nindex.php?page=treesubj&link=29191أوطان الرواة وبلدانهم 997 - وضاعت الأنساب في البلدان فنسب الأكثر للأوطان 998 - وإن يكن في بلدتين سكنا
فابدأ بالأولى وبثم حسنا 999 - ومن يكن من قرية من بلدة
ينسب لكل وإلى الناحية 1000 - وكملت بطيبة الميمونه
فبرزت من خدرها مصونه 1001 - فربنا المحمود والمشكور
إليه منا ترجع الأمور 1002 - وأفضل الصلاة والسلام
على النبي سيد الأنام
( أوطان الرواة وبلدانهم ) وهو مهم جليل يعتنى به كثير من علماء الحديث ، لا سيما وربما يتبين منه الراوي المدلس وما في السند من إرسال خفي ، ويزول به توهم ذلك ، وقد استشكل بعض الحفاظ رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17420يونس بن محمد المؤدب عن
الليث ; لاختلاف بلديهما ، وسأل
المزي : أين سمع منه ؟ فقال : لعله في الحج ثم قال : بل
[ ص: 400 ] في
بغداد حين دخول
الليث لها في الرسلية ، ويتميز به أحد المتفقين من الآخر ، كما تقدم في سابع أقسام المتفق والمفترق ، ومن مظانه ( الطبقات )
لابن سعد ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح ، و ( تواريخ البلدان ) ، وأحسن ما ألف فيه وأجمعه ( الأنساب )
لابن السمعاني ، وفي مختصره
لابن الأثير فوائد مهمة ، وكذا
nindex.php?page=showalam&ids=14369للرشاطي ( الأنساب ) ، واختصره
المجد الحنفي .
( و ) قد كانت
nindex.php?page=treesubj&link=29191العرب إنما ينسبون إلى الشعوب والقبائل والعمائر والعشائر والبيوت ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) [ الحجرات : 13 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=29191والعجم إلى رساتيقها ; وهي القرى وبلدانها ،
وبنو إسرائيل إلى أسباطها ، فلما جاء الإسلام وانتشر الناس في الأقاليم والمدن والقرى ( ضاعت ) كثيرا ( الأنساب ) العربية المشار إليها ( في البلدان ) المتفرقة ، ( فنسب الأكثر ) من المتأخرين منهم ، كما كانت العجم تنتسب ( للأوطان ) ;
nindex.php?page=treesubj&link=29191جمع وطن وهو محل الإنسان من بلدة أو ضيعة أو سكة ، وهي الزقاق أو نحوها ، وهذا وإن وقع في المتقدمين أيضا فهو قليل ، كما أنه يقع في المتأخرين أيضا النسبة إلى القبائل بقلة .
ثم إنه
nindex.php?page=treesubj&link=29191لا فرق فيمن ينتسب إلى محل بين أن يكون أصليا منه أو نازلا فيه ، بل ومجاورا له ، كما صرح به شيخنا ; ولذلك تعدد النسبة بحسب الانتقال ، ولا حد للإقامة المسوغة للنسبة بزمن ، وإن ضبطه
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك بأربع سنين ، فقد توقف فيه
ابن كثير حيث قال : وقال بعضهم : إنما يسوغ الانتساب إلى البلد إذا قام فيه أربع سنين فأكثر . ثم قال : وفيه نظر . بل قال
البلقيني : إنه قول ساقط
[ ص: 401 ] لا يقوم عليه دليل ، فإذا أردت نسبة من يكون من أراد المجاورة
لنابلس قلت :
النابلسي . وهو نوع من التدليس .
( وإن يكن في بلدتين سكنا ) بأن انتقل من
الشام إلى
العراق أو من
دمشق إلى
مصر ، وأردت نسبته إليهما ( فابدأبـ ) البلدة ( الأولى ) بالنقل ، ( وبثم ) في الثانية المنتقل إليها ( حسنا ) أي : حسن الإتيان فيها بثم ، فيقال : الشامي ثم العراقي أو الدمشقي ثم المصري ، وجمعهما أحسن مما لو اقتصر على أحدهما .
( ومن يكن ) من الرواة ( من قرية ) كداريا ( من ) قرى ( بلدة )
كدمشق ( ينسب ) جوازا ( لكل ) من القرية والبلدة ، بل ( وإلى الناحية ) التي منها تلك البلدة ، وتسمى الإقليم أيضا ;
كالشام فيقال فيه : الداري أو الدمشقي أو الشامي ، لكن خصه
البلقيني بما إذا كان اسم المدينة يطلق على الكل ، وإنه إذا لم يكن كذلك فالأقرب منعه ، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=29191الانتساب إنما وضع للتعارف وإزالة الإلباس .
