الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6091 - وعن زيد بن أرقم - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : قال " من كنت مولاه فعلي مولاه " . رواه أحمد والترمذي .

التالي السابق


6091 - ( وعن زيد بن أرقم ) ذكره تقدم ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " ) . قيل ، معناه : من كنت أتولاه فعلي يتولاه من الولي ضد العدو أي : من كنت أحبه فعلي يحبه ، وقيل معناه : من يتولاني فعلي يتولاه ، كذا ذكره شارح من علمائنا . وفي النهاية : المولى يقع على جماعة كثيرة فهو الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والخال وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتق والمنعم عليه ، وأكثرها قد جاءت في الحديث فيضاف كل واحد إلى ما يقتضيه .

الحديث الوارد فيه ، وقوله : " من كنت مولاه " . يحمل على أكثر هذه الأسماء المذكورة . قال الشافعي - رضي الله عنه - : يعني بذلك ولاء الإسلام كقوله تعالى : ( ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم ) وقول عمر لعلي : أصبحت مولى كل مؤمن [ أي : ولي كل مؤمن ] وقيل : سبب ذلك أن أسامة قال لعلي : لست مولاي إنما مولاي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال - صلى الله عليه وسلم - : " من كنت مولاه فعلي مولاه " " قضي " قالت الشيعة : هو متصرف ، وقالوا : معنى الحديث أن عليا - رضي الله عنه - يستحق التصرف في كل ما يستحق الرسول - صلى الله عليه وسلم - التصرف فيه ، ومن ذلك أمور المؤمنين فيكون إمامهم أقول : لا يستقيم أن تحمل الولاية على الإمامة التي هي التصرف في أمور المؤمنين ، لأن المتصرف المستقل في حياته هو هو - صلى الله عليه وسلم - لا غير فيجب أن يحمل على المحبة وولاء الإسلام ونحوهما .

وقيل : سبب ورود هذا الحديث كما نقله الحافظ شمس الدين الجزري ، عن ابن إسحاق أن عليا تكلم بعض من كان معه باليمن ، فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - حجه خطب بها تنبيها على قدره وردا على من تكلم فيه كبريدة كما في البخاري . وسبب ذلك كما رواه الذهبي ، وصححه أنه خرج معه إلى اليمن ، فرأى منه جفوة نقصه للنبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل يتغير وجهه عليه السلام ويقول : " يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ " قلت : بلى يا رسول الله . قال : " من كنت مولاه فعلي مولاه " . رواه أحمد والترمذي .

وفي الجامع : رواه أحمد وابن ماجه - عن البراء ، وأحمد عن بريدة ، والترمذي والنسائي والضياء عن زيد بن أرقم . ففي إسناد المصنف الحديث عن زيد بن أرقم إلى أحمد والترمذي مسامحة لا تخفى ، وفي رواية لأحمد والنسائي والحاكم عن بريدة بلفظ : " من كنت وليه " . وروى المحاملي في أماليه عن ابن عباس ولفظه : " علي بن أبي طالب مولى من كنت مولاه " والحاصل أن هذا حديث صحيح لا مرية فيه ، بل بعض الحفاظ عده متواترا إذ في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثون صحابيا ، وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته ، وسيأتي زيادة تحقيق في الفصل الثالث عند حديث البراء .




الخدمات العلمية