الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3548 - وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن . رواه أبو داود وقال : أنا برئ من كل مسلم مقيم بين أظهر المشركين قالوا : يا رسول الله لم ؟ قال : لا تتراءى ناراهما . رواه أبو داود .

التالي السابق


3548 - ( وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الإيمان قيد ) بتشديد التحتية أي منع ( الفتك ) بفتح الفاء وسكون الفوقية وهو أن يأتي الرجل صاحبه على غفلة فيقتله أي الإيمان يمنع صاحبه عن قتل أحد بغتة حتى يسأل عن إيمانه كما يمنع القيد المقيد عن التصرف فهو من باب ذكر الملزوم وإرادة اللازم فإن القيد يمنع صاحبه عن التصرف وفي النهاية أي إن الإيمان يمنع عن الفتك كما يمنع القيد عن التصرف فكأنه جعل الفتك مقيدا ( لا يفتك ) بكسر التاء وفي نسخة بضمها ففي القاموس : الفتك مثلثة ركوب ما هم من الأمور ودعت إليه النفس فتك يفتك ويفتك فهو فاتك جريء شجاع وقوله ( مؤمن ) أي كامل الإيمان فإن الصحابة إذا مروا بكافر غافل نبهوه فإن أبى بعد الدعاء إلى الإسلام قتلوه قال التوربشتي : هو خير معناه النهي أي لا يفعل ذلك لأنه محرم عليه وهو ممنوع منه ويجوز فيه الجزم على النهي ومن الناس من يتوهم أنه على بناء المفعول فيرويه كذلك وليس بقويم رواية ومعنى فإن قيل قد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن سلمة الخزرجي في نفر إلى كعب بن الأشرف فقتلوه وبعث عبد الله بن عتيك الأوسي في نفر إلى رافع وعبد الله بن أنيس الجهني إلى سفيان بن خالد فكيف التوفيق بين هذا الحديث وبين تلك القضايا التي أمر بها قلنا يحتمل أن النهي عن الفتك كان بعدها وهو [ ص: 2320 ] الأظهر ; لأن أولاها كانت في السنة الثالثة والثانية في الرابعة والثالثة بعد الخندق في الخامسة وإسلام أبي هريرة كان عام خيبر في السابعة ويحتمل أن يكون ذلك خصيصي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما أيد به من العصمة ويحتمل أن تلك القضايا كانت بأمر سماوي لما ظهر من المقتولين من الغدر لرسول الله صلى الله عليه وسلم والتعرض له بما لا يجوز ذكره من القول والمبالغة في الأذية والتحريش عليه قال الطيبي واختار القاضي هذا الوجه ولخصه وقال : المعنى أن الإيمان منع ذلك وحرمه فلا ينبغي للمؤمن أن يفعله ; لأن المقصود إن كان مسلما فظاهر وإن كان كافرا فلا بد من تقدم نذير واستتابة إذ ليس المقصود بالذات قتله بل الاستكمال والحمل على الإسلام على ما يمكن هذا إذا لم يدع إليه داع ديني فإن كان كما إذا علم أنه مصر على كفره حريص على قتل المسلمين منتهز للفرصة منهم وإن دفعه لا يتيسر إلا بهذا فلا حرج فيه قال الطيبي الظاهر يقتضي أن تذكر الجملة الأولى بعد الأخرى فإن التعليلي مؤخر عن المعلل لكن قدمت اعتبارا للرتبة وبيانا لشرف الإيمان وإن من خصائصه وخصائص أهله النصيحة لكل أحد حتى الكفار كما ورد الدين النصيحة فعلى من اتصف بصفة الإيمان أن يتحلى بها ويجتنب عن صفة العتاة والمردة من الفتك " فإذا الكلام جار أصالة على الإيمان وذكر المؤمن تابع له فلو أخر كان بالعكس فعلى هذا لا يفتقر في الحديث إلى التزام النسخ والتكلف فيه . اه . وفيه بحث لا يخفى ( رواه أبو داود ) وكذا البخاري في تاريخه والحاكم ورواه أحمد عن الزبير وعن معاوية .




الخدمات العلمية