْصِيلَهُ ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْقِصَّةِ فِيهِ بَيَانُ نَزَاهَةِ
يُوسُفَ وَفَضَائِلِهِ لِلْعِبْرَةِ لَهَا . وَإِنَّمَا عَلِمْنَا أَنَّ هَذَا وَقَعَ بِالْفِعْلِ ، كَمَا نَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ مُتَوَقَّعًا بِحُكْمِ الْعَادَةِ وَالْعَقْلِ ، وَمِنْ قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=treesubj&link=28983_31899 ( nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا ) أَيْ أَخْبَرَ عَنْ مُشَاهَدَةٍ أَوْ عِلْمٍ كَالْمُشَاهَدَةِ ، وَقِيلَ : حَكَمَ مُسْتَدِلًّا بِمَا ذُكِرَ ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الشَّاهِدِ كَعَادَتِهِمْ فِي الْمُبْهَمَاتِ الَّتِي يَكْثُرُ فِيهَا التَّخَيُّلُ وَالِاخْتِرَاعُ ، هَلْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ حَكِيمًا أَوْ مِنْ خَاصَّةِ الْمَلِكِ أَوْ حَيَوَانًا ، حَتَّى رَوَوْا عَنْ
مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ : لَيْسَ بِإِنْسٍ وَلَا جَانٍّ ، هُوَ خَلْقُ اللَّهِ ، مَعَ قَوْلِ اللَّهِ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا ، وَلَكِنَّ الرِّوَايَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالضَّحَّاكِ أَنَّهُ كَانَ صَبِيًّا فِي الْمَهْدِ ، يُؤَيِّدُهَا مَا رَوَاهُ
أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003475تَكَلَّمَ أَرْبَعَةٌ وَهُمْ صِغَارٌ : ابْنُ مَاشِطَةِ فِرْعَوْنَ ، وَشَاهِدُ يُوسُفَ ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ) )
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَصَاحِبُ
يُوسُفَ ، وَصَاحِبُ
جُرَيْجٍ تَكَلَّمُوا فِي الْمَهْدِ ) ) وَهَذَا مَوْقُوفٌ وَالْمَرْفُوعُ ضَعِيفٌ ، وَقَدِ اخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ وَحَكَاهُ
ابْنُ كَثِيرٍ بِدُونِ تَأْيِيدٍ وَلَا رَدٍّ ، وَأَمَّا هَذِهِ الشَّهَادَةُ - وَفَسَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِالْحُكْمِ - فَهِيَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ ) أَيْ مِنْ قُدَّامٍ فَصَدَقَتْ فِي دَعْوَاهَا أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا سُوءًا ، فَإِنَّهُ لَمَّا وَثَبَ عَلَيْهَا أَخَذَتْ بِتَلَابِيبِهِ فَجَاذَبَهَا فَانْقَدَّ قَمِيصُهُ وَهُمَا يَتَنَازَعَانِ وَيَتَصَارَعَانِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=26وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) فِي دَعْوَاهُ أَنَّهَا رَاوَدَتْهُ فَامْتَنَعَ وَفَرَّ فَتَبِعَتْهُ وَجَذَبَتْهُ تُرِيدُ إِرْجَاعَهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ ) أَيْ مِنْ خَلْفٍ ( فَكَذَبَتْ ) فِي دَعْوَاهَا أَنَّهُ هَجَمَ عَلَيْهَا يُرِيدُ ضَرْبَهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=27وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ ) فِي قَوْلِهِ إِنَّهُ فَرَّ مِنْهَا هَارِبًا . وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ ظَاهِرَةٌ عَلَى التَّفْسِيرِ الْمُخْتَارِ الَّذِي قَرَّرْنَاهُ ، وَمُشْكِلَةٌ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُدَقِّقِينَ .
nindex.php?page=treesubj&link=31899_28983 ( nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ ) أَيْ إِنَّ هَذَا الْعَمَلَ وَمُحَاوَلَةَ التَّنَصُّلِ
[ ص: 238 ] مِنْهُ بِالِاتِّهَامِ ، مِنْ كَيْدِكُنَّ الْمَعْهُودِ مِنْكُنَّ مَعْشَرَ النِّسَاءِ . فَهُوَ لَمْ يَخُصَّ الْكَيْدَ بِزَوْجِهِ فَيُقَالُ : إِنَّهُ أَمْرٌ شَاذٌّ مِنْهَا يَجِبُ التَّرَوِّي فِي تَحْقِيقِهِ بِأَكْثَرِ مِمَّا شَهِدَ بِهِ أَحَدُ أَهْلِهَا ، وَهُوَ لَا يُتَّهَمُ فِي التَّحَامُلِ عَلَيْهَا وَظُلْمِهَا ، بَلْ هُوَ سُنَّةٌ عَامَّةٌ فِيهِنَّ فِي التَّقَصِّي مِنْ خَطِيئَاتِهِنَّ ، فَقَدْ أَثْبَتَ خَطِيئَتَهَا مُسْتَدِلًّا عَلَيْهَا بِالسُّنَّةِ الْعَامَّةِ لَهُنَّ فِي أَمْثَالِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=28إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ) لَا قِبَلَ لِلرِّجَالِ بِهِ ، وَلَا يَفْطِنُونَ لِحِيَلِكُنَّ فِي دَقَائِقِهِ .
قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : وَلِرَبَّاتِ الْقُصُورِ مِنْهُنَّ الْقَدَحُ الْمُعَلَّى مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُنَّ أَكْثَرُ تَفَرُّغًا لَهُ مِنْ غَيْرِهِنَّ ، مَعَ كَثْرَةِ اخْتِلَافِ الْكَيَّادَاتِ إِلَيْهِنَّ . وَهَهُنَا يَذْكُرُونَ قَوْلَهُ - تَعَالَى - : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ) 4 : 76 يَسْتَدِلُّونَ بِهِ عَلَى أَنَّ كَيْدَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ ، وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ ، وَإِنْ فَرَضْنَا أَنَّ حِكَايَةَ قَوْلِ هَذَا إِقْرَارٌ لَهُ ، فَالْمَقَامُ مُخْتَلِفٌ ، وَإِنَّمَا كَيْدُ النِّسْوَانِ بَعْضُ كَيْدِ الشَّيْطَانِ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْهَا وَإِلَى
يُوسُفَ قَائِلًا :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا ) الْكَيْدِ الَّذِي جَرَى لَكَ وَلَا تَتَحَدَّثْ بِهِ ، وَلَا تَخَفْ مِنْ تَهْدِيدِهَا لَكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ ) أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ وَتُوبِي إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى - (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ ) أَيْ مِنْ جِنْسِ الْمُجْرِمِينَ مُرْتَكِبِي الْخَطَايَا الْمُتَعَمِّدِينَ لَهَا .
وَلِهَذَا غَلَّبَ فِيهِ جَمْعَ الْمُذَكِّرِ فَلَمْ يَقُلْ مِنَ الْخَاطِئَاتِ ( ( وَقَدِ اسْتَدَلَّ
الْكَرْخِيُّ بِقَوْلِ هَذَا الْوَزِيرِ الْكَبِيرِ لِزَوْجِهِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَلِيلَ الْغِيرَةِ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ ، وَزَعَمَ
أَبُو حَيَّانَ فِي ( ( الْبَحْرِ الْمُحِيطِ ) ) أَنَّ هَذَا مُقْتَضَى طَبِيعَةِ تُرْبَةِ
مِصْرَ وَبِيئَتِهَا ، وَأَنَّهَا لِرَخَاوَتِهَا لَا يَنْشَأُ فِيهَا الْأَسَدُ وَلَوْ دَخَلَ فِيهَا لَا يَبْقَى . وَهَذَا كَلَامٌ غَيْرُ مَبْنِيٍّ عَلَى عِلْمٍ صَحِيحٍ ، فَأَمَّا سَبَبُ عَدَمِ نُشُوءِ الْأَسَدِ فِي هَذَا الْقُطْرِ فَهُوَ خُلُوُّهُ مِنَ الْغَابَاتِ وَالْأَدْغَالِ الَّتِي يَعِيشُ فِيهَا ، وَأَمَّا كَوْنُهُ إِذَا أُدْخِلَ لَا يَبْقَى ، فَإِنْ صَحَّ بِالتَّجْرِبَةِ فِي الْمَاضِي فَسَبَبُهُ عَدَمُ وُجُودِ الْمَأْوَى لَهُ ، وَهَا نَحْنُ أُولَاءِ نَرَى الْأُسُودَ وَالْفُهُودَ وَالنُّمُورَ تَعِيشُ وَتَتَنَاسَلُ فِي
حَدِيقَةِ الْحَيَوَانِ بِالْجِيزَةَ ، وَإِنَّمَا أَشَرْنَا إِلَى هَذَا لِلرَّدِّ عَلَى زَاعِمِيهِ ، وَالْإِطَالَةُ فِيهِ لَيْسَتْ مِنْ مَوْضُوعِ التَّفْسِيرِ .