وإن أريد الجمع بين الثلاثة فهو مخير بين الابتداء بالأعم فيقول : الشامي الدمشقي الداري ، أو بالقرية التي هو منها فيقول : الداري الدمشقي الشامي ; إذ المقصود التعريف والتمييز ، وهو حاصل بكل منهما ، نعم إن كان أحدهما أوضح في ذلك ، فهو أولى ، ثم إنه ربما تقع الزيادة على الثلاثة فيقال لمن سكن
الخصوص مثلا - قرية من قرى
منية بني خصيب - : الخصوصي المناوي الصعيدي المصري ، وإنما كان كذلك باعتبار أن الناحية قد تكون فوقها ناحية أخرى أوسع دائرة منها بأن تتناول تلك الناحية المخصوصة وغيرها من النواحي ، وباعتبار ذلك يقع التعدد لأزيد من هذا أيضا . إذا علم هذا
nindex.php?page=treesubj&link=29191فقد تقع النسبة أيضا إلى الصنائع ; كالخياط ، وإلى الحرف كالبزاز ،
nindex.php?page=treesubj&link=29181وتقع ألقابا ;
كخالد بن مخلد الكوفي [ ص: 402 ] القطواني ، وكان يغضب منها ، ويقع في كلها الاتفاق والاشتباه كالأسماء . فائدة :
nindex.php?page=treesubj&link=29191الشعوب : القبائل العظام ، وقيل : الجماع التي تجمع متفرقات البطون ، واحدها شعب ، والقبائل البطون ، وهي كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج للعرب كالأسباط
لبني إسرائيل ، بل يقال لكل ما جمع على شيء واحد قبيل ; أخذا من قبائل الشجرة ، وهي غصونها ، أو من قبائل الرأس ، وهي أعضاؤها ، سميت بذلك ; لاجتماعها ، والعمائر جمع عمارة بالكسر والفتح ، قيل : الحي العظيم يمكنه الانفراد بنفسه ، وهي فوق البطن ، والبيوت جمع بيت ، ومنه قول
العباس في النبي صلى الله عليه وسلم : حتى احتوى بيتك المهيمن من خندف علياء ، تحتها النطق أراد شرفه ، فجعله في أعلى خندف بيتا ، ولهم الأسرة ، والبطن ، والجذم والجماع ، والجمهور ، والحي ، والرهط ، والذرية ، والعترة ، والعشيرة ، والفخذ والفصيلة مما لشرحه وبيان مراتبه غير هذا المحل .
( وكملت ) بتثليث الميم ، والفتح أفصح ، أي : المنظومة في يوم الخميس ثالث جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وسبعمائة مع الإحاطة بأن ما اقتصر عليه في أصلها ، ليس حصرا لفنونها ; ولذا أدرجت في شرحها ما كان مناسبا لها من الزوائد مما وقع في كلام بعض الأئمة ، أو أفرد بالتأليف جملة كالصالح عند قوله في
[ ص: 403 ] الحسن : ذكرت فيه ما صح أو قارب أو يحكيه . والمضعف في آخر الضعيف والمحفوظ في الشاذ ، والمعروف في المنكر ، والمطروح في آخر الموضوع ، والمبدل والمركب والمنقلب في المقلوب ، والمشهور والوجه في كون المتواتر من مباحثنا في المشهور ، وأسباب الحديث في غريب الحديث ، وتوالي رواية فقهاء ونحوهم في المسلسل ، والمحكم في آخر مختلف الحديث ، وجمع من التابعين ، أو من الصحابة في الأقران ، ومشتركين في التسمية أو ما اتفق اسم راويه مع اسم أبيه وجده فصاعدا ، أو اسمه واسم أبيه مع اسم جده وأبي جده ، أو اسمه واسم أبيه وجده وجد أبيه مع شيخه في ذلك كله ، أو اسم شيخ الراوي مع اسم تلميذه - وكلها في المسلسل - أو اسم أبيه مع اسم شيخه في حال كونهما مهملين في المتفق ، أو كنية اسم أبيه أو كنية زوجته ، وكلاهما في الكنى ، والتأريخ في التأريخ وغير ذلك مما يدرك بالتحقيق له ، بل من أتقن توضيح النخبة لشيخنا مع اختصاره رأى زائدا على ذلك مما أكثر كله يمكن أن يكون قسما أو فرعا مما ذكر كما بان مما أثبته منه ( بطيبة ) بفتح المهملة ثم تحتانية ساكنة بعدها موحدة وهاء تأنيث ، كشيبة اسم من أربعين فأكثر أو أقل
للمدينة النبوية ، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، اقتصر عليه من بينها تيمنا وتبركا ، ويقال لها أيضا : طابة . كما جاء معا في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد الساعدي كل واحد في طريق ،
ولمسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه رفعه
إن الله تعالى سمى المدينة طابة ، وفي لفظ عند
أبي عوانة والطيالسي في مسنده ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=930180كانوا يسمون المدينة [ ص: 404 ] يثرب فسماها النبي صلى الله عليه وسلم طابة ، ولا تنافي بين الراويتين ، وهما تأنيث طيب وطاب ، لغتان بمعنى ، واشتقاقهما إما من الطيب الذي هو الرائحة الحسنة لما يشاهد من طيب تربتها وحيطانها وهوائها ; ولذا قال بعض العلماء : وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية ; لأن من أدام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحة طيبة ، لا تكاد توجد في غيرها ، زاد غيره : أو لطيبها لساكنها أو لطيب العيش بها ، والحاصل أن كل ما بها من تراب وجدر وعيش ومنزل وسائر ما يضاف إليها طيب لأهل السنة ، ولله تبارك وتعالى در القائل :
إذا لم تطب في طيبة عند طيب به طيبة طابت فأين تطيب
أو من الطيب بالتشديد ، الطاهر بالمهملة لخلوصها من الشرك وطهارتها ( الميمونه ) يعني المباركة بدعائه صلى الله عليه وسلم لها بالبركة ، حتى كان من جملتها - مما هو مشاهد - ما يحمله الحجيج خصوصا زمن الموسم من تمرها إلى جميع الآفاق ، بحيث يفوق غلات الأمصار ، ويفضل لأهلها بعد ذلك ما يقوم بهم قوتا وبيعا وإهداء إلى زمن التمر وزيادة .
( فبرزت ) أي : خرجت المنظومة إلى الناس بالمدينة الشريفة ( من خدرها ) بكسر المعجمة ثم مهملتين ، أولهما ساكنة ، والثانية مكسورة ، أي : سترها ، ( مصونه ) بفتح الميم وضم المهملة ، لم تزل صيانتها ببروزها ، وكذا برز شرح الناظم عليها بعد فراغه من تصنيفه في يوم السبت تاسع عشر شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وسبعمائة
بالخانقاه الطشتمرية خارج
القاهرة ، وانتفع الناس بهما ، وسارا لأكثر الأقطار مع كونه غير واف بتمام الغرض كما العادة جارية به لشارحي تصانيفهم غالبا ، وذلك غير خادش في جلالته واختصره مع ذلك
الشمس بن [ ص: 405 ] عمار المالكي ، وما علمت عليها لسواه شرحا ; ولذا انتدبت بشرحي هذا ، وجاء بحمد الله بديعا كما أسلفته في ( آداب طالب الحديث ) وكمل ، سائلا من الله تعالى دوام النفع به في شهر رمضان أيضا من سنة اثنتين وثمانين وثمانمائة ، فبينهما مائة وإحدى عشرة سنة ( فربنا ) سبحانه وتعالى ( المحمود والمشكور ) على ذلك كله ( إليه منا ترجع الأمور ) كلها كما نطق به الكتاب والسنة ، ( وأفضل الصلاة والسلام على النبي ) المخبر عن الله عز وجل بالوحي وغيره ، ولا ينطق عن الهوى ، سيدنا
محمد ( سيد الأنام ) كلهم ، ووسيلتنا وسندنا وذخرنا في الشدائد والنوازل صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا آمين ، آمين ، آمين .
nindex.php?page=treesubj&link=29191أَوْطَانُ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانُهُمْ 997 - وَضَاعَتِ الْأَنْسَابُ فِي الْبُلْدَانِ فَنُسِبَ الْأَكْثَرُ لِلْأَوْطَانِ 998 - وَإِنْ يَكُنْ فِي بَلْدَتَيْنِ سَكَنَا
فَابْدَأْ بِالْأُولَى وَبِثُمَّ حَسُنَا 999 - وَمَنْ يَكُنْ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ بَلْدَةِ
يُنْسَبْ لِكُلٍّ وَإِلَى النَّاحِيَةِ 1000 - وَكَمَلَتْ بِطَيْبَةَ الْمَيْمُونَهْ
فَبَرَزَتْ مِنْ خِدْرِهَا مَصُونَهْ 1001 - فَرَبُّنَا الْمَحْمُودُ وَالْمَشْكُورُ
إِلَيْهِ مِنَّا تَرْجِعُ الْأُمُورُ 1002 - وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ
عَلَى النَّبِيِّ سَيِّدِ الْأَنَامِ
( أَوْطَانُ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانُهُمْ ) وَهُوَ مُهِمٌّ جَلِيلٌ يُعْتَنَى بِهِ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ ، لَا سِيَّمَا وَرُبَّمَا يَتَبَيَّنُ مِنْهُ الرَّاوِي الْمُدَلِّسُ وَمَا فِي السَّنَدِ مِنْ إِرْسَالٍ خَفِيٍّ ، وَيَزُولُ بِهِ تَوَهُّمُ ذَلِكَ ، وَقَدِ اسْتَشْكَلَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ رِوَايَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=17420يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ عَنِ
اللَّيْثِ ; لِاخْتِلَافِ بَلَدَيْهِمَا ، وَسَأَلَ
الْمِزِّيُّ : أَيْنَ سَمِعَ مِنْهُ ؟ فَقَالَ : لَعَلَّهُ فِي الْحَجِّ ثُمَّ قَالَ : بَلْ
[ ص: 400 ] فِي
بَغْدَادَ حِينَ دُخُولِ
اللَّيْثِ لَهَا فِي الرَّسْلِيَّةِ ، وَيَتَمَيَّزُ بِهِ أَحَدُ الْمُتَّفِقَيْنِ مِنَ الْآخَرِ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي سَابِعِ أَقْسَامِ الْمُتَّفِقِ وَالْمُفْتَرِقِ ، وَمِنْ مَظَانِّهِ ( الطَّبَقَاتُ )
لِابْنِ سَعْدٍ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ ، وَ ( تَوَارِيخُ الْبُلْدَانِ ) ، وَأَحْسَنُ مَا أُلِّفَ فِيهِ وَأَجْمَعُهُ ( الْأَنْسَابُ )
لِابْنِ السَّمْعَانِيِّ ، وَفِي مُخْتَصَرِهِ
لِابْنِ الْأَثِيرِ فَوَائِدُ مُهِمَّةٌ ، وَكَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=14369لِلرُّشَاطِيِّ ( الْأَنْسَابُ ) ، وَاخْتَصَرَهُ
الْمَجْدُّ الْحَنَفِيُّ .
( وَ ) قَدْ كَانَتِ
nindex.php?page=treesubj&link=29191الْعَرَبُ إِنَّمَا يُنْسَبُونَ إِلَى الشُّعُوبِ وَالْقَبَائِلِ وَالْعَمَائِرِ وَالْعَشَائِرِ وَالْبُيُوتِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=13وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ) [ الْحُجُرَاتِ : 13 ] .
nindex.php?page=treesubj&link=29191وَالْعَجَمُ إِلَى رَسَاتِيقِهَا ; وَهِيَ الْقُرَى وَبُلْدَانِهَا ،
وَبَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى أَسْبَاطِهَا ، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ وَانْتَشَرَ النَّاسُ فِي الْأَقَالِيمِ وَالْمُدِنِ وَالْقُرَى ( ضَاعَتْ ) كَثِيرًا ( الْأَنْسَابُ ) الْعَرَبِيَّةُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا ( فِي الْبُلْدَانِ ) الْمُتَفَرِّقَةِ ، ( فَنُسِبَ الْأَكْثَرُ ) مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ ، كَمَا كَانَتِ الْعَجَمُ تَنْتَسِبُ ( لِلْأَوْطَانِ ) ;
nindex.php?page=treesubj&link=29191جَمْعُ وَطَنٍ وَهُوَ مَحَلُّ الْإِنْسَانِ مِنْ بَلْدَةٍ أَوْ ضَيْعَةٍ أَوْ سِكَّةٍ ، وَهِيَ الزُّقَاقُ أَوْ نَحْوُهَا ، وَهَذَا وَإِنْ وَقَعَ فِي الْمُتَقَدِّمِينَ أَيْضًا فَهُوَ قَلِيلٌ ، كَمَا أَنَّهُ يَقَعُ فِي الْمُتَأَخِّرِينَ أَيْضًا النِّسْبَةُ إِلَى الْقَبَائِلِ بِقِلَّةٍ .
