الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
271 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : حفظت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعاءين ، فأما أحدهما فبثثته فيكم ، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم - يعني مجرى الطعام - رواه البخاري .

التالي السابق


271 - ( وعن أبي هريرة قال : حفظت من رسول الله ) أي : من كلامه - صلى الله عليه وسلم - ، قال الأبهري : في أكثر الروايات ( عن ) وفي رواية الكشميهني ( من ) بدل ( عن ) وهذا صريح في تلقيه من النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا واسطة ( وعاءين ) : أي : نوعين كثيرين من العلم ملء ظرفين متساويين ( فأما أحدهما ) : وهو علم الظاهر من الأحكام والأخلاق ( فبثثته ) : أي : أظهرته بالنقل ( فيكم ، وأما الآخر ) : وهو علم الباطن ( قطع هذا البلعوم ) : بضم الباء أي الحلقوم ، لأن أسرار حقيقة التوحيد مما يعسر التعبير عنه على وجه المراد ، ولذا كل من نطق به وقع في توهيم الحلول والإلحاد ، إذ فهم العوام قاصر عن إدراك المرام ، ومن كلام الصوفية صدور الأحرار قبور الأسرار ، وقوله : " قطع " يحتمل الإخبار مما يتوقع ، ويحتمل الدعاء مبالغة في إسرار الأسرار كما هو دأب الخلص من الأبرار ، وقيل إنه علم يتعلق بالمنافقين بأعيانهم أو بولادة الجور من بني أمية أو بفتن أخرى في زمنه ، وقال الأبهري : حمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه على الأحاديث التي فيها يتبين أسامي أمراء الجور وأحوالهم وذمهم ، وكان أبو هريرة يكني عن بعضه ولا يصرح به خوفا على نفسه منهم كقوله : أعوذ بالله من رأس الستين ، وإمارة الصبيان ، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية لأنها كانت سنة ستين من الهجرة ، واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة ( يعني مجرى الطعام ) . تفسير من بعض رواة الحديث ( رواه البخاري ) . لكن قال العسقلاني : زاد في رواية المستملي ، قال أبو عبد الله : البلعوم مجرى الطعام وعلى هذا لا يخفى ما في المشكاة إذ يفهم منه أن تلك العبارة من أبي هريرة أو أحد رواته ولا يفهم منه أنها للبخاري ، والله أعلم .




الخدمات العلمية