ومن ذلك (  جاء وأتى      ) فالأول : يقال في الجواهر والأعيان ، والثاني : في المعاني والأزمان ، ولهذا ورد ( جاء ) في قوله :  ولمن جاء به حمل بعير      [ يوسف : 72 ]  وجاءوا على قميصه بدم كذب      [ يوسف : 18 ]  وجيء يومئذ بجهنم      [ الفجر : 23 ] و ( أتى ) في :  أتى أمر الله      [ النحل : 1 ]  أتاها أمرنا      [ يونس : 24 ] .  
وأما (  وجاء ربك      ) [ الفجر : 22 ] أي : أمره ، فإن المراد به أهوال القيامة المشاهدة ، وكذا  فإذا جاء أجلهم      [ الأعراف : 34 ] ; لأن الأجل كالمشاهدة ، ولهذا عبر عنه بالحضور في قوله :  حضر أحدكم الموت      [ البقرة : 180 ] . ولهذا فرق بينهما في قوله :  جئناك بما كانوا فيه يمترون وأتيناك بالحق      [ الحجر : 63 - 64 ] ; لأن الأول العذاب وهو مشاهد مرئي ، بخلاف الحق .  
وقال  الراغب     : الإتيان : مجيء بسهولة ، فهو أخص من مطلق المجيء ، قال : ومنه قيل : للسائل المار على وجهه : أتي وأتاوي .  
ومن ذلك (  مد وأمد      ) قال  الراغب     : أكثر ما جاء الإمداد في المحبوب ، نحو :  وأمددناهم بفاكهة      [ الطور : 22 ] . والمد في المكروه ، نحو :  ونمد له من العذاب مدا      [ مريم : 79 ] .  
ومن ذلك (  سقى وأسقى      ) فالأول : لما لا كلفة فيه ، ولهذا ذكر في شراب الجنة نحو :  وسقاهم ربهم شرابا      [ الإنسان : 21 ] . والثاني : لما فيه كلفة ، ولهذا ذكر في ماء الدنيا ، نحو :  لأسقيناهم ماء غدقا      [ الجن : 16 ] .  
 [ ص: 580 ] وقال  الراغب     : الإسقاء أبلغ من السقي ; لأن الإسقاء أن يجعل له ما يسقي منه ويشرب ، والسقي أن يعطيه ما يشرب .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					