[ ص: 7 ] باب القاف
قيلة بنت مخرمة العنبرية
( 1 ) حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15061أبو مسلم الكشي ، ثنا
حفص بن عمر أبو عمر الضرير الحوضي ( ح ) .
وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17102معاذ بن المثنى ،
nindex.php?page=showalam&ids=11996والفضل بن الحباب أبو خليفة ، قالا : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16437عبد الله بن سوار بن قدامة بن عنزة العنبري ( ح ) .
وحدثنا
يعقوب بن إسحاق المخرمي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16577عفان بن مسلم ( ح ) .
وحدثنا
محمد بن زكريا الغلابي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16432عبد الله بن رجاء الغداني ( ح ) .
وحدثنا
محمد بن هشام بن أبي الدميك المستملي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14840عبيد الله بن محمد بن عائشة التيمي ، قالوا : ثنا
عبد الله بن حسان العنبري أبو الجنيد أخو
بني كعب العنبري حدثتني جدتاي
صفية ودحيبة ابنتا
عليبة ، وكانتا ربيبتي
قيلة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=988625أن قيلة بنت مخرمة حدثتهما أنها كانت تحت حبيب بن أزهر أخي بني جناب ، فولدت له النساء ثم توفي ، فانتزع بناتها منها أثوب بن أزهر عمهن ، فخرجت تبتغي الصحابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أول الإسلام ، فبكت جويرية منهن حديباء ، قد كانت أخذتها الفرصة وهي أصغرهن عليها سبيج لها من صوف ، فرحمتها فاحتملتها معها ، فبينما هما ترتكان الجمل إذ انتفخت الأرنب ، فقالت الحديباء القصية : لا والله لا يزال كعبك أعلى من كعب أثوب في هذا الحديث أبدا ، ثم لما شنح الثعلب ، فسمته اسما غير الثعلب ، نسيه عبد الله بن حسان ، [ ص: 8 ] ثم قالت فيه ما قالت في الأرنب ، فبينما هما ترتكان ، إذ برك الجمل وأخذته رعدة ، فقالت الحديباء القصية : أدركتك والله أخدة أثوب ، فقلت : واضطررت إليها ، ويحك ما أصنع ؟ قالت : قلبي ثيابك ظهورها لبطونها وتدحرجي ظهرك لبطنك وقلبي أحلاس جملك ، ثم خلعت سبيجها ، فقلبته وتدحرجت ظهرها لبطنها ، فلما فعلت ما أمرتني انتفض الجمل ، ثم قام فتفاج وبال ، فقالت الحديباء : أعيدي عليك أداتك ففعلت ما أمرتني به فأعدتها ، ثم خرجتا ترتك ، فإذا أثوب على إثرنا بالسيف مصلتا فوألنا إلى حواء ضخم فداره ، حتى ألقى الجمل إلى رواق البيت الأوسط جمل ذلول فاقتحمت داخله بالجارية ، فأدركني بالسيف فأصاب ظبته طائفة من قرون رأسي وقال : ألقي إلي بنت أخي يا دفار ، فرميت بها إليه ، فجعلها على منكبه ، فذهب بها وكنت أعلم به من أهل البيت ومضيت إلى أخت لي ناكح في بني شيبان أبتغي الصحابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول الإسلام ، فبينما أنا عندها ذات ليلة من الليالي تحسب عيني نائمة جاء زوجها من السامر فقال : وأبيك لقد وجدت لقيلة صاحبا ، صاحب صدق ، فقالت أختي : من هو ؟ قال : حريث بن حسان الشيباني عاد وافد بكر بن وائل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذا صباح ، فقالت أختي : الويل لي لا تسمع بهذا أختي ، فتخرج مع أخي بكر بن وائل بين سمع الأرض وبصرها ليس معها من قومها رجل ، فقال : لا تذكريه لها ، فإني غير ذاكرة لها ، فسمعت ما قالا ، فغدوت فشددت على جملي ، فوجدته غير بعيد ، فسألته الصحبة ، فقال : نعم ، وكرامة ، وركابه مناخة عندي ، فخرجت معه صاحب صدق ، حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي [ ص: 9 ] بالناس صلاة الغداة ، وقد أقيمت حين شق الفجر ، والنجوم شابكة في السماء ، والرجال لا تكاد تعارف من ظلمة الليل فصففت مع الرجال ، امرأة حديثة عهد بجاهلية ، فقال لي الرجل الذي يليني من الصف : امرأة أنت أم رجل ؟ فقلت : لا بل امرأة ، فقال : إنك قد كدت تفتنيني فصلي في النساء ، وإذا صف من النساء قد حدث عند الحجرات لم أكن رأيته حين دخلت ، فكنت فيهن حتى إذا طلعت الشمس دنوت ، فجعلت إذا رأيت رجلا ذا رداء وذا قشر طمح إليه بصري لأرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوق الناس حتى جاء رجل بعدما ارتفعت الشمس فقال : السلام عليك يا رسول الله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وعليك السلام ورحمة الله . وعليه أسمال مليتين قد كانتا بزعفران ، وقد نقضتا ، وبيده عسيب نخلة مقصر مقشو قفر غير خوصتين من أعلاه قاعد القرفصاء ، فلما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتخشع في الجلسة أرعدت من الفرق ، فقال له جليسه : يا رسول الله أرعدت المسكينة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ولم ينظر إلي وأنا عند ظهره : يا مسكينة عليك السكينة . فلما قالها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذهب الله عني ما كان دخل في قلبي من الرعب ، وتقدم صاحبي أول رجل حريث بن حسان ، فبايعه على الإسلام وعلى قومه ، ثم قال : يا رسول الله ، اكتب بيننا وبين بني تميم بالدهناء لا يجاوزها إلينا منهم إلا مسافر أو مجاوز ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اكتب بالدهناء يا غلام ، فلما أمر له بها شخص بي وهي وطني وداري ، فقلت : يا رسول الله ، لم يسألك السوية من الأمر إذ سألك ، إنما هذه الدهناء عندك مقيد الجمل ومرعى الغنم ، ونساء بني [ ص: 10 ] تميم وأبناؤها وراء ذلك ، فقال : أمسك يا غلام ، صدقت المسكينة ، nindex.php?page=treesubj&link=18068المسلم أخو المسلم ، يسعهما الماء والشجر ويتعاونان على القيان ، فلما رأى ذلك حريث قد حيل دون كتابه ضرب بإحدى يديه على الأخرى ثم قال : كنت أنا وأنت كما قال : وحتفها تحمل ضأن بأظلافها .
فقالت : والله ما أعلم إن كنت لدليلا في الظلماء ، جوادا لدى الرحل ، عفيفا عن الرفيقة حتى قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولكن لا تلمني على أن أسأل حظي إذ سألت حظك ، قال : وما حظك في الدهناء لا أبا لك ؟ قلت : مقيد جملي تسأله لجمل امرأتك ، قال : لا جرم أني أشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني لك أخ وصاحب ما حييت إذا ثنيت علي هذا عنده ، فقلت : إذ بدأتها فلن أضيعها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيلام ابن هذه أن يفصل الخطة وينصر من وراء الحجرة .
فبكيت ثم قلت : قد والله ولدته يا رسول الله حراما ، فقاتل معك يوم الربذة ، ثم ذهب يميرني من خيبر ، فأصابته حماها فمات ، فترك علي النساء ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فوالذي نفسي بيده لو لم تكوني مسكينة لجررناك على وجهك " أو " لجررت على وجهك " - شك عبد الله بن حسان أي الحرفين حدثته المرأتان - أتغلب إحداكن أن تصاحب في الدنيا معروفا ، فإذا حال بينه وبين من هو أولى به استرجع ، ثم قال : " رب آسني ما أمضيت ، فأعني على ما أبقيت ، فوالذي نفس محمد بيده ، إحداكن لتبكي فتستعين لها صويحبة ، فيا عباد الله لا تعذبوا موتاكم ، ثم كتب لها في قطيعة أديم أحمر لقيلة والنسوة من بنات قيلة ، ألا يظلمن حقا ، ولا يكرهن على منكح ، وكل مؤمن ومسلم لهن نصير ، أحسن ولا تسئن " .
