الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        113 - الحديث الثالث : عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة . فإن شدة الحر من فيح جهنم } .

                                        التالي السابق


                                        الكلام عليه من وجوه :

                                        أحدها " الإبراد " أن تؤخر . الصلاة عن أول الوقت مقدار ما يظهر للحيطان ظل ، ولا يحتاج إلى المشي في الشمس . هذا ما ذكره بعض مصنفي الشافعية وعند المالكية : يؤخر الظهر إلى أن يصير الفيء أكثر من ذراع .

                                        الثاني : اختلف الفقهاء في الإبراد بالظهر في شدة الحر : هل هو سنة ، أو رخصة ; وعبر بعضهم بأن قال : هل الأفضل التقديم ، أو الإبراد ؟ وبنوا على ذلك : أن من صلى في بيته ، أو مشى في كن إلى المسجد : هل يسن له الإبراد ؟ فإن قلنا : إنه رخصة لم يسن ، إذ لا مشقة عليه في التعجيل ، وإن قلنا : إنه سنة أبرد . والأقرب : أنه سنة ، لورود الأمر به ، مع ما اقترن به من العلة . وهو أن " شدة الحر من فيح جهنم " وذلك مناسب للتأخير ، والأحاديث الدالة على فضيلة التعجيل عامة أو مطلقة . وهذا خاص . ولا مبالاة - مع ما ذكرناه من صيغة الأمر ومناسبة العلة بقول من قال : إن التعجيل أفضل ، لأنه أكثر مشقة . فإن مراتب الثواب إنما يرجع فيها إلى النصوص . وقد يترجح بعض العبادة الخفيفة على ما هو أشق منها بحسب المصالح المتعلقة بها .



                                        الثالث : اختلف أصحاب الشافعي في الإبراد بالجمعة ، على وجهين . وقد يؤخذ من الحديث الإبراد بها من وجهين :

                                        أحدهما : لفظة " الصلاة " فإنها تطلق على الظهر والجمعة . والثاني : التعليل . فإنه مستمر فيها . وقد وجه القول بأنه لا [ ص: 296 ] يبرد بها . لأن التبكير سنة فيها . وجواب هذا ما تقدم ، وبأنه قد يحصل التأذي بحر المسجد عند انتظار الإمام . .




                                        الخدمات العلمية