1  - حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي البصري  قال : ثنا يحيى  [ ص: 194 ] بن محمد بن السكن  قال : ثنا إسحاق بن إدريس الأسواري  قال : ثنا سلمة بن علقمة المازني  قال : ثنا  داود بن أبي هند  ، عن  عامر الشعبي  ، عن  عدي بن حاتم  قال : لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة  وهاجر إليها جعل يبعث السرايا ، فلا يزال إبل قوم قد أغارت عليها خيله ، فلما رأيت ذلك قلت : والله لو خلفت أجمالا من إبلي ، فكانت تكون قريبا ، فوالله ما شعرت ذات يوم إذ راعي الإبل قد جاء يعدو بعصاه ، قلت : ويلك ما لك ؟ قال : أغير والله على النعم ، قلت : من أغار عليها ؟ قال : خيل محمد ،  قلت لنفسي : هذا الذي كنت أحذر ، فوثبت أرحل أجمالي أنجو بأهلي ، وكنت نصرانيا ولي عمة فدخلت فقلت : ما ترى يصنع بها ؟ وحملت امرأتي ، وجاءتني عمتي فقالت : يا عدي ، أما تتقي الله أن تنجو بامرأتك وتدع عمتك ، فقلت : ما عسى أن يصنعوا بها ؟ امرأة قد خلي من سنها ، فمضيت ولم ألتفت إليها حتى وردت الشام ،  فانتهيت إلى قيصر  وهو يومئذ بحمص ،  فقلت : إني رجل من العرب وأنا على دينك ، وإن هذا الرجل ليتناولنا ، فكان المفر إليك ، قال : اذهب فانزل مكان كذا وكذا حتى نرى من رأيك ، فذهبت فنزلت المكان الذي قال لي ، فكنت به حينا ، فبينا أنا ذات يوم إذا أنا بظعينة متوجهة إلينا حتى انتهت إلى بيوتنا ، فإذا هي عمتي ، فقالت لي : يا عدي ، أما اتقيت الله أن تنجو بامرأتك وتركت عمتك . قلت : قد كان ذلك فأخبرينا ما كان بعدنا . قالت : إنكم لما انطلقتم أتتنا الخيل فسبونا وذهب بي في السبي حتى انتهيت إلى المدينة ،  وكنا في ناحية من المسجد فمر علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند القائلة وخلفه رجل يتبعه وهو  علي بن أبي طالب  ، فأومأ إلي ذلك الرجل أن كلميه ، فهتفت به فقلت : يا رسول الله ، هلك الولد وغاب الوافد ، فمن  [ ص: 195 ] علي من الله عليك . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ومن وافدك ؟ " قلت :  عدي بن حاتم   . قال : " الذي فر من الله ورسوله " . ثم مضى ولم يلتفت إلي حتى كان الغد فمر بي نحو تلك الساعة وخلفه ذلك الرجل ، فأومأ إلي أن كلميه ، فهتفت به فقلت : يا رسول الله هلك الولد ، وغاب الوافد ، فمن علي من الله عليك   . قال : " ومن وافدك ؟ " قلت :  عدي بن حاتم الطائي   . قال : " الذي فر من الله ورسوله " ولم يلتفت إلي ، فلما كان اليوم الثالث نحوا من تلك الساعة مر وخلفه ذاك يعني عليا ،  فأومأ أن كلميه ، فأومأت إليه بيدي أن قد كلمته مرتين ، فأومأ : كلميه أيضا ، فهتفت به فقلت : يا رسول الله هلك الولد ، وغاب الوافد ، فمن علي من الله عليك . قال : " ومن وافدك ؟ " قلت :  عدي بن حاتم .  قال : " الذي فر من الله ورسوله " ، ثم قال : " اذهبي فأنت حرة لوجه الله - عز وجل - ، فإذا وجدت أحدا يأتي أهلك فأخبريني نحملك إلى أهلك " قالت : فانطلقت فإذا أنا برفقة من تنوخ  يحملون الزيت ، فباعوا زيتهم وهم يرجعون ، فحملني على هذا الجمل وزودني . 
قال عدي   : ثم قالت لي عمتي : أنت رجل أحمق ، أنت قد غلبك على شرفك من قومك من ليس مثلك ، ائت هذا الرجل فخذ بنصيبك ، فقلت : وإنه لقد نصحت لي عمتي ، فوالله لو أتيت هذا الرجل فإن رأيت ما يسرني أخذت ، وإن رأيت غير ذلك رجعت ، وكنت أضن بديني ، فأتيت حتى وصلت المدينة  في غير جوار ، فانتهيت إلى المسجد فإذا أنا فيه بحلقة عظيمة ، ولم أكن قط في قوم إلا عرفت ، فلما انتهيت إلى الحلقة سلمت ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أنت ؟ " قلت : أنا  عدي بن حاتم الطائي ،  وكان أعجب شيء إليه أن يسلم عليه أشراف العرب  [ ص: 196 ] ورءوسهم ، فوثب من الحلقة فأخذ بيدي فوجه بي إلى منزله ، فبينا هو يمشي معي إذ نادته امرأة وغلام معها : يا رسول الله ، إن لنا إليك حاجة ، فخلوا به قائما معهما حتى أويت له من طول القيام ، قلت في نفسي : أشهد أنك بريء من ديني ودين النعمان بن المنذر ،  وأنك لو كنت ملكا لم يقم معه صبي وامرأة طول ما أرى ، فقذف الله في قلبي له حبا حتى انتهيت إلى منزله ، فألقى إلي وسادة حشوها ليف ، فقعدت عليها ، وقعد هو على الأرض ، فقلت في نفسي : وهذا ، ثم قال لي : " ما أفرك من المسلمين إلا أنك سمعتهم يقولون لا إله إلا الله ؟ وهل من إله إلا الله ؟ وما أفرك من المسلمين إلا أنك سمعتهم يقولون الله أكبر ؟ فهل تعلم شيئا هو أكبر من الله عز وجل ؟ " فلم يزل حتى أسلمت وأذهب الله - عز وجل - ما كان في قلبي من حب النصرانية ، فسألت فقلت : يا رسول الله أنا بأرض صيد ، وإن أحدنا يرمي الصيد بسهمه لم يقتص أثره ليوم أو ليومين ، ثم يجده ميتا فيه سهمه فيأكله ؟ قال : " نعم إن شاء " . 
				
						
						