قال
محمد بن هشام : فسره لنا
ابن عائشة فقال : الفرصة ذات
[ ص: 11 ] الحدب ، والفرصة القطعة من المسك ، والفرصة الدولة ، يقال : انتهز فرصتك أي دولتك . السبيج : شمل كساء . الرتكان : ضرب من السير . الانتفاج : السعي السفر . شنح أي ولاك ميامنه ، وبعض العرب يجعل مياسره وهم يتطيرون بأحدهما ويتفاءلون بالآخر . تفاخ تفتح . فوألنا لحبانا إلى
حواء .
دفار يا منتنة ، من ذلك قول العرب في الدنيا : أم دفر لنتنها ، ثم نشدت عنه استخبرت عنه ، المقشو المقشور . الفتان الشياطين ، واحدتها فاتن . حتفها تحمل ضأن بأظلافها : مثل من أمثال العرب في شاة بحثت بأظلافها في الأرض فأظهرت مدية فذبحت بها فصارت مثلا . القضية : انقضاء الأمور . وشخص أي ارتفع بصري . فكبرا من إكبار ما سمعت . آسني أي اجعل لي أسوة بما تعطي به ، قال
ابن متمم بن نويرة :
فقلت لها طول الأسى إذ سألتني ولوعة حزن تترك الوجه أسفعا
.
أسفع : أي أسود .
[ ص: 7 ] بَابُ الْقَافِ
قَيْلَةُ بِنْتُ مَخْرَمَةَ الْعَنْبَرِيَّةُ
( 1 ) حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15061أَبُو مُسْلِمٍ الْكَشِّيُّ ، ثَنَا
حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ الْحَوْضِيُّ ( ح ) .
وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17102مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ،
nindex.php?page=showalam&ids=11996وَالْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ أَبُو خَلِيفَةَ ، قَالَا : ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16437عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَوَّارِ بْنِ قُدَامَةَ بْنِ عَنَزَةَ الْعَنْبَرِيُّ ( ح ) .
وَحَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُخَرِّمِيُّ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16577عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ ( ح ) .
وَحَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلَّابِيُّ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16432عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْغُدَانِيُّ ( ح ) .
وَحَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي الدُّمَيْكِ الْمُسْتَمْلِي ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14840عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ التَّيْمِيُّ ، قَالُوا : ثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ الْعَنْبَرِيُّ أَبُو الْجُنَيْدِ أَخُو
بَنِي كَعْبٍ الْعَنْبَرِيِّ حَدَّثَتْنِي جَدَّتَايْ
صَفِيَّةُ وَدُحَيْبَةُ ابْنَتَا
عُلَيْبَةَ ، وَكَانَتَا رَبِيبَتَيْ
قَيْلَةَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=988625أَنَّ قَيْلَةَ بِنْتَ مَخْرَمَةَ حَدَّثَتْهُمَا أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ حَبِيبِ بْنِ أَزْهَرَ أَخِي بَنِي جَنَابٍ ، فَوَلَدَتْ لَهُ النِّسَاءَ ثُمَّ تُوُفِّيَ ، فَانْتَزَعَ بَنَاتِهَا مِنْهَا أَثْوَبُ بْنُ أَزْهَرَ عَمُّهُنَّ ، فَخَرَجَتْ تَبْتَغِي الصَّحَابَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ، فَبَكَتْ جُوَيْرِيَةٌ مِنْهُنَّ حُدَيْبَاءُ ، قَدْ كَانَتْ أَخَذَتْهَا الْفِرْصَةُ وَهِيَ أَصْغَرُهُنَّ عَلَيْهَا سُبَيِّجٌ لَهَا مِنْ صُوفٍ ، فَرَحِمَتْهَا فَاحْتَمَلَتْهَا مَعَهَا ، فَبَيْنَمَا هُمَا تَرْتِكَانِ الْجَمَلَ إِذِ انْتَفَخَتِ الْأَرْنَبُ ، فَقَالَتِ الْحُدَيْبَاءُ الْقَصِيَّةُ : لَا وَاللَّهِ لَا يَزَالُ كَعْبُكِ أَعْلَى مِنْ كَعْبِ أَثْوَبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَبَدًا ، ثُمَّ لَمَّا شَنَّحَ الثَّعْلَبُ ، فَسَمَّتْهُ اسْمًا غَيْرَ الثَّعْلَبِ ، نَسِيَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانٍ ، [ ص: 8 ] ثُمَّ قَالَتْ فِيهِ مَا قَالَتْ فِي الْأَرْنَبِ ، فَبَيْنَمَا هُمَا تَرْتِكَانِ ، إِذْ بَرَكَ الْجَمَلُ وَأَخَذَتْهُ رِعْدَةٌ ، فَقَالَتِ الْحُدَيْبَاءُ الْقَصِيَّةُ : أَدْرَكَتْكِ وَاللَّهِ أَخْدَةُ أَثْوَبَ ، فَقُلْتُ : وَاضْطُرِرْتُ إِلَيْهَا ، وَيْحَكِ مَا أَصْنَعُ ؟ قَالَتْ : قَلِّبِي ثِيَابَكِ ظُهُورَهَا لِبُطُونِهَا وَتَدَحْرَجِي ظَهْرَكِ لِبَطْنِكِ وَقَلِّبِي أَحْلَاسَ جَمَلِكِ ، ثُمَّ خَلَعَتْ سُبَيِّجَهَا ، فقَلَّبَتْهُ وَتَدَحْرَجَتْ ظَهْرَهَا لِبَطْنِهَا ، فَلَمَّا فَعَلْتُ مَا أَمَرَتْنِي انْتَفَضَ الْجَمَلُ ، ثُمَّ قَامَ فَتَفَاجَّ وَبَالَ ، فَقَالَتِ الْحُدَيْبَاءُ : أَعِيدِي عَلَيْكِ أَدَاتَكِ فَفَعَلْتُ مَا أَمَرَتْنِي بِهِ فَأَعَدْتُهَا ، ثُمَّ خَرَجَتَا تَرْتِكُ ، فَإِذَا أَثْوَبُ عَلَى إِثْرِنَا بِالسَّيْفِ مُصْلِتًا فَوَأَلْنَا إِلَى حِوَاءٍ ضَخْمٍ فَدَارَهُ ، حَتَّى أَلْقَى الْجَمَلُ إِلَى رُوَاقِ الْبَيْتِ الْأَوْسَطِ جَمَلٌ ذَلُولٌ فَاقْتَحَمْتُ دَاخِلَهُ بِالْجَارِيَةِ ، فَأَدْرَكَنِي بِالسَّيْفِ فَأَصَابَ ظُبَّتُهُ طَائِفَةً مِنْ قُرُونِ رَأْسِي وَقَالَ : أَلْقِي إِلَيَّ بِنْتَ أَخِي يَا دَفَارِ ، فَرَمَيْتُ بِهَا إِلَيْهِ ، فَجَعَلَهَا عَلَى مِنْكَبِهِ ، فَذَهَبَ بِهَا وَكُنْتُ أَعْلَمُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ وَمَضَيْتُ إِلَى أُخْتٍ لِي نَاكِحٍ فِي بَنِي شَيْبَانَ أبْتَغِي الصَّحَابَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَّلَ الْإِسْلَامِ ، فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهَا ذَاتَ لَيْلَةٍ مِنَ اللَّيَالِي تَحْسَبُ عَيْنِي نَائِمَةً جَاءَ زَوْجُهَا مِنَ السَّامِرِ فَقَالَ : وَأَبِيكِ لَقَدْ وَجَدْتُ لِقَيْلَةَ صَاحِبًا ، صَاحِبَ صِدْقٍ ، فَقَالَتْ أُخْتِي : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : حُرَيْثُ بْنُ حَسَّانَ الشَّيْبَانِيُّ عَادَ وَافِدَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَا صَبَاحٌ ، فَقَالَتْ أُخْتِي : الْوَيْلُ لِي لَا تَسْمَعُ بِهَذَا أُخْتِي ، فَتَخْرُجَ مَعَ أَخِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ بَيْنَ سَمْعِ الْأَرْضِ وَبَصَرِهَا لَيْسَ مَعَهَا مِنْ قَوْمِهَا رَجُلٌ ، فَقَالَ : لَا تَذْكُرِيهِ لَهَا ، فَإِنِّي غَيْرُ ذَاكِرَةٍ لَهَا ، فَسَمِعْتُ مَا قَالَا ، فَغَدَوْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى جَمَلِي ، فَوَجَدْتُهُ غَيْرَ بَعِيدٍ ، فَسَأَلْتُهُ الصُّحْبَةَ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، وَكَرَامَةً ، وَرِكَابُهُ مُنَاخَةٌ عِنْدِي ، فَخَرَجْتُ مَعَهُ صَاحِبَ صِدْقٍ ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي [ ص: 9 ] بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْغَدَاةِ ، وَقَدْ أُقِيمَتْ حِينَ شَقَّ الْفَجْرُ ، وَالنُّجُومُ شَابِكَةٌ فِي السَّمَاءِ ، وَالرِّجَالُ لَا تَكَادُ تَعَارَفُ مِنْ ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فَصَفَفْتُ مَعَ الرِّجَالِ ، امْرَأَةٌ حَدِيثَةُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ ، فَقَالَ لِيَ الرَّجُلُ الَّذِي يَلِيَنِي مِنَ الصَّفِّ : امْرَأَةٌ أَنْتِ أَمْ رَجُلٌ ؟ فَقُلْتُ : لَا بَلِ امْرَأَةٌ ، فَقَالَ : إِنَّكِ قَدْ كِدْتِ تَفْتِنِينِي فَصَلِّي فِي النِّسَاءِ ، وَإِذَا صَفٌّ مِنَ النِّسَاءِ قَدْ حَدَثَ عِنْدَ الْحُجُرَاتِ لَمْ أَكُنْ رَأَيْتُهُ حِينَ دَخَلْتُ ، فَكُنْتُ فِيهِنَّ حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ دَنَوْتُ ، فَجَعَلْتُ إِذَا رَأَيْتُ رَجُلًا ذَا رِدَاءٍ وَذَا قِشْرٍ طَمَحَ إِلَيْهِ بَصَرِي لِأَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوْقَ النَّاسِ حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ بَعْدَمَا ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ . وَعَلَيْهِ أَسْمَالُ مُلَيَّتَيْنِ قَدْ كَانَتَا بِزَعْفَرَانٍ ، وَقَدْ نَقَضَتَا ، وَبِيَدِهِ عَسِيبُ نَخْلَةٍ مُقَصَّرٌ مَقْشُوٌّ قَفْرٌ غَيْرُ خُوصَتَيْنِ مِنْ أَعْلَاهُ قَاعِدٌ الْقُرْفُصَاءَ ، فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَخَشِّعَ فِي الْجِلْسَةِ أُرْعِدْتُ مِنَ الْفَرَقِ ، فَقَالَ لَهُ جَلِيسُهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أُرْعِدَتِ الْمِسْكِينَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : وَلَمْ يَنْظُرْ إِلَيَّ وَأَنَا عِنْدَ ظَهْرِهِ : يَا مِسْكِينَةُ عَلَيْكِ السَّكِينَةُ . فَلَمَّا قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذْهَبَ اللَّهُ عَنِّي مَا كَانَ دَخَلَ فِي قَلْبِي مِنَ الرُّعْبِ ، وَتَقَدَّمَ صَاحِبِي أَوَّلَ رَجُلٍ حُرَيْثُ بْنُ حَسَّانَ ، فَبَايَعَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَعَلَى قَوْمِهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَنِي تَمِيمٍ بِالدَّهْنَاءِ لَا يُجَاوِزُهَا إِلَيْنَا مِنْهُمْ إِلَّا مُسَافِرٌ أَوْ مُجَاوِزٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : اكْتُبْ بِالدَّهْنَاءِ يَا غُلَامُ ، فَلَمَّا أَمَرَ لَهُ بِهَا شَخَصَ بِي وَهِيَ وَطَنِي وَدَارِي ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَمْ يَسْأَلْكَ السَّوِيَّةَ مِنَ الْأَمْرِ إِذْ سَأَلَكَ ، إِنَّمَا هَذِهِ الدَّهْنَاءُ عِنْدَكَ مُقَيَّدُ الْجَمَلِ وَمَرْعَى الْغَنَمِ ، وَنِسَاءُ بَنِي [ ص: 10 ] تَمِيمٍ وَأَبْنَاؤُهَا وَرَاءَ ذَلِكَ ، فَقَالَ : أَمْسِكْ يَا غُلَامُ ، صَدَقَتِ الْمِسْكِينَةُ ، nindex.php?page=treesubj&link=18068الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ، يَسَعُهُمَا الْمَاءُ وَالشَّجَرُ وَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى الْقِيَانِ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ حُرَيْثٌ قَدْ حِيلَ دُونَ كِتَابِهِ ضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ثُمَّ قَالَ : كُنْتُ أَنَا وَأَنْتِ كَمَا قَالَ : وَحَتْفَهَا تَحْمِلُ ضَأْنٌ بِأَظْلَافِهَا .
فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ إِنْ كُنْتَ لَدَلِيلًا فِي الظَّلْمَاءِ ، جَوَادًا لَدَى الرَّحْلِ ، عَفِيفًا عَنِ الرَّفِيقَةِ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَلَكِنْ لَا تَلُمْنِي عَلَى أَنْ أَسْأَلَ حَظِّيَ إِذْ سَأَلْتَ حَظَّكَ ، قَالَ : وَمَا حَظُّكِ فِي الدَّهْنَاءِ لَا أَبَا لَكِ ؟ قُلْتُ : مُقَيَّدُ جَمَلِي تَسْأَلُهُ لِجَمَلِ امْرَأَتِكَ ، قَالَ : لَا جَرَمَ أَنِّي أُشْهِدُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنِّي لَكِ أَخٌ وَصَاحِبٌ مَا حَيِيتُ إِذَا ثَنَّيْتِ عَلَيَّ هَذَا عِنْدَهُ ، فقلتُ : إِذْ بَدَأْتُهَا فَلَنْ أُضَيِّعَهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : أَيُلَامُ ابْنُ هَذِهِ أَنْ يَفْصِلَ الْخُطَّةَ وَيَنْصُرَ مَنْ وَرَاءَ الْحُجْرَةِ .
