الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ثم بين - تعالى - بعض أحوال المشركين فقال : إن يدعون من دونه إلا إناثا ، أي : إنهم لا يدعون من دون الله لقضاء حوائجهم وتفريج كروبهم ، إلا إناثا كاللات والعزى ومناة ، وكان لكل قبيلة صنم يسمونه أنثى بني فلان ، أو المراد أسماء معبودات وآلهة ليس لها من حقيقة معنى الألوهية شيء كما قال في سورة أخرى : ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ( 12 : 40 ) ، أي : أسماء مؤنثة في الغالب ، أو المراد معبودات ضعيفة أو عاجزة كالإناث لا تدفع عدوا ولا تدرك ثأرا ، كما وصفها في موضع آخر بأنها لا تملك لهم ضرا ولا نفعا ، وكانت العرب تصف الضعيف بالأنوثة لما ذكرنا من ضعف المرأة بل ضعف جميع إناث الحيوان عن الذكور ، حتى قالوا للحديد اللين أنيث ، ورجح الراغب وغيره أن وجه تسمية معبوداتهم إناثا هو كونها جمادات منفعلة لا فعل لها كالحيوان الذي هو فاعل منفعل ، كما وصفت في غير هذا الموضع بكونها لا تسمع ولا تبصر ، وليس لها أيد تبطش بها ولا أرجل تمشي بها ، كأنه يذكرهم بهذا النوع من الأدلة على بطلان ألوهيتها بما ارتكبوه من العار والخزي بعبادة ما كان هذا وصفه ، وقد استبعد الأستاذ الإمام تفسير الإناث بالأصنام المذكورة كما استبعد تفسيره بالملائكة لأنهم سموهم بنات الله ، وقال : إن كثيرا من المفسرين قالوا : إن المراد بالإناث هنا الموتى ; لأن العرب تطلق عليهم لفظ الإناث لضعفهم أو يقال لعجزهم ومع ذلك كانوا يعظمون بعض الموتى ويدعونها كما يفعل ذلك كثير من أهل الكتاب ومسلمي هذه القرون ، وهذا هو الذي اختاره الأستاذ وقال : إن المراد بالدعاء ذلك التوجه المخصوص بطلب المعونة لهيبة غيبية لا يعقل الإنسان معناها .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية