[ ص: 472 ] باب  جلد المحصن قبل الرجم   والاختلاف فيه  
الجلد والتغريب للبكر والرجم للثيب      - طريق أخرى عن  عبادة     - جلد  علي  ثم رجم - اختلفوا في ذلك - رأي لطائفة - رأي من خالفهم - حديث عن  جابر  يدل على النسخ - وآخر عن   ابن عباس     - قول   الشافعي     .  
أخبرنا   أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر ،  أخبرنا  مكي بن منصور ،  أخبرنا  أحمد بن الحسن ،  أخبرنا  محمد بن يعقوب ،  أخبرنا  الربيع ،  أخبرنا   الشافعي ،  حدثنا الثقة من أهل العلم ، عن   يونس بن عبيد ،  عن  الحسن ،  عن  حطان هو ابن عبد الله الرقاشي ،  عن   عبادة بن الصامت ،  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :  خذوا عني ؛ قد جعل الله لهن سبيلا : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم     .  
وأخبرنا  أبو العلاء  الحافظ ، أخبرنا   جعفر بن عبد الواحد ،  أخبرنا   محمد بن عبد الله الضبي ،  أخبرنا   سليمان بن أحمد ،  حدثنا   محمد بن علي الصايغ ،  حدثنا   سعيد بن منصور ،  حدثنا  هشيم ،  عن   منصور بن زاذان ،  عن  الحسن ،  عن  حطان بن عبد الله ،  عن   عبادة بن الصامت ،  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  خذوا عني ؛ قد جعل الله لهن سبيلا : الثيب بالثيب جلد مائة والرجم ، والبكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة     .  
 [ ص: 473 ] هذا حديث صحيح ثابت له طرق مخرجة في كتب الصحاح .  
أخبرني  أبو الفضل الأديب ،  أخبرنا  أبو منصور سعد بن علي ،  أخبرنا القاضي  أبو الطيب ،  أخبرنا  علي بن عمر ،  حدثنا  أبو عمر  القاضي ، حدثنا  عبيد الله بن جرير بن جبلة ،  حدثنا   محمد بن كثير ،  حدثنا   سليمان بن كثير ،  عن  حصين ،  عن   الشعبي ،  قال :  أتي  علي     - رضي الله عنه - بمولاة  سعيد بن قيس الهمداني  فجلدها ، ثم رجمها ، وقال : جلدتها بكتاب الله عز وجل ، ورجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم     - .  
وقال  أبو عمر  القاضي ، حدثنا  محمد بن إسحاق ،  حدثنا  أبو الجواب ،  حدثنا  عمار بن زريق ،  عن  أبي حصين ،  عن   الشعبي  قال :  أتي  علي  رضي الله عنه  بشراحة الهمدانية  قد فجرت ، فردها حتى ولدت ، فلما ولدت قال : ائتوني بأقرب النساء منها ، فأعطاها ولدها ، ثم جلدها ورجمها ، وقال : جلدتها بكتاب الله ، ورجمتها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم     -  
لم يثبت أئمة الحديث سماع   الشعبي  من  علي ،  والاعتماد على حديث  عبادة ،  وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب :  
فذهب طائفة إلى أن  المحصن الزاني يجلد مائة جلدة ثم يرجم   ؛ عملا بحديث عبادة ، ورأوه محكما ، وممن قال به :   أحمد بن حنبل ،   وإسحاق ابن راهويه ،   وداود بن علي الظاهري ،   وأبو بكر بن المنذر  من أصحاب   الشافعي     .  
وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم ، وقالوا : بل يرجم ولا يجلد ، وروي ذلك عن   عمر بن الخطاب ،  وإليه ذهب   إبراهيم النخعي   والزهري ،  ومالك ،  وأهل  المدينة ،     والأوزاعي ،  وأهل  الشام ،    وسفيان ،  وأبو حنيفة ،   [ ص: 474 ] وأهل  الكوفة ،     والشافعي  وأصحابه ، ما عدا  ابن المنذر ،  ورأوا حديث  عبادة  منسوخا ، وتمسكوا في ذلك بأحاديث تدل على النسخ ونحن نورد بعضها .  
أخبرني  أبو الفضل الأديب ،  أخبرنا  سعد بن علي ،  أخبرنا القاضي  أبو الطيب ،  أخبرنا  علي بن عمر ،  حدثنا  عبد الله بن الهيثم بن خالد ،  حدثنا   أحمد بن منصور ،  حدثنا  عبد الرزاق ،  أخبرنا  معمر ،  عن   الزهري ،  عن  أبي سلمة ،  عن   جابر بن عبد الله :  أن رجلا من أسلم جاء إلى نبي الله فاعترف بالزنا ، فأعرض عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى شهد على نفسه أربع مرات ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أبك جنون ؟ قال : لا . قال : أحصنت ؟ قال : نعم . فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فرجم بالمصلى ، فلما أذلقته الحجارة فر ، فأدرك فرجم حتى مات ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - خيرا ، ولم يصل عليه     .  
وقال   الدارقطني     : حدثنا  علي بن عبد الله بن بشر ،  حدثنا   أحمد بن سنان ،  حدثنا   يزيد بن هارون ،  حدثنا   جرير بن حازم ،  عن   يعلى بن حكيم ،  عن  عكرمة ،  عن   ابن عباس     :  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال  لماعز بن مالك  حين أتاه فأقر عنده بالزنا قال : لعلك قبلت ، أو غمزت ، أو نظرت ؟ قال : لا . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أفعلت كذا وكذا ؟ لا يكني ، قال : نعم . فعند ذلك أمر برجمه     .  
وقد روى حديث  ماعز  نفر من أحداث الصحابة ؛ نحو :   سهل بن سعد ،   وابن عباس ،  وغيرهما ، ورواه أيضا نفر تأخر إسلامهم ، وحديث  عبادة  كان في أول الأمر ، وبين الزمانين مدة .  
 [ ص: 475 ] أخبرنا  روح بن بدر ،  وقرأته عليه ، أخبرك   أبو الفتح الحداد  في كتابه ، عن  محمد بن موسى الصيرفي ،  أخبرنا  الأصم ،  أخبرنا  الربيع ،  أخبرنا   الشافعي ،  قال : فدلت سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن جلد المائة ثابت على البكرين الحرين ، ومنسوخ على الثيبين ، وأن  الرجم ثابت على الثيبين الحرين   ؛ لأن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  خذوا عني ؛ قد جعل الله لهن سبيلا : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مائة     .  
والرجم أول ما نزل ، فنسخ به الحبس والأذى عن الزانيين ، فلما رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -  ماعزا  ولم يجلده ، وأمر  أنيسا  أن يغدو على امرأة  الأسلمي ،  فإن اعترفت رجمها ، دل على نسخ جلد الزانيين الحرين الثيبين ، وثبت الرجم عليهما ؛ لأن كل شيء أبدا بعد أول فهو آخر .  
وقال   الشافعي  أيضا في موضع آخر : ولم يكن بين الأحرار في الزنا فرق إلا بالإحصان بالنكاح ، وخلاف الإحصان به ، وإذا كان قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  قد جعل الله لهن سبيلا : البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام  ففي هذا دلالة على أنه أول ما نسخ الحبس عن الزانيين وحدا بعد الحبس ، وإن كل حد حده الزانيان فلا يكون إلا بعد هذا ، إذا كان هذا أول حد الزانيين .  
قال   الشافعي     : أخبرنا  مالك ،  عن   الزهري  ، عن   عبيد الله بن عبد الله بن عتبة  ، عن   أبي هريرة ،  عن  زيد بن خالد الجهني ،  أنهما أخبراه :  أن رجلين اختصما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أحدهما : يا رسول الله ، اقض بيننا بكتاب الله ، وقال الآخر - وهو أفقههما - : أجل يا رسول الله ، اقض بيننا بكتاب الله وائذن لي أن أتكلم . قال : تكلم . قال : إن ابني كان عسيفا على هذا ، فزنا بامرأته ، فأخبرت أن على ابني الرجم ، فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ، ثم إني سألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام ، وإنما الرجم على امرأته . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والذي نفسي بيده ، لأقضين بينكما بكتاب الله ؛ أما غنمك وجاريتك فرد      [ ص: 476 ] إليك . وجلد ابنه مائة وغربه عاما ، وأمر  أنيسا  الأسلمي  أن يأتي امرأة الآخر فإن اعترفت رجمها ، فاعترفت فرجمها     .  
قال   الشافعي     : وأخبرنا  مالك ،  عن  نافع ،  عن   ابن عمر     :  أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم يهوديين زنيا     .  
قال   الشافعي     : فثبت جلد مائة والنفي على البكرين الزانيين ، والرجم على الثيبين الزانيين ، فإن كانا ممن أريدا بالجلد فقد نسخ عنهما الجلد مع الرجم ، وإن لم يكونا أريدا بالجلد وأريد به البكران فهما مخالفان للثيبين ، ورجم الثيبين بعد آية الجلد بما روى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله - عز وجل - وهذا أشبه بمعانيه أولاهما به عندنا ، والله أعلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					