ثُمَّ إِنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=29191لَا فَرْقَ فِيمَنْ يَنْتَسِبُ إِلَى مَحَلٍّ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَصْلِيًّا مِنْهُ أَوْ نَازِلًا فِيهِ ، بَلْ وَمُجَاوِرًا لَهُ ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا ; وَلِذَلِكَ تُعَدَّدُ النِّسْبَةُ بِحَسَبِ الِانْتِقَالِ ، وَلَا حَدَّ لِلْإِقَامَةِ الْمُسَوِّغَةِ لِلنِّسْبَةِ بِزَمَنٍ ، وَإِنْ ضَبَطَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنُ الْمُبَارَكِ بِأَرْبَعِ سِنِينَ ، فَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ
ابْنُ كَثِيرٍ حَيْثُ قَالَ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّمَا يُسَوَّغُ الِانْتِسَابُ إِلَى الْبَلَدِ إِذَا قَامَ فِيهِ أَرْبَعَ سِنِينَ فَأَكْثَرَ . ثُمَّ قَالَ : وَفِيهِ نَظَرٌ . بَلْ قَالَ
الْبُلْقِينِيُّ : إِنَّهُ قَوْلٌ سَاقِطٌ
[ ص: 401 ] لَا يَقُومُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ ، فَإِذَا أَرَدْتَ نِسْبَةَ مَنْ يَكُونُ مِنْ أَرَادَ الْمُجَاوَرَةَ
لِنَابُلُسَ قُلْتَ :
النَّابُلُسِيُّ . وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ التَّدْلِيسِ .
( وَإِنْ يَكُنْ فِي بَلْدَتَيْنِ سَكَنَا ) بِأَنِ انْتَقَلَ مِنَ
الشَّامِ إِلَى
الْعِرَاقِ أَوْ مِنْ
دِمَشْقَ إِلَى
مِصْرَ ، وَأَرَدْتَ نِسْبَتَهُ إِلَيْهِمَا ( فَابْدَأْبِـ ) الْبَلْدَةِ ( الْأُولَى ) بِالنَّقْلِ ، ( وَبِثُمَّ ) فِي الثَّانِيَةِ الْمُنْتَقَلِ إِلَيْهَا ( حَسُنَا ) أَيْ : حَسُنَ الْإِتْيَانُ فِيهَا بِثُمَّ ، فَيُقَالُ : الشَّامِيُّ ثُمَّ الْعِرَاقِيُّ أَوِ الدِّمَشْقِيُّ ثُمَّ الْمِصْرِيُّ ، وَجَمْعُهُمَا أَحْسَنُ مِمَّا لَوِ اقْتُصِرَ عَلَى أَحَدِهِمَا .
( وَمَنْ يَكُنْ ) مِنَ الرُّوَاةِ ( مِنْ قَرْيَةٍ ) كَدَارِيَّا ( مِنْ ) قُرَى ( بَلْدَةٍ )
كَدِمَشْقَ ( يُنْسَبْ ) جَوَازًا ( لِكُلٍّ ) مِنَ الْقَرْيَةِ وَالْبَلْدَةِ ، بَلْ ( وَإِلَى النَّاحِيَةِ ) الَّتِي مِنْهَا تِلْكَ الْبَلْدَةُ ، وَتُسَمَّى الْإِقْلِيمَ أَيْضًا ;
كَالشَّامِ فَيُقَالُ فِيهِ : الدَّارِيُّ أَوِ الدِّمَشْقِيُّ أَوِ الشَّامِيُّ ، لَكِنْ خَصَّهُ
الْبُلْقِينِيُّ بِمَا إِذَا كَانَ اسْمُ الْمَدِينَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْكُلِّ ، وَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَالْأَقْرَبُ مَنْعُهُ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29191الِانْتِسَابَ إِنَّمَا وُضِعَ لِلتَّعَارُفِ وَإِزَالَةِ الْإِلْبَاسِ .
