الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
979 - وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنهما - قال : كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة ، فيرد علينا ، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه ، فلم يرد علينا ، فقلنا : يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة ، فترد علينا ، فقال : " إن في الصلاة لشغلا " ، متفق عليه .

التالي السابق


979 - ( وعن عبد الله بن مسعود قال : كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة ، فيرد علينا " ، أي : السلام باللفظ ، وقيل : المراد من الرد هو الرد بالإشارة قبل الرواح إلى النجاشي ، ( فلما رجعنا من عند النجاشي ) : بفتح النون وتكسر وتخفيف الجيم وبالشين المعجمة وتخفيف الياء وتشدد في القاموس : النجاشي بتشديد الياء وتخفيفها أفصح وبكسر النون ، وقيل : هو أفصح ، وقال في النهاية : الياء مشددة ، وقيل : الصواب تخفيفها اهـ .

وأفاد ابن التين أنه بسكون الياء يعني أنها أصلية لا ياء النسبة ، وحكى غيره تشديد الياء أيضا ، وحكى ابن دحية كسر نونه ، مات سنة تسع من الهجرة عند الأكثر ، كذا ذكره العسقلاني ، لقب ملك الحبشة ، والذي أسلم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم هو : أصحمة ، آمن ومات قبل الفتح ، وصلى عليه عليه الصلاة والسلام هو وأصحابه بالمدينة ، ورفع نعشه له حتى عليه عيانا ، كذا ذكره ابن حجر ( سلمنا عليه ) ، أي : وهو في الصلاة ( فلم يرد ) : بفتح الدال ويجوز ضمها وكسرها ( علينا ) ، أي : السلام فيها ، بل بعد فراغها كما في رواية ، قال ابن الملك : كان هاجر جماعة من الصحابة من مكة إلى أرض الحبشة حين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فارين منها لما يلحقهم من إيذاء الكفار ، فلما خرج عليه الصلاة والسلام منها إلى المدينة ، وسمع أولئك بمهاجرته هاجروا من الحبشة إلى المدينة ، فوجدوا النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ، ومنهم ابن مسعود رضي الله تعالى عنهم ، ( فقلنا ) ، أي : بعد الصلاة ( يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا ، فقال : " إن في الصلاة لشغلا " ) : بضم الشين وسكون الغين وبضمهما ، أي : مانعا من السلام .

قال الطيبي : التنكير يحتمل التنويع يعني : إن شغل الصلاة قراءة القرآن والتسبيح والدعاء لا الكلام ، ويحتمل التعظيم ، أي : شغلا أي شغل لأنها مناجاة مع الله سبحانه وتعالى ، واستغراق في خدمته فلا تصلح للاشتغال بالغير ، قال المظهر : كان الكلام في بدء الإسلام جائزا في الصلاة ثم حرم ، وفي شرح السنة : أكثر الفقهاء على أنه لا يرده بلسانه ، ولو رد بطلت صلاته ويشير بيده أو إصبعه اهـ .

وقال ابن حجر : لأنه عليه الصلاة والسلام أشار بيده كما صححه الترمذي ، وأما خبر : " من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد صلاته " ، ففي سنده مجهول ، في شرح المنية : لو رد السلام بيده أو رأسه أو طلب منه شيء ، فأومأ برأسه أو عينه أي قال : نعم أو لا - لا تفسد صلاته بذلك ، لكنه يكره ، قال الخطابي : رد السلام بعد الخروج سنة ، وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم على ابن مسعود بعد الفراغ من الصلاة ، وبه قال أحمد ؟ وجماعة من التابعين ، ( متفق عليه ) ، قال ميرك : ورواه أبو داود .

[ ص: 780 ]



الخدمات العلمية