فَبَكَيْتُ ثُمَّ قُلْتُ : قَدْ وَاللَّهِ وَلَدَتْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَرَامًا ، فَقَاتَلَ مَعَكَ يَوْمَ الرَّبَذَةِ ، ثُمَّ ذَهَبَ يَمِيرُنِي مِنْ خَيْبَرَ ، فَأَصَابَتْهُ حُمَّاهَا فَمَاتَ ، فَتَرَكَ عَلَيَّ النِّسَاءَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تَكُونِي مِسْكِينَةً لَجَرَرْنَاكِ عَلَى وَجْهِكِ " أَوْ " لَجُرِرْتِ عَلَى وَجْهِكِ " - شَكَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَّانَ أَيُّ الْحَرْفَيْنِ حَدَّثَتْهُ الْمَرْأَتَانِ - أَتُغْلَبُ إِحْدَاكُنَّ أَنْ تُصَاحِبَ فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ، فَإِذَا حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِهِ اسْتَرْجَعَ ، ثُمَّ قَالَ : " رَبِّ آسِنِي مَا أَمْضَيْتُ ، فَأَعِنِّي عَلَى مَا أَبْقَيْتُ ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ ، إِحْدَاكُنَّ لَتَبْكِي فَتَسْتَعِينُ لَهَا صُوَيْحِبَةً ، فَيَا عِبَادَ اللَّهِ لَا تُعَذِّبُوا مَوْتَاكُمْ ، ثُمَّ كَتَبَ لَهَا فِي قَطِيعَةِ أَدِيمٍ أَحْمَرَ لِقَيْلَةَ وَالنِّسْوَةِ مِنْ بَنَاتِ قَيْلَةَ ، أَلَّا يُظْلَمْنَ حَقًّا ، وَلَا يُكْرَهْنَ عَلَى مَنْكَحٍ ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُسْلِمٍ لَهُنَّ نَصِيرٌ ، أَحْسِنَّ وَلَا تُسِئْنَ " .
قَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ : فَسَّرَهُ لَنَا
ابْنُ عَائِشَةَ فَقَالَ : الْفِرْصَةُ ذَاتُ
[ ص: 11 ] الْحَدَبِ ، وَالْفِرْصَةُ الْقِطْعَةُ مِنَ الْمِسْكِ ، وَالْفِرْصَةُ الدَّوْلَةُ ، يُقَالُ : انْتَهِزْ فِرْصَتَكَ أَيْ دَوْلَتَكَ . السَّبِيجُ : شَمْلُ كِسَاءٍ . الرَّتْكَانُ : ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ . الِانْتِفَاجُ : السَّعْيُ السَّفَرُ . شَنَّحَ أَيْ وَلَّاكَ مَيَامِنَهُ ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَجْعَلُ مَيَاسِرَهُ وَهُمْ يَتَطَيَّرُونَ بِأَحَدِهِمَا وَيَتَفَاءَلُونَ بِالْآخَرِ . تَفَاخَّ تُفْتَحُ . فَوَأَلْنَا لُحْبَانًا إِلَى
حِوَاءَ .
دَفَارِ يَا مُنْتِنَةُ ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ فِي الدُّنْيَا : أُمُّ دَفْرٍ لِنَتَنِهَا ، ثُمَّ نَشَدَتْ عَنْهُ اسْتَخْبَرَتْ عَنْهُ ، الْمَقْشُوُّ الْمَقْشُورُ . الْفُتَّانُ الشَّيَاطِينُ ، وَاحِدَتُهَا فَاتِنٌ . حَتْفَهَا تَحْمِلُ ضَأْنٌ بِأَظْلَافِهَا : مَثَلٌ مِنْ أَمْثَالِ الْعَرَبِ فِي شَاةٍ بَحَثَتْ بِأَظْلَافِهَا فِي الْأَرْضِ فَأَظَهْرَتْ مُدْيَةً فَذُبِحَتْ بِهَا فَصَارَتْ مَثَلًا . الْقَضِيَّةُ : انْقَضَاءُ الْأُمُورِ . وَشَخَصَ أَيِ ارْتَفَعَ بَصَرِي . فَكِبْرًا مِنْ إِكْبَارٍ مَا سَمِعْتُ . آسِنِي أَيِ اجْعَلْ لِي أُسْوَةً بِمَا تُعْطِي بِهِ ، قَالَ
ابْنُ مُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ :
فَقُلْتُ لَهَا طُولُ الْأَسَى إِذْ سَأَلْتَنِي وَلَوْعَةُ حُزْنٍ تَتْرُكُ الْوَجْهَ أَسْفَعَا
.
أَسْفَعُ : أَيْ أَسْوَدُ .