وَإِنْ أُرِيدَ الْجَمْعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ بِالْأَعَمِّ فَيَقُولُ : الشَّامِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الدَّارِيُّ ، أَوْ بِالْقَرْيَةِ الَّتِي هُوَ مِنْهَا فَيَقُولُ : الدَّارِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّامِيُّ ; إِذِ الْمَقْصُودُ التَّعْرِيفُ وَالتَّمْيِيزُ ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا ، نَعَمْ إِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْضَحَ فِي ذَلِكَ ، فَهُوَ أَوْلَى ، ثُمَّ إِنَّهُ رُبَّمَا تَقَعُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَيُقَالُ لِمَنْ سَكَنَ
الْخُصُوصَ مَثَلًا - قَرْيَةٌ مَنْ قُرَى
مُنْيَةِ بَنِي خَصِيبٍ - : الْخُصُوصِيِّ الْمُنَاوِيُّ الصَّعِيدِيُّ الْمِصْرِيُّ ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ النَّاحِيَةَ قَدْ تَكُونُ فَوْقَهَا نَاحِيَةٌ أُخْرَى أَوْسَعُ دَائِرَةً مِنْهَا بِأَنْ تَتَنَاوَلَ تِلْكَ النَّاحِيَةَ الْمَخْصُوصَةَ وَغَيْرَهَا مِنَ النَّوَاحِي ، وَبِاعْتِبَارِ ذَلِكَ يَقَعُ التَّعَدُّدُ لِأَزْيَدَ مِنْ هَذَا أَيْضًا . إِذَا عُلِمَ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=29191فَقَدْ تَقَعُ النِّسْبَةُ أَيْضًا إِلَى الصَّنَائِعِ ; كَالْخَيَّاطِ ، وَإِلَى الْحِرَفِ كَالْبَزَّازِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29181وَتَقَعُ أَلْقَابًا ;
كَخَالِدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْكُوفِيِّ [ ص: 402 ] الْقَطَوَانِيِّ ، وَكَانَ يَغْضَبُ مِنْهَا ، وَيَقَعُ فِي كُلِّهَا الِاتِّفَاقُ وَالِاشْتِبَاهُ كَالْأَسْمَاءِ . فَائِدَةٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=29191الشُّعُوبُ : الْقَبَائِلُ الْعِظَامُ ، وَقِيلَ : الْجِمَاعُ الَّتِي تَجْمَعُ مُتَفَرِّقَاتِ الْبُطُونِ ، وَاحِدُهَا شِعْبٌ ، وَالْقَبَائِلُ الْبُطُونُ ، وَهِيَ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ لِلْعَرَبِ كَالْأَسْبَاطِ
لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ، بَلْ يُقَالُ لِكُلِّ مَا جُمِعَ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ قَبِيلٌ ; أَخْذًا مِنْ قَبَائِلَ الشَّجَرَةِ ، وَهِيَ غُصُونُهَا ، أَوْ مِنْ قَبَائِلِ الرَّأْسِ ، وَهِيَ أَعْضَاؤُهَا ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ; لِاجْتِمَاعِهَا ، وَالْعَمَائِرُ جَمْعُ عِمَارَةٍ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ ، قِيلَ : الْحَيُّ الْعَظِيمُ يُمْكِنُهُ الِانْفِرَادُ بِنَفْسِهِ ، وَهِيَ فَوْقَ الْبَطْنِ ، وَالْبُيُوتُ جَمْعُ بَيْتٍ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
الْعَبَّاسِ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَتَّى احْتَوَى بَيْتُكَ الْمُهَيْمِنُ مِنْ خِنْدِفَ عَلْيَاءَ ، تَحْتَهَا النُّطُقُ أَرَادَ شَرَفَهُ ، فَجَعَلَهُ فِي أَعْلَى خِنْدِفَ بَيْتًا ، وَلَهُمُ الْأُسْرَةُ ، وَالْبَطْنُ ، وَالْجِذْمُ وَالْجِمَاعُ ، وَالْجُمْهُورُ ، وَالْحَيُّ ، وَالرَّهْطُ ، وَالذُّرِّيَّةُ ، وَالْعِتْرَةُ ، وَالْعَشِيرَةُ ، وَالْفَخْذُ وَالْفَصِيلَةُ مِمَّا لِشَرْحِهِ وَبَيَانِ مَرَاتِبِهِ غَيْرُ هَذَا الْمَحَلِّ .
