الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4792 - وعن البراء - رضي الله عنه - كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينقل التراب يوم الخندق حتى اغبر بطنه يقول : والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينافأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقيناإن الألى قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا يرفع بها صوته : " أبينا أبينا " متفق عليه .

التالي السابق


4792 - ( وعن البراء - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينقل التراب ) أي : مع الأصحاب ( يوم الخندق ) أي : يوم الأحزاب ( حتى اغبر بطنه ) أي : صار ذا غبار ( يقول ) : استئناف أو بدل من ينقل ، أو حال من ضميره ( والله ) : قسم ( لولا الله ) أي : لولا هدايته أو فضله علينا معشر الإسلام بأن هدانا ( ما اهتدينا ) أي : بنفسنا إلى الإسلام ، وهو مقتبس من قوله تعالى : وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، ( ولا تصدقنا ) أي : على وجه الإخلاص : ( ولا صلينا ) أي : صلاة الاختصاص ( فأنزلن سكينة ) أي : وقارا وطمأنينة ( علينا ) : وهو مستفاد من قوله سبحانه : فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين ، " وثبت الأقدام " أي : أقدامنا " إن لاقينا " أي : إن رأينا الكفار وبلغنا إليهم ثبتنا على محاربتهم ، وانصرنا عليهم ، وهو مأخوذ من قوله عز وجل : وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ، " إن الألى " : مقصور أولاء وهو لغة فيه ، والإشارة إلى أهل مكة والأحزاب الذين تحزبوا معهم يومئذ . ( قد بغوا علينا ) أي : تكبروا وتجبروا وتعدوا بالظلم علينا والسبب في ذلك أنهم كما قال : ( إذا أرادوا فتنة ) أي : شركا أو قتلا ونهبا ، أو ضلالنا وإعادتنا في ملتهم ( أبينا ) أي : امتنعنا عن القبول أشد الامتناع على ما في النهاية وفيه إشارة إلى قوله تعالى : إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون ، ( يرفع ) أي : النبي - صلى الله عليه وسلم - ( بها ) أي : بهذه الكلمة أو بجملة أبينا ( صوته ) : قائلا ( أبينا أبينا ) أي : مكررا للتأكيد والتلذذ والتسميع لغيره من المسلمين والكافرين . قال الطيبي : الضمير في بها راجع إلى الأبيات وأبينا أبينا حال ، أي : خصوصا أبينا أبينا . ويحتمل أن يكون مفعولا مطلقا ، ويجوز أن يكون الضمير في بها مبهما مفسرا بقوله أبينا ، كقوله تعالى : كبرت كلمة تخرج من أفواههم متفق عليه .




الخدمات العلمية