( وَكَمَلَتْ ) بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ ، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ ، أَيِ : الْمَنْظُومَةُ فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثَالِثِ جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَسَبْعِمِائَةٍ مَعَ الْإِحَاطَةِ بِأَنَّ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي أَصْلِهَا ، لَيْسَ حَصْرًا لِفُنُونِهَا ; وَلِذَا أَدْرَجْتُ فِي شَرْحِهَا مَا كَانَ مُنَاسِبًا لَهَا مِنَ الزَّوَائِدِ مِمَّا وَقَعَ فِي كَلَامِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ ، أَوْ أُفْرِدَ بِالتَّأْلِيفِ جُمْلَةَ كَالصَّالِحِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي
[ ص: 403 ] الْحَسَنِ : ذَكَرْتُ فِيهِ مَا صَحَّ أَوْ قَارَبَ أَوْ يَحْكِيهِ . وَالْمُضَعَّفِ فِي آخَرَ الضَّعِيفِ وَالْمَحْفُوظِ فِي الشَّاذِّ ، وَالْمَعْرُوفِ فِي الْمُنْكَرِ ، وَالْمَطْرُوحِ فِي آخِرِ الْمَوْضُوعِ ، وَالْمُبْدَلِ وَالْمُرَكَّبِ وَالْمُنْقَلِبِ فِي الْمَقْلُوبِ ، وَالْمَشْهُورِ وَالْوَجْهِ فِي كَوْنِ الْمُتَوَاتِرِ مِنْ مَبَاحِثِنَا فِي الْمَشْهُورِ ، وَأَسْبَابِ الْحَدِيثِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ ، وَتَوَالِي رِوَايَةِ فُقَهَاءَ وَنَحْوِهِمْ فِي الْمُسَلْسَلِ ، وَالْمُحْكَمِ فِي آخَرَ مُخْتَلِفِ الْحَدِيثِ ، وَجَمْعٍ مِنَ التَّابِعِينَ ، أَوْ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي الْأَقْرَانِ ، وَمُشْتَرِكِينَ فِي التَّسْمِيَةِ أَوْ مَا اتَّفَقَ اسْمُ رَاوِيهِ مَعَ اسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ فَصَاعِدًا ، أَوِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ مَعَ اسْمِ جَدِّهِ وَأَبِي جَدِّهِ ، أَوِ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدِّ أَبِيهِ مَعَ شَيْخِهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ، أَوِ اسْمِ شَيْخِ الرَّاوِي مَعَ اسْمِ تَلْمِيذِهِ - وَكُلُّهَا فِي الْمُسَلْسَلِ - أَوِ اسْمِ أَبِيهِ مَعَ اسْمِ شَيْخِهِ فِي حَالِ كَوْنِهِمَا مُهْمَلَيْنِ فِي الْمُتَّفِقِ ، أَوْ كُنْيَةِ اسْمِ أَبِيهِ أَوْ كُنْيَةِ زَوْجَتِهِ ، وَكِلَاهُمَا فِي الْكُنَى ، وَالتَّأْرِيخِ فِي التَّأْرِيخِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُدْرَكُ بِالتَّحْقِيقِ لَهُ ، بَلْ مَنْ أَتْقَنَ تَوْضِيحَ النُّخْبَةِ لِشَيْخِنَا مَعَ اخْتِصَارِهِ رَأَى زَائِدًا عَلَى ذَلِكَ مِمَّا أَكْثَرُ كُلِّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قِسْمًا أَوْ فَرْعًا مِمَّا ذُكِرَ كَمَا بَانَ مِمَّا أَثْبَتَهُ مِنْهُ ( بِطَيْبَةَ ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَهَاءِ تَأْنِيثٍ ، كَشَيْبَةَ اسْمٌ مِنْ أَرْبَعِينَ فَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ
لِلْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ ، عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ، اقْتَصَرَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِهَا تَيَمُّنًا وَتَبَرُّكًا ، وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا : طَابَةُ . كَمَا جَاءَ مَعًا فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=187أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ كُلُّ وَاحِدٍ فِي طَرِيقٍ ،
وَلِمُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=98جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَفَعَهُ
إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْمَدِينَةَ طَابَةَ ، وَفِي لَفْظٍ عِنْدَ
أَبِي عَوَانَةَ وَالطَّيَالِسِيِّ فِي مُسْنَدِهِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=930180كَانُوا يُسَمُّونَ الْمَدِينَةَ [ ص: 404 ] يَثْرِبَ فَسَمَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَابَةَ ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الرَّاوِيَتَيْنِ ، وَهُمَا تَأْنِيثُ طِيبٍ وَطَابٍ ، لُغَتَانِ بِمَعْنًى ، وَاشْتِقَاقُهُمَا إِمَّا مِنَ الطِّيبِ الَّذِي هُوَ الرَّائِحَةُ الْحَسَنَةُ لِمَا يُشَاهَدُ مِنْ طِيبِ تُرْبَتِهَا وَحِيطَانِهَا وَهَوَائِهَا ; وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : وَفِي طِيبِ تُرَابِهَا وَهَوَائِهَا دَلِيلٌ شَاهِدٌ عَلَى صِحَّةِ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ ; لِأَنَّ مَنْ أَدَامَ بِهَا يَجِدُ مِنْ تُرْبَتِهَا وَحِيطَانِهَا رَائِحَةً طَيِّبَةً ، لَا تَكَادُ تُوجَدُ فِي غَيْرِهَا ، زَادَ غَيْرُهُ : أَوْ لِطِيبِهَا لِسَاكِنِهَا أَوْ لِطِيبِ الْعَيْشِ بِهَا ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا بِهَا مِنْ تُرَابٍ وَجُدُرٍ وَعَيْشٍ وَمَنْزِلٍ وَسَائِرِ مَا يُضَافُ إِلَيْهَا طِيبٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ ، وَلِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى دَرُّ الْقَائِلِ :
إِذَا لَمْ تَطِبْ فِي طِيبَةَ عِنْدَ طَيِّبٍ بِهِ طِيبَةٌ طَابَتْ فَأَيْنَ تَطِيبُ
أَوْ مِنَ الطَّيِّبِ بِالتَّشْدِيدِ ، الطَّاهِرُ بِالْمُهْمَلَةِ لِخُلُوصِهَا مِنَ الشِّرْكِ وَطَهَارَتِهَا ( الْمَيْمُونَهْ ) يَعْنِي الْمُبَارَكَةَ بِدُعَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا بِالْبَرَكَةِ ، حَتَّى كَانَ مِنْ جُمْلَتِهَا - مِمَّا هُوَ مُشَاهَدٌ - مَا يَحْمِلُهُ الْحَجِيجُ خُصُوصًا زَمَنَ الْمَوْسِمِ مِنْ تَمْرِهَا إِلَى جَمِيعِ الْآفَاقِ ، بِحَيْثُ يَفُوقُ غَلَّاتِ الْأَمْصَارِ ، وَيَفْضُلُ لِأَهْلِهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَقُومُ بِهِمْ قُوتًا وَبَيْعًا وَإِهْدَاءً إِلَى زَمَنِ التَّمْرِ وَزِيَادَةً .
( فَبَرَزَتْ ) أَيْ : خَرَجَتِ الْمَنْظُومَةُ إِلَى النَّاسِ بِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ ( مِنْ خِدْرِهَا ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ مُهْمَلَتَيْنِ ، أَوَّلُهُمَا سَاكِنَةٌ ، وَالثَّانِيَةُ مَكْسُورَةٌ ، أَيْ : سِتْرِهَا ، ( مَصُونَهْ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْمُهْمَلَةِ ، لَمْ تَزَلْ صِيَانَتُهَا بِبُرُوزِهَا ، وَكَذَا بَرَزَ شَرْحُ النَّاظِمِ عَلَيْهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ تَصْنِيفِهِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ تَاسِعَ عَشَرَ شَهْرَ رَمَضَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ
بِالْخَانْقَاهْ الطّشْتمرِيَّةِ خَارِجَ
الْقَاهِرَةِ ، وَانْتَفَعَ النَّاسُ بِهِمَا ، وَسَارًّا لِأَكْثَرِ الْأَقْطَارِ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ وَافٍ بِتَمَامِ الْغَرَضِ كَمَا الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِهِ لِشَارِحِي تَصَانِيفِهِمْ غَالِبًا ، وَذَلِكَ غَيْرُ خَادِشٍ فِي جَلَالَتِهِ وَاخْتَصَرَهُ مَعَ ذَلِكَ
الشَّمْسُ بْنُ [ ص: 405 ] عَمَّارٍ الْمَالِكِيُّ ، وَمَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا لِسِوَاهُ شَرْحًا ; وَلِذَا انْتُدِبْتُ بِشَرْحِي هَذَا ، وَجَاءَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَدِيعًا كَمَا أَسْلَفْتُهُ فِي ( آدَابِ طَالِبِ الْحَدِيثِ ) وَكَمُلَ ، سَائِلًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى دَوَامَ النَّفْعِ بِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ أَيْضًا مِنْ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ ، فَبَيْنَهُمَا مِائَةٌ وَإِحْدَى عَشْرَةَ سَنَةً ( فَرَبُّنَا ) سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ( الْمَحْمُودُ وَالْمَشْكُورُ ) عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ ( إِلَيْهِ مِنَّا تُرْجَعُ الْأُمُورُ ) كُلُّهَا كَمَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ ، ( وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ ) الْمُخْبِرِ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْوَحْيِ وَغَيْرِهِ ، وَلَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ، سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ ( سَيِّدِ الْأَنَامِ ) كُلِّهِمْ ، وَوَسِيلَتِنَا وَسَنَدِنَا وَذُخْرِنَا فِي الشَّدَائِدِ وَالنَّوَازِلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا آمِينَ ، آمِينَ ، آمِينَ .